خامساً: جنة منعشة
وأخيراً فإن الرب يريد أن تكون جنته مصدر إنعاش للعالم المحيط بها. إذ تتفجر منها مياه حية. ولذلك يقول الرب عن المؤمن الذي يسكن فيه الروح القدس، باعتباره مصدراً للبركة في عالم يحتاج إليها. فيقول "تخرج من بطنه أنهار ماء حي" (يوحنا7: 38و39).
ولذلك نتعلم من نشيد الإنشاد أن الرب امتلك قلوبنا بسرور باعتبارها جنة مسرات لنفسه. أنه يقف على باب قلوبنا ويقرع. لأنه يرغب أن يأتي ويسكن داخلها. فإذا وجدنا متباطئين في دعوته لذلك، فإنه يقول، كما يقول عريس النشيد "استيقظي يا ريح الشمال وتعالي يا ريح الجنوب. هبي على جنتي فتقطر أطيابها". إنه قد يسمح للظروف المعاكسة والتجارب والأحزان، حتى تقود أنفسنا إليه. فنقول مع العروس "ليأت حبيبي إلى جنته".
فإذا فتحنا له، فإننا سنختبر كلماته بحق "إن سمع أحد صوتي وفتح الباب. أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي" (رؤيا3: 20). وبذات الروح تقول العروس "ليأت حبيبي إلى جنته". فيستجيب العريس في الحال: "دخلتُ جنتي يا أختي العروس. جمعتُ مُري مع طيبي. أكلت شهدي مع عسلي".
عندئذ، متى صار قلب المؤمن منفصلاً عن العالم ومحفوظاً من الشر ومكرساً للرب فإنه يصبح مثل جنة مغلقة.
وفي هذه الجنة ستوجد عين للفرح السري والانتعاش، وكذلك ينبوع يرتفع إلى مصدرها.
والينبوع الذي يرتفع إلى المصدر سيُحضر ثمراً نفيساً، من امتيازات المسيح. والثمر يتحدث عن السمة الأدبية للمسيح في قلب المؤمن، وهذا يقودنا للسجود الذي يصعد كرائحة طيبة لقلب المسيح.
والقلب الذي يخرج للعبادة يصبح مصدر بركة للعالم المحيط به.
وفي ضوء هذه الأفكار الكتابية فإننا نصلي صلاة الرسول عندما أحنى ركبتيه للآب وسأل "أن يعطيكم بحسب غنى مجده أن تتأيدوا بقوة بروحه في الإنسان الباطن ليحل المسيح بالإيمان في قلوبكم" (أفسس 3: 14-17).
- عدد الزيارات: 3175