بين الدمعة والإبتسامة
حينما تنظر إلى ذلك البحر البعيد تجده يختزن كل مشاعرك وأحاسيسك التي تخالج نفسك في معارك هذه الدنيا المليئة بالأفراح حينا وبالحزن حينا آخر وكأنه يقول لك أن الحياة هي دمعة وابتسامة.
وبينما تلتفت إلى الناحية الأخرى من عمق البحر ستجد سفنا عملاقة تعوم إلى عمق هذا المحيط الصارخ في ضخامته فتسأل كيف تعوم هذه السفن وكيف تتجه إلى العمق. فتجد جوابا حاضرا بأن هذه السفن تشبه ذلك المؤمن:
الجاهز والمستعد: "ليس أحد وهو يتجند يرتبك بأعمال الحياة لكي يرضي من جنده. وأيضا إن كان أحد يجاهد لا يكلل إن لم يجاهد قانونيا" (2 تيموثاوس 4:2)، الحياة المسيحية تحتاج لإستعداد كبير وجهوزية عالية متكلين على الروح القدس لكي يعطينا هذه القوّة في الوقوف وسط العواصف الهوجاء. فنكون مثل شجرة الأرز الراسخة جذورها في أعماق الأرض حيث تتحدى وتصبر وتناضل.
المتواضع والخاضع: "ولكنه يعطي نعمة أعظم. لذلك يقول يقاوم الله المستكبرين وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (يعقوب 6:4)، إن تواضع الإنسان المؤمن أمام المسيح يسمح لعمل الله أن يغيّر في حياته نحو الأفضل فيرفعه ويشجعه ويجعله رجلا قويّا يقف في الثغر حين يهرب الجميع، فالتواضع والخضوع امام هيبة الله هو المفتاح الحقيقي من أجل الإبحار إلى العمق وتحقيق الهدف الأسمى الذي هو تمجيد الله.
الملتزم والثابت: "لأني مشتاق أن أراكم لكي منحكم هبة روحية لثباتكم" (رومية 10:1)، الثبات في الإيمان المسلم مرة للقديسين هو من أساس التقدم في الحياة الروحية إذ يجعلنا نبحر وننظر بعيون الأمل طالبين العون من الذي يجلس خلف الغمام بقوته وجبروته، فالثبات والإلتزام في الأمور الروحية تفتح الأبواب أمام المؤمن لكي يحيا حياة الإنتصار فيخرق كل الحواجز والأمواج التي تتخبط في بحر الأيام الحزينة فتبدلها إلى سلام كبير يفوق كل عقل.
عزيزي القارىء: بين الدمعة والإبتسامة هناك كلمة الله التي تحول الدمعة إلى فرح داخلي من خلال المسيح الذي يدخل القلب لكي يبدل كل شيء فيجعلك مثل تلك السفينة التي خرجت من حزنها وأبحرت وسافرت ومن ثم وصلت إلى الشاطىء بأمان. ليتنا جميعا نتعلم كيف نستعد ونتواضع ومن ثم نلتزم فنحمل الراية عاليا دون خجل فنصل أخيرا عند القبر الفارغ معلنين النصر الكبير.
- عدد الزيارات: 7897