نظارات إبليس
بعدما تأملنا بالأشياء التي تعيق عين النفس عن رؤية الرب وبالطريقة التي بها يزيل الرب العائق، نريد أن ننظر في التحذيرات الضرورية للمؤمنين من لبس النظارات التي يقدمها إبليس. هل تعلم أيها القارئ العزيز أن الشيطان عنده مصنع شهير لصنع أنواع من النظارات لخداع من يلبسها لكي يجعله بواسطتها يرى الأشياء كما يريده هذا العدو أن يراها.
وأول نظارة التي ألبسها إبليس لأمنا حواء وجعلها ترى بعينها الثمرة الممنوع الأكل منها كأنها أجمل وأشهى من كل الأنواع في الجنة. فأخذت وأكلت مع آدم وكانت التجربة السقوط في المعصية.
ألا يزال الشيطان على هذا الشكل يحلي لعين الإنسان الأشياء الممنوعة بقصد أن يصطاده بفخه بواسطة نظارات مشتهيات الجسد؟
والكتاب يحدثنا عن داود النبي عندما ارتكب خطيته الشنيعة مع بثشع، مما يؤكد لنا أن إبليس ألبسه نظاراته وجعل امرأة جنديه الأمين أوريا أجمل بنظره من العشرات من نسائه المعدودات الجميلات.
قد تكون امرأة حسنة المنظر، ولكن الشيطان يلبسه نظارة الشهوة الأثيمة لارتكابه الخطية مع امرأة أخرى يحليها إبليس بنظرة مع أنها لا تكون أجمل امرأته. وكما بفعل إبليس مثل هذا بالرجل يفعله بالمرأة حينما تلبس نظارات الشهوة الرديئة.
ومن أنواع نظارات إبليس تلك التي للحسد. وأينما رأينا واحداً تتحرق نفسه في داخله كآكلة بشعور شرير فيشتهي ما يتمتع به سواه من الناس نعلم أن هنالك نظارات إبليس قد لبسها الحسود.
ومن أنواع النظارات ما هو للكبرياء. وما أكثر الأشخاص اللابسين أمثال هذه النظارات فيتعاظمون ويمجدون ذواتهم ويحتقرون سواهم. أليست نظارة الكبرياء هي التي أغوت آدم وحواء ليكونا مثل الله؟ ألم يلبس الفريسي نظارات الكبرياء حينما نظر باحتقار إلى العشار؟ والوحي يندد بالكبرياء المكروهة عند الرب، ففي (أمثال17:6) يقول ظان العيون المتعالية يكرهها الرب. وخوفاً من الوقوع بهذه الخطية يدعونا الرب للتمثل به في التواضع والوداعة. وكما أنه رفض أن يلبس النظارات من إبليس عند التجربة حينما أراد أن يغريه بالنظر إلى ممالك العالم ومجدها، هكذا يريدنا أن نحذر من غرور الدنيا وأن نجعل أنظارنا تتجه إليه في الأمجاد السماوية فنطلب ما فوق ونهتم بما فوق (كولوسي1:3و2).
ومن أنواع النظارات أيضاً ما هي للتعصب الأعمى الذميم، إذ أن المتعصب المتزمت ينظر إلى نظرة الاحتقار والمذمة لمن لا يتفق معه على مبدئه ومعتقده. ومن هذا النوع نظارات التحزبات الجنسية والطائفية. والواقع يرينا ما هو حاصل في أماكن كثيرة بسبب قضايا الألوان، حيث ينظر الأبيض للأسود أو للأصفر، أو حيث ينظر الغربي للشرقي نظرة الترفع، لأنه ليس من لونه أو من بلاده. ومن أنواعها تلك التي تغري الإنسان حينما ينظر على الأشياء المعروضة في سوق هذا العالم المغري الذي سماه كاتب سياحة المسيحي ((سوق الأباطيل)) فينجذب الإنسان للحصول عليها لإشباع نهم مشتهيات جسده.
حقاً أنه يوجد أشياء كثيرة تضطر المؤمن أن يفكر بقول الرب في (متى29:5) ((إن كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها)). ربما يقول البعض: أن في هذا القول فيه مبالغة، ولكن الحقيقة أنه ينطبق حرفياً، إذ أنه حينما تصاب العين، أو أي عضو آخر في الجسم بمرض خطر، يضطر الشخص أن ينزع ذلك العضو خوفاً أن تنتج الخسارة لبقية الأعضاء في الجسد. وهكذا بالمعنى الروحي نحتاج أن نتأمل بالخسارة الكبرى في الحياة إذا سمحنا للعضو فينا أن يعثرنا.
- عدد الزيارات: 4599