Skip to main content

الخروج الأول: انسحاب مجد الرب من وسط المحلة في حوريب - التجربة الثانية: إعطاء الناموس ممزوجاً بشيء من النعمة والرحمة

الصفحة 2 من 2: التجربة الثانية: إعطاء الناموس ممزوجاً بشيء من النعمة والرحمة

التجربة الثانية: إعطاء الناموس ممزوجاً بشيء من النعمة والرحمة

ظاهر أن تلك التجربة الأولى انتهت بقضاء إلهي. لكن الله مع القضاء استعمل الرأفة. وهو، في مطلق سلطانه يستطيع أن يفعل ذلك، "أترأف على من أترأف وأرحم من أرحم". ويستأنف الله معهم السير، ويعطيهم للمرة الثانية الناموس لكنه في هذه المرة يصحبه بإعلان جديد مختلف عن كل ما سبق. إنه يُقرنه بالرحمة ويعلن، وهو يمر قدام موسى، هذا التصريح عن اسمه يهوه "الرب، الرب إله رحيم ورؤوف، بطيء الغضب، وكثير الإحسان والوفاء، حافظ الإحسان إلى ألوف. غافر الإثم والمعصية والخطية ولكنه لن يبرئ إبراءً" (خروج 34: 6و 7).

إنه للمرة الثانية يعطيهم الناموس لكن مصحوباً بإعلان عن صلاحه وصبره وغفرانه الإثم والخطية. والناموس، في هذه المرة الثانية، لم يزل ناموساً كما أنهم هم مازالوا تحت المسئولية لأن يحفظوه. لكن الله الآن عتيد أن يمارس طول أناته وغفرانه الإثم والمعصية والخطية. وفي نفس الوقت لا يبرئ المذنب إبراءً.

كان إعطاء الناموس في التجربة الأولى لأجل امتحان الإنسان فيما إذا كان يتقي الله أو يكفر به. لكن ثبت أن الإنسان في حالته الراهنة كافر بالله. وكان إعطاء الناموس أيضاً في المرة الثانية لأجل امتحان الإنسان (الإنسان بصفة عامة وليس فقط إسرائيل) فيما إذا كان يستطيع- بكل المعونات التي يقدمها له الله أن يُصلح من حاله.فلم يزل الناموس عنده لكي يحفظه والله من جانبه يعطيه فرصة كافية ومعونة لكي يحاول من جديد. وهذا ما يقوله حزقيال النبي "عند رجوع الشرير عن شره وعند عمله بالعدل والحق فإنه يحيا بهما نفسه" (حزقيال33: 29). ونحن نلاحظ أنه عند إعطاء الناموس في المرة الأولى لم يذكر شيء عن خلاص النفس بالمرة لأن الخلاص لم يكن الهدف فلم تقال كلمة عنه. لكن في المرة الثانية إذا كان الإنسان شريراً- وقد ثبت شره، فها هي رحمة الله من نحوه، ها هو صوت الله يقول له: إن رجعت عن شرك وفعلت الصالح والمستقيم فإنك تُحيي نفسك- بمعنى أن الله يمحو الصفحة الملطخة من حياته، ويعطيه أن يقلب صفحة جديدة نظيفة. ولنلاحظ أنه في هذه الحالة إذا هو قلب صفحة جديدة عليه أن يحفظها نظيفة أيضاً وهذا معنى قوله "وفعلت الصالح والمستقيم". والناموس يرشد إلى هذا الصلاح وإلى تلك الاستقامة.

لكن بكل أسف كان هذا مستحيلاً في المرة الثانية كما كان مستحيلاً في المرة الأولى. كان مستحيلاً تماماً أن يجد الإنسان هذه الصفحة الجديدة النظيفة المطلوبة. الله يرفض الصفحة الملطخة والإنسان يعجز عن إيجاد الصفحة النظيفة. وكان الامتحان الثاني برهاناً على أن الإنسان بلا قوة. فهو أثيم كافر بالله وهو بلا قوة أيضاً. وهذان هما الوجهان لحالة الإنسان الساقطة- الوجهان اللذان أظهرهما إعطاء الناموس في المرتين.

الصفحة
  • عدد الزيارات: 7314