كيف نأتي إلى الله
(يوحنا 14: 6)
(عب 11: 6)
كثيرا ما نسمع الناس يرددون المثل المعروف: "كل الطرق توصل إلى الطاحون" و هم يعنون بهذا أن ثمة طرقا متعددة و مختلفة للوصول إلى الله. ولا فرق عند هؤلاء فيما إذا عبد الناس والقمر، أوالخشب والحجر، أوالشجر والبقر، أوالقديسين والأولياء من بني البشر.
و لكن هل هذا صحيح؟ و هل الإنسان هو الذي يختار طريقه إلى الله؟ أم أن طريقا معينة – طريقا واحدة وحيدة للإتيان إليه تعالى؟
تقول كلمة الله: "يجب أن الذي يأتي إلى الله يؤمن بأنه موجود وانه يجازي الذين يطلبونه." ولذا نقول أن الإتيان إلى الله يتطلب:
أولا: أن نؤمن بوجوده
"يجب أن الذي يأتي إلى الله يؤمن بأنه موجود."
قال نيتشه: أن الله مات
و قال آخرون: أن الله غير موجود أصلا
و قال آخرون: أن فكرة "الله" هي من صنع واختراع البشر.
و قال آخرون: أن الله نسبى لا مطلق.
غير أن هؤلاء ينطبق عليهم قول الكتاب المقدس في المزامير: "قال الجاهل في قلبه ليس إله."
أن البراهين على وجود الله متعددة و كثيرة،و منها:
1-الكتاب المقدس: هذا الكتاب هو كتاب الله.والآية الافتتاحية فيه تذكر اسمه العظيم: "في البدء خلق الله السموات والأرض"
2- الناموس الطبيعي في الإنسان. و هذا الناموس يدفع الناس، حتى الذين لا يعرفون الله، إلى عبادة كائن أسمى.
3- الطبيعة بما فيها من نظام و دقة و عجائب لا حصر لها ولا عد.
أن الله موجود حتى ولو انكره البعض. فنكران الحقيقة لا يبطل وجودها. ولذا أقول لكم بكلمات ربنا يسوع المسيح "ليكن لكم إيمان بالله".
ثانيا: أن نسعى لإيجاده .
"يجب أن الذي يأتي إلى الله يؤمن... أنه يجازي الذي يطلبونه"
لا يكفي أن يؤمن الإنسان بوجود الخالق بل يجب أن يجده بنفسه لكي يعرفه شخصيا و يختبره في حياته.
هل هذا يعني أن الله بعيد عن البشر حتى أنه يجب أن نطلبه و نجده؟ كلا. فالله "قريب من الذين يدعونه – الذين يدعونه بالحق." و على حد قول الرسول بولس "أنه عن كل واحد منا ليس بعيدا." ولكن الله يريد من الإنسان أن يبدي اهتمامه بالتعرف به شخصيا لأنه لا يفرض نفسه فرضا على أحد. فمن لا يهتم لا يجد الله حتى ولو امن أنه موجود.
كيف نجد الله؟ هل الأعمال الصالحة؟ كلا. فكلمة الله تقول: "ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد." وايضا "ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد." وايضا "لو كان بالناموس بر فالمسيح مات بلا سبب".و قال بولس عن نفسه "لا يسكن فيَّ أي في جسدي شيء صالح."
كيف نجد الله؟ هل بزيارة الأماكن المقدسة؟ كلا. فزيارة الأماكن المقدسة رغم ما فيها من روعة واختبارات فأنها لا تقدر أن تساعد الإنسان على الوصول إلى الله. قال المسيح للمرأة السامرية أنه لا في جرزيم حتى ولا أورشليم يسجد للأب. لأن "الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا."
كيف يجد الله؟ هل بواسطة كنيسة معينة؟ كلا. فالكنيسة بمعناه الحقيقي هي مجموعة المؤمنين المخلصين الذين عرفوا خالقهم عن اختبار. بعبارة أخرى، الكنيسة هي للذين وجدوا الله وليس لإيجاد الله.
إذا كيف نجد الله؟ نجد الجواب عن سؤالنا في إنجيل يوحنا، الإصحاح الرابع عشر والآية السادسة. قال يسوع "أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الأب إلا بي" إذا نحن نجد الله بالمسيح و بالمسيح فقط.
رب سائل يسأل:و لماذا بالمسيح فقط؟
نجيب: بما أن الإنسان خاطئ فهو لا يقدر أن يدعو من الله القدوس. قال الله لموسى قديما: "لا يقدر ابن آدم أن يراني و يعيش." لذلك كان من اللازم أن يحدد الله نفسه بطريقة ما لكي يقترب من بني البشر ولكي يقتربوا هم إليه. و هذا الأمر تم بالمسيح. فالمسيح هو الله المتجسد.
ثم هناك سبب آخر جعل الله ينـزل إلينا بصورة إنسان وهو ان الله أراد أن يكلم البشر و يعلن لهم عن محبته بشكل عملي. لهذا السبب دعي المسيح في كتابات يوحنا ب"الكلمة" و قد أيد أحد كتاب الوحي الآخرين هذه الحقيقة حين قال "الله بعدما كلم الأباء بالأنبياء قديما بأنواع و طرق كثيرة كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه."
واخيرا، بعد أن نؤمن بوجوده
وان نسعى لإيجاده، يجب أن نثق بجوده. "أنه يجازي الذين يطلبونه". أنه يكافئ و يثيب الذين يجدونه.
قال بطرس للمسيح ذات يوم: "يا رب قد تركنا كل شيء و تبعناك فماذا يكون لنا؟"
أجابه يسوع: "مئة ضعف (في هذه الحياة) ثم الحياة الأبدية".
أن أعظم مكافأة ينالها المؤمن الحقيقي الذي وجد الله بالمسيح هي الحياة الأبدية لأنه لأجل هذا جاء المسيح: لتكون لنا الحياة الأبدية.
يا ليتنا نقول مع المرنم:
كما أنا آتي إلى فادي الورى مستعجلا
إذ قلت نحواقبلا يا حمل الله الوديع
يا رب أني مجرم فليغسلن قلبي الدم
أني إليك أقدميا حمل الله الوديع
صـــلاة: نشكرك اللهم لأنك أعلنت لنا ذاتك بوسائل و طرق شتى و بصورة خاصة بواسطة المسيح يسوع ربنا.
ساعدنا حتى نؤمن بوجودك و نسعى إلى إيجادك بواسطة الوسيط الوحيد الذي بذل نفسه لأجلنا. استجب لنا باسمه الكريم. أمين.
- عدد الزيارات: 3847