الإحتِفالُ بالفُرُوقات - قُدسِيَّةُ الفردِيَّة
قُدسِيَّةُ الفردِيَّة
قصدُ اللهِ لكُلِّ واحِدٍ منَّا هو أن نكونَ مُختَلفِين فريدين. فهو يخلُقُ كُلَّ واحِدٍ منا، ويكسِرُ القالِب. فكلمة "ذات" موصوفةٌ في القامُوس "فرادة أو فردانيَّة شخصٍ مُعيَّن التي تجعلُهُ مُمَيَّزاً عن كُلِّ شخصٍ آخر." لقد لاحظتُ عبرَ السنين التي قضيتُها كَراعي كنيسة، أنَّ أحد أهم التفسيرات لإنعدام ِالسعادة يكُمنُ في حقيقَةِ عدم كون الأشخاص غير السُّعداء من وماذا وأينَ خطَّطَ اللهُ لهُم أن يكُونوا. يُفتَرَضُ بالزوجِ والزوجَةِ أن يُساعِدَا بعضَهما بعضاً على اكتشافِ الفرادَة المُعطَاة لهما من قِبَلِ الله. (رومية 12: 1، 2).
إن هذا هو عامِلٌ مِفتاحِيٌّ عندما ننظُرُ إلى أهمِّيَّةِ التفاهُمِ في الزواج. عرَّفَ أحدُهم التفاهمَ بكَونِهِ: "الاتفاقات المُتبادَلة على حلِّ الاختلافات." أليسَ هذا التعريفُ للتفاهُمِ جميلاً؟ يقولُ تعريفٌ آخر للتفاهُم أنَّهُ، "تفهُّمٌ مُتبادَل للأفكارِ والنَّوايا التي تقودُ إلى التمييزِ والتعاطُف." فلِكَي تفهمَ شَريكَةَ حياتِكَ، عليكَ أن تفهَمَ الفَرق بينَ الأجناس. عليكَ أن تفهَمَ أهمِّيَّةَ الماضِي.
لكي تفهمَ زَوجَتَكَ، عليك أن تتحلَّى بالرغبةِ بفهمِها. هُناكَ الكثيرونَ من المُتزوِّجين الذي لا يُريدونَ أن يصِرفُوا الوقتَ والطاقَةَ العاطِفيَّة المَطلُوبة لِيفهموا بعضهم بعضاً. ماذا عنك؟ هل ترغبُ بفهمِ شريكَةِ حياتِكَ؟ إن كنُتَ ترغبُ بفهمِ زوجَتِكَ أو زوجَكِ، فإليكَ بعض النصائح.
أوَّلاً، لكَي تفهَمَ شريكَةَ حياتِكَ، عليكَ بتطبيقِ القاعدة الذهبِيَّة. قالَ يسوع، "فكُلُّ ما تُريدُونَ أن يفعَلَ الناسُ بكُم إفعَلوا هكذا أنتُم أيضاً بِهِم، لأنَّ هذا هُوَ النَّامُوسُ والأنبِياء" (متى 7: 12). هذا أهمُّ عددٍ في الكتاب المقدَّس حولَ العلاقات الإنسانيَّة. ولتطبيقِ هذا التعليم، على الزوجات أن يسألنَ أنفُسَهُنَّ، "لو كُنتُ أنا الزوج، ماذا كُنتُ أَودُّ أن تفعلَ زوجَتي؟" وعلى الأزواج أن يسألُوا أنفُسَهُم، "لو كُنتُ أنا الزوجة، ماذا كُنتُ أودُّ أن يفعلَ زوجِي؟" قد يبدو هذا مُناقِضاً لطبيعتِنا البشريَّة التي تُحِبُّ خدمَةَ نفسِها، ولكن إذا طلبنا مُساعدةَ اللهِ، فسوفَ يُعطينا نعمةً لنضعَ شريكَ الحياة في مركزِ إهتِماماتِنا، ولنُطبِّقَ القاعِدة الذهبيَّة التي علَّمنا إيَّاها يسوع، ونُحاوِل أن نفهَمَ بعضُنا بعضاً.
ثانِياً، استَمِع للشريكِ الآخر. فالاستماعُ هو فنٌّ، وهُناكَ الكثيرُ يُمكِنُ تعلُّمُهُ عن الاستماع، مُعظمُنا لم نتعلَّمه. يكونُ من الواضِح أحياناً أنَّ زوجَين لا يستَمِعانِ لِبَعضِهما البعض. فعندما يظنَّانِ أنَّهما يستمعانِ لِبعضِهما البعض، ما يعنيهِ هذا هو، "أنا أُفكِّرُ بما سأقولَهُ عندما تُقفِلِينَ فمَكِ." قالَ يسوع، "من لهُ أُذنانِ للسمعِ فليسمَع." (متى 11: 15). فهل تستمِع لِزوجَتِك وهل تستمِعِينَ لِزوجِكِ عندما تُحاوِلانِ أن تتحدَّثا؟
في لوقا 7: 44، كانَ يسوعُ يزورُ منـزلَ فرِّيسيّ، وإذا بإمرأة تدخُلُ وتبكِي، لأنَّ الفرِّيسِيّ لم يغسِل قدَمَي يسوع. ممَّا يعني أنَّ هذا الفرِّيسي لم يُرحِّب بيسوع بِشكلٍ لائق. وهكذا جعلت المرأةُ دُموعَها تنهمِرُ على قدمي يسوع، ثم مسحتهُما بِشعرِها. وإذا بالفرِّيسِيّ يقولُ في نفسِهِ، لو كانَ يعلمُ أي نوعٍ من النساء هي هذه المرأة، لما قبِلَ أن تغسِلَ قدميهِ بِشعرِها."
ولكن، بينما كانَ الفرِّيسيُّ يُفكِّرُ بهذه الأفكار، سألهُ يسوعُ سُؤالاً مُهِمَّاً. فقال، "يا سِمعان، هل ترى هذه المرأة؟" هُناكَ الكثيرُ من الكلمات اليونانية التي تُشيرُ إلى فعل "رأى" وهُنا كان المقصود، "هل فِعلاً ترى هذه المرأة؟ وماذا ترى عندما تنظُرُ إلى هذه المرأة؟ أعتقدُ أنَّ هذا سؤالٌ عظيمٌ يُطرَحُ على الأزواج. هل ترى هذه المرأة التي تزوَّجتَ منها؟ وهل تستَمِع فِعلاً إلى زوجَتِكَ عندما تُحاوِلُ أن تتحادَثَ معَك؟
إنَّ فرنسيس الأسيزِي هو أحد الشخصيَّات البُطُوليَّة لديَّ. عندما ذهبَ فرنسيس إلى كُلِّيَّةِ اللاهوت، كانَ هذا حدثاً عظيماً لأنَّهُ كانَ شخصيَّةً فذَّة ومن عائِلةٍ عريقَة. وبعدَ أن أكملَ تدريبَهُ في كُلِّيَّةِ اللاهوت، الذي كانَ في تلكَ الأيَّام التسوُّل بكيسٍ من الخَيش لمُدَّةِ سنتين لكي تُبرهِنَ أنَّكَ فِعلاً تخلَّيتَ عنِ العالم والجسد والشيطان؛ فعندما حانَ وقتُ الرسامةَ، كانت العادة أن يقومَ المُرشَّحُ للرسامةِ بالوَعظ. وعندما حانَ الوقتُ ليَعظَ فرنسيس الأسيزي، كانت الكاتدرائيَّةُ تعجُّ بالحُضور، لأنَّهُ كانَ شخصاً مشهوراً قبلَ أن ينضمَّ إلى تلكَ الرهبَنَة. وعندما وقفَ لِيَعِظ ما ظنَّهُ الناسُ سيكونُ أعظمَ عِظةٍ تُلقَى على الإطلاق، قال، "اللهُ لم يدعُنِي للوعظِ بل للعَمَل. فدعونا نُصلِّي." ثُمَّ صلَّى هذه الصلاة.
"يا ربّ، اجعلني أداةً لِسلامِكَ. وحيثُ يسودُ البُغضُ، دعني أُظهِرُ الحُب؛ وحيث الأذَى، دعني أُظهِرُ المُسامَحَة؛ وحيثُ الشك، الإيمان؛ وحيثُ اليأس، الرجاء؛ وحيث الظُلمَة، النور؛ وحيثُ الحُزن، الفرح. أيُّها المُعلِّمُ الإلهي، أعطِنِي أن لا أطلُبَ أن أتعزَّى بقدرِ ما أطلُبُ أن أُعزِّي، ولا أن أُفهمَ بقدرِ ما أتفهَّم، ولا أن أُحَبَّ بقدرِ ما أُحِبّ، لأنَّنا بالعطاءِ نأخُذُ، وبالمُسامحةِ يُغفَرُ لنا، وبالموتِ نُولَدُ للحياةِ الأبديَّة."
إنَّ هذه لصلاةٌ مُدهِشَة ومَوقِفٌ رائِع نحتاجُ أن نُطبِّقَهُ كأزواج نُحاوِلُ فهمَ شُركائنا في الزواج. "ساعِدنِي أن لا أطلُبُ أن أُفهَمَ بقدر ما أتفهَّمُ." إن مِفتاحَ تفهُّمَ الشريك الآخر الذي تعيشُ معُه هو أن تجعلَ منهُ مركَز اهتماماتِك. فَلِكَي تفهَمَ زوجَتَك، عليكَ أن "تقرأَ بينَ السطُور،" وأن "تسمَعَ ما بينَ الكَلمات،" لتَعرِفَ ما هي حاجاتُ زوجَتك.
تماماً كما كانَ تعليمُ يسوع، فإنَّ صلاةَ الأسيزي تُشيرُ إلى مفهومٍ بسيطٍ نِسبيَّاً. ولكنَّ هذا المفهوم البسيط قد يُحدِثُ ثورةً عندما تُطبِّقُ هذه الحقيقة على زواجِك. هذه الحقيقَةُ هي، ضع الشريكَ الآخر في المركز، ولا تقلق عمَّا إذا تفهَّمَكَ الشريكُ الآخرُ أم لا. فالقضيَّةُ التي ينبَغي أن تهُمَّكَ ليسَت إذا كانت زوجَتُكَ تفهَمُكَ، بل إن كُنتَ أنتَ تفهمُها. وليست القضيَّة كم من الحُبِّ تحصلُ عليهِ منها، بل هل تمنَحُها أنتَ الحُب؟
- عدد الزيارات: 12231