Skip to main content

الفصلُ الرابِع رابِطُ الإتِّصال

عندما يأتي زوجان إلى راعي كنيستِهما طالِبَين الإرشادَ الزوجي، أحدُ أوَّل الأمور التي يُركِّزانِ عليها هي مُشكِلة الإتصال. فعادَةً يبدأُ الزوجانِ جلسةَ الإرشاد بالقَول، "ليسَ لدينا إتّصالٌ أو تفاهُم. نحنُ لا نتواصَل."

إنَّ الاتصال هو واحدٌ من الروابط التي تُساعِدُ ديناميكيَّاً الإثنَين لِيُصبِحا جسداً واحِداً، لأنَّهُ أداةٌ تُمكِّنُهُما من العملِ على وِحدَتِهِما. كَمُؤمِنينَ بالمَسيح، لدينا وِحدَة معَ المسيح. والوحدَةُ معَ المُخلِّص لا تهتمُّ فقط بِنفسِها، بل ينبَغي صِيانتُها وتغذيتُها. لهذا عليكَ أن تقضِي وقتاً معَ الربِّ يوميَّاً في الصلاة وقِراءَةِ الكلِمَة. هكذا نُحافِظُ ونُغذِّي علاقتَنا معَ المسيح، بواسطةِ الإتِّصال معَهُ بالصلاة والإستِماع لصَوتِهِ عندما نفتَحُ الكِتابَ المقدَّس.

الأمرُ نفسُهُ يصحُّ على الزواج. فعليكَ العمل على وِحدَتِكَ، وأن تَصُونَها وتُغذِّيها. والإتِّصالُ أو التفاهُم هو الأداةُ التي يستطيعُ الزوجانِ إستخدامَها لتغذِيَةِ وصِيانَةِ وِحدَتِهما. مُعظمُ البكتيريا تتكاثَرُ في الظلام، ولا تستطيعُ العيشَ في النور. إن كانَ شخصانِ لا يتكلَّمان ولا يتفاهمان، فالكثيرُ من البكتيريا سوفَ تتكاثَرُ بينَهُما. لهذا يحُضُّنا بُولُس بأن نطرَحَ عنَّا خفايا الخِزي (2كورنثُوس 4: 2). فعندما لا نكونُ صادِقَينِ مع بعضِنا، ونُخبِّئُ أشياءَ عن بعضِنا، نُبقي على البَكتِيريا في الظلام. الإتصال هو إلقاء الضوء على علاقَتِنا. فعندَما نُلقِي الضوء، تموت الكثيرُ من البكتيريا في علاقَتِنا. وبواسِطَةِ إتِّصالٍ جيِّد، نستطيعُ مُواجهة التي لا تموتُ منها، إذ يتحوَّلُ ضوءُ إتِّصالِنا إلى أداةٍ لتغذِيَةِ وصيانَةِ وحدَتِنا.

تُعرِّفُ القواميسُ الإتصال بأنَّهُ "إعطاءُ وأخذُ المعلومات، الرسائل، والأفكار، بواسطةِ الكلامِ والحركاتِ والوسائل الأُخرَى." يُخبِرُنا هذا التعريف ببِضعَةِ أُمُورٍ عن الإتِّصال. أوَّلاً، ليسَ هُناك ما يُسمَّى "عدم إتِّصال." فعندما يقولُ الناسُ، "نحنُ ليسَ لدينا إتصال،" فهذا غيرُ صحيح. فنحنُ دائماً نتواصَل، ولكنَّ الفرقَ هو بأيَّةِ وسيلةٍ أو طريقةٍ نتواصَل؟ بواسطةِ الكلام؟ بالحركات؟ أم بوسائل أُخرَى؟

يقولُ تعريفُ الإتِّصال أيضاً أن هُناكَ مجالانِ للإتصال هما العطاءُ والأخذ. قالَت إمرأةٌ مرَّةً، "وكأنَّ زَوجي يعيشُ في جَزيرَةِ ألغاز، وأنا أدورُ حولَها منذُ عِشرينَ سنةً دونَ أن أجدَ مرفأً أرسي سفينَتي عليه."

تَصَوَّر أنَّكَ أنتَ وزوجتُكَ على جزيرَتين مُتباعِدَتين، ولا يُمكِنُكُما الإتِّصال إلا بِواسِطَةِ جهاز اللاسِلكِي. فلكي يكونَ هُناكَ إتصالٌ، ينبَغِي أن يقومَ أحدُ الزوجَين بالعطاء أو بإرسالِ الإشارة، وأن يقومَ الزوجُ آخر بأخذِها أو بإستقبالِها. أحياناً ترجِعُ مُشكِلَةُ الإتِّصال إلى كونِ أحدُ الزوجَينِ أو كِلاهُما معاً لا يديرانِ جهازَ الإرسال ولا يُرسِلانِ أيَّةَ إشارَةٍ للآخر. وأحياناً عندما يُرسِلانَ إتصالات، تكونُ الرسالَةُ مُشوَّشَةً. وهُناكَ أوقاتٌ عندما ترجِعُ مشاكِلُ الإتِّصال إلى كونِ واحِدٍ من الزوجَين أو كِلاهُما لا يُديرانِ جِهازَ الإلتِقاط، أو عندما يُديرانِِهِ، لا يكونُ موضُوعاً على مَوجَةِ إرسالِ الآخر.

لِهذا فإن طريقَةَ إستِقبالِ الإتِّصال هي مُهمَّةٌ بمقدارِ أهمِّيَّةِ إرسالِ الإتِّصال. عندما تخرُجُ السُّلحُفاة من حُجرَتِها العظميَّة لكي تمشي، إذا وَطِئتَ عليها، ترجِعُ لتَختَبِئَ في داخِلِ حُجرَتِها وتبقى هُناكَ لوقتٍ طَويل. وهكذا نحنُ البَشرُ أيضاً. تصوَّر أنَّكَ تُشارِكُ معَ زوجَتِكَ أُموراً شخصيَّة عميقَة عن نفسِكَ. فإن لم يتمَّ إستقبالُ إتِّصالِكَ بشكلٍ جيِّد، فسوفَ ترجِعُ أنت لتختَبِئَ في حُجرَتِكَ السُلحُفاتِيَّة ولن تخرُجَ منها لوقتٍ طَويل.

فإن لم يكُنْ بإمكانِكَ الإتِّصال، لا تكونُ لديكَ الوسائل للمُحافَظَة على وحدَتِكَ وتغذِيتِها. ولن تتمكَّنَ من العَمَلِ على تحسينِ علاقاتِكَ. من المُمكِن أن تُحسِّنَ إتِّصالَكَ بشكلٍ دراماتِيكي، وأن تتمتَّعَ بهذه الأداة التي تُمكِّنُكَ من العملِ على تحسينِ زواجِكَ.

على خِلافِ العلاقة بينَ الوالِدِ أو الوالِدَة والطفل، والتي قُدِّرَ لها منذُ بِدايتِها عندَ الولادَة أن تتفرَّق، فإنَّ علاقَةَ الزواج تجمَعُ الشريكَينِ معاً. إنَّ هذا هو أشبَهُ بِجوانِبِ الهرَم التي تلتَصِقُ ببعضِها البعض. فيَنبَغي أن يقتَرِبَ الشريكانِ إلى بعضِهما أكثَرَ. فالاتِّصالُ يُوفِّرُ الأدوات التي تَجعَلُ من العلاقَةِ الزوجيَّة علاقَةً وثيقَةً. فإن لم يكُنْ لدى الزوجَينِ إتِّصال، لا تكونُ لديهما الأداةُ التي أعدَّها اللهُ لتأهِيلهما للعملِ على تحسينِ علاقتِهما.

تظهرُ مشاكِلُ الاتِّصال على الأقل في شكلَين. أحدُهما هو الجِدال. فبَعضُ الأزواج لا يُمكِنُهُما أن يتواجدا لخَمسَةِ دقائِق بدونِ المُجادَلَة حولَ موضُوعٍ مُعَيَّن. الشكلُ الثاني لمشاكِلِ الإتِّصال هو العكسُ تماماً – الصمت. ولكنَّ الصمتَ لا يعنِي دائِماً أنَّ لَدَيكَ مُشكِلَة إتِّصال، ولكن غالِباً ما تكونُ هذه هي الحال. والناسُ مُختَلِفُون. أشخاصٌ كثيرونَ لا يشعُرونَ بالراحَةِ أماَم الصمت. بالنسبةِ لهُم، الصمتُ هو أمرٌ غريبٌ مُربِك. وهُناكَ أولئكَ الأشخاص الصامِتُون، الذي لا يشعُروُنَ حتَّى بالحاجةِ للكلام.

 أحدُ أصدِقائِي المُقرَّبِين هو الرجُل الأكثر هُدوءاً الذي أعرِفُهُ. ذاتَ يومٍ قالَت لهُ سيِّدَة، "ليسَ لديكَ الكثير لِتَقُولَهُ، أليسَ كذلك؟" فأجاب صديقِي، "دعينِي أقولُ لكِ شيئاً. عندما تكونُ المياهُ عميقةً، تكونُ هادئةً وصامِتًة. ولكِن عندما تكونُ سطحيَّةً ضَحلة، فعندَها تسمَعينَ خَريرَها وضجَّتَها." لم يكُن صَديقي يتصرَّفُ بِفظاظةٍ مع المرأة. ولكنَّهُ كانَ يشرَحُ وجهَةَ نظَرِه.

فإن كُنتَ مُتزوِّجاً من إمرأة من نموذَج المياه العميقة الهادِئة، فهذا لا يعنِي أنَّ لديكَ مُشكِلَة إتِّصال. فأجمل الطُرُق عندما تكونانِ معاً هو أن يكونَ بينكُما صِلَة، التي هي أصلُ كلمة إتِّصال. فيُمكِنُكُما أن تشعُرا بالراحَةِ معاً، وليسَ عليكُما أن تتكلَّما لكَي تشعُرا بالراحَة. فالصمتُ لا يُشيرُ دائماً إلى مُشكِلَة في الإتِّصال.

ولكنَّ الاحتقارَ الصامتَ هو شكلٌ من أشكالِ الاتِّصال، وقد يعنِي أن لديكَ مُشكِلة إتِّصال. فإن كانت زوجتُكَ تُعامِلُكَ باحتقارٍ صامِت، فهذا يعنِي أنَّكَ أحزَنتَها، لِهّذا تُعامِلُكَ ببرُودةِ الإحتقارِ الصامِت. قالت سيِّدَةٌ كان زوجُها يُعامِلُها بهذهِ الطريقة، "ينبَغي أن تُصغِيَ إليهِ عن كثب عندما يكِفُّ عنِ الكلام لكي تسمَعَ ماذا يقول."

وهكذا فنحنُ نتَواصَلُ بالكلام، بالحَركات وبطُرُقٍ أُخرى. وقد تظهَرُ هذه الأشكال الأُخرى من الإتِّصال في رَميِ الصُّحون، وإغلاقِ البابِ بِعُنف، وضربِ الحائط بقبضَةِ اليَد. ومن الناحية الإيجابِيَّة، تُعتَبَرُ الإبتسامَةُ، ووَضْعُ اليدِ على الكتِف، وغَمْرُ الحَبيبَ بِحنان، والدُموع، تُعتَبَرُ كُلُّها إشاراتٍ وإتصالات. فكما ترى، ليسَ هُناكَ ما يُسمَّى بعدمِ الإتِّصال. فأحياناً تتَّصِلُ بِواسِطَةِ هذه الحركات والوسائل الأُخرى، ورغمَ ذلكَ يكونُ إتصالُكَ بليغاً جداً. قالَ فرنسيس الأسيزي، "في كُلِّ شيء إِكرِزْ بالمسيح. فقَط عندَما تكونُ الضرورةُ ماسَّةً، إستَخدِمْ الكلام." إنَّ الإتِّصالَ الفعَّال، سواءٌ أكانَ سلبيَّاً أم إيجابِيَّاً، لا يتطلَّبُ دائماً الكَلِمات.

دخلَ أُستاذِي في الخطابةِ مرَّةً إلى غُرفَةِ صفٍّ كانَت تعُمُّهُ فوضَى عارِمَة وضجَّةٌ لا تُطَاق. فتقدَّمَ نحوَ الطاولة التي على منبَرِ الصفّ وضربَ بكَفِّهِ بقوَّة على الطاوِلة. فسُمِعَ الصوتُ وكأنَّهُ طلقةٌ نارِيَّة، وقالَ مُباشَرةً بعدَ أن ضربَ الطاوِلة، "أُريدُ أعلى قدَر من الضجة والفوضَى." ولكن سيطَرَ صمتٌ مُطبَق على القاعة. ثمَّ شرَحَ لنا الأُستاذُ ما سبقَ وفعلَهُ. سبعة بالمائة فقط من الإتِّصال هو بالكلمات. وخمسَةٌ وخمسونَ بالمائة من الإتصال هو المعنَى الذي تقصِدُ وضعَهُ في الكَلِمات التي قيلَت، وثمانية وثلاثُونَ بالمائِة من الإتصال هو لُغةُ الجَسد وحركاتُهُ التي تُرافِقُ الكلمات المَقُولَة. فهوَ قال، "أُريدُ فوضَى عارِمَة." فلو إكتَفَى الأُستاذُ بالعِبارَةِ وحدها لما سيطَرَ على الصف، بل لَزادَ الطينَ بلَّةً لو فَهِمَ الطُلابُ ما قالَهُ. ولكنَّ الذي هدَّأَ من ضجَّةِ الصف هو المعنَى الذي أرادَ وضعَهُ في الكلِمات التي استخدَمَها. فالطريقةُ التي قالَ بها "أُريدُ فوضَى عارِمة،" وكأنَّهُ كانَ يقولُ بكلماتٍ أُخرِى، أُريدُ هُدوءاً كامِلاً في الصف." وممَّا عزَّز هذا هو ضَرْبُهُ بِكَفِّهِ على الطاوِلَة.

بالإختِصار

الإتِّصالُ ليسَ فقط ما يُقال، بل أيضاً ما يُسمَع. الإتِّصالُ ليسَ فقط ما يُقال، بل أيضاً ما يُستَقبَل. الإتصالُ إذاً ليسَ فقط ما يُقال، بل أيضاً ما يُشعَرُ بهِ على أساسِ الحركاتِ وأُمورٍ مُماثِلة. والإتَّصالُ هو ليسَ فقط ما يُقال، بل أيضاً ما يُوحَى بِهِ أَو يُلمَّحُ إليه. والإتِّصالُ ليسَ فقط ما يُقال، بل ما يُريدُ الناسُ أن يسمَعُوه. إنَّ كُلَّ هذهِ الأُمُور تترُكُ معَ الذي يستَقبِلُ الرِّسالَة "إنطِباعاً شامِلاً" عن الرسالة التي وصلتهُ بالكلامِ، بالحَركات، أو بأيَّةِ طَريقَةٍ أُخرى.


مشاكِلُ الإتِّصال

كراعي كنيسة لِسنواتٍ طويلة، كُنتُ أسألُ الأزواج، "هل سبَقَ ومرَّت مرحلة اتِّصال جيِّد في حَياتِكُما؟" وتقريباً بدونِ إستثناء، كان الجوابُ دائماً "نعم." وهكذا أعطَيتُ الكثير من هؤلاءِ الأزواج واجِباً منـزلِيَّاً يقُومُونَ بهِ. فإن كانت مُشكِلَةُ الاتِّصال أنهم توقَّفوا عن الكلام معَ بعضِهما، كُنتُ أطلبُ منهما أن يكتُبا بِصراحة لائحةً بالأسباب التي دعتهُما لعدمِ الكلامِ معَ بعضِهِما. وإن كانا يغضَبَانِ مثلاً خلال تحادُثِهِما، كُنتُ أطلُبُ منهُما أي يكتُبَا لائحةً بأسبابِ الغضَب عندَما يتحدَّثانِ معاً. ولقد أَسمَيتُ هذه المَشاكِل "مُعطِّلات حلقة الإتِّصال."

وعلى مرِّ السنين، جمعتُ هذه اللوائح ودرستُها. ولقد إكتَشفتُ أكثَرَ من عشرينَ مُشكِلَةً من مشاكِل الاتِّصال الأكثر شُيُوعاً، بحَسب ما استنتَجتُ من اللوائح. وإليكُم بعضُ هذه المشاكِل؛ حاوِلوا أن تُلاحِظُوا ما إذا كانت بعضُها مألوفَةً لدَيكُم:

1- عدم الإهتمام: فمَثَلاً، تُعبِّرُ المرأةُ لِزَوجِها عندما يرجِعُ من عمَلِه عن ابتِهاجِها بأُمورٍ مُسلِّيةٍ يعملُها طفلُهما. فهي مَسرورَةٌ جدَّاً بنُموِّ الطفل، ولكن زوجها لا يُبدِي أيَّ اهتمام. لأنَّ ذهنَهُ لا يزالُ في العمل، أو لأنَّهُ يقرأُ الجريدة. وبالطبعِ لا أحد يقبل أن يتَّصِل أو يتكلَّم عندما يُصبِح يُكلِّم ذاتَهُ فقط، والآخر لا يسمَع. والأسوأُ من ذلكَ هو عدَمَ الإستِماع الذي يَعنِي شيئاً أكثرَ خُطُورَةً، هو عدم الاكتِراث. وكأنَّ الزوجَ يقُولُ لِزَوجَتِهِ، "أنا لا أُبَالِي بكِ ولا بالأولاد." وهذا يعني بالنسبَةِ للزوجة أنَّ زوجها لا يُحبُّها ولا يُحبُّ الطفل.

2- عدم المُبادَرَة. تذَكَّر أنَّ الاتِّصالَ هو عطاءٌ وأخذٌ. فيوماً ما قد يقولُ الزوجُ أوالزوجَةُ، "أنا دائماً من يُعطِي. أما الطَرَفُ الآخرُ فلا يُعطِي شيئاً. كُلّ ما يفعلُهُ هو أنَّهُ يُجاوِب." فإن كانَ الاتِّصالُ جِسراً، فينبَغي على كُلٍّ من الزوجِ والزوجَةِ أن يمشِيَ نصفَ الطريق، لكَي يمشِيَ الشريكُ الآخر النصفَ الثاني. ولكن إن كانَ عليكَ أن تجتازَ الجِسرَ كُلَّهُ بِمُفرَدِكَ كُلَّ مرَّة، فلا يكونُ هُناكَ إتِّصال سليم.

3-الشريكُ المُشاكِس. قالَ سُليمان أن المرأةَ المُشاكِسة أو المُخاصِمة والشتاء المُتتابِع في يومٍ مُمطِر هما سيَّان (أمثال 27: 15). في الحقيقة، الرجالُ والنِّساءُ كِلاهُما موهُوبانِ بالمُشاكَسة. فالشخصُ المُشاكِس لديهِ إستعدادٌ للمُخاصَمةِ في كُلِّ أمرٍ. فعندَما تأتِيهِ بِفِكرةٍ جديدة، سوفُ يقومُ المُشاكِسُ بمُقاومتِها. لهذا فالاتصالُ أو الكلامُ معَ شخصٍ مُشاكِس هو أمرٌ في غايةِ الصعُوبَة، إن لم يكُن مُستَحِيلاً.

4-الفَشَلُ في الاعترافِ بِحاجةِ الزوجِ الآخَرِ للوِحدَة. فإذا كانَ الشريكُ الآخر يحتاجُ للانفرادِ أحياناً، فلا يَعنِي أنَّ هذا هو انعكاسٌ سلبِيٌّ على علاقتِكُما الحَمِيمَة. فلا تخَفْ من هذا. وتذكَّر أنَّهُ ولو أصبَحَ الإثنانِ واحِداً في الزواج، بمعنَى مُعيَّن، فهُما لا يزالانِ إثنَين.

5-المشاكل الجسديَّة، العاطِفيَّة، والروحيَّة في أحدِ الزوجَين أو في كِليهِما. عندما تكونُ هذه هي الحال، لن تكفي أيَّةَ دِراسَة للإتِّصال لحلِّ هذه المشاكِل. فحُلُولُ هذه المشاكِل ينبَغي أن تُوجدَ رُوحيَّاً، جسديَّاً، وعاطِفيَّاً، عادَةً خارِج العلاقة الزوجية.

6-المشاكِل الصحيَّة تُؤثِّرُ دراماتِيكيَّاً على الإتِّصال في العلاقةِ الزوجية. عليكَ أن تفتَرِضَ دائماً أن تكونَ المُشكِلة الجسديَّة هي السبب الكامِن وراءَ صُعُوبَةِ الإتِّصال. وهذا يصِحُّ بشكلٍ خاص عندما يكونُ الشخصُ الذي يصعُبُ الإتَّصالُ معَهُ لم يكُنْ هكذا من قَبل. المشاكل النفسيَّة يُمكِن أن تُؤثِّرَ سَلبيَّاً على الإتِّصال. فإن كانَ شريكُ حياتِكِ أو شريكَةُ حياتِكَ  يُعاني من مشاكِل عاطفية أو صحِّيَّة، ينبغي أن يجدَ من يُساعِدُهُ.


حُلولٌ كِتابِيَّة

في عوائِقِ الإتِّصالِ هذهِ وغيرِها، أحياناً تكونُ المُشكِلة البارِزة هي الأنانيَّة. إذ يكونُ واحِدٌ من الشريكَينِ أو كِلاهُما يُركِّزُ إهتمامَهُ على نفسِهِ وليسَ على الآخر. لهذا فهو لا يهتمُّ بالآخر. ولهذا لا يُصغِي للآخر. ولهذا لا يهتَمُّ بحياةِ الآخر. عندما تكونُ المُشكِلة هي الأنانيَّة، يكونُ الحَلُّ هو عدَم الأنانيَّة. القاعِدة الذَّهبِيَّة هي الحَلّ. يُعلِّمُنا يسوعُ أن نُفكِّرَ بما نُريدُ أن يفعلَهُ الآخرونَ لنا، ومن ثمَّ نفعَلُ هذه الأُمُور لهُم. (متى 7: 12) إن هذا التعليم العظيم ليسوع قد يُغيِّر حالةَ الإتِّصال بينَ زوجَين. فكُلُّ شريكٍ ينبغي أن يُركِّزَ على الآخر، وأن يهتمَّ حقاً بالقضايا التي تهُمُّ الآخر.

هُناكَ عدَّةُ مشاكِل للإتِّصال يُمكِنُ التغلُّبُ عليها بمُجرَّدِ طَلَبِ الحِكمة من الله. أحد أعدادي الكتابيَّة المُفضَّلة هو يعقوب 1: 5، الذي يقول، "إن كانَ أحدٌ تُعوِزُهُ حكمةٌ، فليَطلُبْ منَ الله." وأَجِدُ نفسي أقولُ للهِ مرَّةً بعدَ الأُخرى، "لا أعرِفُ ماذا أفعَل. أحتاجُ حكمَةً لا أحوزُها. وأنتَ تقولُ لنا أُطلُبُوا، وها أنا أطلُب." وسوفَ تندَهِش كيفَ يُسَرُّ اللهُ أن يُعطِيَ حِكمَةً لِشعبِهِ عندما يطلبُوا هذه الحكمة منهُ. لِهذا، عندما تُؤدِّي بكُم تحدِّياتُ إتصالِكُم إلى حيثُ لا تدرونَ ماذا تفعَلون، أطلُبُوا حِكمَةً من الله.


كيفَ نتواصَلُ معَ شخصٍ صعب المِراس

هُناكَ مقاطِع أُخرى تُرينا كيفَ نتعامَلُ معَ الأشخاص ذََوي المِراسِ الصَّعب. أصغِ إلى هذه النصيحَة التي يُقدِّمُها بُولُس لتيموثاوس، "والمُباحثاتُ الغَبِيَّة والسخيفة إجتَنِبها عالِماً أنَّها تُولِّدُ خُصُومات. وعبدُ الربِّ لا يجبُ أن يُخاصِم بل يكونُ مُترفِّقاً بالجَمِيع صالِحاً للتَّعليم صَبُوراً على المشقَّات مُؤدِّباً بالوَدَاعَة المُقاوِمِين عَسَى أن يُعطِيَهم اللهُ توبةً لمعرِفَةِ الحقِّ. فيستَفِيقُوا من فخِّ إبليس إذِ قدِ اقتنَصَهُم لإرادَتِه" (2تيموثاوُس2: 23-26).

إن كُنتَ مُتزوِّجاً من شريكٍ صعبِ، فكأنَّهُ أسيرُ الشيطان، وهو مسجونٌ في زنـزانةِ الشيطان وأنتَ لا تستطيعُ إخراجَهُ. اللهُ وحدَهُ يستطيع تحريرَهُ أو تحريرَها.

ولكن إليكَ ما تستطيعُ فعلَهُ، لكَي تستطيعَ أن تَتَمسَّكَ بثمارِ الروح. هُناكَ ثلاثُ ثمارٍ للروح مذكُورةٌ هُنا. الودَاعة، الصبر، والرفق. إن كُنتَ ستتمسَّكُ بثمارِ الروحِ هذه، ستترُكُ البابَ مفتوحاً لله ومُغلَقاً على إبليس، وسوفَ تسمحُ للشريكِ الآخر بالإصغاءِ إلى ما تقولُهُ، فتُقدِّمُ لهُ الحقيقة التي تجعلُهُ حُرَّاً. يُحذِّرُ بُولُس بإسهاب عبدَ الربِّ (أي أنتَ) بأنَّهُ لا يجِب أن يُخاصِم، لأنَّ هذا سيُغلِقُ الباب على الله، ويفتَحُهُ للشيطان.

بينما تُطبِّقُ بِرُوحِ الصَّلاة نصيحَةَ بُولُس على إتِّصالِكَ معَ الشخص الصعبِ المراس، عليكَ أن تعتبِرَ دائماً أنَّكَ قد تكونُ أنتَ الشخص الصعب المراس. ولهذا، عليكَ أن تسمعَ نصيحةَ يسوع في متى 7: 5، عندما قال، "أخرِجْ أولاً الخَشَبَة من عينِكَ وحينئذٍ تُبصِرُ جيِّداً أن تُخرِجَ القَذَى من عينَ أخيك." أن يكونَ للإنسانِ خشبة أو قَذَى في عينِه مُمكِن أن يُصيبَهُ بالعَمَى، ويمنعَهُ من إدراكِ أنَّهُ هُوَ الشخص الصعب المراس الذي يصفُهُ بُولُس.

الحَلُّ الكِتابِيُّ الآخر، خاصَّةً عندما يكونُ لدى شريكِ الحياة مشاكل نفسيَّة أو جسديَّة، هُوَ أن تُصلِّي صلاة يسوع على الصليب، "إغفِرْ لهُم يا أبتاه، لأنَّهم لا يعلَمونَ ماذا يفعلون" (لوقا 23: 34). تأمَّل كيفَ صلَّى يسوعُ على الصليب هذه الصلاة لأعدائه، وسطَ آلامِهِ المُبرِّحَة. فإن كانَ يسوعُ قد صلَّى هذه الصلاة لأعدائِه، فهل تستطيعُ أنت أن تُصلِّي هذه الصلاة لزوجتِكَ، أو لِزوجِكِ؟ فإن لم يكُن الشريكُ الآخر مسؤولاً عمَّا يفعلُه بسبب المشاكل النفسيَّة أو الجسديَّة أو الصحِّيَّة التي يُعانِي منها، عندها ستَعْمَلُ صلاتُكَ لهُم المُعجِزات.


الإتِّصالُ العائِلي

إن كُنتَ أنتَ وزوجتُكَ لديكُما أولاد، يُصبِحُ عامِلُ الاتصال أكبَر من مُجرَّدِ كونِكَ أنتَ وامرأتك فقط. من المُهِمِّ أن تعتَرِفَ بوُجُودِ عدَّةِ "مجمُوعات إتِّصال" في عائِلتِكَ، وأن تُخصِّصَ وقتاً لكُلٍّ منها. مثلاً، إحدَى مجمُوعاتِ الإتِّصال هي الزوج والزوجة، وهي المجموعَةُ الأكثَرُ أهمِّيَّةً في الإتِّصال. ثُمَّ هُناك مجمُوعَةُ الأب والأُمّ، اللذان يُشكِّلانِ مجلِسَ الإدارَة. لا ينبَغي الخلطُ بينَ هاتَين المجمُوعَتين. بل خَصِّصا وقتاً لتتَكلَّما معاً كزوجٍ وزوجة، وأوقاتاً أُخرى لمُناقَشَةِ الأمور كوَالِدَين.

علاوَةً على ذلكَ، هُناكَ أيضاً مجموعاتُ الإتِّصال بينَ الأهلِ والأولاد: أي الأبُ معَ الأبناء، الأمُّ معَ البَنات، وهكذا دَوَالَيك. أحياناً، ستجدُ من الضروريِّ أن تتَّصِلَ فرديَّاً معَ كُلِّ طفلٍ على حِدَة، وأحياناً ستحتاجُ أن تتواصَلَ معَ الجميع كعائِلة. ولا تنسى حاجَةَ الأشقَّاء والشقيقات أن يتواصَلوا معَ بعضِهم بدونِ وُجودِ الأهل. هذا ما كُنَّا نُسمِّيهِ في بيتِنا "بِضَجَّةِ الأشقَّاء" وكانت مُوسيقاهُ عذبَةً على أسماعِنا.


دَورَةُ الحَياة

تَصَوَّر فطيرَةً مُستَديرَةً مُؤلَّفَةً من ثلاثَةِ أثلاث. وكُلُّ ثُلثٍ منها يُمثِّلُ ثُلثاً من حياتِنا كشُركاء زَوجِيِّين معَ أولادِنا. في دورةِ الحياةِ العاديَّة، نقضِي ثُلثَ حياتِنا نترعرعُ معَ أهلِنا، ونقضِي ثُلثاً آخر معَ زوجَتِنا نُربِّي أولادَنا، والثُلثُ الأَخير نقضِيهِ في "العُشِّ الفارِغ" عندما يترُكُ الأولادُ المنـزلَ ونبقى لِوَحدِنا. هذا يعنِي أنَّكَ تقضِي ثُلثَي حياتِك معَ زوجَتِك. لهذا تُعتَبَرُ العلاقة معَ زوجَتِكَ أهمَّ علاقة عليكَ أن تعملَ على تحسينِ الاتِّصال في إطارِها، لأنَّها ستستَمِرُّ طَويلاً بعدَ أن يكبُرَ الأولادُ ويُغادِرون. سَبَبٌ آخر لكَونِ الاتِّصال بين الزوج والزوجةِ أولويَّةً، هو أنَّهُ إذا كان مُتوتِّراً فهو يُلحِقُ الضررَ بكُلِّ العلاقاتِ الأُخرى.

كثيرونَ من الأهل يقتَرِفُونَ خطأً بوضعِ الأولادِ أوَّلاً قبلَ الشريك الآخر. ولكنَّ هذا قد يكونُ خَطِيراً جدَّاً، لأنَّهُ بينما ينمُو الأولاد، إذا أهملَ الزوجانِ علاقَتَهما، وهذا كثيراً ما يَحدُث، فعندما يترُكُ الأولادُ المنـزل لينطَلِقُوا إلى الحياة، ينظُرُ الزوجانِ إلى بعضِهِما ويُدرِكانِ أنهُ لا تُوجد علاقة جيِّدة بينهما. وهناكَ الكثيرُ من الزيجات التي تتفسَّخُ في هذه المرحلة، لأنَّ الزوجين كانا يُهمِلانِ العلاقةَ مع بعضِهِما مُعطِيانِ الأولويَّةَ للأولاد. إن الاتِّصالَ يُزَوِّدُكَ بِالأداة التي تُساعِدُكَ على تعزيزِ زواجِك، الذي هُوَ أهمُّ علاقَةٍ في حياتِكَ.

  • عدد الزيارات: 10883