الفصلُ الأوَّل "مُواصفاتُ نَبيّ" - حيثُ لا مُشكِلَة، لا نَبيّ
حيثُ لا مُشكِلَة، لا نَبيّ
لقد ظهَرَ الأنبِياءُ على السَّاحَةِ عندما ظهَرت المشاكِل. وبِمعنىً ما تستطيعُ القولُ أنهُ، "حيثُ لا مُشكِلة، لا نبي." وبينما تدرُسُ حياةَ ورِسالةَ كُلٍّ من الأنبياء، ينبَغي أن تطرَحَ أسئِلةً كالتالي، "ما هي المُشكِلة التي كانت تُعيقُ عملَ الله، عندما دُعيَ هذا الشخص الفريد ليكونَ نَبِيَّاً، وكيفَ أدَّت خِدمتُهُ إلى إزالَةِ المُشكِلة التي كانت تعُوقُ عملَ الله في أيَّامِهِ؟"
فمثلاً، في زمنِ النبيِّ حجِّي، الذي كانَ في زمنِ العودةِ من السبي البابِلي، كانَ عملُ اللهِ يختَصُّ بإعادةِ بِناءِ هيكلِ الله في أورشَليم. وعندما بدأَ شعبُ اللهِ ببناءِ الهيكل، كانَ عليهم أن يتحمَّلوا اضطهاداً عنيفاً. فبالرُّغمِ من كونِهم حصلوا من الملكِ الفارِسي على إذنٍ بالعودةِ من السبي وبإعادةِ بناءِ هيكلِهم، فلقد واجهوا مُقاومةً عنيفَةً عندما بدأوا بإعادةِ البناء.
وعندما بدأَ الاضطهاد، توقَّفوا عن بِناءِ الهيكَل، وانشغَلوا ببناءِ منازِلهم وبُيوتِهم الخاصَّة. واستمرَّ هذا لخمس عشرةَ سنةً، إلى أن أقامَ اللهُ النبيَّ حجِّي. وما وعظَ بهِ حجِّي عن هكيل الرب كانَ التالي، "هلِ الوقتُ لكُم أنتُم أن تسكُنوا في بُيُوتِكُم المُغشَّاة وهذا البيتُ خراب؟" (حجَّي 1: 4). لقد وعظَ حجِّي للشعبِ وحضَّهم على العودةِ إلى العملِ في بِناءِ الهيكل. ونتيجةً لوعظِ حجِّي، توقَّفُ الشعبُ عن بِناءِ بُيوتِهِم، وأعادوا ترتيبَ أولويَّاتِهم، فوضعوا اللهُ وهيكَلَهُ أوَّلاً، وبُيوتَهم ثانياً. فعادَ عملُ اللهِ إلى مسارِهِ الصحيح، واختَفَى حجِّي عن الساحة.
إنَّ رسائلَ العهدِ الجديد التي كتبها الرُّسُل وغيرُهُم، تتوازَى معَ هذا النموذَج. في العهدِ الجديد، كانَ عملُ اللهِ هو بنيانُ كنيسة المسيح. عندما كانت تظهرُ المشاكِل التي تُعيقُ عملَ الله، أقامَ اللهُ رسولاً يكتُبُ رِسالةً. فماذا كانَ الهدفُ من رِسالةِ هذا الرسول؟ إنَّ القصدَ منها هو توبيخٌ من الرسول ضدَّ المُشكِلة التي تُعيقُ عملَ بنيانِ كنيسة المسيح المُقام، إلى أن تنتَهي هذه المُشكِلة ويزولُ العائق ويُتابِعُ عملُ اللهِ تقدُّمَهُ.
إن المشاكل المُعيقة التي واجهَها الأنبياءُ هي ليست نفس المشاكل التي تُعالِجها رسائِلُ العهدِ الجديد. عندما تجمَعُ بينَ رسائِلِ الأنبِياء وأسفارِ العهدِ الجديد، يُصبِحُ لدَيكَ أربَعونَ سفراً من الكِتابِ المقدَّس التي تحتوي على توصِياتٍ عن كيفيَّةِ إزاحةِ وإزالَةِ المشاكِل التي تُعيقُ وتُعطِّلُ عملَ اللهِ في أيَّامِنا.
اللهُ يُريدُ أن يعمَلَ عمَلَهُ من خِلالِ شعبِه. وهذا يصحُّ في أيَّامِنا بمقدارِ ما كانَ يَصِحُّ في أيَّامِ الأنبِياء والرُّسُل. فعندَما تُدرِكُ بأنَّ عملَ اللهِ في عالمِكَ الذي وضعكَ اللهُ فيهِ ستراتيجيَّاً، مُعاقٌ بمُشكِلةٍ ما، وإن كانَ لديكَ الإقتناع أنَّ اللهَ لا يعمَلُ كما يُريدُ أن يعملَ، صلِّ إلى أن تكتَشِفَ ما هي المُشكِلَة التي تُعيقُ كلمةَ الله. وعندما تعرِفُ ما هي المُشكِلة التي تُعيقُ عملَ الله، إذهبْ إلى كتاباتِ الأنبياء أو الرُّسُل، واطلُبْ من الله الحكمةَ والنِّعمَةَ والشجاعة لتُطبِّقَ رسائِلَهُم على المشاكِل التي تُعيقُ تقدُّمَ عملِ اللهِ في مُحيطِكَ.
فمن خِلالِ الأنبياء والرُّسُل، سوفَ يُظهِرُ اللهُ لكَ كيفَ تُزيلُ العوائِق التي تعتَرضُ سبيلَ عملِ الله. وإن كانَ الأنبِياءُ والرُّسُل لا يتكلَّمونَ عن العوائِق التي تعتَرِضُ سبيلَ عملِ اللهِ في منطَقتِكَ من العالم، فمن المُمكِن أنَّ اللهَ يُريدُكَ أن تصرُخَ إليهِ بنفسِ الرُّوح التي صرخَ بها الرُّسُلُ والأنبِياء إليهِ، طالِباً تدخُّلَهُ لإزالَةِ هذه العوائق التي تُعيقُ عملَ اللهِ.
- عدد الزيارات: 10223