من الذي يغفر؟
لو كان غفران الخطايا يأتي من خلال البشر لكنا جميعا أشقى الناس، ولو كان الإنسان هو الذي يتحكّم بالمصير الروحي والأبدي لأخيه الإنسان فيا لتعاسة البشرية، ولو كان نسيان الخطايا بعد التوبة متعلق باللحم والدم لما كان غفران ولما كان خلاص ولما كان انتصار، ولكن شكرا لله لأنه هو نفسه من يغفر الخطايا وهو وحده من يعطي حياة جديدة وهو وحده يدين إذا أراد ذلك "كبعد المشرق من المغرب أبعد عنا معاصينا. كما يترأف الأب على البنين يترأف الرب على خائفيه" (مزمور 12:103).
وهو شخصيا يتدخل لكي يبلسم الجراح ويشفي القلوب المجروحة حين يشعر الإنسان بأنه في الحضيض وبأنه متروك من دون أب أو أم وكأن أمواج الحياة تضرب به من كل جانب هناك يتدخل المسيح بقوّة لكي يقول "أنا هو. لا تخافوا" (مرقس 50:6).
أقف أيها الرب أنتظر في منتصف الليل الداكن وفي ظلمة القلوب التي تحيط بنا فأجد من بعيد نسمة أمل تخرق هذا الصمت الكبير فتدخل إلى قلبي الملىء بالحزن العميق لكي تصنع تغيرا فتقلب المعادلة من حزن إلى فرح ومن يأس إلى أمل ومن إحباط إلى رجاء فحضور المسيح في وسط حياتي يذكرني بالعدد الذي يدوي في فكري دائما إذ يقول "انتظارا انتظرت الربّ فمال اليّ وسمع صراخي. وأصعدني من جبّ الهلاك من طين الحمأة وأقام على صخرة رجليّ. ثبّت خطواتي. وجعل في فمي ترنيمة جديدة تسبيحة لإلهنا. كثيرون يرون ويخافون ويتوكلون على الرب" (مزمور 1:40).
أنت يا إلهي من تنقل النفس البشرية من الموت إلى الحياة ومن الظلمة إلى النور، ما أعظم هذا التدبير وما أمجد هذه المبادرة إذ ونحن بعد خطاة جاء المسيح لكي يفتدينا من براثم إبليس، فمجدا وشكرا لك لأنك أنت الذي تغفر وتخلّص وتشجّع فرحمتك كبيرة وأمانتك سامية ومحبتك لا تخيّب الآمال بل تبعث الطمأنينة في داخل الإنسان فشكرا لك لأنك أنت الذي تغفر. "قد محوت كغيم ذنوبك وكسحابة خطايك. ارجع إليّ لأني فديتك" (اشعياء 23:44).
- عدد الزيارات: 5156