Skip to main content

الفصل الرابع: المسيحية وتكييف الدوافع - دافع البحث عن الطعام

الصفحة 3 من 4: دافع البحث عن الطعام

دافع البحث عن الطعام:

الطعام.. الطعام... مَن مِنَ البشر يقدر أن يحيا بغير الطعام؟! كلنا يبحث عن الطعام، ويأكل ليعيش، ولكن كثيرين من الناس انحرف فيهم هذا الدافع، فصار شعارهم "لنأكل ونشرب لأننا غداً نموت"، فهل يمكن أن نجد في المسيحية ما يساعد المرء على تكييف هذا الدافع القوي؟ أجل إن المسيحية تقدم لك هذه الخطوات:

أولاً- اشكر على كل طعام يقدم لك، فالشكر يجعل الطعام لذيذاً:

حين كان سيدنا على الأرض، كان يشكر قبل أن يأكل، وكان بهذا يعطينا درساً في شكر الله على عطاياه، والشكر يضفي على "الشاكر" شعوراً تلقائياً بالرضا عن ما أمامه، فيأكل و هو يشعر بلذة الطعام ويقول بولس لتلميذه تيموثاوس "لأن كل خليقة الله جيدة ولا يرفض شيء. إذا أخذ مع الشكر. لأنه يقدس كلمة الله والصلاة" 1 تي 4: 4 فاشكر الله على كل طعام يقدم لك، وثق أنك ستجد طعمه لذيذاً في فمك، فلذة الطعام في الرضا به والاقتناع بكفايته.

ثانياً- تيقن من رضا الله على ما تأكله:

وضع الكتاب المقدس قوانين واضحة للتيقن من رضا الله على ما نأكله.

وأول قانون هو ما ذكره بولس الرسول لأهل كورنثوس "فإذا أنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئاً فافعلوا كل شيء لمجد الله" 1 كو 10: 31 فسل نفسك قبل الطعام، هل مواد هذا الطعام لمجد الله؟ هل هي لصحة جسدي وروحي ونفسي؟ أم لملذاتي وإثارة شهواتي؟!

القانون الثاني نجده في رسالة كولوسي "وكل ما عملتم بقول أو فعل فاعملوا الكل باسم الرب يسوع شاكرين الله والآب به" كو 17: 3 فهل ما تأكله تقدر أن تأكله باسم الرب يسوع؟ هل يرضى يسوع له المجد أن يشاركك مواد طعامك؟

القانون الثالث نجده في رسالة كورنثوس الأولى "أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله وأنكم لستم لأنفسكم لأنكم قد اشتريتم بثمن. فمجدوا لله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي الله" 1 كو 6: 19 و 20 فهل أنت متيقن أنك لست ملكاً لذاتك؟ وهل ترفض أي طعام أو شراب يضر جسدك لأنه هيكل الروح القدس؟!

نقرأ عن دانيال هذه الكلمات "أما دانيال فجعل في قلبه أنه لا يتنجس بأطايب الملك ولا بخمر مشروبه فطلب من رئيس الخصيان أن لا يتنجس" دا 1: 8 لقد كانت المائدة الملكية بابل تحمل الأطايب وكؤوس الخمر، ولكن دانيال أدرك أنه هذا الطعام الفاخر ليس لمجد الله، وأنه لا يمكن أن يتناوله وهو واثق من ملكية الله له، فطلب من رئيس الخصيان أن لا يتنجس.

واسمع رجاءه لرئيس السقاة "فقال دانيال لرئيس السقاة: جرب عبيدك عشرة أيام فليعطونا القطاني لنأكل وماء لنشرب ولينظروا إلى مناظرنا أمامك وإلى مناظر الفتيان الذين يأكلون من أطايب الملك ثم اصنع بعبيدك كما ترى" دا 1: 11- 13.

وماذا حدث بعد الأيام العشرة؟ "وعند نهاية العشرة الأيام ظهرت مناظرهم أحسن وأسمن لحماً من كل الفتيان الآكلين من أطايب الملك. فكان رئيس السقاة يرفع أطايبهم وخمر مشروبهم ويعطيهم قطانى" [ويراد بالقطانى عند علماء العرب جميع الحبوب التي تطبخ كالعدس والفول واللوبيا والحمص] دا 1: 15 و16.

فقبل أن تأكل طعاماً تيقن من رضا الله على ما تأكله، وثق أن بالجسم قدرة على تحويل الأطعمة التي تصل إلى معدتك إلى العناصر التي يحتاجها، وأن العبرة في راحة الضمير والإحساس برضا الله القدير. ودرب نفسك على الاكتفاء والقناعة كما تدرب بولس الرسول فكتب قائلاً "فإني قد تعلمت أن أكون مكتفياً بما أنا فيه. أعرف أن أتضع وأعرف أيضاً أن أستفضل في كل شيء وفي جميع الأشياء قد تدربت أن أشبع وأن أجوع وأن أستفضل وأن أنقص. أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" في 4: 11- 13.

فلو دربت نفسك على الاكتفاء والقناعة، صار طعامك كيفما كان نوعه لذيذاً في فمك، حلواً في مذاقك، إن هذا التدريب سيمتعك بالسعادة الداخلية سعادة الرضى والاكتفاء والقناعة.

ثالثاً- لا تجعل الطعام هدفاً لحياتك:

 إذا أكلت لتعيش فستحيا سعيداً، أما إذا عشت لتأكل فما أشقاك... إنك ستصبح شرهاً لا تشبع ولا ترتوي.

وهنا لا بد من كلمة عن "الصوم" فمن الضروري أن نتعلم السيطرة على دافع البحث عن الطعام، عن طريق الانقطاع عن الطعام للتفرغ لما هو أسمى من الطعام لدراسة كلمة الله والصلاة ، فهناك حقيقة هامة نسيها الكثيرون وذكرها ربنا له المجد هي أنه "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" مت 4: 4.

فيجب أن تكرس أياماً بينك وبين إلهك في كل أسبوع أو في كل شهر لتنقطع عن الطعام في ذلك اليوم، وتبقى مع الرب لتشبع به ومع كلمته لتحيا وتتغذى بها. ولقد كان بولس الرسول كثير الصوم وهو يكتب عن هذا قائلاً "في أصوام مراراً كثيرة" 1 كو 11: 27.

لقد صام ربنا في البرية، انقطع كلية عن الطعام، تاركاً لنا مثالاً لنتبع خطواته، فلنتعلم في مدرسته، ولنكيف دافع البحث عن الطعام وفق مشيئته.

الدافع الاجتماعي
الصفحة
  • عدد الزيارات: 18475