الطبيب الأعظم
".... أنا الرب شافيك " (خر 15 : 26)
" فأحضروا له جميع السقماء .... فشفاهم" (مت 4 : 23)
"لايحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى " (مت 9 : 12)
مهما كان الإنسان حريصاً على صحته فهو معرض لأن يقاسي من الأمراض. وسيان إن كان المرض بسبب خطأ من المريض أو بدون خطأ، فهو محتاج إلى المعونة من طبيب مقتدر.
وهذا هو الحال أيضاً في المجال الروحي " لأننا في أشياء كثيرة نعثر جميعنا" (يع 3 : 2). وقال الملك سليمان "لأنه لا إنسان صديق في الأرض يعمل صلاحاً ولا يخطئ" (جامعة 7: 20). والرسول يوحنا يقول "إن قلنا إنه ليس لنا خطية نضل أنفسنا" ثم يضيف قائلاً "إن قلنا إننا لم نخطئ نجعله كاذباً" (1يو1 : 8، 10)
ولا اعتقد أن أياً منا يعترض على هذه الحقيقة كما إني واثق أننا جميعاً سعداء بأن الرب يسوع المسيح هو طبيبنا العظيم. فنحن نذكر كيف أنه "جال يصنع خيراً ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس" (أع 10 : 38).
وقال للذين اعترضوا عليه إنه إنما جاء من أجل هؤلاء الخطاة لأن "الأصحاء" ليسوا في حاجة إلى طبيب بل المرضى (مت 9: 12). إن عودته العجيبة موجهة إلى "جميع المُتعبين والثقيلي الأحمال" (مت 11 : 28) وعيادته مفتوحة طوال الأربعة والعشرين ساعة يومياً، ولا يلزم الحجز مقدماً، إذ على بابه توجد باستمرار لافتة كبيرة تقول "مرحباً: تفضل بالدخول".
جميع الخدمات مجانية، بلا مقابل لأن الأتعاب قد دُفعت مقدماً بواسطته. وهو لن يحولك إلى أخصائي أخر لأنه هو الطبيب العام الأخصائي القدير في الوقت نفسه.
بعض الأطباء عندهم مواساة ورأفة، والبعض الآخر أقرب إلى رجال الأعمال، وهناك طبيب ودود وأخر متهجم إلى حد ما، بعضهم لطيف رقيق والبعض الآخر ليس كذلك. أما بالنسبة لطبيبنا فإن "حلقه حلاوة وكله مشتهيات" (نشيد 5 : 16) وهو رؤوف جداً "كما يترآف الأب على البنين يترآف الرب ... " مز 103 : 13
"إذ قد احب خاصته الذين في العالم، وأحبهم إلى المنتهى" (يو 13 : 1).
لا شيء مطلقاً يقدر أن يفصلنا عن محبة اله التي في المسيح يسوع ربنا (رو 8 : 39). وفوق كل ذلك فطبيبنا يظل يتابع الحالة إلى النهاية، وفي كل الأحوال ليضمن لنا الشفاء بنسبة مائة بالمائة ولكن ... له بعض الشروط:
أولاً: يجب على المريض أن يكون أميناً تماماً ويعترف بكل شيء. قال أحد مرضاه " إن راعيت إثماً في قلبي لا يستمع لي الرب" (مز 66 : 18). وفي الواقع لا معنى لمحاولة إخفاء أي شيء على الرب، لأنه طبعاً يعرف الأمر كله بخفاياه مسبقاً. إذا لماذا يجب علينا أن نعترف إذا كان هو يعلم كل شيء؟ الإجابة في غاية البساطة: إذا كان سيعالجنا ويشفينا رغم وجود خطية غير مُعترف بها، فسيقودنا هذا لأن نعتبر خطايانا وكأنه لا ضرر منها وبالتالي سوف تنعكس بنفس الداء مرة ثانية.
ثانياً: يجب أن نكون مستعدين لأخذ الدواء وإتباع التعليمات بكل حرص. أحياناً يكون الدواء غير مستساغ ولكن بعد تناوله سنفرح لأننا تجرعناه، فمثلاً قد يكون العلاج أن أذهب إلى أحد أخوتي واعتذر له وأرجوه أن يسامحني، وطبعاً هذا دواء مر المذاق على الطبيعة البشرية. ولكن إن لم أنفذ ذلك، فلن اتمتع بالصحة الروحية التي أرجوها، وإذا تماديت في إصراري سوف يستفحل مرضي وأصبح عديم الفائدة في عمل الرب.
وأحياناً أخرى قد يقرر طبيبي إجراء جراحة لازمة. وهذا طبعاً شيء نكرهه بل ونخافه جداً. ولكن لا تنزعج فنسبة نجاح العملية مائة بالمائة. لأنه لم ولن يفقد حالة واحدة. وفي الواقع نحن بالنسبة له لسنا مجرد (حالات) ولكننا "أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه" (أف 5 : 3).
هذا الطبيب العجيب العظيم قد يسمح بأن نذرف الدموع ... هي مزيج من دموع الفرح والأسى في آن معاً. ولكننا سنكون دائما سعداء في النهاية.
والشيطان الذي يكره أن يراك في صحة جيدة سيحاول دائماً أن يغريك بالتصرف في مشاكلك بنفسك دون الذهاب إلى الطبيب العظيم. وهذا يعني – بكلمات بسيطة – أن تسير في طريقك بدون الصلاة. فالاتصال بطبيبنا العجيب والعظيم هو عن طريق الصلاة من جهة وقراءة كلمة الله بروح الصلاة من الجهة الأخرى.
فبالصلاة نحن نكلمه وهو بالكلمة يتحدث إلينا. ونحن نذكر عند حديثنا عن سلاح الله الكامل أننا رأينا الدور الهام لكلمة الله التي هي سيف الروح. والآن تخيل جندياً مسلحاً بأحسن الأسلحة وأحدثها، يرسل هذا الجندي إلى ساحة القتال ثم تقطع عنه جميع الاتصالات! هذا هو حالنا تماماً بدون صلاة. ولذلك فالقطعة السابعة في سلاح الله والتي تلي سيف الروح الذي هو كلمة الله مباشرة هي الصلاة " مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت بكل مواظبة" (أف 6 : 18).
إذا كان الاتصال لازماً للجندي ليعرف التعليمات الصحيحة، فنحن كذلك في حالة ماسة إليه. وكما أن الجندي محتاج أن يكون على علم بكيفية التصرف في الطوارئ، وعلى دراسة بالإسعافات اللازمة، هكذا نحن أيضاً. وشكراً لله لأنه دائماً موجود ويعطينا عوناً في حينه. عنده أسرع نظام إسعاف وشعاره "قبلما يدعون أنا أجيب" (أشعياء 65 : 24). الصلاة لغير المخلصين عبء ثقيل أو على أحسن الظروف أمر روتيني. ولكن بالنسبة لأولاد الله، فالصلاة ليست فقط ضرورة بل فرحاً وامتيازاً عظيمين.
- عدد الزيارات: 6877