ثمر الخلاص
عدد 10:
10لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا.
-د-ثمر خلاصنا أو القصيدة الإلهية المجيدة:
"لأننا نحن عمله.... لأعمال صالحة معدّة"
"لأننا نحن عمله" –وفي اللغة الأصلية "قصيدته"- "مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها".
هذه حجة قوية, قصد الرسول أن يدعم بها حقيقة الخلاص بالنعمة, مبيناً بها أن لا فضل للإنسان في الأعمال الصالحة التي تصدر عنه, لأن الإنسان مدين لله بكيانه الروحي المطلق. وما دام أصل الشجرة ديناً, فكل ثمارها ديون مركبة. فالإله المنعم قد خلقنا خليقة جديدة, وأهلنا بحكمة وقوة لكي نعرف إرادته الصالحة وننفذها في حياتنا, وفق برنامج معين قصده الله بنا. فإذا ما أتممنا برنامجاً مرسوماً لنا, فلا فضل لنا ولا فخر, لأننا لم نرسمه لأنفسنا, لكنه مخلوق لنا ونحن له مخلوقون, ولولا حرصنا على ما للإنسان من حرية إرادة لقلنا أننا لم نرده لأنفسنا لكن الله أراده لنا وأرادنا له, قبل أن يكون لنا كيان أو إرادة. هذه هي الأعمال الصالحة التي سبق الله فأعدها لكي يسلك فيها, إذاً لم تكن لنا يد في إعداد هذا الطريق ولا في تعبيده, ولا فخر لنا في هذه الأعمال الصالحة, لأنها تصدر عن طبيعتنا المتجددة عفواً واختياراً, لا قهراً واضطراراً. فكما أن التنفس عمل طبيعي تأتيه الرئتان السليمتان, وكما أن الهضم عمل طبيعي تقوم به المعدة السليمة, كذلك تعتبر هذه الأعمال الصالحة من مستلزمات الطبيعة المتجددة "المخلوقة في الله حسب البر وقداسة الحق". فإذا كنا نحسب يوماً أننا أتينا هذه الأعمال لله, فإننا قد أتيناها أيضاً بالله ومن الله. فإذا ذكرنا "أعمالنا" فلا ننسَ "عمله" الذي هو "نحن وأعمالنا".
ويهمنا أن نذكر أننا وإن كنا لم نخلص بسبب هذه الأعمال الصالحة, إلا أننا قد خلصنا لها, فهي ليست علة خلاصنا, لكنها ثمرة خلاصنا.
وجميل بنا أن نلاحظ أن الكلمة التي تُرجمت من الأصل اليوناني إلى: "عمله" قد تترجم حرفياً إلى: "قصيدته" –شعره. هذه حقيقة ممتازة تدعو إلى شكر الله وحمده. لأنها تعلمنا ضمناً, إننا تعبير جميل عن إرادته الصالحة, وأفكاره الجميلة, وتصوراته القدسية –لأننا "قصيدته". فإذا كانت ملائكة السماء قد ترنمت وقت الخليقة الأولى, فإن الله نفسه قد فرح مترنماً عندما خلقنا الخليقة الجديدة "فيالعمق غنى الله, وحكمته وعلمه! ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء لأنه من عرف فكر الرب أو من صار له مشيراً. أو من سبق فأعطاه ليكافأ لأن منه وبه وله كل الأشياء. له المجد إلى الأبد. آمين".
هذه ثالث مرة وردت فيها العبارة: "في المسيح يسوع" في خلال الخمسة الأعداد الفائتة. فالله قد أقامنا وأحيانا "في المسيح يسوع", ليظهر غنى نعمته الفائق باللطف علينا "في المسيح يسوع", لأننا نحن عمله مخلوقين "في المسيح يسوع".
- عدد الزيارات: 5023