Skip to main content

الفصلُ العاشِر نُبُوَّةُ دانِيال "مُؤمِنونَ مُقابِل بابِليِّين" - تَفسيرُ الأحلام

الصفحة 4 من 4: تَفسيرُ الأحلام

تَفسيرُ الأحلام

في وقتٍ مُبَكِّرٍ جِدَّاً من سبي دانيال ورِفاقِه، واجهوا تَحَدِّياً آخر. لقد حَلِمَ نبوخذنصَّر حُلماً. ولكنَّ هذا الحُلم أصابهُ بالإضطراب. فدعا حُكَماءَهُ ومُنجِّميه وسحرته وقالَ لهُم، " أخبِرُوني أولاً بما حَلِمتُ ثُمَّ فسِّروا الحُلمَ لي."

وبالطبعِ كانَ هذا مُشكِلةً كبيرةً لحُكَماءِ بابِل. قد لا يكونُ من الصعبِ جداً تفسيرَ الأحلام، ولكن القضِيَّة تبقى عمَّا إذا كانَ التفسيرُ صحيحاً. هذا ما كانَ نبوخذنصَّر يُواجِهُهُ. وعندما وضعَ نبوخذنصَّر هذا التحدِّي أمامَ حُكَمائه، ذُهِلُوا وأُصيبُوا بالهَلَع. فعندما يطلُبُ منكَ مَلِكٌ مِثل نبُوخذنَصَّر أن تعمَلَ شيئاً، عليكَ بعملِهِ وإلا جلبتَ على نفسكَ الويلَ والهَول.

فقالوا لبنوخذنصَّر، "ليسَ على الأرضِ إنسانٌ يستَطيعُ أن يُبَيِّنَ أمرَ المَلِك... وليسَ آخر يُبيِّنُهُ قُدَّامَ الملك غير الآلِهة الذين ليسَت سُكناهُم معَ البَشَر" (دانيال 2: 10، 11). فأثارَ جوابُهُم هذا غيظَ نبُوخذنصَّر، فأمرَ بقتلِ كُلِّ حُكماءِ بابِل. وكانَ هذا يشمَلُ دانيال وأصدِقائهِ لأنَّهُم أُدخِلوا الجامِعة وكانوا تلامِذةَ حُكَماءِ بابِل.

وعندما وصلَ الجلادونَ لقتلِهِم، تكلّمَ دانيالُ بِحِكمةٍ ولياقة، وسأل، "لماذا اشتدَّ أمرُ الملِكِ إلى هذا الحدّ؟" فأجابَ الجلادُ، "لقد وقعَ خِلافٌ بينَ الملِك والحُكماء. قالَ الحُكماءُ أنَّ الآلِهة لا تسكُنُ في النَّاس، ولذلكَ لن يستطيعوا أن يُخبِروا المَلِكَ بما حَلمَ."

فقالَ دانيالُ ما معناهُ، "لقد أخطأ الحُكماءُ لأنَّ اللهَ يحيا في البشرِ." فذهبَ دانيالُ لرُؤيَةِ الملك، وطلبَ منهُ أن يمنحَهُ بعضَ الوقت لكَي يُخبِرَ الملكَ بالحُلمِ وبِتفسيرِه. ثُمَّ أخبَرَ دانيال أصدِقاءَهُ الثلاثة بما فعل، فبدأوا جميعُهم يُصلُّون. وفي تِلكَ الليلة، وبينما هُم يُصلُّون أعلنَ اللهُ بِرُؤيا عجائِبيَّة لِدانيال حُلمَ نبُوخذنَصَّر، وكذلكَ أعلنَ لهُ التفسير.

فذهبَ دانيالُ إلى نبُوخذنَصَّر، فقالَ له، "أيُّها الشاب، لقد قِيلَ لي أنَّكَ أنتَ من ستُخبِرُني بالحُلم وبِتفسيرِه." فأجابَهُ دانيال، "اللهُ وحدَهُ يستطيعُ أن يفعلَ ما طلبتَ أنتَ من حُكمائِكَ أن يفعلوه، أيُّها الملك.  بهذا أخطأَ حُكَماؤُك. فهذا الإلهُ الساكِنُ في السماوات، والذي يحيا أيضاً فيَّ، هو أخبَرني بما حلِمتَهُ وأخبَرني بالتفسير." وعندما أخبَرَ دانيالُ نبُوخذنصَّر بِما حَلِمَ، ومن ثمَّ فسَّرَ لهُ الحُلم، خَرَّ نبوخذنصَّرُ على وجهِهِ أمامَ دانيال، ومن ذلكَ اليوم فصاعِداً أصبحَ يُشيرُ إلى دانيال "بالرجُل الذي يحيا فيهِ رُوحُ الله." (إصحاح 2)

إن تفسيرَ دانيال لحُلمِ الملك هو إحدى المُعجِزات الخمس في سفرِ دانيال، التي تُثبِّتُ أنَّ هُناكَ ما هُوَ خارِقٌ للطبيعة في هذا. والمُعجِزات الأربَع هي: إنقاذ أصدِقاء دانيال الثلاثة من الأتونِ المُتَّقِد (الإصحاح 3)، وإعتراف نبوخذنصَّر بالإيمان بالله (الإصحاح 4)، والكتابَةُ على الحائطِ (الإصحاح 5)، وإنقاذ دانيال من جُبِّ الأُسود (الإصحاح 6).

من خِلالِ هذه المُعجزات أظهَرَ دانيال ورِفاقُهُ أيَّ نوعٍ من الإيمان يستطيعُ أن يتحمَّلَ العيش في الصُّعوبات. لقد كانَ لديهم الإيمانُ الذي يَثِقُ بقُوَّةِ الله الخارِقة للطبيعة بِشكلٍ مُطلَق، ولقد آمنُوا بقُوَّةِ الصلاة، وآمنُوا بالعنايةِ الإلهيَّة التي وضعتُهم في بابِل.

هل تُواجِهُكَ مشاكِل وضُغوطات لا تُتَحاشَى ولا تُتَجنَّب، مما جعلَك تقِفُ أمامَ المُستَحيل؟ إن الأزمات التي واجَهَها دانيال وأصِدقاؤُهُ في بابِل هي أزماتٌ لا مَفرَّ منها ولا تُطاق، ولقد وضعتُهم أمامَ المُستَحيل. ولقد أظهَرُوا لنا كيفَ نعيشُ معَ هذا النَّوع من الأزمات، تماماً كما عاشُوا هُم أزمتَهُم في بابِل.

بينما تتأمَّلُ في هذه المُعجِزات المُدوَّنَة في سفرِ دانيال، إسألْ نفسَكَ هذه الأسئِلة: هل تُؤمِنُ مُطلَقاً بقوَّة الله الخارِقة للطبيعة؟ وهل تُؤمِنُ بِقُوَّةِ الصلاة الخارِقة للطبيعة؟ وهل تُؤمِنُ بالعنايةِ الإلهية والمقاصد الإلهية التي وضعتْكَ حيثُ أنتَ لمجدِ الله؟ هل تُؤمِنُ بهذه الأُمُور بشكلٍ مُطلَق؟

الصفحة
  • عدد الزيارات: 9264