الفصلُ الثامِن "ثلاث وُجهات نَظَر للعَيش" - نِظامُ القِيَم العامُودَيَّة
نِظامُ القِيَم العامُودَيَّة (19- 34)
ثُمَّ علَّمَ يسُوعُ نِظامَ القِيَم السماوِيَّة (19 – 34). في هذا المَقطَع يُبرِزُ سَبَباً آخَر لآلامِ أولئِكَ النَّاس عندَ سفحِ الجَبَل. يتألَّمُ النَّاسُ لأنَّهُم لا يملِكُونَ قِيَماً رُوحيَّة. فلِكَي يكُونَ تلاميذُهُ جُزءاً من حَلِّهِ ومن أجوِبَتِهِ للناس الذين لا يزالُونَ جُزءاً من المُشكِلة، عليهِم بِكُلِّ بَساطَة أن يتَحَلُّوا بقِيَمِ المسيح السماوِيَّة العامُوديَّة والرُّوحِيَّة.
هُناكَ كُنُوزٌ في السماء وكُنُوزٌ على الأرض. وعلى تلاميذِهِ أن لا يَكنـزوا لهُم كُنُوزاً على الأرض، لأنَّها ستفقُدُ قيمتَها أو ستُسرَق. بل عليهِم أن يكنـزوا لهُم كُنُوزاً في السماوات، حيثُ لا تفقُدُ هذه الكُنُوزُ قيمتَها ولا يسرِقُها سارِقُون. لقد تكلَّمَ يسُوعُ بمُنتَهَى الصَّراحَة عندما أخبَرَ تلاميذَهُ كيفَ يعرِفُونَ ما هي قِيَمُهُم بالحَقيقَة. تفسيِرُ وتَلخيصُ هذا التعليم اليوم سيكُونُ كالتالي: "إذا أردتُم أن تعرِفُوا ما هي قِيَمُكُم، تطلَّعُوا إلى الوَراء وانظُرُوا كيفَ صرفتُم أموالَكُم، وأنظُروا إلى مُفكِّرَاتِكم للأعوام الخمس الماضِيَة وتأمَّلُوا كيفَ صرفتُم وقتَكُم."
حيثُ يكُونُ كنـزكَ هُناكَ يكُونُ قلبُكَ أيضاً، وإذا أردتَ أن تعرِفَ أينَ هي كُنُوزُكَ، إطرَح هذه الأسئِلة على نفسِكَ: "كيفَ تصرِفُ مالَكَ ووقتَكَ؟ ماذا تفعَلُ طِوالَ النَّهار؟ ماذا تُريدُ طِوالَ النَّهار؟ وبماذا تهتَمُّ طِوالَ النَّهار؟" إن كُنتَ ستُقيِّمُ نشاطاتِكَ وطُموحاتِكَ وهُمُومِكَ ومَخاوِفِك، سوفَ تُركِّزُ على قِيَمِكَ.
يختُمُ يسُوعُ هذا الخطاب عن القِيَم العامُوديَّة بتعليمِ تلاميذِهِ أنَّ القيمَةَ الأولويَّةَ المُطلَقَة عندَهم ينبَغي أن تكُونَ ملكُوتَ الله وبِرَّهُ – الأمرُ الذي سبقَ وبَرهَنَ لهُم صِحَّتَهُ. فإن كانَ أولئكَ الذين يجُوعُونَ ويَعطَشُونَ إلى البِرّ سيجعَلُونَ من هذا قيمتَهُم الأولويَّة المُطلَقَة، فاللهُ سيُبارِكُهم ويُوفِّرُ لهُم كُلَّ ما يحتاجُونَهُ، عندما يضعُونَ ملكُوتَ اللهِ أَوَّلاً.
أُنظُرْ إلى الداخِل (7: 1-5)
عندَما نقرَأُ الإصحاح السابِع من إنجيلِ متَّى، نُدرِكُ أنَّ يسُوعَ يَصِلُ هُنا إلى خِتامِ خُلوتِه. بعدَ أن تحدَّى تلاميذَهُ بالنَّظَرِ إلى الداخِل، وحولَهم، وفوقَهم، يَصِلُ بتعليمِهِ إلى مرحَلَةِ القرار، وذلكَ بطَلَبِهِ منَ التلاميذ أن يُفكِّرُوا بِقرارِ النظَر لتفحُّصِ ذواتِهم. نراهُ يُعلِّمُ بِواسِطَةِ صُورَةٍ مجازِيَّةٍ فُكاهِيَّة، أنَّهُ علينا أن لا ننظُرَ القَذَى في عَينِ أخينا بينَما علينا أن نرى الخشبة التي في عينِنا. علينا أن ننظُرَ إلى الداخِل وأن نطلُبَ من الله أن يحكُمَ علينا قبلَ أن نُحاوِلَ أن نقومَ بمُساعَدَةِ الآخرين. لِهذا علينا أن نتَّخِذَ قرارَ النَّظَر إلى الداخِل لكَي نُخرِجَ الخشَبَةَ من عينِنا قبلَ أن نُساعِدَ الآخرين. يُخبِرُنا يسُوعُ هُنا أن لا نُفرِطَ بالإنتِقاد بمُراءاة.
أنظُرْ إلى فَوق (7: 3- 5)
يُتابِعُ يسُوعُ إختِتامَ تعليمِهِ بدَعوَةِ أولئِكَ الذين سَمِعُوا تعليمَهُ، بأن يتَّخِذُوا القرارَ بالنَّظَرِ إلى فَوق. وهكذا يَصِلُ بتعليمِهِ عن الأنظِمة والقِيَم الرُّوحيَّة إلى قَرارٍ بدَعوَةِ هؤُلاء التلاميذ لينظُرُوا إلى فوق بمُثابَرة – أن يسألُوا، يطلبُوا، ويقرَعُوا باستِمرار. ثُم يذكُرُ وعداً ثُلاثِيَّاً: لأنَّ كُلَّ من يسأل يأخُذ؛ ومن يطلُبْ يَجِدْ؛ ومن يقرَعْ باستِمرار، سيَجِدُ نفسَهُ واقِفاً أمامَ بابٍ مَفتُوح (لُوقا 11: 9- 13).
أنُظُرْ حَولَكَ (7: 12)
بينَما كانَ الذين سَمِعُوهُ على وَشكِ مُغادَرَةِ قمَّةِ الجَبل، دعاهُم يسُوعُ ليتَّخِذُوا قراراً بالنَّظَرِ حولَهُم. يُسمَّى هذا التعليمُ، "القاعِدة الذهبِيَّة." هذا العدد المُوجز يُعتَبَرُ تلخيصاً لتعليم يسُوع الأخلاقي المُختَصّ بالعَلاقات ولِكُلِّ الكتابِ المقدَّس.
التحدِّي الأساسِيّ لِهذا التعليم هُوَ: "إذا أردتَ أن تكُونَ مِلحَ الأرضِ ونُورَ العالم الذي يُعتَبَرُ الناسُ بأَمَسِّ الحاجَةِ إليهِ في هذا العالم، ضَعْ نفسَكَ في مكانِ كُلِّ شخصٍ تلتَقيه. ثُمَّ إسألْ نفسَكَ هذا السُّؤال: "إن كُنتَ ذلِكَ الشخص الآخر، ماذا كُنتَ تتوقَّعُ من التلميذ الذي سمِعَ ما سَمِعتَهُ أنتَ على هذا الجَبل أن يفعَل؟" عندما تحصَلُ على جوابٍ لهذا السؤال، إعمَل بهِ. هذا هُوَ تعليمُ كُلِّ الكِتابِ المقدَّس حولَ موضُوع العلاقات الإنسانِيَّة. فكُلُّ ما تُريدُ أن يفعَلَ الناسُ بِكَ إفعَلْ هكذا أنتَ أيضاً بِهِم."
تطبيقاً لهذا، ضَعْ نفسَكَ مكانَ زوجَتِكَ، أولادِك، أهلِكَ، أقرِبائِكَ، وإخوتِكَ المُؤمِنين. طبِّق هذا التعليم على كُلِّ الأشخاص الذين تلتقيهم في حياتِكَ. وإن كُنتَ أنتَ مكانَ هؤُلاء الناس، ماذا كُنتَ ستَفعَل؟
تأكَّدَ بأن تُطبِّقَ هذا التعليم على أُولئِكَ الذين لم يُؤمِنُوا بعد بيسُوع المسيح، ولم يختَبِرُوا أيَّاً من بركاتِ خلاصِه. ثُمَّ إسألْ، "لَو كُنتُ أنا ذلكَ الشخص، ماذا كُنتُ سأتَوقَّعُ من تلميذٍ ليسُوع المسيح أن يعمَلَ حِيالَ هذه المواقِف؟" عندما تحصَلُ على جوابٍ لِسُؤالِك، إعمَلْ بهِ، لأنَّ هذه هي القاعِدة الذهبِيَّة للتَّبشير.
- عدد الزيارات: 12738