الفَصلُ الرَّابِع "البِرُّ العلاقاتِيّ" - زوجَتُكَ
زوجَتُكَ
وقيلَ من طَلَّقَ إمرَأَتَهُ فَليُعطِها كتابَ طَلاق. وأمَّا أنا فأَقُولُ لكُم إنَّ مَن طَلَّقَ إمرأَتُه إلا لِعِلَّةِ الزِّنَى يجعَلُها تَزنِي. ومن يتزوَّجُ مُطَلَّقَةً فإنَّهُ يَزنِي." (متَّى 5: 31، 32)
كُلُّ تعليمِ يسُوع على رأسِ هذا الجَبَل ينبَغي أن يُفَسَّرَ ويُطَبَّقَ بتذَكُّرِ الإطار الذي فيهِِ أُعطِيَ هذا التَّعليم. ستراتيجيَّةُ يسُوع هي بتدريبِ تلاميذ سيُرسَلُونَ ليَكُونَ لهُم تأثيرُ الملح والنُّور على النَّاس الغارِقينَ في مشاكِلِهِم عندَ سفحِ الجَبَل. علينا أن نتذَكَّرَ أنَّ الجُمُوعَ تُمَثِّلُ الضَّالِّينَ في هذا العالم.
كتبَ سُليمانُ يَقُولُ أنَّ الأولادَ هُم مثل السِّهام، ووالديهم مثل القَوس الذي منهُ تنطَلِقُ هذه السِّهامُ إلى الحياة (مزمُور 127: 3- 5). تعتَمِدُ القِيَمُ، القَصدُ والوُجهَةُ في حياةِ الأولادِ على القَوسِ الذي أطلَقهم إلى الحياة. اليوم، يُحاوِلُ الشَّيطانُ حولَ العالم أن يقطَعَ وتَرَ هذا القَوس. الطَّلاقُ والإنفِصالُ أصبَحا مَرَضاً مُعدِياً في الكثيرِ من الحضارات. في هذا المقطَع، يُعَلِّمُ يسُوعُ أنَّنا إذا إردنا أن نَكُونَ جُزءاً من حَلِّ يسُوع وجوابِهِ، علينا أن نُطَبِّقَ مواقِفَهُ المُبارَكَة على علاقَتِنا معَ زوجاتِنا.
هذا مِثالٌ عن حيثُ كانَ الفَرِّيسيُّونَ والكَتَبَة يقتَبِسُونَ من مُوسى، ولكنَّ يسُوعَ لم يُوافِق معَ تفسيراتِهِم وتطبيقاتِهم لما كانَ يُعَلِّمُ بهِ مُوسى. مُوسى أوصَى أنَّهُ إذا طَلَّقَ رَجُلٌ زَوجَتَهُ، "فَليُعطِها كِتابَ طَلاق." (تثنِيَة 24: 1- 4)
بينما أشارَ يسُوعُ إلى هؤُلاء القادَة أنفُسِهم في مُناسَبَةٍ أُخرى، سمحَ مُوسَى أن يُعطَى كِتابُ طَلاقٍ كتنازُلٍ أو تَسوِيَة، بسببِ قساوَةِ قُلُوبِهِم (متَّى 19: 7، 8). فإذا رَجَعنا إلى مَرحَلَةِ العهدِ القَديم منَ التَّاريخِ العِبري، كانَ القادَةُ الرُّوحيُّونَ اليَهود يُفَسِّرُونَ مُوسَى ليعنِيَ أنَّهُ إذا كانَ رَجُلٌ مُستاءً من زوجَتهِ لأكثرِ من سَبَب، كانَ بإمكانِهِ أن يُطَلِّقَها وأن يتخلَّى عنها بِبَساطة. لم يَكُنْ مَطلُوباً منَ الرَّجُل أن يُبَرِّرَ أمامَ زوجَتِهِ أو أمامَ أيِّ أحَدٍ آخر لماذا طَلَّقَها. فلقد كانَ بإمكانِهِ أن يُلَمِّحَ إلى كَونِها غيرَ أمينَةٍ لهُ.
لهذا أمرَ مُوسى أنَّهُ، "إذا طَلَّقتَ زوجَتَكَ، عليكَ أن تُعطِيَها كتابَ طَلاق." كتابُ الطَّلاقِ هذا كانَ يذكُرُ سببَ الطَّلاق، ويُطالِبُ الزَّوجَ بنفقَةٍ للإهتِمامِ بزوجَتِهِ التي طَلَّقها. بما أنَّ الزَّوَجَة كانت بالكادِ تقوى على العَيش في المُجتَمَعِ اليَهُودِيّ بِدُونِ زوج، كانَ مُوسى يُحاوِلُ حِمايَةَ النِّساءِ بطَلَبِهِ كتابَ الطَّلاقِ هذا.
يسُوعُ لم يَكُنْ يُعَلِّمُ أنَّ الطَّلاقَ مقبُولٌ. فاللهُ يكرَهُ الطَّلاق (ملاخِي 2: 16). بل كانَ يسُوعُ يُعَلِّمُ أنَّهُ إن كانَ هُناكَ سَبَبٌ للطَّلاق، فعلى تلاميذِهِ أن يَكُونُوا أبراراً حتَّى في هذا الأمر. (للمَزيدِ عن هذا المَوضُوع، أنظُرْ الكُتَيِّبات 6، 7، و13 حولَ الزَّواج و العائِلة وعن 1 و2 كُورنثُوس.)
- عدد الزيارات: 14122