الدرس التاسع: نيل الحياة في آخر لحظة
(الإنجيل بحسب البشيرلوقا 32:23؛ 39-43)
لم يكن يسوع الوحيد الذي صلب في ذلك اليوم. لقد علّق أيضاً لصان آخران، عن يمينه وعن يساره. لقد تنبأ النبي اشعياء قبل سبع مائة سنة أن المسيح الموعود سيُحصى مع أثمة (اشعياء 12:53). والآن فقد تمت هذه النبوة.
لقد انضم اللصان بادئ الأمر إلى الجمهور في تعيير يسوع. وهذا يبدو غريباً-هذان المجرمين، في شدة ألم الصلب، يستطيعان أن يجدا الوقت والجرأة لتعيير المخلّص البار الذي كان معلّقاً معهما. كانا في الواقع يقولان، "إذا كنت كما تدعي - ملك إسرائيل وابن الله - انزل عن الصليب. أو ليأت الله وينجيك. خلص نفسك وإيانا. عندها سنؤمن بك."
لكن واحداً من المعلقين أختبر تغييراً في القلب. لقد استدار كلياً - وهذه طريقة أخرى ليقول انه تائب. أولاً، دعا زميله المجرم الآخر: " أولا تخاف أن تتكلم هكذا، وأنت ستقابل الله قريباً جداً؟" قال سائلا. "على أي حال نحن ننال استحقاق ما فعلناه لكن هذا الرجل لم يفعل أي خطأ."
عندها قال للرب يسوع، " يا رب، اذكرني عندما تملك كملك." مرة أخرى، كان شيء غريب ما قاله الرجل المحتضر للمسيح!
كان جواب يسوع للص التائب رائعاً، " الحق الحق أقول لك. اليوم تكون معي في الفردوس."
وهكذا عندنا أول نتيجة لعمل يسوع على الصليب - لص محتضر يطهر من خطاياه ويُصبح أهلاً للسماء.
والآن لنرجع إلى القصة لنرى ما نستطيع أن نتعلم منها لتساعدنا.
كيف نقف لجانب الله؟
أول درس أراه هو أن الإنسان خاطئ بطبيعته. لقد وُجد كلا اللصين مذنبين وحكم عليهما بالموت، ورغم ذلك، وفي آخر لحظات حياتهما تجرئا فسخرا ولعنا ابن الله القدوس. الكتاب بالتأكيد صادق عندما يقول أن الإنسان خاطئ (انظر روميه 10:3-18). فالإنسان في صميم ليس صالحاً.
بعد ذلك أرى انه لو أراد الإنسان أن يخلص، فعليه أولاً أن يغير موقفه من خطاياه. وهذا ما عمله اللص. هو غيّر اتجاه مواقفه بالكلية. لقد اعترف انه كان خاطئاً مذنباً. لقد ابتعد عن حياته الخاطئة واتخذ موقفاً بجانب الله ضد نفسه. هذا ما يجب علينا جميعاً عمله. علينا الإقرار بكوننا خطاة وأننا نستحق عقاب الله. "فالله يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا ..." (اعمال 30:17، 31).
لكن التوبة لا تكفي. يجب أن نضع إيماننا في المسيح وعلينا الاعتراف بيسوع كرب، وهذا يعني، أن يكون سيد حياتنا. لقد آمن اللص أن المصلوب بجانبه هو ربّ ولم يتردد أن يدعوه هكذا. يقول الكتاب لأنه أن اعترفنا بفمنا أن يسوع رب وآمنا بقلبنا أن الله أقامه من الأموات، خلصنا (روميه 9:10).
إيمان اللص التائب ظاهر في اعترافه الرائع، "اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك." لقد آمن كما نرى أن يسوع هو ربّ، حتى على الموت. لقد آمن أن يسوع حتى وهو يواجه الموت في تلك اللحظة، سيقوم من الأموات. وآمن أن يسوع سيرجع يوما ما ليملك على الأرض. لقد أراد أن يتذكره يسوع في رحمته في ذلك الوقت المستقبلي. كان عنده إيمان عظيم بمخلص عظيم.
درس واضح آخر نتعلمه من هذا الحادث وهو أننا لا نخلص بالأعمال الصالحة. لو كنا نستطيع ، فما كان بإمكان هذا الرجل الخلاص أبداً. حياته الماضية كانت مليئة بأعمال الشر. والآن اصبح من المستحيل أن يقوم بأعمال صالحة لان يديه ورجليه قد سمّرت على الصليب. الكتاب المقدس يعلّم (بتكرار) أننا لا نخلص بالأعمال الصالة. (انظر افسس8:2،9؛ تيطس5:3). أن افضل ما يمكننا تقديمه لله ما هو إلا خرق بالية في نظره (اشعياء 6:64). عندما سأل الناس الرب يسوع عن الأعمال الصالحة التي يمكنهم القيام بها لإرضاء الله. أجاب أن عليهم أن يؤمنوا بالذي أرسله الله، ألا وهو الرب يسوع نفسه (يوحنا 28:6،29) من هنا علينا جميعنا أن نبدأ. عندئذ الأعمال الصالحة تتبع الخلاص، ولا تسببه. هي الثمار وليست الجذور. أننا لا نخلص بالأعمال الصالحة، بل نحن مخلصون لنعمل الأعمال الصالحة (افسس10:2).
اختبار اللص المحتضر يعلمنا أيضاً أن الخلاص ليس بالمعمودية. لأنه لم يتعمّد. كان من المستحيل له أن يعتمد. ومع هذا قال يسوع انه سيكون في السماء. هل هذا يعني أننا يجب أن ننسى العماد؟ لا، بل يعلمنا الكتاب أن الذين يضعون ثقتهم بالرب يسوع يجب أن يعترفوا به علناً بان يعتمدوا. لو كان بإمكان اللص لاعتمد حالاً. لكن النقطة المهمة هنا أن العماد غير ضروري للخلاص.
هل الخلاص شعور غريب؟
بعد هذا نتعلم أن اللص لم يعرف بشعوره انه حصل على الخلاص. كثير من الناس اليوم، عندهم فكره خاطئة وهي انهم عندما يضعون ثقتهم بالمسيح كمخلّص، يختبرون نوعاً من الشعور الغريب بالفرح في نظام الأعصاب عندهم، وهكذا يعرفون انهم مخلصون. لكن لو سألت اللص، "هل تشعر انك مخلًص؟" فربما يجيبك قائلاً، "كل ما اشعر به هو الألم." كيف عرف إذاً انه مخلّص؟ لقد عرف لأنه سمع يسوع يقول له، "اليوم تكون معي في الفردوس." كان يعرف لان يسوع قال ذلك. وبهذه الطريقة يعرف المؤمنون اليوم انهم مخلصون. الفرق الوحيد اليوم هو أن يسوع يتكلم لنا من خلال الكتاب المقدس، وليس بصوت مسموع. لقد وعد يسوع في الكتاب المقدس أن كل من يؤمن به فهو مخلّص (انظر يوحنا 24:5) وهكذا نعرف أن تأكيد الخلاص يأتي بواسطة كلمة الله وليس بواسطة الشعور بالفرح.
درس آخر نتعلمه وهو أن المؤمنين يذهبون مباشرة ليكونوا مع المسيح في السماء عند وقت وفاتهم. وهذه هي الحقيقة الرائعة في عدد 43.
اليوم - افضل وقت. معي - افضل رفيق. الفردوس - افضل مكان. فالأمر قد ترتّب حقاً بالنسبة للمؤمن بالمسيح.
هذا المقطع تذكير مهيب لنا انه ليس الجميع مخلصون. كان هناك مجرمان، ولكن فقط واحد منهما قد خلص. وقد وضعها أحدهم بهذه الطريقة.
واحد قد خلص لكي لا ييأس أحد.
فقط واحد قد خلص لكي لا يفترض أحد.
"من جانب يسوع المسيح، يذهب الواحد إلى السماء والآخر إلى جهنم. على أي جانب من الصليب أنت؟" ونرى أيضاً، طبعاً أن الشخص يمكنه أن يخلص في آخر لحظة من حياته. اللص خلص وهو على عتبة الأبدية. ولكن سيكون حماقة للشخص أن يؤجل خلاصه إلى ذلك الوقت، لأنه لا يستطيع أبداً أن يعرف متى ستكون اللحظة الأخيرة. على أي حال، فالكتاب يقول، "الآن وقت مقبول، اليوم هو يوم خلاص" (2كورنثوس 2:6).
كلمة أخيره! انه لأمر مخيف حقاً أن يكون الشخص قريباً من يسوع بهذا المقدار ولكن يذهب إلى الضياع. اللص الآخر كان قريباً جداً ولكن بعيداً جداً. واليوم يمكن أن يعيش الشخص في عائلة مسيحية، يكون معتمداً، ومنضمٌ إلى كنيسة، وان يشترك بنشاطات مسيحية، ولكن أن لم يكن مولوداً ثانية ولم يقبل الرب يسوع مخلصاً، فهو ضائع. فان مات بخطاياه، فسيقضي الأبدية في جهنم.
"الآن وقت وقبول اليوم هو يوم خلاص"
(2كورنتوس2:6)
- عدد الزيارات: 3770