Skip to main content

الفصلُ الثامِن "ثلاث وُجهات نَظَر للعَيش"

عِندَما عَلَّمَ يسُوعُ المَواقِف الجميلة، تحدَّى تلاميذَهُ بأن ينظُرُوا إلى أعماقِ نُفُوسِهم وأن يُفكِّرُوا بِالعَقلِيَّةِ التي تَتَحكَّمُ بِحَياتِهم. في المقطَعِ المُطوَّل الذي تَبِعَ التطويبات، تحدَّاهُم يسُوعُ أن ينظُرُوا حولَهُم ويُطبِّقُوا التطويبات في علاقاتِهم الأكثَر أهمِّيَّةً. عندما سَمِعَ التلاميذُ الذين حضَروا تِلكَ الخُلوة على الجَبل، عندما سَمِعوا كيفَ تنطَبِقُ التطويباتُ على علاقاتِهم، خاصَّةً علاقاتِهم معَ أعدائِهم، كانُوا أكثَر من مُستَعِدِّين لوُجهَةِ النَّظَر الثالِثة نحوَ الحَياة، والتي شاركَها يسُوعُ معَهُم.

إذ نبدَأُ بِدراسَةِ الإصحاحِ السادِس من إنجيلِ متَّى، نقرَأُ أنَّ يسُوعَ قالَ لتلاميذِهِ أن ينظُرُوا إلى فَوق ويتأمَّلُوا بالنُّظُم والقِيَم الرُّوحِيَّة للتلميذِ الحقيقيّ. (الكَلِمة "نِظام" والكلمة "تِلميذ" تشتقَّانِ من نفسِ الجذر.) لقد شارَكَ معهُم بهذه النُّظُم الرُّوحيَّة الثلاثة، وعلَّمَ أن كُلاً من النُّظُم الثلاثة ينبَغي أن تُطبَّق عامُودِيَّاً وليسَ أُفُقِيَّاً.

كانَ لدى الفَرِّيسيِّين بِرٌّ أُفُقِيّ، أي بِرٌّ يُمارِسُونَهُ لكي يحظَوا بمُوافَقَةِ وتصفيقِ النَّاس لهُم. أمَّا يسُوع فلقد تحدَّى تلاميذَهُ بأن يتحلُّوا بالبِرِّ المُمارَس عامُودِيَّاً، أي لكَي يحظَى بمُوافقة الله. هذا على الأقَلّ جزءٌ ممَّا قصدَهُ عندما علَّمَ أنَّ بِرَّ تلاميذِهِ ينبَغي أن يكُونَ أعظَم من بِرِّ الكتَبَة والفَرِّيسيِّين (5: 20).


نِظامُ العَطاء (1- 4)

النِّظامُ الرُّوحِيُّ الأوَّلُ الذي يُعلِّمُ بهِ يسُوع هُوَ ما نُسمِّيهِ اليوم بالوَكالة. فصِحَّتُنا الروحيَّة وإزدِهارُنا الرُّوحي يتأثًَّرانِ بشكلٍ حَيَويّ بمُمارَستنا الأمينة لهذا النِّظام الرُّوحي. وعطاؤُنا ينبَغي أن يكُونَ عامُودِيَّاً، أو أمامَ الله وليسَ لِكَي ينالَ إعجابَ النَّاس. فإن كُنَّا نُعطي لله، فلا حاجَةَ لنا أن نُخبِرَ النَّاسَ عمَّا نُعطيهِ لله.


نِظامُ الصَّلاة – الإتِّصالُ بالله (5- 15)

لا تستطيعُ أن تُحِبَّ عدُوَّكَ، أو أن تَكُونَ جزءاً من حَلِّ المَسيح في حَياةِ النَّاس الذين لا يزالُونَ جُزءاً من المُشكِلة، إن كُنتَ لا تعرِفُ كيفَ تُصلِّي. في الحقيقة، لا تستطيعُ حتَّى أن تَجِدَ حَلاً لمشاكِلِكِ الشخصيَّة إن كُنتَ لا تعرِفُ كيفَ تُصلِّي. لهذا علَّمَ يسُوعُ تلاميذَهُ وأوضَحَ لهم نِظامَ ترتيبَ الصلاة.

النقطَةُ الأساسيَّةُ في تعليمِهِ عنِ الصلاة هي أنَّهُ علينا أن نكُونَ مُتأكِّدِين بأنَّنا نتكلَّمُ معَ الله عندما نُصلِّي. لقد علَّمَ يسُوعُ أنَّنا إذا أرَدنا أن نتأكَّدَ بأنَّنا نتكلَّمُ معَ الله عندما نُصَلِّي، علينا أن ندخُلَ إلى المَخدَع (أو أي مكان نستطيعُ أن نكُونَ فيهِ بمُفرَدِنا) ونُغلِق بابَنا. بما أنَّهُ لا يُوجَدُ أَحَدٌ نَنالُ إعجابَهُ هُناكَ إلا الله، فإنَّ صلاة المَخدَع هي أفضَل من الصلاة العَلَنيَّة، بالنسبَةِ ليسُوع. فهُوَ يَعِدُ بأنَّ إلهَنا الذي يرى في الخَفاء سيُجازِينا علانِيَةً ويستَجيبُ لِصلواتِنا الصادِقة في الخفاء.

في هذا الإطار يُعطي يسُوعُ أعظَمَ تعليمٍ سمِعَهُ العالَمُ عن كيفَ ينبَغي أن نُصلِّي. إنَّ هذا التعليم ينبَغي أن يُسمَّى، "صلاة التلاميذ." هُناكَ سبعُ طَلباتٍ في هذه الصلاة. بعدَ مُخاطَبَة الله كأبينا السماوي، هُناكَ ثلاثَةُ نَواحٍ نُخاطِبُها في العِنايَةِ الإلهيَّة: إسمُكَ، ملكُوتُكَ، ومشيئتُكَ. عندها فقط سيكُونُ بإمكانِنا أن نُصلِّي قائِلين، "أعطِنا."

من خِلالِ هذه النواحي الثلاث التي نُخاطِبُها في العِنايَةِ الإلهيَّة، تكُونُ صلاتُنا، "اللهُ أوَّلاً." فالصلاةُ ليسَت مجرَّدَ إقتِرابٍ من حضرَةِ الله وبِيدِنا لائحة مُشتَريات نُرسِل الله لكَي يجلُبَها لنا. عندما تُصبِحُ هذه الأولويَّة في مكانِها الصحيح، عندَها يُصبِحُ بإمكانِنا أن نُصلِّي مُقدِّمِين طلباتِنا الشخصيَّة. الطلباتُ الشخصيَّةُ هي: "أعطِنا، إغفِرْ لنا، لا تُدخِلنا، ونَجِّنا."

الطِلبَةُ الشخصيَّةُ الأُولى هي، "أعطِنا هذا اليَوم خُبزَنا اليَومِي." (11) يرمُزُ الخُبزُ إلى كُلِّ حاجاتِنا. الخُبزُ الذي نطلُبُهُ هو فقط لليوم. بعدَ ذلكَ علينا أن نُصلِّي، "إغفِرْ لنا." (12) يسُوعُ لا يُعلِّمُ أنَّ غُفرانَهُ لنا مُؤسَّسٌ على غُفرانِنا للآخرين. بل نحنُ نغفِرُ للآخرين لأنَّنا سبقَ وتمتَّعنا بالغُفران. فَكَيفَ يُمكِنُ أن لا نَغفِرَ للآخَرين عندما يكُون قد غُفِرَ لنا بِهذا المِقدار؟ ولكنَّنا سوفَ نختَبِرُ الغُفران فقط عندما نُمارِسُ الغُفران، بالنسبَةِ ليسُوع.

الطَّلَب الشخصي التالي هُوَ، "ولا تُدخِلنا في تَجرِبَة." (13) هذا الطَّلَب هُوَ بالحقيقة: "أيُّها الآب، إن كُنتَ تقُودُ خُطواتي، وإن كُنتُ  أنا أتبَعُ قِيادَتَكَ لخُطواتي، فلن أُواجِهَ التجارِبَ أبداً."

الطَّلَبُ الرابِع هُو، "وأنقِذنا من الشرِّير." (13)

تَعلَّمنا أن نختُمَ صلواتِنا بنفسِ الطريقة التي بدأناها بِها، وذلَكَ بأن نقُولَ ما معناهُ، "اللهُ أوَّلاً." وهكذا نختُمُ مُعتَرِفِينَ وقائِلين، "القُوَّة لإستِجابَةِ صلاتِنا ستأتِي دائِماً مِنكَ، وبالنتيجة سيكُونُ لكَ دائِماً المُلك والمجد إلى الأبد."


نِظام الصَّوم (16- 18)

مِثل العطاء والصلاة، علَّمَ يسُوعُ أنَّ النِّظامَ الرُّوحِيَّ لِلصَّوم ينبَغي أن يكُونَ أيضاً عامُودِيَّاً (16- 18). فالصَّومُ يُصرِّحُ أمامَ اللهِ وأمامَنا أنَّنا نُعطي قيمَةً للرُّوحِيَّات أكثَر ممَّا نُعطِي للجَسَدِيَّات. بالنسبَةِ ليسُوع، الصَّومُ يُبَرهِنُ صِدقَ صلواتِنا. فبَعضُ المُعجِزات لن تحدُثَ إلا بالكَثيرِ من الصَّومِ والصلاة. (متَّى 17: 21)


نِظامُ القِيَم العامُودَيَّة (19- 34)

ثُمَّ علَّمَ يسُوعُ نِظامَ القِيَم السماوِيَّة (19 – 34). في هذا المَقطَع يُبرِزُ سَبَباً آخَر لآلامِ أولئِكَ النَّاس عندَ سفحِ الجَبَل. يتألَّمُ النَّاسُ لأنَّهُم لا يملِكُونَ قِيَماً رُوحيَّة. فلِكَي يكُونَ تلاميذُهُ جُزءاً من حَلِّهِ ومن أجوِبَتِهِ للناس الذين لا يزالُونَ جُزءاً من المُشكِلة، عليهِم بِكُلِّ بَساطَة أن يتَحَلُّوا بقِيَمِ المسيح السماوِيَّة  العامُوديَّة والرُّوحِيَّة.

هُناكَ كُنُوزٌ في السماء وكُنُوزٌ على الأرض. وعلى تلاميذِهِ أن لا يَكنـزوا لهُم كُنُوزاً على الأرض، لأنَّها ستفقُدُ قيمتَها أو ستُسرَق. بل عليهِم أن يكنـزوا لهُم كُنُوزاً في السماوات، حيثُ لا تفقُدُ هذه الكُنُوزُ قيمتَها ولا يسرِقُها سارِقُون. لقد تكلَّمَ يسُوعُ بمُنتَهَى الصَّراحَة عندما أخبَرَ تلاميذَهُ كيفَ يعرِفُونَ ما هي قِيَمُهُم بالحَقيقَة. تفسيِرُ وتَلخيصُ هذا التعليم اليوم سيكُونُ كالتالي: "إذا أردتُم أن تعرِفُوا ما هي قِيَمُكُم، تطلَّعُوا إلى الوَراء وانظُرُوا كيفَ صرفتُم أموالَكُم، وأنظُروا إلى مُفكِّرَاتِكم للأعوام الخمس الماضِيَة وتأمَّلُوا كيفَ صرفتُم وقتَكُم."

حيثُ يكُونُ كنـزكَ هُناكَ يكُونُ قلبُكَ أيضاً، وإذا أردتَ أن تعرِفَ أينَ هي كُنُوزُكَ، إطرَح هذه الأسئِلة على نفسِكَ: "كيفَ تصرِفُ مالَكَ ووقتَكَ؟ ماذا تفعَلُ طِوالَ النَّهار؟ ماذا تُريدُ طِوالَ النَّهار؟ وبماذا تهتَمُّ طِوالَ النَّهار؟" إن كُنتَ ستُقيِّمُ نشاطاتِكَ وطُموحاتِكَ وهُمُومِكَ ومَخاوِفِك، سوفَ تُركِّزُ على قِيَمِكَ.

يختُمُ يسُوعُ هذا الخطاب عن القِيَم العامُوديَّة بتعليمِ تلاميذِهِ أنَّ القيمَةَ الأولويَّةَ المُطلَقَة عندَهم ينبَغي أن تكُونَ ملكُوتَ الله وبِرَّهُ – الأمرُ الذي سبقَ وبَرهَنَ لهُم صِحَّتَهُ. فإن كانَ أولئكَ الذين يجُوعُونَ ويَعطَشُونَ إلى البِرّ سيجعَلُونَ من هذا قيمتَهُم الأولويَّة المُطلَقَة، فاللهُ سيُبارِكُهم ويُوفِّرُ لهُم كُلَّ ما يحتاجُونَهُ، عندما يضعُونَ ملكُوتَ اللهِ أَوَّلاً.

أُنظُرْ إلى الداخِل (7: 1-5)

عندَما نقرَأُ الإصحاح السابِع من إنجيلِ متَّى، نُدرِكُ أنَّ يسُوعَ يَصِلُ هُنا إلى خِتامِ خُلوتِه. بعدَ أن تحدَّى تلاميذَهُ بالنَّظَرِ إلى الداخِل، وحولَهم، وفوقَهم، يَصِلُ بتعليمِهِ إلى مرحَلَةِ القرار، وذلكَ بطَلَبِهِ منَ التلاميذ أن يُفكِّرُوا بِقرارِ النظَر لتفحُّصِ ذواتِهم. نراهُ يُعلِّمُ بِواسِطَةِ صُورَةٍ مجازِيَّةٍ فُكاهِيَّة، أنَّهُ علينا أن لا ننظُرَ القَذَى في عَينِ أخينا بينَما علينا أن نرى الخشبة التي في عينِنا. علينا أن ننظُرَ إلى الداخِل وأن نطلُبَ من الله أن يحكُمَ علينا قبلَ أن نُحاوِلَ أن نقومَ بمُساعَدَةِ الآخرين. لِهذا علينا أن نتَّخِذَ قرارَ النَّظَر إلى الداخِل لكَي نُخرِجَ الخشَبَةَ من عينِنا قبلَ أن نُساعِدَ الآخرين. يُخبِرُنا يسُوعُ هُنا أن لا نُفرِطَ بالإنتِقاد بمُراءاة.

أنظُرْ إلى فَوق (7: 3- 5)

يُتابِعُ يسُوعُ إختِتامَ تعليمِهِ بدَعوَةِ أولئِكَ الذين سَمِعُوا تعليمَهُ، بأن يتَّخِذُوا القرارَ بالنَّظَرِ إلى فَوق. وهكذا يَصِلُ بتعليمِهِ عن الأنظِمة والقِيَم الرُّوحيَّة إلى قَرارٍ بدَعوَةِ هؤُلاء التلاميذ لينظُرُوا إلى فوق بمُثابَرة – أن يسألُوا، يطلبُوا، ويقرَعُوا باستِمرار. ثُم يذكُرُ وعداً ثُلاثِيَّاً: لأنَّ كُلَّ من يسأل يأخُذ؛ ومن يطلُبْ يَجِدْ؛ ومن يقرَعْ باستِمرار، سيَجِدُ نفسَهُ واقِفاً أمامَ بابٍ مَفتُوح (لُوقا 11: 9- 13).

أنُظُرْ حَولَكَ (7: 12)

بينَما كانَ الذين سَمِعُوهُ على وَشكِ مُغادَرَةِ قمَّةِ الجَبل، دعاهُم يسُوعُ ليتَّخِذُوا قراراً بالنَّظَرِ حولَهُم. يُسمَّى هذا التعليمُ، "القاعِدة الذهبِيَّة." هذا العدد المُوجز يُعتَبَرُ تلخيصاً لتعليم يسُوع الأخلاقي المُختَصّ بالعَلاقات ولِكُلِّ الكتابِ المقدَّس.

التحدِّي الأساسِيّ لِهذا التعليم هُوَ: "إذا أردتَ أن تكُونَ مِلحَ الأرضِ ونُورَ العالم الذي يُعتَبَرُ الناسُ بأَمَسِّ الحاجَةِ إليهِ في هذا العالم، ضَعْ نفسَكَ في مكانِ كُلِّ شخصٍ تلتَقيه. ثُمَّ إسألْ نفسَكَ هذا السُّؤال: "إن كُنتَ ذلِكَ الشخص الآخر، ماذا كُنتَ تتوقَّعُ من التلميذ الذي سمِعَ ما سَمِعتَهُ أنتَ على هذا الجَبل أن يفعَل؟" عندما تحصَلُ على جوابٍ لهذا السؤال، إعمَل بهِ. هذا هُوَ تعليمُ كُلِّ الكِتابِ المقدَّس حولَ موضُوع العلاقات الإنسانِيَّة. فكُلُّ ما تُريدُ أن يفعَلَ الناسُ بِكَ إفعَلْ هكذا أنتَ أيضاً بِهِم."

تطبيقاً لهذا، ضَعْ نفسَكَ مكانَ زوجَتِكَ، أولادِك، أهلِكَ، أقرِبائِكَ، وإخوتِكَ المُؤمِنين. طبِّق هذا التعليم على كُلِّ الأشخاص الذين تلتقيهم في حياتِكَ. وإن كُنتَ أنتَ مكانَ هؤُلاء الناس، ماذا كُنتَ ستَفعَل؟

تأكَّدَ بأن تُطبِّقَ هذا التعليم على أُولئِكَ الذين لم يُؤمِنُوا بعد بيسُوع المسيح، ولم يختَبِرُوا أيَّاً من بركاتِ خلاصِه. ثُمَّ إسألْ، "لَو كُنتُ أنا ذلكَ الشخص، ماذا كُنتُ سأتَوقَّعُ من تلميذٍ ليسُوع المسيح أن يعمَلَ حِيالَ هذه المواقِف؟" عندما تحصَلُ على جوابٍ لِسُؤالِك، إعمَلْ بهِ، لأنَّ هذه هي القاعِدة الذهبِيَّة للتَّبشير.


الدعوَة (7: 13- 27)

عندما بدَأَ يَسُوعُ خُلوَتَهُ، كانت دعوتُهُ "هل أنتَ جزءٌ من المُشكِلة أم أنَّكَ تُريدُ أن تكونَ جُزءاً من الحَلّ؟" في نِهايَةِ هذا التعليم، يَضَعُ أمامنا يسُوعُ التحدِّي ذاتَهُ الذي وضعَهُ في البِداية – ولكن في هذا الوقت فقط أُولئكَ الذين سمِعُوا دعوتَهُ سبقُوا واعتَرَفُوا أنَّهُم يُريدُونَ أن يكُونُوا جُزءاً من الحَلّ. إذ يختُمُ يسُوعُ الخُلوة، يُقدِّمُ يسُوعُ الدعوةَ التالية: "أيَّ نوعٍ من الحَلّ تُريدُ أن تكُون؟"

لكَي يُلخِّصَ ويُفسِّرَ هذه الدعوة، ختَمَ يسُوعُ هذه الخُلوة بالقَول: "هُناكَ نوعانِ من التلاميذ – الكثيرونَ والقَليلُون، المُزيَّفُونَ والحقيقيُّون، أُولئكَ الذين يقُولُونَ وأُولئكَ الذين يفعَلُون. يظُنُّ الكثيرُونَ أنَّ هُناكَ طريقٌ سَهلٌ ليكُونُوا حلاً وجواباً. ولكنَّهُم لن يُصبِحُوا أبداً جُزءاً من حَلِّي. ولكنَّ القَليلينَ يُدرِكُونَ أن صيرُورتَهُم ملح الأرض ونُور العالم تبدأُ بالطريقِ الضيِّق الذي تتبعُهُ حياةٌ شاقَّةٌ في الإنضِباط والتلمذة. فهل ستكُونُ واحداً من الكَثرة أم من القِلَّة؟ وهَل ستكُونُ واحِداً من المُزيِّفين أم من التلاميذ الحقيقيِّين، الذي يُصبِحونَ جزءاً من حَلِّي؟ وهل ستكُونُ واحداً من أُولئكَ الذي يكتَفُونَ بالقَول أم واحداً من الذين يعمَلُونَ بما علَّمتُهُم بهِ على هذا الجبَل؟"

الصُّورَةُ المجازِيَّةُ العظيمة التي يختُمُ بِها يسُوعُ أعظَمَ عِظَةٍ من عِظاتِه، تُقدِّمُ نَوعَينِ من التلاميذ الذين كانُوا على وشكِ النـزولِ عن قمَّةِ الجَبل. يُصوِّرُ يسُوعُ بيتَين (حَياتَين)، واحداً مَبنِيَّاً على الصخر (التلميذ الذي يُطيعُ تعليمَ يسوع) وآخر مَبنِيَّاً على الرَّمل (التلميذ الذي لا يُطيعُ تعليمِ يسُوع). كِلاهُما سَمِعا هذا التعليم، ولكنَّ واحِداً – الغَبِيّ – لا يُطبِّقُ بتاتاً ما سَمِعَهُ. أمَّا الآخر فلقد سَمِعَ كُلَّ التعليم، وهُوَ يُطبِّقُهُ. إنَّ هذه الخاتِمة المُؤثِّرَة تُقدِّمُ هذه الحقيقة كالتالي: أنَّ الفرقَ بينَ هذين التلميذَين هو ما يعملانِهِ حِيالَ ما يَعلَمانِه. (متَّى 7: 24- 27).

الآن وقد إطَّلعتَ على هذا التعليم العظيم، أيّ تِلميذٍ ليسُوع المسيح سوفَ تكُون؟ وماذا ستفعَلُ حِيالَ ما تعلَم؟

  • عدد الزيارات: 12743