الصعوبة الخامسة عشر
لقد انتظرت طويلاً لعل الله يعطيني في داخلي علامة لغفران خطاياي وقبولي.
يقول الرب في (يو4: 48) "لا تؤمنون إن لم تروا آيات وعجائب". هذا المبدأ طريقة عتيقة تحجز البركة. ومن أين نشأت؟ إنها تنشأ من عدم الإيمان، إنها تنمو حيث تكون الرغبة في القلب لأن يرى علامة منظورة أو شيء يتكل عليه الشعور. شيء غير كلمة الله، وغير شخص المسيح وعمله الكامل. ويا له من مبدأ منعش للنفس أن ترى ذلك الرجل النبيل- خادم الملك الذي من كفرناحوم الذي كان له ابن مريض مشرف على الموت. قال له يسوع "اذهب. ابنك حي" يقول الكتاب "فآمن الرجل بالكلمة التي قالها له يسوع" (يو4: 5).
إن آجلاً أو عاجلاً فإنه لابد أننا جميعاً سنعود مستندين على الكلمة. عندما كان المبشر المعروف "دكتور كالمرز" في لحظة موته، قال لأصدقائه اللاهوتيين المحيطين به أعطوني كسرة مجردة من كلمة الله فأموت وأنا ممسك بها.
ومن منا لم يسمع عن الصبي المسيحي عندما كانت تسري في جسده الذابل برودة الموت وذهب عنه نور عينيه، قال وهو يحتضر "يا أمي افتحي لي الكتاب على يوحنا 3: 16، وضعي إصبعي على كلمة "كل من" وسأموت وإصبعي على هذه الكلمة، و "كل من" تعني "أنا" يا أمي. حقاً لقد كانت كلمة الله كافية له.
كنت أعرف فلاحاً في إحدى الأماكن المنخفضة بمدينة لينكولنشير وكانت نفسه في اضطراب عظيم، وهو يطلب من الله أن يعطيه شيئاً من القبول لديه... وكان له قطيع من الغنم يتجول به داخل المزرعة المحيطة بهذا المكان. وكان يسأل الله إن كان له رجاء في الخلاص. وتاهت منه عشرة أغنام فبحث عنها داخل مخزن في هذا المكان من المزرعة فوجدها هناك واستراحت نفسه فلم تُفقد واحدة منها. ألم يتعلم الدرس؟ لا. فبعد أن هدأت نفسه قليلاً عاد يطلب من الله أن يقبله. وتكررت الحادثة ثانية فيجد لأغنام الضائعة داخل مخزن آخر لم يضع منهم أحداً. وهنا سألت ذلك الفلاح هل تعلّمت من المرة الثانية فقال لم أحد سلاماً ولا يقيناً حتى تيقنت من كلمة الله ذاتها، وقال: كانت تحوطني غيوم كثيفة من الشكوك حتى وضعت قدمي على أساس راسخ "هكذا قال الرب" وعندئذ على صخرة الكتاب انزاحت أحمالي الثقيلة.
ولو رجعت إلى الإصحاح الأول في إنجيل لوقا سوف تجد تبايناً عجيباً بين مبدأ الإيمان الواثق البسيط ومبدأ العيان الذي يريد أن يرى بعينيه علامة يصدقها" عندما سمعت مريم كلام الملاك قالت "ليكن لي كقولك"، أما إجابة الإيمان فهي "طوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب" (لو1: 38و 45).
ومن جهة أخرى لما سمع زكريا رسالة جبرائيل قال "كيف أعلم هذا"؟. وكانت النتيجة هي أنه بقي صامتاً بدلاً من أن يفتح فمه بالتسبيح كما كانت مريم. ليتك أيها القارئ تدرك أن "ليس الله إنساناً فيكذب ولا ابن إنسان فيندم. هل يقول ولا يفعل؟ أو يتكلم ولا يفي؟" (العدد23: 19). أبعد ذلك يقال لك "لا تؤمنون إن لم تروا آيات وعجائب" فأي أعجوبة أعظم وأسطع مما كان في الجلجثة حين مات ابن الله عن الفجار والأثمة؟ وأي أمان أفضل لك من هذا "فم الرب تكلم".
- عدد الزيارات: 2425