الصعوبة الثالثة عشر
وهل أتيت بالإيمان الحقيقي الصحيح؟
كثيرون يرون في هذا السؤال صعوبة تحير. لكن الحقيقة أن هذا السؤال هو صيغة أخرى من المشغولية بالذات.
ونحن نريد أن نسأل، ماذا يفيدك إن كانت لك الطريق السليمة الصحيحة عن نوع الإيمان، إن لم يكن لك الشخص الحقيقي الذي تؤمن به؟ والذي، إن كان لك الشعور بحاجتك فعلاً، هل ينفعك غير ذلك الشخص الذي يقدر وأيضاً يريد أن يقابل هذه الحاجة عندك؟
وأي واحد بعد أن يشعر بفداحة الدين الذي عليه، وبعجزه الكامل عن سداده، نقول ماذا ينتفع هذا الشخص، إذا هو شغل نفسه بمثل هذا الكلام وقد سمع عن صديق حميم وسخي كريم مستعد لسداد الدين كله؟ ضع يا صديقي نفسك في ذلك المركز فماذا يكون طعم هذا السؤال على لسانك؟ أنا أؤمن يا صديقي أنه سدد ديني كله ولا أشغل نفسي إن كنت قد آمنت بالطريقة السليمة أم لا. إن كان يجب أن تسأل كان يلزم أن تسأل هكذا: "هل السداد قد حصل بالطريقة السليمة أم لا؟ وهل ارتضى الدائن بهذه الطريقة أم لا؟.
ربما تتساءل: هل من المحتمل أني آمنت بعقلي فقط وليس بقلبي؟ هنا يخاف أن يكون الإيمان عقلياً. وهنا تكون المصيبة أشد.
لكن ما هو الفرق بين إيمان عقلي وإيمان قلبي؟ أن تؤمن به في قلبك معناه أنك تؤمن بوعي من قلبك أن الرب يسوع هو وحده الذي يستطيع أن يوفي ديونك وبدونه تبقى هالكاً إلى الأبد. وهكذا إذا وثقت به بمجرد كلام اللسان دون أن يتمسك قلبك بالحقيقة التاريخية أنه مات من أجلك وأنه قام ثانية فإنما أنت بهذا تؤمن بلا شيء- تؤمن بلا ذبيحته الثمينة وبلا رجاء، مغلق عليك للدينونة.
تصور هذه الحقيقة قصة فرضية: امرأة ضعيفة، تسمع في نصف الليل وقع أقدام في المنزل. هي خافت على نفسها وعلى ولديها الصغيرين النائمين في فراشهما، وأكبرهما في التاسعة من عمره، فأيهما توقظه من نومه ليقابل اللصوص في تلك الساعة؟ ولا واحد منهما كفؤ حتى يواجه ظرفاً كهذا وهي تعرف أن دورية من رجال الشرطة تحرس الشارع الذي تسكنه وبكل قوتها تفتح النافذة وبصوت عال تنادي على رجال الأمن.
هذا الامرأة بدافع من شعورها بحاجتها إلى رجال الشرطة طلبتهم أولاً لأنها شعرت بعجزها عن حماية بيتها وثانياً لأنها وثقت في رجال الشرطة لمواجهة اللصوص. هذا فعلاً ما قرأه في رسالة رومية (ص 10). نقرأ في العدد العاشر "لأن القلب يؤمن به للبر والفم يُعترف به للخلاص".... وفي عدد 13 نقرأ "لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص". وأيضاً عدد 14 "فكيف يدعون بمن لم يؤمنوا به وكيف يؤمنون بمن لم يسمعوا به".
إن الخبر الذي سمعته عنه يُولّد الثقة فيه. ولذلك لأني آمنت أنه وحده يقدر أن يسدد حاجتي، دعوته ووثقت من كلمته أني أخلص، لأنه يقول "لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص".
لكن لا يثق القارئ بمجرد إيمانه العقلي بل الله يريدنا أن يكون لنا اليقين والإيمان القلبي. ماذا ننتفع نحن إن كان لنا مجرد إيمان كلامي، إن لم يكن هو الإيمان الحقيقي في شخص يوثق به.
في مثل الامرأة التي أشرنا إليها سابقاً إن كان لها إيمان بأن جارها الذي يسكن في البيت الملاصق لبيتها إذا هي دعته وطرقت بابه وكان هذا الجار غائباً أو لم يسمعها ولم يستيقظ. إن أقوى غيمان به لا يُخلّصها من اللصوص، بينما أكثر الناس خوفاً متى وثق برجل الشرطة، الذي يحرس الطريق ولا ينام يأتيه الخلاص السريع. نعم إنه لأجل هذا الغرض لا ينعس ولا ينام.
فهل تؤمن يا صديقي القارئ، إنك بلا قوة تماماً حتى أنك تعجز عن مواجهة ذنوبك وآثامك، وأن المسيح وحده بموته الكفاري، يقدر أن يُخلّصك. وأن الله قد وضع عليه كل الدينونة، لما وضع حياته كذبيحة خطية نيابة عنك. "جعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا". أن الله قد أوقع عليه بالبر كل دينونة خطاياك، وأن الله أعلن كل رضاه على تلك الذبيحة المكفرة عن الخطية بأن أقامه من الأموات وتوجه بالمجد السماوي. فهل دعوته بكل مشاعرك بأنه بدون تداخله بشخصه فالهلاك حتماً من نصيبك. وأنه يريد وعلى استعداد أن يخلصك.
خذ كلمته بكل ثقة "أن كل من يدعو باسم الرب يخلص" لا تتوانى في أن تعترف به ولا تحجب تسبيحه اللائق به من أجل خلاصه العظيم.
- عدد الزيارات: 2423