آخر الأيام
نحن نعيش في آخر الأيام ونقترب من نهاية تدبير النعمة الحاضر. وهناك انحدار عام في كافة المستويات. والبعض منا وهم أكبر سناً وجدوا هذا التعبير الرهيب في حياتنا اليومية. والبعض من الصغار لديهم الفكرة بأن الانحلال الأدبي الحاضر هو حادث دائماً كما هو اليوم. ولكن ليس الأمر هكذا تماماً. وأنا لا أقول أن هذه الأشياء لم تكن من قبل ولكن كان هناك قياس للرأي العام ضد هذه الأشياء وكان يُنظر إلى هؤلاء الذين يفعلون تلك الشرور بأنهم في عار أما الآن فصارت السينما مقبولة وأصبح هبوط المستوى الأدبي منظور إليه أنه إشارة للافتخار، وأصبح فناني وفنانات السينما منظوراً إليهم من دوائر المجتمع أنهم أبطال حتى في مستوى حياتهم. يا أعزائي الشباب إن مستوى قداسة الله لا يتغير مطلقاً. إن الثالوث الإلهي القدوس الذي لا يتهاون في الخطية. ليتنا لا نخفض بل نحفظ المستوى كما وضعه الله وبذلك فلن نخطئ. وكلما طال بنا البقاء في هذا المشهد كلما ازدادت الصعوبة للتمسك بحكم الله في هذه المسائل. وسيبقى الله متكلماً بهيبته وسلطانه الذي يعرف النهاية من البداية، وكلمته "اهربوا من هذه".
نعود إلى خروج 20: 15 وهي الوصية الثامنة "لا تسرق" ولنرجع إلى (أفسس 4: 28) "لا يسرق السارق فيما بعد بل بالحري يتعب عاملاً الصالح بيديه ليكون له أن يعطي من له احتياج". والسرقة مدانة في التدبير المسيحي كما كانت في اليهودية. كانت الكنيسة في أفسس قد قَبِلت أسمى الإعلانات عن الحق التي أعطاها الله للكنيسة، ولذلك كان يلزم وجود حالة أدبية تتوافق مع كونهم مُستَودَعين لمثل هذا الحق العجيب. وبعد أن أجلسوا في السماويات في المسيح يسوع فإن الله يتنازل إلى مستواهم المتداني في الجسد ليتكلم إليهم عن السرقة. هذا هو الإنسان! والناموس يتوقف عند نقطة مجرد التحريم "لا تسرق". أما المسيحية فتتجاوز ذلك لتقول أنه علينا أن نعمل ونعمل الصالح لنعطي من له احتياج. يا له من أمر جميل! ولكن لاحظ معي إنه يعمل الصالح. إن مجرد أن تعمل وتحيا بأمانة لا يكفي، ولكن هل تعمل الشيء الصالح- الشيء الذي ينال مصادقة الله؟ كنا نعرف أخاً في المسيح من سنوات عديدة وهو الآن مع الرب. عندما تجدد كان قبلاً ساقياً للخمور في إحدى الحانات وبعد ذلك عمل بأمانة في هذا المجال ولكنه شعر بعد وقت أنه لا يعمل الشيء الصالح ولذلك بحث عن عمل آخر ووجد. ألا نسرق- هذا أمر سلبي ولكن علينا أن نعمل الصالح لماذا؟ لكي نعطي- وهذه هي المسيحية. أنت تعرف أن الكتاب يتكلم عن الفقراء القديسين. ليتنا نعي هذا جيداً لنتم مشيئة الله.
نأتي إلى الوصية التاسعة في (خروج 20: 16) "لا تشهد على قريبك شهادة زور". وما يوافق هذا في (أفسس 4: 25) "لذلك اطرحوا عنكم الكذب وتكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه". ولاحظ أيضاً في (رومية 13: 9و10) "لا تشهد بالزور.. المحبة لا تصنع شراً للقريب. فالمحبة هي تكميل الناموس". وما هو مطلوب من المسيحي في هذا الأمر هو بعينه ما كان في الناموس بل يتجاوز مطاليبه لكي يصنع المحبة بالقريب.
والوصية الأخيرة في (خروج 20: 17) "لا تشته بيت قريبك. لا تشته امرأة قريبك.. ولا شيئاً مما لقريبك". وفي (عبرانيين13: 5) "لتكن سيرتكم خالية من حب المال كونوا مكتفين بما عندكم لأنه قال لا أهملك ولا أتركك". إن هذه هي إحدى الوصايا العشر التي قتلت الرسول بولس. وقد بدأ أنه كان قادراً أن يحفظ الوصايا التسع الأخرى ولكنه اعترف في (رومية 7: 7) "لأني لم أعرف الشهوة لو لم يقل الناموس لا تشتهِ.. لأن الخطية وهي متخذة فرصة بالوصية خدعتني بها وقتلتني". لقد اكتشف بولس ما نحن نكتشفه جميعاً أن الطبيعة بها الشهوة مثل التنفس، ومع ذلك فإن الحق المعلن بالمسيحية يدين الشهوة بما لا يقل صراحة عما قاله الناموس. ويا للأسف من مشاهد مأسوية إذ نرى قديسي الله يضحون بكل شيء من أجل العالم. إن الشهوة هي الأنانية.
"كونوا مكتفين بما عندكم"- إنها لا تعني أنك إذا كنت تعيش في الحاضر فقيراً فستعيش كذلك دائماً في فقر. كلا بل إن هذا التحريض معناه أن نخضع للظروف المحيطة بنا وأن نرضى بها حتى يرى الله الوقت المناسب لتغييرها. وبمعنى آخر بألا نشعر دائماً بالأسى على أنفسنا لأن الأمور لا تسير وفق ما نريد نحن. لا تئن ولا تشتكي بل كن راضياً فإذا سُرّ الله أن يُحسّن ظروفك الحاضرة فاشكره "وأما التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة. لأننا لم ندخل العالم بشيء وواضح أننا لا نقدر أن نخرج منه بشيء. فإن كان لنا قوت وكسوة فلنكتف بهما. وأما الذين يريدون أن يكونون أغنياء فيسقطون في تجربة وفخ وشهوات كثيرة غبية ومُضرة تُغرّق الناس في العطب والهلاك لأن محبة المال أصل لكل الشرور الذي إذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة. وأما أنت يا إنسان الله فاهرب من هذا" (1تي 6: 6-11). إن كلمة الله هي حق فعلاً! ألا نرى جميعنا فيما قاله بولس وما يتأكد لنا في حياة القديسين؟ فأحياناً يشعر شبابنا أنه يجب أن يحتفظوا بمستوى معيشة معين يروه في حياة الآخرين. وهكذا تدفعهم الشهوة من شيء إلى آخر. والحقيقة بأننا نعيش في عصر أكثر ازدهاراً وعالم يدفعنا إلى أن يحرك الرغبة فينا لنمتلك أكثر. فكلما امتلكنا أكثر تولدت فينا الرغبة للازدياد وهكذا بلا توقف. ولكن كم يختلف روح المسيح عن ذلك إنه روح العطاء وليس الأخذ! وكذلك يعلمنا "مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ". أنا لا أقول أنه علينا جميعاً أن نعطي كل شيء كل ما نمتلك. فقد كان هناك شخص واحد في الكتاب خاطبه الرب بهذه النصيحة وهو الرئيس الغني في (لوقا 18) ولكن الرب قال له هذا لكي يعرف هذا الشاب ويتحقق من أن الآفة المهلكة التي تدمر نفسه هي الشهوة والطمع. يا إخوتي ليست ممتلكات العالم هي سر السعادة بل إن السعادة هي حالة النفس عندما تتمتع بالمسيح بشخصه وبعلمه فهذا يحفظ القلب في راحة وفي سلام.
- عدد الزيارات: 4902