لماذا تحبّ الله؟
(متى 22: 35 – 40)
في مسرحية الملك لير لشكسبير نقرأ أن الملك، عندما تقدمت به السن، أراد أن يقسم مملكته بين بناته الثلاث.ولكنه أراد قبل تنفيذ فكرته أن يعرف مقدار محبة كل منهن له و نوع تلك المحبة.و كان أن دعا كل واحدة و سألها أن كانت تحبه و على أي أساس تحبه .
أيها القارئ العزيز، لست أريد أن أسألك أن كنت تحب الله.فلقد وجهت السؤال إلى الكثيرين من الناس و كان جوابهم دائماً: "ومن لا يحب الله؟ طبعا نحن نحب الله".فبما أنك ممن يحبون الله فلدي سؤال أخر اطرحه عليك: من أي نوع هي محبتك لله؟ والسبب في سؤالي هذا هو أن المحبة لله ليست كلها من نوع واحد.فهناك بعض ممن يحبون الله.
1-لأجل هباته .
هل أنت واحد من هؤلاء؟ أتحب الرب لأنه يمتعك ببركاته و عطاياه و هباته المختلفة ؟ أتشعر أنك متعلق به عندما تكون الصحة على ما يرام والعمل ناجحا.ومستقبلك مضمونا والراتب محترمو الظروف مواتية؟ ثم إذا انعكست الآية تنفر منه وتتنكب عنه بل تتنكر له؟ ما أكثر الذين هم على هذه الشاكلة.أنهم أشبه بالأولاد الصغار الذين تزداد محبتهم لك كلما أجزلت لهم العطاء.أما إذا حجبت عنهم تلك العطايا فإنهم سرعان ما يبتعدون عنك .
مثال على ما أقول هو زوجة أيوب، رجل الله في العهد القديم.كان أيوب زوجها غنيا و تقيا في آن واحد.و قد أحاطه الله بغنى بركاته و نعمته.أعطاه البنين والبنات، وأعطاه الجمال والمواشي والأملاك الواسعة والعبيد والغلمان، فضلا عن الصحة والسعادة.إلى هنا كانت زوجته تحب الله.ولكن عندما بدا لها أن الله أخذ ينتزع هذه البركات منها ومن زوجها، وذلك عل أثر مقتل جميع أولادهما و خسران كل ما لهما بالإضافة إلى ضربة أيوب في جسده، إذا بها تنقلب على الله و تقول لزوجها المجرب: "ما لك متمسك بكمالك. ألعن الله ومت".أخي ، أحذر من أن تكون من الفئة.أنا لا أعني طبعا أن هبات الله ليست بذات قيمة أنما أعني أن محبتنا لله يجب دالا تكون مؤسسة عليها.ثم هناك فئة تحب الله
2-لأجل صفاته .
وما أكثر الذين يتغنون بصفات الله.لا شك أن صفات الله تعالى رفيعة و رائعة ومجيدة.فهناك 99 صفة لله عند العرب تعرف بأسماء الله الحسنى.غير أن ترديد هذه الصفات ليس مقياسا لمحبة الإنسان لله ففي وسع أي امرئ أن يرددها دون أن تكون له علاقة صحيحة بالله.هل أنت ممن يشددون على بعض صفات الله؟ و هل أنت تحبه لأجل صفاته تلك؟ كثيراً ما سمعت أناسا يقولون: الله رحوم فلا يمكن أن يرسل إنسانا إلى نار جهنم.أو الله محب فلا بد أن يخلص جميع الناس في النهاية، والى أخر الأسطوانة.وينسى هؤلاء أن الله المحب هو نفسه الله القدوس العادل.و قداسته و عدله ليسا بأقل من محبته و رحمته .
نحن نشكر الله لأجل الصفات الإلهية و يا حبذا لو نقتدي بها.بيد أن ما أريد التأكيد عليه هو إن التغني بالصفات الإلهية ليس دليلا كافيا على محبته .
قد تسألني: إذا ما هي المحبة التي يجب أن نحب الله بها؟ و جوابا لسؤالك أقوال: أن أسمى أنواع المحبة للرب هو إن نحبه لا لأجل هباته ولا لأجل صفاته بل .
3-لأجل ذاته .
ما أجمل ما قاله المرنم:
أني أحب الرب لا لأربح النعيم
و لا لكي أنجو من العذاب في الجحيم
لكن أحبه لان لي حبه يحلو
و هو الذي من فضله أحبني قبل
أي يجب أن نحبه لأنه هو الله.نحبه لأنه هو أحبنا أولا.نحبه كما هو أحبنا.فهو لم يحبنا لأجل أي شيء فينا – إذ أننا خطاة وأعداء – بل أحبنا لأجل نفوسنا و كان أن تحسد في المسيح و بذل حياته لخلاصنا.وما علينا نحن ألا أن نبادله حبا بحب.و خير وسيلة لذلك أن نهبه قلوبنا وحياتنا و نكرس نفوسنا وأرواحنا وأجسادنا له.لعلك تذكر ما قالته دليلة لشمشون "كيف تقول أنك تحبني و قلبك ليس معي؟" فأن كنت تحب الله فأعطه قلبك، ولا سيما وانه يقول: "يا بني أعطني قلبك".
صـــلاة: اللهم نحن نشكرك لأجل هباتك و بركاتك و نشكرك لأجل صفاتك العظيمة الرفيعة و نشكرك فوق كل شيء لأجل المسيح الذي مات على الصليب تعبيرا عن حبك لنا.أعطينا أن نبادلك المحبة بحيث نحبك أنت شخصيا سواء أدركنا شيئا من صفاتك أولا، لأنك أنت حياتنا وأنت البادئ بالمحبة، وما أعظمها محبة! أننا نقدم لك قلوبنا الآن لكي تنقيها وتجددها و يسكن فيها.باسم المسيح.آمين.
- عدد الزيارات: 10326