وحده تحمّل كل شيء
يا له من إله ويا له من خالق، هو صاحب الطبيعة التجاوزية الذي خلق الكون من العدم، بكلمة منه كوّن ذرّات تنسجم مع بعضها البعض لتتحول إلى شكل جسم رائع، وبكلمة منه جعل الشمس تنير علينا وتبهرنا من روعتها فتقلب الظلمة نور. وبكلمة منه إذ نفخ في التراب فحوله إلى كائن بشري يتكلم ويفكر فكان الإنسان، هو الخالق وهو مصدر كل شيء، هو بنفسه تحمل آلام الصليب وحده ومنفردا حمل كل شيء وتحمّل كل شيء.
لم يشترك معه أحد في عمليه فداء النفس البشرية، الجميع هربوا واستسلموا، بطرس نكره وقال إنه لم يسمع بهذا الإسم من قبل، والتلاميذ اختبؤا، ومريم لم تستطيع أن تقوم بشيء سوى أن تبكي حبيبها، أما هو فكان معلقا على الصليب يهان ويعذّب، وقطرات دمه تنسال على جسمه، عطش فأعطوه خلا، هم هربوا، أما هو فحمل كل شيء، خطايانا كانت على منكبيه، وآثامنا تغلغت في آلامه اللاهوتية والإنسانية، ومع هذا كله قال"اغفر لهم يا أبتي لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون". منظر رهيب وظلمة قد حلّت على المكان، رب المجد الحامل كل الأشياء في كلمة قدرته، سكب نفسه أمام الله طوعا واختيارا، الذي يعكس محبة أبدية لا مثيل لها.
لا مجال لطرح مسألة أن شخصا أو قديسا قد شارك المسيح في الفداء، فهذا يعارض خطة الله والكتاب المقدس، لأن الآب بذل ابنه على الصليب لكي لا يصلب أحد منا، ولأن المسيح وحده كامل بلا خطية، هو كان كبش المحرقة، وهو كان الحمل المذبوح الذي عبر بنا إلى بر الغفران والأمان.
صديقي العزيز: في هذه الأيام التي نتذكر فيها موت المسيح على الصليب، فكر مليّا في مصيرك الأبدي، ولا تجعل أحدا يغشك في موضوع خلاص نفسك، فكل واحد هو المسؤول عن قراره أمام الله، المسيح دوما فاتحا ذراعيه كما فعل في القديم مع مريم المجدلية، بدّل حياتها وجعلها قديسة. تعال اليوم واسكب نفسك إلى الذي دفع كل شيء. "لأن المسيح إذ كنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعين لأجل الفجار" (رومية 8:5).
- عدد الزيارات: 5100