Skip to main content

الفصلُ الثاني عشر "رُؤى وإعلانات دانيال" - رُؤيا السَّبعين أُسبُوعاً

الصفحة 2 من 4: رُؤيا السَّبعين أُسبُوعاً

رُؤيا السَّبعين أُسبُوعاً

إنَّ أشهَر رُؤى دانيال أو إعلاناتِهِ النبَويَّة هي ما يُسمَّى "برُؤيا السبعين أُسبُوعاً." يُخبِرُنا دانيال أنَّهُ بينما كانَ يقرأُ في نُبُوَّاتِ إرميا، لاحظَ أنَّهُ حانَ وقتُ رجُوعِ شعبِ الله من السبي البابِلي قريباً. فكُلٌّ من إشعياء وإرميا تنبَّأآ أنَّهُ بعدَ سبي شعبِ يهوذا إلى بابِل بسبعينَ سنةً، سوفَ يرجِعونَ إلى أرضِهم. عندما يُخبِرُنا دانيالُ في نِهايَةِ الإصحاح الخامِس وبِدايَةِ السادِس أنَّهُ أصبَحَ الآن تحتَ حُكمِ دارِيُوس المادّي، يُحدِّدُ بذلكَ تاريخَ نهايةِ السبعين سنة من السبي.

عندما صلَّى دانيال صلاتَهُ الرائعة في الإصحاحِ التاسِع، كانَ دانيالُ مأخُوذاً بكونِ نِهايَة السبي الذي سيستَمِرُّ سبعينَ سنةً قد جاءَت. وعندما صلَّى دانيالُ حِيالَ هذا الأمر، إعترفَ بخطاياهُ وبِخطايا الشعب. كانَ دانيال واحِداً من أطهَرِ الشخصِيَّات في الكتابِ المقدَّس، ورُغمَ ذلكَ شملَ نفسَهُ معَ خطايا الشعب إثنتين وثلاثين مرَّةً في صَلاتِه بالقول، "خطيتُنا التي بها أخطأنا."

كرَّرَ دانيالُ هذا مُلتَمِساً من اللهِ الغُفران. كانَ على قَلبِ دانيال أنَّ التأديبَ شارَفَ على نِهايتِهِ، وأنًَّ اللهَ ليسَ فقط سيغفِر، بل أيضاً سيَرُدُّ الشعبَ من السبي إلى أرضِه.

وبينما كانَ دانيالُ يُصَلِّي، ظَهَرَ لهُ الملاكُ جِبرائيل، وقالَ لهُ، "في ابتداءِ تضرُّعاتِكَ خرجَ الأمرُ وأنا جِئتُ لأُخبِرَكَ." (دانيال 9: 23). كانت هذه استجابةُ الله لِصلاةِ دانيال، وأحدُ أوضَحِ النُّبُوَّات المَسياوِيَّة التي نجدُها في الكتابِ المقدَّس. والرُّؤيا هي ببساطةٍ التالية: "سبعونَ أُسبوعاً [من السنين] قُضِيَت على شعبِكَ وعلى مدينتِكَ المُقدَّسة. [وإليكَ القصدُ من هذه السبعين أُسبُوعاً التي قُضِيَ بها] - لتكميلِ المَعصِية وتَتمِيمِ الخَطايا ولِكفَّارةِ الإثم ولِيُؤتَى بالبِرِّ الأبدي ولِخَتمِ الرُّؤيا والنُّبُوَّة ولِمَسحِ قُدُّوسِ القُدُّوسِين."

إلى جانب نُّبُوَّةِ الأخبار السارَّة بالرجوعِ الوشيك من السبي، نجدُ النُّبُوَّةَ المسياوِيَّة عنِ المجيءِ الأوَّل للمسيح. إنَّ تفسيرَ هذه النُّبُوَّة المُدهِشة يتطلَّبُ بعض الحِسابات. فاللهُ يُخبِرُ دانيال بأنَّهُ تماماً كما أنَّ السبي استمرَّ سبعينَ سنةً، فالوقتُ بينَ السبي ومجيء المسيَّا سوفَ يكونُ سبعَ مرَّاتٍ سبعينَ سنةً، أو أربعمائة وتِسعينَ سنةً. هذه السنوات سوفَ تُقسَمُ إلى أسابِيع من السنين (أي وِحدات زمنيِّة كُلٌّ منها مُؤلَّفة من سبعِ سنوات). هذه الأسابيع من السنين تُقسَمُ إلى سبعةِ أسابِيع، وإثنان وستِّينَ أُسبُوعاً، وأُسبُوعٌ واحِد. في مُنتَصَفِ هذا الأُسبُوع الواحِد، سوفَ يُقطَعُ المسيحُ أو يُقتَل.

ينبَغي أن تُؤرَّخَ هذه النُّبُوَّة من وقتِ صُدُورِ قرار كوروش بالسماحِ للشعبِ بالرجوعِ وإعادةِ بناءِ أورشليم. لقد تمَّ الرجُوعُ من السبي على ثلاثِ مراحِل، ولكنَّ المرحلةَ الهامَّةَ هي التي تمَّت عام 457 ق.م. فإذا جمعتَ إثنين وستينَ أُسبُوعاً معَ سبعة أسابِيع، وضربتَ النتيجةَ بِسبعة، تحصلُ على 483 سنة. إذا أضفتَ 483 سنةً إبتداءً من عام 457 ق.م.، تصِل إلى عام 26 ميلاديَّة. ويُخبِرُنا عُلماءُ الكِتابِ المقدَّس أنَّ هذه كان السنة التي بدأَ فيها المسيَّا خِدمَتَهُ العَلَنِيَّة. كانَ ينبَغي أن يكونَ هُناكَ أُسبُوعٌ من السنين، أو سبع سنين، وفي وسطِ هذه السبع سنين، سوفَ يُقطَعُ المسيحُ. يقولُ المُفسِّرونَ أنَّهُ بعدَ ثلاث سنوات ونصف من العام 26 ميلادِيَّة صُلِبَ يسوع المسيح.

بينما يختَلِفُ المُفسِّرون حولَ التفاصيل، لكنَّ الأمرَ الواضِحَ في رُؤيا السبعينَ أُسبُوعاً لدانيال هو التنبُّوء الدقيق بمجيء المسيَّا وصلبِهِ وبداية ملكوتِهِ الذي لن تكونَ لهُ نِهاية. هذا هو الملكوت المُبَيَّن نَبَويَّاً في حلمِ نبُوخذنصَّر الثاني الذي فسَّرَهُ لهُ دانيال (2: 34، 35، 44، 45). لقد تمَّ وَصفُ هذا الملكوت كحجرٍ كبيرٍ سقطَ على قدَمي التمثال الذي يُشيرُ إلى ممالِكِ العالم الأربع، ممَّا سبَّبَ تحطيمَ هذا التِّمثال إلى أشلاء.

وذلكَ الجزء من التِّمثال الذي وقعَ عليهِ الحجر هو الجزء الذي يرمُزُ إلى الأمبراطُوريَّة الرومانيّة. وهذا يُشيرُ بدقَّةٍ وفصاحة نبَويَّة إلى أن يسوعَ بدأَ ملكوتَهُ خِلالَ زمن الأمبراطُوريَّة الرومانيَّة، وأن ملكوتَ الله الذي دشَّنَهُ يسوع، والذي عاشَ إلى ما بعدَ سُقوط الأمبراطُوريَّة الرُّومانيَّة لألفي عام، لن تكونَ لهُ نِهاية.

التطبيقُ الشَّخصي لِهذهِ النُّبُوَّة
الصفحة
  • عدد الزيارات: 9428