إصحاح 8، آية 13و14
13و14-"أيتها الجالسة في الجنات الأصحاب يسمعون صوتك فأسمعيني". "أهرب يا حبيبي وكن كالظبي أو كغفر الأيائل على جبال الأطياب".
يطلب العريس المبارك _ المسيا من حبيبته الجميلة العروس الأرضية_ البقية التقية من يهوذا ان تسمعه صوتها "فأسمعيني" وهي إذ تلبي نداءه تترنم وتغني بأناشيد الحمد للملك المتوج، وستترنم معها الأرض كلها، وتذيع "أوصنا" السعيدة عندما "يملك من البحر إلى البحر ومن النهر إلى أقاصي الأرضي" (مز72: 8) فالخليقة بأسرها ستمتلئ بالفرح والابتهاج في ملك المسيا المجيد، وبنغمات الحمد والشكر تحمي مليكها المجيد.
وان قلب العروس إذ يتوق إلى ذلك الوقت السعيد، وقت الملك المجيد، فهي ترجو ان يأتي عريسها وحبيبها سريعا، وهو سيحقق لها انتظارها إذ لا بد ان "تأتي أزمنة الفرج من وجه الرب ويرسل يسوع المسيح. . . الذي ينبغي ان السماء تقبله إلى أزمنة رد كل شيء التي تكلم عنها الله بفم جميع أنبيائه القديسين منذ الدهر" (أع3: 19-21) أنه _ له المجد سيأتي لغبطة الكنيسة ومجد إسرائيل وبركة الأرض كلها.
* * *
والعروس ترى هنا جالسة "في الجنات"، فهي ليست بعد في البرية، ولكنها تهنأ بالامتيازات المباركة في جو الغبطة والابتهاج، وهناك يسمع الأصحاب صوتها "الأصحاب يسمعون صوتك" وكلمة الرب الأخيرة "أسمعيني" لها أهميتها، فقد نكون متمتعين بغبطة الوجود "في الجنات" في صفاء والسلام، وقد نتحدث كثيرا إلى أخوتنا "الأصحاب" بكلام مفيد ونافع للبنيان، ولكن هل نحن نعنى بالكلام مع الحبيب وبالتحدث إليه شخصيا؟
هذه هي آخر كلمة يوجهه هو إلى العروس في هذا السفر "فأسمعيني" ليذكرها وبذكرنا بأنه وان كان الكلام مع الأصحاب حسنا إلا ان الكلام معه أحسن وألزم بما لا يقاس، وان الحبيب يهمه كثيرا ان نكون على صلة دائمة به. أنه يريد ان يكون ذلك موضوع اهتمامنا الأول. ألسنا في حاجة إلى كلمة الرب هذه؟ نعم إذ ما أقل حديثنا مع الرب الذي يريد في كل حين ان يسمع أصواتنا "فأسمعيني".
* * *
وهوذا هي تلبي نداءه وتسمعه صوتها إذ تدعوه قائلة "أهرب أو أسرع ((Haste يا حبيبي" فهو لا يزال غائبا، وهي تشتاق إلى مجيئه. ولفة العروس هذه يوافقها تماما قول العهد الجديد "والروح والعروس يقولان تعال"(رؤ22: 17). أنها تريد ان يأتي سريعا لتراه "كما هو" ولكي تكون معه "كل حين" وأنه بمجيئه سيلاشي عناء البرية الموحشة ومشقاتها. نعم ان مجيئه سيغير المشهد الحاضر الملطخ بالخطية والملئ بالأشواك، وعندئذ ستملأ رائحة الأطياب، المنسكبة على قدميه، المسكونة بأسرها، وستكون الأرض عندئذ لمسرة خالقها وسينتشر العبيق العطر من "جبال الأطياب" هذا بلا ريب هو منظر الملك الألفي البهيج الذي فيه سيكون لعروس الحمل أقرب وأعز مكان في قلب عريسها، وسيكون العريس المبارك مجد وإكليل ذلك العصر الذهبي السعيد، كما سيكون هو _تبارك اسمه المعبود _ مجد وإكليل العروس نفسها.
وكم هو جميل ان هذا السفر النفيس يترك في ختامه أعظم أثر في نفوسنا إذ يضع أمامنا مجيء ربنا المبارك، فان غاية الروح القدس في ختام هذا السفر هو ان تكون قلوبنا مهيأة ومستعدة ومتشوقة إلى مجيء المسيح فتدعوه برغبة صادقة "أهرب _ أسرع يا حبيبي". ولقد كانت آخر كلمة للمسيح له المجد على صفحات الوحي المقدس هي "نعم. أنا آتي سريعا" فليتنا نقول بحق ومن كل القلب "آمين. تعال أيها الرب يسوع"(رؤ22: 20).
إذ قلبه المشتاق لا يحتمل التأخير
يدعو إذا عروسه لمجده المنير
فأسرعن بالحضور يا أيها الرب الغفور
فنحظى بملء السرور معك إلى دهر الدهور
* * *
وفي الختام لا يسع الكاتب إلا ان يقدم الشكر الكثير للرب على معونته له في كتابة هذه التأملات البسيطة مستودعا أياها بين يديه ومتوسلا إليه ان يجعلها سبب بركة وإنهاض له وللقارئ العزيز حتى نحيا جميعا في شركة قلبية صادقة ونقية مع الرب، وفي انتظار لمجيئه السعيد الذي أصبح قريبا جدا.
* * *
ولا ينسى الكاتب ما لقيه من معونة في كتابة هذه التأملات بواسطة بعض المراجع وأهمها:
أولا: الترجمات المتنوعة للكتاب المقدس باللغة الإنكليزية ولا سيما ترجمة يوحنا داربي
ثانيا: AN OUTLINE OF THE SONG OF SONGS C.A.C.
ثالثا: THE SONG oF SOLOMON BY A. MILLER.
- عدد الزيارات: 3229