إصحاح 5، آية 1
1-"قد دخلت جنتي يا أختي العروس قطفت مري مع طيبي. أكلت شهدي مع عسلي. شربت خمري مع لبني. كلوا أيها الأصحاب أشربوا واسكروا أيها الأحباء".
هذا هو جواب العريس على دعوة عروسه التي وجهتها إليه في ختام الإصحاح السابق "ليأت حبيبي إلى جنته ويأكل ثمره النفيس" وكم هو جميل وملذ لقلب الرب ان يجد من شعبه ترحيبا حبيا كهذا! ولذا فهو على الفور وبدون تردد يلبي هذه الدعوة ويجيب عليها بالقول "قد دخلت جنتي يا أختي العروس" فهو تبارك اسمه لم يكن بعيدا عن عروسه بل بالحري كان "واقفا على الباب" منتظرا اللحظة التي فيها تفتح قلبها ليدخل إليها ويتعشى معها وهي معه. أنه قريب منا جدا "ادعوه وهو قريب"(أش55: 6) "يدعوني فاستجب له" (مز91: 15) أليس في هذا ما يشجعنا على الإكثار من الاقتراب إلى الرب "سامع الصلاة" حيث الرحمة والنعمة والعون في حينه؟
"دخلت. . . قطفت. . . أكلت. . . شربت" فكم هو مشبع ومرو لقلب الرب ان يوجد شعبه في شركة مقدسة معه! وكم هو مسر ومبهج لنفسه ان يوجد وسط قديسيه ومحبيه! حتى وان كانوا في هذا العالم يجوزون في آلام لأجل اسمه، فأنهم إذ يحتملونها بصبر ورضى لمجده فهو _ له الكرامة يقدر أمانتهم له ويجد فيها رائحة طيبة "قطفت مري مع طيبي".
* * *
وكما ان الرب المبارك سروره في خاصته المتألمين لأجل اسمه، فان له أيضا سروره وشبعه بهم إذ هم في وحدة مقدسة وشركة حبية يظهرون في حياتهم وفي سجودهم وشهادتهم ثمار الطيبة الجديد المنعشة لنفس "أكلت شهدي مع عسلي" فهو له المجد له شركة مع قديسيه في المر "مري مع طيبي" كما في الحلو "شهدي مع عسلي".
* * *
"شربت خمري مع لبني" ان ربنا المعبود له أيضا شركة كاملة مع خاصته في كل ما هو من الروح القدس، فبينما هو يقدر تماما ما ترمز إليه الخمر من تكريس مقدس وغيرة روحية ونشاط في خدمته، فأنه لا يزدري بما يرمز إليه اللبن من بساطه وإخلاص في المؤمنين الأحداث لأنه "من أفواه الأطفال والرضع أسست حمدا"(مز8: 2).
* * *
"كلوا أيها الأصحاب أشربوا واسكروا أيها الأحباء" فالعريس يدعو أصحابه وأحباءه ليأكلوا ويشربوا كثيرا ( * ) ومن هنا نرى بأنه ان كان الرب يجد شعبه بين قديسيه فهو يريد أنهم يشاركونه أيضا في هذا الشبع. وإذا ما كانت هناك خدمة من قديسيه له فهناك أيضا خدمة دائمة منه لقديسيه. ومهما وجد في خاصته من محبة مشبعة لقلبه فهو تبارك اسمه المتقدم في المحبة. أنه دائما يعطي أكثر مما يأخذ.
* * *
"كلوا أيها الأصحاب" ولا بد ان يجيء الوقت المجيد الذي سوف يشترك فيه كثيرون في تلك الوليمة وفي ذلك العشاء الملكي. سيكون للعريس وقتئذ أصحاب كثيرون "أصدقاء العريس" الذين سيفرحون فرحا كاملا "من أجل صوت العريس" عندما يدعوهم إلى "عشاء عرسه" المجيد. أنه سيكون يوم مجد سماوي للسماويين، كما أنه سيكون يوم مجد أرضي للأرضيين الذين سيوجه الرب دعوته إليهم "كلوا أيها الأصحاب أشربوا واسكروا أيها الأحباء" فالأغصان الطبيعة التي قطعت طويلا من شجرة الوعد سوف تطعم مرة أخرى. في ذلك اليوم _ يوم رجوع أتقياء إسرائيل "يتأصل يعقوب ويزهر ووليمة لجميع الأمم بسبب البقية التقية في رجوعها إلى الرب وإلى أرض البركة.
* * *
ليتنا نتطلع ونمد بصرنا إلى اليوم السعيد حينما يعود السيد والعريس المبارك ليأخذ أولا عروسه السماوية المتلهفة شوقا إليه، وشعبه الساهر في انتظار قدومه ولسان حاله "تعال أيها الرب يسوع" وعندئذ كأنه يجيب على هذا النداء "قد دخلت جنتي يا أختي العروس" عندئذ يكون المسيح وقديسوه الممجدون في السماء، ثم شعبه الأرضي (بعد ذلك) حينا يوجد في أرض الموعد، ثم جميع أمم الأرض في ملك السلام الألفي حينئذ تتم كل المواعيد التي أعطيت للآباء، فيالها من بركة كاملة وشاملة تملأ السماء والأرض! ويا له من ترحيب مبهج من ذاك الذي هو "رب الجميع" قائلا "كلوا أيها الأصحاب اشربوا واسكروا أيها الأحباء".
( * ) جاءت كلمة "اسكروا" في الترجمات الأخرى بمعنى: "اشربوا كثيرا" “Drink abundantly”
- عدد الزيارات: 3452