تذليل الصعوبات - إطلاع الآخرين على ما يجري
إطلاع الآخرين على ما يجري
هناك ناحية يلقى القائد فيها الكثير من الصعوبات، وهي عندما يفترض أن الجميع يعرفون كل إنسان يعرف لماذا يفعل القائد هذا الشيء أو ذاك. لقد مرّ موسى بهذه الصعوبة. فقد "ظنّ أن إخوته يفهمون أن الله على يده يعطيهم نجاة" (انظر أعمال 7: 25)، "وأما هم فلم يفهموا". لهذا يتعلم القائد أن يبقي خطوط الاتصالات مفتوحة مع الذين يعمل معهم، ويظلّ يُطلعهم على ما يجري، لأنه إذا لم يفعل ذلك يتعرّض للوقوع في الكارثة.
نرى هذا واضحاً في تاريخ بني إسرائيل ولا سيما في سفر يشوع. ففي يشوع 22 قصة السبطين ونصف وكيف دعاهم يشوع ليعودوا إلى عائلاتهم شرقي النهر بعد أن ساعدوا باقي الأسباط في الحرب وإحراز النصر. لكن هؤلاء في عودتهم مرّوا بنهر الأردن، فبنوا هناك "مذبحاً على الأردن، مذبحاً عظيم المنظر" (يشوع 22: 10). بلغ الخبر سائر الأسباط فاجتمعوا في شيلوه لكي يصعدوا ويحاربوا إخوانهم في عبر الأردن، أي بني رأوبين وبني جاد ونصف سبط منسّى. ذلك أن بني إسرائيل اعتقدوا أن بناء ذلك المذبح عند النهر هو من قبيل التحدّي كما أنه تمرّد على الرب. إذ لا يجوز الاستقلال ببناء مذبح خاص غير مذبح الرب الذي هو أمام خيمة الاجتماع في شيلوه. لقد اعتبر بنو إسرائيل بناء مذبح خاص في موضع آخر هو انحراف عن عبادة الرب إلى الوثنية.
لكن بني إسرائيل أرسلوا أولاً لجنة لتتقصى الحقائق قبل التورّط في عمل خطير. فتبيّن بعد أن سمعت اللجنة تفسير السبطين ونصف أن بناء ذلك المذبح لم يكن بقصد التحدي ولا هو انحراف إلى الوثنية. لقد قالوا أنهم بنوا المذبح "لا للمحرقة ولا للذبيحة، بل ليكون هو شاهد بيننا وبينكم وبين أجيالنا بعدنا لكي نخدم خدمة الرب أمامه بمحرقاتنا وذبائحنا وذبائح سلامتنا. ولا يقول بنوكم غداً لبنينا ليس لكم قسم في الرب" (يشوع 22: 26- 27).
وعندما سمعت اللجنة ذلك التفسير اقتنعوا وانفضّ الخلاف. (يشوع 22: 30). لقد تفادوا من الكارثة. لكن لاحظ ماذا جرى. إن التسرّع في الظن الخاطئ أدّى إلى اتهام لا لزوم له وقد أدى بدوره إلى غضب وتفرقة، بل كان من الممكن أن تشتعل الحرب. إن على القائد اتخاذ كل ما من شأنه أن يمنع الوصول إلى موقف كهذا، وذلك بأن يُطلع المختصّين على ما يجري. فالخطط التي توضع سراً تواجه دائماً ردّ فعل سلبي. إن بذل الجهد إيجابياً لإطلاع الناس على ما يجري، وإيضاح سبب ذلك، ينجح في أغلب الأحيان في صدّ تيار الإشاعات.
يتَّفق معظم القادة على أن إطلاع الناس باستمرار أمرٌ ضروريّ، ولكن ذلك لا يخلو من صعوبة. إن التعقيد الزائد في أمور الإنقسام والاختلاف يجيء غالباً من مصدر واحد هو الشيطان. إن أهم أدواته التي يستخدمها لإنزال الفوضى في برنامج الكنيسة، وإيقاف سير الإنجيل هو زرع الفتنة وجعل المؤمنين يتقاتلون فيما بينهم. لذلك يجب أن يبذل القائد كل جهد للاحتفاظ بجوّ من المحبة والسلام التناغم بين الذين يعمل معهم. إن هذا يكلّف جهداً "بكل تواضع ووداعة، وبطول أناة، محتملين بعضكم بعضاً في المحبة، مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام" (أفسس 4: 2- 3).
إن مما يساعد كثيراً في عمل القائد كتابته تقريراً شخصياً موجّهاً إلى الأخوة أو رسالة أخبار دورية. كما يساعد أيضاً لو طلب مشورتهم وأطلعهم على قراراته. فهو أولاً يحتاج إلى كل مساعدة يستطيع الحصول عليها، وثانياً يصبح الناس عالمين بما يجري وأنهم يساهمون في العمل مساهمة فعّالة. إن هذا يزيد المعنويات ويقلّل من سوء التفاهم. إن على القائد ألا يتخلى عن هذا الواجب. إن عليه أن يواجه المسؤولية فيقدّم المعلومات ويبقي خطوط الاتصال مفتوحة. وعلى الرغم مما في هذا العمل من مشقّة وما يسبّبه أحياناً من مضايقات فإن القائد سوف يكون مسروراً لقيامه به.
- عدد الزيارات: 13297