Skip to main content

الفصلُ الثاني عشر "رُؤى وإعلانات دانيال"

الصفحة 1 من 4

بما أنَّ الإصحاحات الستة الأولى من سفرِ دانيال هي سردٌ تارِيخيٌّ، فهي سهلةُ الفهمِ وواضِحةُ التطبيق. أمَّا الإصحاحات الستة الأخيرة من سفرِ دانيال، مثل سفر الرُّؤيا ونُبُوَّاتُ حزقِيال وزكريَّا، فإنَّ فهمَها هو أمرٌ في غايَةِ الصُّعوبة. إن تفسيرَ دانيال لحُملِ نبُوخذنصَّر الأوَّل في دانيال 2، يُعطينا نمُوذجاً يقودُنا في مُحاوَلتِنا لتفسيرِ الإعلانات والرُّؤى الصعبة في سفرِ دانيال. فقط من خِلالِ خدمةِ تعليمِ الرُّوحِ القُدُس نستطيعُ أن نفهَمَ هذه الرُّؤى التي هي إعلانٌ نبويٌّ عن عمل اللهِ العظيم في عالمِنا.

إليكُم بعضُ الخُطُوات التي ينبَغي اتِّخاذُها عندما تُحاوِلُونَ أن تفهَموا رُؤى وإعلانات سفر دانيال. أوَّلاً، لاحِظ الرُّموز في الرُّؤيا. ففي هذه الرُّؤيا الأولى التي حصلَ عليها دانيال، والمُسجَّلة في الإصحاح السابِع، تُشبِهُ رُموزُ الرُّؤيا تلكَ الرُّموز التي رأيناها في الحُلمِ الأوَّل لِنبوخذنصَّر.

أربعة رِياحٍ تهِبُّ وتعصِفُ بالبَحرِ الكَبير، وتخرُجُ منهُ أربَعَةُ وُحُوش. الوحشُ الرابِعُ كانَ رهيباً ومُخيفاً، ودمَّرَ الوُحوش الأُخرى، ولكن قبلَ هذا، خرجت منهُ عشرةُ قُرونٍ. ثُمَّ خرجَ قرنٌ واحِدٌ من بينِ العشرةِ القُرُون، وكانت لهُ عُيونٌ وفمٌ كَبير يتكلَّمُ بِعظائم.

ثانِياً، لاحظ الفعل وردَّ الفعل بينَ هذه الرموز. ثُمَّ انتَبِه للتفسير المُعطَى في النص، الذي هو التفسيرُ المُوحَى بهِ من الله لهذا النص. بعدَ هذا، إسأل الروحَ القُدُس بِروحِ الصلاة أن يُريَكَ ماذا يعنِي هذا. إسألْ: ماذا يقول، ماذا يعني، وماذا يعني لي شخصِيَّاً؟

التفسيرُ المُوحَى لحُلمِ دانيال في الإصحاحِ السابِع، يُخبِرُنا أنَّنا ننظُرُ مُجدَّداً إلى أربعةِ ممالِك. "هؤلاء الحيوانات العظيمة التي هي أربعةٌ هي أربعةُ مُلوكٍ يقومونَ على الأرض. أمَّا قِدِّيسو العَلِيّ فيأخُذُونَ المملَكَةَ ويمتَلِكُونَ المملكةَ إلى الأبد، وإلى أبدِ الآبدين." (17-18) "أما الحيوانُ الرابِعُ فتكونُ مملكةٌ رابِعةٌ على الأرض مُخالِفةٌ لسائرِ الممالِك فتأكُلُ الأرضَ كُلَّها وتدوسُها وتسحقُها." القُرونُ العشرة هي عشرُ مُلوكٍ سيخرُجونَ من هذه المملكة. "ويقومُ بعدَهُم آخرُ وهو مُخالِفٌ الأوَّلين ويُذِلُّ ثلاثةَ مُلوك. ويتكلَّمُ بكلامٍ ضِدَّ العَلِيّ ويُبلِي قِدِّيسي العَليّ. ويَظُنُّ أنَّهُ يُغَيِّرُ الأوقاتَ والسُّنَّةَ ويُسَلَّمُونَ ليَدِهِ إلى زمانٍ وأزمِنَةٍ ونِصفِ زَمان." (24-25)

في كُلِّ مرَّة ترى فيها قُروناً في الكِتابِ المقدَّس، تجدُ أنَّها تُشيرُ إلى السُّلطَة، مثل قرن الوحش الذي يقضي على وُحوشٍ آخرين. فهذه القُرونُ العشرة والقرنُ الصغيرُ الخارِجُ منها يُمثِّلُونَ قُوى ولربَّما مَمالِك. كثيرونَ يُفسِّرونَ هذه المملكة الرابِعة بأنَّها تُشيرُ إلى إعادةِ إحياء الأمبراطُوريَّة الرومانية. في رُؤيا نبوخذنصَّر، تُشيرُ ساقا الحديد، المملكة الرابِعة، إلى الأمبراطُوريَّة الرومانية. آخرونَ يقولون أنَّ هذه الرُّؤيا تُشيرُ إلى الأمبراطوريَّة الرومانيَّة التي سيُعادُ إحياؤُها في المُستقبَل. آخرونَ يقولون لا، فهذه المملكة الرابعة في الإصحاح السابع مَهُوبَةٌ ومُختَلِفةٌ عن الممالِك الباقية. فهي عظيمةٌ ومُرهِبة بمَعنى أنَّها تعبيرٌ نَبويٌّ عن غضبِ الله.

بِرأيي، لا يستطيعُ المرءُ أن يكونَ جازِماً في تفسيرِهِ لنُبُوَّات دانيال هذه. فسواءٌ فهِمنا أم لم نفهم كُلَّ التفاصيل، فهناك حقيقةٌ كُبرى نستطيعُ أن نأخُذَها من دانيال 7: إن كُنتَ واحِداً من أبناءِ الله، فأنتَ من الفريقِ الرابِح لأنَّ كُلَّ هذه الرُّؤى تنتَهي بِتَفاؤُلٍ في القِمَّة. فهي تُصوِّرُ لنا ملكوتَ الله يُسيطِرُ على كُلِّ الممالك الأُخرى، وبأنَّه ملكوتٌ أبديٌّ.

رُؤيا السَّبعين أُسبُوعاً
الصفحة
  • عدد الزيارات: 9427