رابعاً: جنة عطرة
إن جنة الرب ليست فقط جنة أثمار نفيسة، ولكنها أيضاً جنة أطياب تفيح منها روائح السرور. ففي الكتاب يتحدث الثمر عن أمجاد المسيح، أما الأطياب مع عطرها فتتحدث عن السجود. حيث يكون المسيح الغرض الوحيد. ففي السجود ليس هناك تفكير في قبول عطايا من المسيح، بل تقديم تعبد قلوبنا له. عندما وجد حكماء المشرق أنفسهم في حضرة ذلك المولود الإلهي، "خروا وسجدوا له وقدموا له هداياهم. ذهباً ولباناً ومراً" (متى 2: 11). كذلك عندما دهنت مريم قدمي يسوع بقارورة طيب كثيرة الثمن، فهي ليست كما في مناسبات سابقة كانت عند قدميه كمن تتلقى تعليماً، أو كمن تعطيه في تعبد قلبها الذي امتلأ ببركته، وأيضاً أن تكون عند قدميه لتتقبل منه التعزية في حزنها، ولكننا لا نقرأ في كلتا الحالتين عن الطيب وشذى رائحته. ولكن عندما كانت عند قدميه كساجدة تسكب طيبها، نقرأ "فامتلأ البيت من رائحة الطيب" (يوحنا 12: 1-3).
وعندما قدّم القديسون في فيلبي عطية للرسول، أظهروا بذلك حقاً شيئاً من كمالات المسيح- تعزية محبته ومشاركته، ولقد أظهر ذلك ثمراً متكاثراً لحسابهم. ولكن كان هناك في عطيتهم روح الذبيحة والسجود الذي هو نسيم رائحة طيبة، ذبيحة مقبولة مرضية عند الله، (فيلبي 2: 1، 4: 17و18).
وإذا أردنا في هذه الأيام أن تكون قلوبنا جنة الرب، فلا ننسى أن الرب لا يتطلع فقط إلى الثمار الثمينة للروح، التي تنتج فينا شيئاً من سماته الحلوة، بل أيضاً روح العبادة التي تصعد إليه رائحة طيبة.
- عدد الزيارات: 3028