Skip to main content

موضوع للتأمل حيٌّ هو الله في شبابِه

إعداد وائل الراوي

"كتَبْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي مِنَ الْبَدْءِ. كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ لأَنَّكُمْ أَقْوِيَاءُ، وَكَلِمَةُ اللهِ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَقَدْ غَلَبْتُمُ الشِّرِّيرَ. لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ. ... لَمْ أَكْتُبْ إِلَيْكُمْ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ الْحَقَّ، بَلْ لأَنَّكُمْ تَعْلَمُونَهُ، وَأَنَّ كُلَّ كَذِبٍ لَيْسَ مِنَ الْحَقِّ" (1 يوحنا 2: 14، 15؛ 21).

هذا القول الذي يمثّل دعوةً من الرسول يوحنا حاضرٌ اليوم في أذهان الشباب المسيحي الذي يسعى يوماً فيوماً ليحقّقهُ ويستحقّهُ. ما عادَ الشباب يرضى بلعبِ دور المتفرج في كنيسةٍ يقودها ويتزعمها "الكبار" ويُسيّرها "الوجهاء"، بل صاروا هم الكل في الكل، خاصةً وقد أثمرت أتعابُ أيديهم بفضل إيمانهم وغيرتهم على الكنيسةِ وخدمتهم بنشاط وحيوية. وإذا نظرنا إلى أحوال الكنيسة اليوم نجد أدلةً كثيرةً على حيوية هذا الشباب، وفي مختلف الكنائس والطوائف.

هناك أولاً تنوعٌ في عمل الشباب الذي لا يقتصرُ على وجهٍ نشاطيّ معين في الكنيسة وخدمتها، بل يسعى ليحيط بكل الأمور وعلى قدر الإمكان. فنجد الشباب في قيادة المجموعات الصغيرة، وفي الزيارات الكرازية، وإرشاد الشباب الأصغر سناً، والصلوات والترنيم، وبعضهم في الوعظ.

إلى جانب هذا التنوع، تجدُ جديةً والتزاماً بالكنيسة وممارسةً عمليةً لحياة الإيمان تنعكسُ شهادةً صادقةً حيةً في كل مجالات الحياة التي يعيشها الشباب المسيحي وخاصةً في أُسَرِهِم وفي أماكن عملهم. فصرتَ ترى أن الشاب المسيحي هو الشاب الذي يعملُ بأمانةٍ وصدقٍ واجتهاد، وبإخلاصٍ للوطن، دونَ أن ينتظرَ علاوةً أو زيادةً في الراتب أو أيام إجازةٍ إضافية أو حظوةً في عيني الرؤساء والمدراء.

ثالثاً، يتميزُ الشبابُ المسيحي اليوم، أكثرَ من ذي قبل، بانفتاحه على الآخرين. فغير المؤمنين هم في حاجةٍ ماسة لأن يشهروا بأنهم محبوبون ومقبولون، وبآنٍ معاً بحاجةٍ لأن نشهدَ لهم بالإنجيل. ولكن الشهادة بالإنجيل لا تنفصلُ عن المحبة التي هي روح الإنجيل ورسالته بالدرجة الأولى.

رابعاً، تماهي الشباب في الكنيسة. ليس الشبيبةُ كنيسةً في الكنيسة، بل هم مجموعة أعضاء ضمن نفس الجسد الواحد، جسد المسيح. وبالتالي فما من نشاط يقوم به الشباب دون انسجام مع الكبار والصغار ي الكنيسة، وهكذا تتكاملُ الخِدمُ وتتآزرُ المواهبُ وتعمُّ البركةُ.

نقولُ أخيراً أن للشباب رأياً وموقفاً في الكنيسة وفي كل مجالات الحياةِ. ولهم أن يعبّروا عنه وأن يمارسوا دورهم على أكمل وجه. والكنيسة الحية فعلاً تلتقطُ ثمارَ الروح وتُدركُ أن "الروح يهبُّ حيثُ يشاء"، وإنها تجعلُ من كلِّ مؤمنٍ صورةً عن المسيح يسعى ليكونَ كمثالهِ. وإننا على ثقةٍ بأن الشبيبة سيحافظونَ على عهدِ إيمانهم بالرب، والله الحي في وسطهم كفيلٌ بأن يجعلَ سفينتَهم تصلُ إلى شاطئ الأمان.

  • عدد الزيارات: 3201