Skip to main content

يريدنا الله جميعا أن نكون منكسرين

عادة عندما ينكسّر شيء ما، تنقُص قيمته أو يصبح بلا قيمة. وعاء مكسور، قنينة أو مرآة مكسورة هي بشكل عام، بلا نفع. حتى لو كان هناك شَقْ صغير في الأثاث أو تمزق في الملابس، فإن قيمتها تنقص بشكل كبير إذا عرضت للبيع.

لكن الأمر ليس كذلك في النطاق الروحي. فالله يرفع قيمة الأشياء المنكسرة – خصوصاً الأشخاص المنكسرين. لذلك نقرأ آيات مثل: "قريب هو الرب من المنكسري القلوب ويخلص المنسحقي الروح" (مزمور18:34). "ذبائح الله هي روح منكسرة. القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره" (مزمور17:51). الله يعرف كيف يقاوم المستكبرين، لكنه لا يقاوم المتواضعين والمنسحقين. "يقاوم الله المستكبرين واما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (يع6:4). إن هناك شيئاً في إنكسارنا يجذب رأفته وقوته. وجزء من هدف الله الرائع لحياتنا هو الإنكسار – انكسار القلب، انكسار الروح، وحتى انكسارنا في الجسد. (2كو6:4-18).

التجديد: نوع من الإنكسار

ان عملية انكسارنا هي من الأولويات في تجديدنا عندما يبدأ الروح القدس عمله بتبكيتنا من نحو الخطية. فعليه أن يوصلنا الى المرحلة التي نعترف بها (بإرادتنا) أننا هالكون، ومستحقون جهنم. نحن نقاوم في كل خطوة في الطريق، لكنه يستمر في المصارعة معنا حتى يتحطم كبرياؤنا، ويصمت لساننا المُتبجّح وتنفد كل مقاومتنا. ونرتمي عند اقدام الصليب أخيراً صارخين: "يا رب يسوع... خلّصني!!". فقد أصبح لنا سيّد، قد رُوّض الفرس!

نعم رُوّض المُهر. ففي الطبيعة المُهر هو مخلوق برّي، فكرة وضع اللجام عليه غير واردة. يرفس ويقفز ويتمرّد بلا قيود. ممكن ان يكون جميلاً ويعدو لمسافات كبيرة. ولكن إذا لم يُلجم، يبقى أشبّ، شريراً بلا وجهة أو هدف. إذا لم يُروض، لم ينكسر، يكون غير نافع للخدمة. لكن بعد ذلك تأتي عملية الخضوع المؤلمة لإرادة الفرس بإلباسه اللجام. فعندما تخضع إرادة الفرس للإرادة الأسمى، يجد المعنى الحقيقي لوجوده.

بهذا التشبيه، من الجيّد لنا أن نتذكر أن الرب يسوع كان نجاراً في الناصرة، لذلك من الممكن أنه قد صنع نيراً. قال احدهم مرة معلقاً، انه لو كان هناك لوحة على باب تلك المنجرة، لكان من المحتمل انه كُتب عليها: "ان نيري على المقاس". لكن الحكمة منها لنا هي أن ربنا القدوس لايزال صانع نير. يقول الرب: "احملوا نيري عليكم وتعلموا مني. لاني وديع ومتواضع القلب. فتجدوا راحة لنفوسكم. لان نيري هيّن وحملي خفيف" (مت29:11-30).

لكن النير هو فقط للمنكسرين وللخاضعين. فيجب على إرادتنا أن تكون خاشعة ومستندة على الرب قبل أن يمكننا ان نتعلم منه. هو وديع ومتواضع القلب. يجب علينا ان نكون مثله، فقط بتلك الإرادة نجد الراحة لقلوبنا. 

عناصر الإنكسار

لكن ذلك يقودنا الى السؤال الأساسي: "ما هو المقصود بالإنكسار الحقيقي؟ كيف يظهر بوضوح في حياة المؤمن؟ ما هي بعض عناصره الأساسية؟"

الندم، الإعتراف والتوبة:

ربما أول ما يخطر لنا هو الإستعداد للإعتراف امام الله بخطيتنا ولمن اخطأنا بحقهم. الشخص المنسحق لا يُبطئ عن ان يندم عندما يخطئ. فهو لا يحاول ان يُخفي خطيته أو ان يتناساها بقوله: "ان الوقت كفيل ليمحو كل شيء." بل على العكس، فهو يُسرع الى محضر الله ويصرخ: "قد أخطأت". ثم يتوجه الى من أساء له ويقول: "قد أخطأت. أنا آسف. أطلب إليك ان تسامحني." فمن جهة، هو يشعر كم هو مخجل ان يكون في موقع الإعتذار. ومن جهة اخرى، هو يعرف كم هو رائع ان يمتلك ضميراً صافياً وان يسير في النور.

الإعتراف الحقيقي لا يُجمّل الخطية ولا يلغيها. فهي ليست كالمرأة التي قالت مرة بكبرياء: "إذا اقترفت اي ذنب، أنا مستعدّة ان اقبل السماح". الإعتراف الحقيقي يقول: "قد أخطأت وأنا هنا كي أعتذر".

كانت في حياة داود بعض غيوم الخطية والفشل، لكن الشيء الذي جعله عزيزاعلى قلب الله كان ندمه العميق. ففي المزمور32 و51 نستطيع أن نتتبّع معه تجاوزه وخطيته وظلمه. فسنشاهده خلال الفترة التي رفض فيها الندم؛ كانت الحياة عندها جسدية، عقليّة وتعسة روحياً. لم تَسِر الأمور بشكل صحيح. فبدا كل شيء منفصلاً، لكن أخيراً انكسر، اعترف والله غفر. ثم رجعت الأجراس تدق من جديد. واستعاد داود ترنيمته.

في العهد الجديد، يشرح لنا بولس معنى الإنكسار. فعندما وقف أمام المجمع ورئيس الكهنة في اورشليم. عندما قال أنه بكل ضمير صالح قد عاش للّه، عندما حنق رئيس الكهنة وأمر أن يُضرب السجين على فمه.

فرد الرسول بولس: "سيضربك الله ايها الحائط المبيّض. أفأنت جالس تحكم علي حسب الناموس وانت تأمر بضربي مخالفا للناموس." (أع3:23)

فصُعق الجمع من جواب بولس الحاد المُبكّت. ألم يعلم أنه يتكلم مع رئيس الكهنة؟ بالحقيقة ان الرسول بولس لم يكن يعلم. ربما أن رئيس الكهنة حنانيا لم يكن يستحق المنصب الرسمي أو ان يشغل الكرسي الذي جلس عليه. أو ربما كان ضُعف نظر بولس مجدداً. مهما كان السبب، لم يقصد بولس ان يتكلم شراً على رئيس الكهنة. لذلك اعتذر عن كلامه، مقتبساً خروج28:22 "لا تسبّ الله. ولا تلعن رئيسا في شعبك." كان لدى بولس مستوى من الإنكسار العميق. فقد أظهر نضوجه الروحي من خلال استعداده ان يقول: " قد أخطأت، أنا أعتذر."

التعويض:

التعويض مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالإنكسار. بغض النظر عن التسمية. فإذا سرقت، عطبت أو أسأت الى شيء ما، أو اذا عانى شخص آخر خسارة بسبب سلوكي الخاطئ، عندها لا يكفي الإعتذار. فالعدل يطالب بتعويض الخسارة. وهذا ينطبق على الأعمال التي ارتُكبت قبل التغيير (التجديد) مثلما تنطبق على بعده.

فبعدما قبل زكا الرب يسوع، تذكر صفقاته الفاسدة التي استغل بها منصبه كجابي ضرائب (عشّار). لقد كانت نخسة روحية رائعة علّمته فوراً أن تلك الأعمال السيئة يجب أن تُصحح. لذلك قال للرب: "إن كنت قد وشيت باحد ارد اربعة اضعاف" (لو7:19-9). فكلمة "إن" هنا لا تعبر عن أي الشك أو تردد. فالمقصود هو "اني ارد أربعة أضعاف لكل شخص إحتلت عليه بأي شيء". إن تصميمه على دفع التعويض كان من ثمر تغييره. و "أربعة الأضعاف" كانت مقياساً لقوة حياته الجديدة.

هناك حالات من المستحيل التعويض فيها. فمثلاً اذا اتلفت قيوداً أو سجلات، أو اذا نُسيت قيمتها الفعلية بمرور الوقت. الله يعلم كل هذا. فكل ما يريده هو ان نسد كل ما نحن مدينون به عندما يكون بمقدورنا ذلك.

و هذا يجب أن يتم في اسم الرب يسوع. فلا يوجد مجد لله إذا قلت: "قد سرقت هذا. أنا آسف. والآن اريد ان اعوض لك عن ذلك". فيجب على افعالنا ان ترتبط بالشهادة للمسيح، مثل: "قد أصبحت مؤمنأً من خلال ايماني بالرب يسوع المسيح. قد كلمني الرب عن بعض الأشياء التي سرقت منك قبل خمس سنوات. قد اتيت لكي اعتذر ولأعيدها لك". كل عمل تقي أو لُطف يقوم به المؤمن يجب أن يرتبط بالشهادة للمخلص حتى يعطي المجد له وليس للشخص نفسه.

روح المغفرة:

العنصر الثالث في الإنكسار هو الرغبة في المغفرة عندما يُساء لنا. وهذه تتطلب نعمة بنفس القدر الذي يتطلبه الإعتذار أو التعويض. فبالحقيقة العهد الجديد يقدم لنا تعليمات واضحة وصريحة جداً بالنسبة لمغفرة الآخرين.

قبل كل شيء، عندما يُساء لنا يجب علينا وفوراً أن نغفر من القلب للشخص المذنب الينا (أف32:4). حتى قبل ان نذهب اليه لنقول اننا غفرنا له، يجب علينا فعلا أن نكون قد غفرنا له من القلب.

عندما يُسيء اليّ شخص ما، يجب علي أن اغفر له. عندها اطلق روحي. أما إذا حملت تلك الإساءة في قلبي، فإني اخطئ الى الله، وأيضاً الى ذلك الشخص وأجازف بغفران الله لي. سواء اذا تاب، كفّر، طلب غفراني أم لا، هذا غير مهم. قد غفرت له في تلك اللحظة. يجب عليه ان يقابل الله بالإساءة التي ارتكب، فذلك بينه وبين الله، ليس بينه وبيني، آخذاً بالحسبان انه يجب علي ان اساعده (مت15:18). لكن سواء نجح ذلك ام لا وقبل ان ابدأ به، يجب علي ان اغفر له.

هناك الكثير من الأخطاء التي يمكن ان تُغتفر وتُنسى في نفس اللحظة. انه لإنتصار كبير اذا استطعنا ان نفعل ذلك. "المحبة... تحتمل كل شيء وتصدق كل شيء وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء" (1 كورنثس 7:13). سُئلت مرة كلارا بارتون، وهي مؤسِّسة الصليب الأحمر الأمريكي، "هل تذكرين ما هو الشيء الحقير الذي قالته تلك المرأة لك؟" وكان ردُّها: "ليس فقط لا أذكر؛ بل أذكر بشكل واضح اني نسيت."

اذا كانت الإساءة نابعة من الطبيعة القديمة، وشعرت انه ليس من الحكمة ان تدعها تمر، فالخطوة التالية هي ان تذهب لذاك الشخص وتعاتبه (مت15:18). فاذا تاب، عليك ان تغفر له. "وان اخطأ اليك سبع مرات في اليوم ورجع اليك سبع مرات في اليوم قائلا انا تائب فاغفر له" (لو4:17). ان من الحق ان يكون لدينا الإستعداد لنغفر بلا حدود. فبالحقيقة، قد غُفر ولا يزال يُغفر لنا بعدد مرات لا تُحصى.

لاحظ أنه لا يجب عليك ان تذهب وتقول للجميع عن إساءة ذاك الشخص لك (وهذا غالباً ما نفعله بلا استثناء). "اذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما" الطريقة البديهية هي ان تُحجّم تلك الإساءات قدر المستطاع.

فعندما يعترف أو يتوب الأخ المُسيء لك، عليك ان تقول انك غفرت له. فأنت قد غفرت له في قلبك، لكن الآن تستطيع ان تُظهر غفرانك له.

لكن لنفرض انه رفض التوبة. عندها بالمقارنة مع متى 16:18 "وان لم يسمع فخذ معك ايضا واحدا او اثنين لكي تقوم كل كلمة على فم شاهدين او ثلاثة". اذا رفض ان يسمع للشاهدين أو ثلاثة الشهود، عندها يجب رفع الأمر للكنيسة. فالهدف من هذا كله ليس الإنتقام أو العقاب، بل من أجل إرجاع ذاك الأخ.

اذا فشلت هذه المحاولة الأخيرة، فليكن عندك كالوثني والعشّار. بكلمات اخرى، لا تعامله بعد كباقي الإخوة في الكنيسة المحليّة. بما أنه لم يعد يتصرّف بعد كمؤمن، اعتبره غير مؤمن. لكن في اللحظة التي يأتي بها لك تائباً، إغفر له. عندها تكون الأخوّة قد أُعيدت.

الله يكره عدم المغفرة، التصميم على الحقد، وعدم الإستعداد لجعل الماضي ماضياً. وهذا ظهر بوضوح بمثل العبد الذي لا يغفر (مت23:18-35). عندما كان مديناً، سامحه الملك بمليون دولار. لكنه لم يرد أن يسامح أخاه العبد المدين له ببعض الدولارات. فالدرس واضح. بما أن الله سامحنا وغفر لنا عندما كنا مدينين له حتى الرأس، يجب علينا ان نغفر نحن ايضاً للذين هم مدينون لنا بأشياء زهيدة.

تحمّل الإساءة دون إنتقام:

فهناك مظاهر اخرى للإنكسار. منها تواضع الروح التي تعاني من أجل الحق والتي لا تنتقم. وهنا، بالطبع، المثل الأفضل هو ربنا، "الذي اذ شُتم لم يكن يشتم عوضا واذ تألم لم يكن يهدد بل كان يُسلم لمن يقضي بعدل" (1بط23:2). فنحن جميعاً مدعوون الى هذا النوع من الحياة.

لان هذا فضل، ان كان احد من اجل ضمير نحو الله، يحتمل احزانا متألما بالظلم. لانه اي مجد هو ان كنتم تُلطمون مخطئين فتصبرون؟ بل ان كنتم تتألمون عاملين الخير فتصبرون، فهذا فضل عند الله (1بط19:2-20).

ففي كتاب "من نعمة الى مجد" "From Grace to "Glory)، يُذكّرنا موردخ كامبل أنه كان لدى جون وسلي امرأة جعلت حياته مستحيلة. حيث كانت مستعدة ان تسحبه من شعر رأسه في ارجاء الغرفة. ورغم ذلك، لم يقل لها أي كلمة قاسية. ويضيف كامبل:

"كان خادم تقي متزوجاً بإمرأة مشابهة. ذات مرة، وهو جالس يقرأ في كتابه المقدس. فُتح الباب ودخلت زوجته. فأخذت كتابه المقدس منه ورمته في النار. عندها نظر اليها بهدوء وقال: "لم أجلس من قبل امام نار استدفىء." وكان هذا الجواب، الذي صرف سخطها، بداية حياة جديدة وكريمة لها. عندها تحولت من "ايزابل" الى "ليديا". الشوكة اصبحت زهرة الوادي.

قال احد القديسين،

"انها لعلامة على عمق وصدق التواضع عندما نرى انفسنا تتحمّل الإدانة بلا سبب. فإن تحمّلنا للإهانة والإساءة لتمثُّلٌ رائع في ربنا يسوع. "آه يا ربي، عندما اتذكر كم من المرات التي قاسيتَ فيها من اجلي، وانت لا تستحق ذلك، انا لا اعلم اين يكون عقلي عندما اكون في عجلة لأن ادافع عن نفسي واقدم الأعذار، هل يمكن ان ارغب في ان يتكلم الناس عني حسنٌ، في الوقت الذي قالوا فيك سوءاً؟ "

إغلب الشر بالخير:

ميّزة اضافية في حياة الإنكسار ليس فقط تحمّل الإساءة بصبر، بل مقابلة الأساءة بالإحسان. "لا تجازوا احدا عن شر بشر. معتنين بامور حسنة قدام جميع الناس... فان جاع عدوك فاطعمه. وان عطش فاسقه. لانك ان فعلت هذا تجمع جمر نار على راسه. لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير" (رومية 17:12، 20-21).

هنا اتذكر دائما الفيل الذي كان مالكه يقوده في احدى شوارع الهند. فقد كان يحمل عصاً حادة من المعدن لينخس بها الفيل من اجل التحكم به. ثم انزلقت تلك العصى من يد المالك وسقطت على الأرض محدثة صوتاً حاداً، عندها التفت الفيل للخلف، وأمسكها بخرطومه، وناولها لسيده. اذا استطاعت الفيلة ان تكون من المؤمنين، فبالتأكيد كان ذاك الفيل واحدا منها.

تقديم الآخرين في الكرامة على الذات:

هذا هو نوع من الإنكسار الذي يحسب الآخرين افضل من الذات (في3:2). ونرى ذلك مشروحاً في حادثة من حياة ابراهيم (تك1:13-13). حيث صعد مع لوط من مصر مع عائلاتهم وممتلكاتهم الى بيت إيل. فحدثت مخاصمة بين رعاة مواشي ابرام ورعاة مواشي لوط، اذ لم تحتملهما الأرض ان يسكنوا معا. عندها تدخل ابرام وقال: "انظر يا لوط، لن نصبح أعداء بسبب قطعة من الأرض. خذ الأرض التي تحلو لك، وانا سآخذ ارضاً اخرى. فاختار لوط لنفسه كل دائرة الأردن – التي كانت قريبة من سدوم. فذهب صاحب القلب الكبير ابرام الى ارض كنعان. وهكذا عاش احد قديسي العهد القديم مقدّما لنا تطبيقا عملياً لما قصده بولس عندما قال: "وادّين بعضكم بعضا بالمحبة الاخوية. مقدمين بعضكم بعضا في الكرامة" (رو10:12) .

الطاعة:

ليس هذا فحسب. فالله يريدنا ان نكون منكسرين في قبولنا وطاعتنا لمشيئته. فكاتب المزمور يقول بشكل موجز: "لا تكونوا كفرس او بغل بلا فهم. بلجام وزمام زينته يكم لئلا يدنو اليك" (مز9:32). يميل الحصان الطَّلِق الى العدو لمسافات كبيرة، بينما يرمز البغل الى العناد. اذا يوجد لدينا خطران فيما يتعلق بطاعتنا لمشيئة الله. فمن الممكن ان نتحرك دون ارشاد، او ان ننطلق دون دعوة. ومن الممكن ايضاً ان نقاوم ارشاد الله الواضح لنا.

فمثلا، يونان. لم يكن هناك اي شك فيما يتعلق بدعوة الله له. فقد كانت دعوته ان يذهب الى نينوى لينادي بالتوبة. لكنه لم يكن منكسراً بعد. لذلك ركب في سفينة متجهة في الإتجاه المعاكس. فقط بعد تجربته المرعبة في جوف الحوت انحنت ارادته للطاعة. عندها ذهب مسرعاً لكي يبرهن ان ارادة الله هي، بالرغم من كل شيء، صالحة ومرضية وكاملة (رو2:12).

نحن نجد انكساراً مدهشاً في الجحش الذي ركب عليه يسوع عندما دخل اورشليم (لو29:19-35). فحتى تلك اللحظة لم يكن قد ركب احد على ذلك الجحش، وكان من المتوقع ان يقاوم بشدة اي محاولة لركوبه. لكن عندما اقترب المخلص منه، اختبر معجزة من الإنكسار اللحظي. فأصبحت إرادة الجحش متجاوبة بشكل كامل مع إرادة خالقها.

ممكن ان يكون ربط بسيط ان اذكر الطين في حديثنا عن الإنكسار، لكن الطين بيد الفخاري هو وصف رائع للشخص المنكسر بين يدي الرب – ليّن ومتجاوب لضغط اصابع الله.

والصلاة اليومية للشخص المتجاوب منعكسة في كلمات الترنيمة التالية:

لتكن طريقتك، يا رب... لتكن طريقتك

انت هو الفخاري وانا الخزف

شكّلني واصنعني بحسب مشيئتك

وانا سأنتظرك، متمسكاً وثابتاً

لتكن طريقتك، يا رب... لتكن طريقتك

افحصني وجربني يا سيّد اليوم

أبيض من الثلج يا رب اغسلني الآن

في محضرك انا انحني بخشوع

لتكن طريقتك، يا رب... لتكن طريقتك

فأنا مجروح ومتعب، ساعدني، انا اصلي

القوة – كل القوة – بالتأكيد هي لك

إلمسني واشفِني، مخلصي الإله

لتكن طريقتك، يا رب... لتكن طريقتك

فستبقى أنت سيّدي المُطلق

املأني بروحك حتى يرى الجميع

المسيح وحده، دائماً، حي فيّ 

آراء الناس في الموت:

هناك الكثير من المظاهر الأخرى للإنكسار. فمثلاً، يجب علينا أن نصل الى تلك المرحلة التي نكون عندها أمواتاً عن إستحسان العالم أو عدمه. بعد قبول و. ب. نكلسون للرب يسوع كمخلص، كان تحت وصاية احد الخدّام، الذي قال له مرة: "اذا كنت ملتزماً نحو خدمة الله، احمل هذه اللوحة لبضع ساعات في وسط المدينة. التي كتب عليها هذه الكلمات، "ميت عن آراء الناس". وكان لهذه التجربة أثر كبير لجرأة نكلسون في خدمة المسيح.

الإعتراف بخطايا الآخرين كأنها خطايانا:

يجب علينا ان نكون منكسرين لدرجة ان نعترف بخطايا شعب الله كأنها خطايانا. وهذا ما فعله دانيال (دا 3:9-19). فلم يكن هو المذنب عن معظم الخطايا التي اعترف بها. لكنه وضع نفسه مع كل الشعب بشكل كبير، حتى ان خطاياهم اصبحت خطاياه. فهو يذكرنا، بالطبع، بالذي "حمل خطايانا وأحزاننا كأنها له". والدرس لنا هو ان نعترف بخطايا الآخرين كأنها خطايانا بدلاً من انتقاد المؤمنين وتوجيه أصابع الإتهام لهم.

المحافظة على هدوئنا في الأزمات:

آخر مظهر للإنكسار يرتبط بالإتزان والهدوء في أزمات الحياة. فعندما يحدث تأخير لا يمكن تفاديه، رد الفعل الطبيعي هو الإرتباك والغضب. التغيرات المفاجئة للروتين غالباً ما تُحدث تضايقاً وانزعاجاً. تعطل السيارة والحوادث – كم من السهل ان تضايقنا وحتى تسبب حدّة في المزاج. للتغير في جدول المواعيد ولخيبات الأمل طريقة في إظهار الأسوأ فينا. فالهيجان، الغضب والسخط أشياء تفسد شهادة المؤمن.

من طرق الإنكسار المحافظة على الهدوء خلال هذه الأزمات، ومعرفة ان الله يتحكم بكل ظروف الحياة لأجل اهدافه. فيمكن ان يكون إطار السيارة المثقوب بركة غير ظاهرة، وهي حماية من حادث في اسفل الطريق. ويمكن للزائر المفاجئ الذي قطع خدمتك للرب ان يمثل خدمة أكثر اهمية مما كنت تفعله. الحادث، مع كل آلامه، عدم الراحة والخسارة التي يسببها، يمكن ان يقربك من اشخاص مستعدين بتهيئة من الروح القدس لإستقبال بشارة الإنجيل. ففي كل هذه الظروف، يرغب الرب ان يرانا نتصرف بسرعة بهدوء بدلا من التسرع، بإنكسار بدلا من التمرد.

فهذه اذاً هي بعض الأمثلة من مفهوم الإنكسار. فالقائمة هي مقترحة وبالتأكيد ليست الشاملة. فبينما نسير في تبعية الرب، سيُرينا نواحي من حياتنا الفردية التي نحتاج ان نكون منكسرين فيها عند الصليب. ومع كل اعلان مثل هذا سيعطينا النعمة التي نحتاجها.

"لان الله هو العامل فيكم ان تريدوا وان تعملوا من اجل المسرّة" (في 13:2).

ما الذي لا يعنيه الإنكسار

من الجدير بنا، بعد ان رأينا بعضاً من عناصر الإنكسار، ان نشرح باختصار غير المقصود بالمُصطلح. فهذا لا يعني ان يصبح الشخص ناعماً وذليلاً، بائساً ومسكيناً. أو ان يكون بلا قوة، غير مؤثر في من هم حوله. فالمقصود هو العكس تماماً. الإنكسار هو أحد اهم عناصر الشخصية القوية. فلا يحتاج المرء ان يتعلّم ان يكون غير مُنكسر. لكن ضبط النفس مطلوب لنكون مشابهين للمسيح في الوقت الذي تثور فيه ضدنا كل غرائزنا الطبيعية!

فالأشخاص المنكسرين هم الذين يمتلكون اكثر الشخصيات إقناعاً. فهم يؤثرون بهدوء بسبب القوة الكبيرة التي فيهم. فصحيحٌ هو المكتوب: "ولطفك يعظمني" (مز35:18). وهم قادرون ان يغضبوا عندما يستلزم ذلك. نحن نرى هذا في حياة ربنا يسوع. عندما قلب موائد الصيارفة وطرد الذين كانوا يبيعون ويشترون من الهيكل. من المهم ان نلاحظ ان غضبه لم يكن بسبب اي إهانة له شخصياً، بل بسبب اهانة بيت الله. مثلما قيل: "كان أسداً فيما تعلق بأمور الله لكنه كان حملاً فيما تعلق بأموره". الكثير من الشهداء المسيحيين والإصلاحيين كانوا منكسرين، لكن من المستحيل القول انهم كانوا ضعفاء وغير مؤثرين.

صراع الأجيال

احد اصعب النواحي في تطبيق الإنكسار يظهر في العلاقة بين الأهل والأبناء. بسبب الطبيعة البشرية الساقطة، نظهر وكأننا غير مُحبّين لأقرب وأعز الأشخاص لنا. الكثير من الشابات المسيحيات يعانين من معارك داخلية كثيرة بسبب العداء الذي يشعرن به تجاه أمّهاتهن. وايضاً الكثير من المسيحيين قليلاً ما يكونون مهذبين مع آبائهم في معظم الوقت. لا أحد ينكر وجود صراع الأجيال؛ بالحقيقة انه لفجوة كبيرة. فالشباب يشكون دائماً ان ذويهم لا يفهمونهم وأنهم على غير صلة بالعالم المعاصر. لكن بالرغم من كل ذلك، يشعر الكثير منهم بالذنب والخجل لدرجة انهم لا يستطيعون التغلب على مواقفهم هذه والتصرّف كمؤمنين تجاه ذويهم، كنوع من التغيير. هم يعرفون انها هزيمة كبيرة في ان يكونوا لطفاء وان يتصرفوا باحترام مع رفقائهم وحتى مع الأشخاص البالغين في مقابل التصرّف بمنتهى البرودة والحِدّة في المنزل. هم يكرهون انفسهم لأنهم غالباً ما يتمنون الموت لذويهم، لكن الإنكسار والإعتراف مثل قرص دواء صعب البلع.

لم تكن صدفة انه عندما اعطى الله الوصايا العشر لشعب إسرائيل، خصّ واحدة منها لهذه الناحية الصعبة والحرجة من العلاقات البشرية: "اكرم اباك وامك لكي تطول ايامك على الارض التي يعطيك الرب الهك" (خروج 12:20).

واعاد بولس الوصية في العهد الجديد: "ايها الاولاد اطيعوا والديكم في الرب لان هذا حق. اكرم اباك وامك. التي هي اول وصية بوعد. لكي يكون لكم خير وتكونوا طوال الاعمار على الارض" (اف1:6-3).

ان أُكرم وأُطيع والديَّ، لا يعني ان افعل ما يطلباه مني فقط، بل ان احترمهم، واكون لطيفاً معهم وان اعتني بهم عندما يكون ذلك ضرورياً. ويعطينا بولس أربعة أسباب: لان هذا حق. لانه في مصلحة الاولاد. لانه مكتوب. لان فيه وعد طول الحياة على الأرض.

لكن الكثير من الأولاد والبنات أقنعوا أنفسهم ان ذلك ممكن للأخرين، وببساطة غير ممكن لهم. فوالديهم اصعب من ان يحتملوهما.

ان كل ما يلزم هو الإنكسار. فهذا يعني ان الذهاب الى الأهل والقول: "انا اسف لأني كنت عنيداً في علاقتي معكم. لم اشكركم من قبل على كل ما تقومون به من اجلي، لكني اريد ان افعل ذلك الآن، اطلب اليكم ان تسامحوني على طريقتي في بناء اسوار فاصلة بيننا. بمعونة الرب، ستكون الأمور مختلفة في المستقبل".

يمكن ان نختصر الوقت الكثير لشرح كيفية جسر الفجوة بين الأجيال بقصة الإبن الضال. في البداية لم يستطع هذا المتسرع ان ينتظر موت ابيه؛ بل اراد ان ياخذ الميراث في تلك الحظة. وبالفعل، اخذه وذهب للعيش به.

ثم تبع رفقاء السهر، والشرب، والزنى. لكن سرعان ما نفد ماله وذهب الأصدقاء. فابتدأ المبذر يحتاج لقوته اليومي.

عندها اخذ يفكر في الخدم عند ابيه، الذين كانت معيشتهم افضل منه في تلك اللحظة. كم كان غبياً! قد ترك بيته غنياً والآن يرجع فارغاً. ذهب وهو يطالب بالعدالة لكنه يرجع طالباً الرحمة. ذهب ورأسه مرفوع لكنه يرجع زاحفاً مكسوراً.

"أبي"، يقول، "قد اخطأت. اخطأت الى الله وإليك. انا لا استحق ان ادعى ابنك". قد فكر ان يقول اكثر، ان يرجو عملاً كخادم. لكن عندها كان الأب يصدر الأوامر لعبيده. وبعد وقت ليس بكثير، كان الإبن مرتدياً ثياباً جديدة، وخاتماً في اصبعه، وحذاءً جديداً، وكان جالساً أمام عجل مشوي مع كل الزينة. قد تم جسر الفجوة بالإنكسار. لكن لم يكن بمقدور الإبن ان يعرف قبلة ابيه لولا انكساره اولاً في التوبة والإعتراف.

لا يوجد شيء يساعد في تقويم موقف الشخص العدائي مثل الإذلال نتيجة إعتذار كهذا. ففي المرة القادمة عندما يُجرَّب بأن يُظهر أي عمل غير محب لذويه، سيتذكر بسرعة خجل الإنكسار، وهذا سيكون له الردع الأقوى.

الفجوة الزوجية

ربما تكون ثاني اصعب ناحية في تطبيق الإنكسار الحقيقي تكمن في علاقة "الزوج والزوجة". فمرة اخرى هي مسألة عدم اظهار الحب لأقرب الأشخاص لنا، بينما نُظهر الإحترام والأدب للذين بالكاد نعرفهم. غالبا جدا ما يجب علينا ان نعترف اننا اشرار في البيت وقديسون خارجه.

فالكتاب المقدس واقعي في ان يحتسب مُقدَّما احتمال وجود توتر في العلاقة الزوجية. فتخطر على بالنا بالأخص الآية في كولوسي 19:3 "ايها الرجال احبوا نساءكم ولا تكونوا قساة عليهنّ".

القساوة أو البُغضاء التي تتطور في الزوج تجاه زوجته غالبا ما تكون عميقة لدرجة الإحباط من امكانية التغلب عليها. وغالبا جدا ما يستسلم ببساطة ويبحث عن التحرر من خلال الإنفصال او الطلاق. فلنأخذ حالة "جانو" و "جنكس". عندما تقابلا اول مرة، عرفا انهما خلقا لبعضهما. وخلال الأشهر اللاحقة، كانا يخرجان سوياً في كل فرصة. وبعد مرور ستة اشهر كانا مخطوبين وتم ترتيب الزفاف ستة اشهر. لكن تم الزفاف بعد اربعة اشهر من الخطوبة.

خلال السنة الأولى كانت الأمور على ما يرام. وفي احد الأيام حدثت مشاجرة بينهما، وأطلقت "جنكس" كل غضبها المكتوم ل"جانو" بسبب ما حدث قبل زواجهما. فأجابها بالمِثل. فتزعزع اساس العلاقة بينهما. بعد ذلك بدا زواجهما ميؤوساً منه. ووجد "جانو" ان البُغضاء التي شعر بها تجاه زوجته اكبر من الحب الذي احبها به ( 2صم 15:13).

اقترح الأصدقاء المؤمنون ان يذهبا لرؤية مستشار زواج مؤمن، وهكذا فعلا. لكن في داخلهما كانا عنيدين وفاقدين للأمل.

اخيرا تقدم "جانو" بطلب للطلاق، لكن قبل ان تُرفع القضية في المحكمة، تحداه صديق مؤمن ان يجرب طريقة الإنكسار. وايضاً زوجة هذا الصديق قالت ل"جنكس" في نفس الوقت ان تفعل نفس الشيء. لماذا لا ننكسر أمام الرب قبل ان ننكسر امام بعضنا البعض؟ لماذا لا نضع الماضي تحت دم المسيح ونبدأ بداية جديدة؟

قد فعلا ذلك. وقد كان اصعب شيء قام به كل منهما. لكنهما اجتمعا وتعاتبا عتاباً كاملاً. وعبّر كلٌ منهما عن كل ما بداخله. فقد قبل كلٌ منهما تحمل مسؤولية دوره في تلك الخطيّة التي حدثت قبل الزواج. فبعد الإعتراف للرب بالدموع، تعاهدا ان لا يدينا بعضهما على تلك الخطية فيما بعد. وطالبا بوعد الله انه قد غُفر لهما (1يو9:1). وبكل فرح غفر كل منهما للآخر كل شيء. وقرر كل منهما ان يسامح نفسه. وعندما فرغا من الصلاة، رُفع عنهما حمل كبير. وادركا انه ستكون هناك فترة من التعديل، لكن قد انقشعت غيوم البُغضاء عن حياتهما. وادركا ايضاً اهمية الإنكسار المستمر كلما ظهرت مشاكل مستقبلية في منزلهما.

وبعد أشهر، ترك "جانو" قراءة جريدة المساء وعلّق كم من العناء يبذله الناس في انهم مستعدون ان يصرفوا الوقت والمال على مستشاري الزواج والأطباء النفسيين، وان يجربوا كل "علاج" مكلف، لكن غير مستعدين ان يجربوا الإنكسار. فدون الإنكسار، تكون كل الطرق الأخرى غير مُجدية بالمرة.

فالرب يريدنا ان نكون منكسرين في جميع أمور حياتنا، ليس فقط على الصعيد العائلي. سيصارع معنا كما تصارع مع يعقوب في فنيئيل. سيحاول ان يكسر فينا الكبرياء، الأنانية، روح عدم المغفرة، العناد، النميمة، الخيانة، محبة العالم، عدم النقاء، حدّة الأعصاب وكل عمل للطبيعة القديمة. يريد أن يغير اسمنا من يعقوب الى إسرائيل، من المخادع الى الأمير، من شخص ماكر ضعيف الى شخص قوي مع الله والناس. سيصارع معنا حتى آخر النهار ويخلع حُقّ فخذنا. عندها سنمضي بقية حياتنا بخدمة شخص منكسر يستطيع الله ان يستخدمه.

الله يريدنا ان نكون بلا لوم. فلا يوجد بيننا من هو بلا خطية لكن نستطيع ان نكون بلا لوم. فالشخص غير الملوم هو الذي، عندما يرتكب خطأ ما، يُسرع الى تصحيحه. فهو لا يدع الشمس تغرُب على غيظه. بالإعتراف والإعتذار، يُبقي قنوات الإتصال مفتوحة بينه وبين الله وأيضاً مع اخوته المؤمنين. فالاسقف في الكنيسة المحلية يجب ان يكون بلا لوم (1 تي 2:3)، لكن يجب ان يكون كذلك كل مؤمن مسيحي.

فكر في النتائج

فكر في ماذا سيعني ذلك في حياتنا الشخصية، في بيوتنا، وفي كنائسنا المحلية وفي العالم العملي اذا كنا منكسرين كما يجب.

في حياتنا الشخصية سيعني ذلك قوة أكبر، سعادة أكثر، وصحة أفضل. فالأشخاص الذين لهم أكثر تأثير روحي على الآخرين هم الذين تحت نير مع المسيح في الوداعة والتواضع. هم الذين يجدون الإكتفاء والراحة في خدمة السيّد. والذي يفيدنا روحياً يفيدنا صحياً أيضاً. كُتب مرة في "المجلة الطبية البريطانية" تقرير جاء فيه: "لا يوجد اي عضو في جسم الإنسان منفصل تماماً عن الروح." تحدث الدكتور بولس تورنر عن مريضة كانت مصابة بسرطان الدم لأشهر. وبشكل غامض اختفى المرض و رجع دمها طبيعياً مرة اخرى. أظهرت التحريات ان تلك المريضة كانت تعاني من أزمة روحية، تحديداً، قد غفرت حقداً عانت منه لفترة طويلة. نعم، الإنكسار جيد للصحة.

فكر في بيت افراده متسامحون مع بعضهم البعض. بالتأكيد هناك بعض الخلافات التي ستظهر من فترة لأخرى، لكنهم لا يسمحون لها ان تكبت داخلهم غضباً أو حقداً. قد تعلمت العائلة فن الحب والمُصالحة المقدسة. هذا هو النوع من البيوت الذي يحب يسوع ان يكون فيه.

في الإجتماع المحلي، الإنكسار هو طريق الإنتعاش. هو قانون ثابت في النطاق الروحي ان دموع الإنكسار هي باب لأمطار من البركات. فبشكل عام، نحن نجرّب كل شيء في البداية عدا الإنكسار – مكاناً جديداً، طرقاً جديدة لكن ينتظر الله التوبة والتواضع. عندما نتوب تنهمر البركات.

"فاذا تواضع شعبي الذين دعي اسمي عليهم وصلّوا وطلبوا وجهي ورجعوا عن طرقهم الردية فانني اسمع من السماء واغفر خطيتهم وابرئ ارضهم (2 أخ 14:7).

فكر في التأثير الذي سيكون للمؤمنين في العالم العملي عن طريق تطبيق الإنكسار. فرجال العالم ليسوا منكسرين ويحبون ان يبذلوا قوتهم ونفوذهم ضد الأشخاص الذين مثلهم. لكنهم يدهشون عندما يتقابلون مع شخص لا تكون ردة فعله الغضب، شخص يعترف بخطأه ويعتذر، شخص يعيش لمجد الرب يسوع. فهذا هو نوع الحياة غير الطبيعي الذي يُعلن وبقوة عن الرب يسوع في عالم التجارة الصعب والمشوش اليوم.

  • عدد الزيارات: 7414