التعقيد الرائع المدهش للجسد البشري
إن تصميم وبنية الجسد البشري بحد ذاته يتطلب أصلاً خاصاً ومميزاً, غير مرتبط جينياً بمملكة الحيوان. إن دماغ الإنسان, على سبيل المثال, هو أعجوبة لا يمكن مقارنتها تدل على تعقيد في الكون المادي برمته. فبينما أجهزة الكمبيوتر الإلكترونية يمكنها أن تخزن وأن تتذكر مليارات من بيتات المعلومات, فإن قدرة دماغ الإنسان تبدو شبه لا متناهية. إضافةً إلى ذلك, إنه يستمر في وظائفه ليلاً نهاراً لسنواتٍ كثيرةٍ, منفذاً وظائف دون الوعي بعددٍ لا حصر له, ومصنفاً المعلومات السمعية, البصرية, والشمية, والذوقية, واللمسية, معالجاً إياها بشكل يمكّن صاحبها من أن يتصرف بناءً عليه. إضافة إلى ذلك, بإمكانه أن يفكر بحد ذاته[158].
إن العلماء الذين ليس لديهم التزامات نشوئية في الظاهر أو افتراضات مسبقة مهما كان نوعها، يستخدمون بشكل مضطرب المصطلحات الكتابية ليصفوا الدماغ البشري والجسم البشري: "معجزة", "أعجوبة", و"مدهش", "الخلق", "تصميم",..... إلخ. في رسالة ترويجية للعدد الصادر في سبتمبر 1979 من المجلة العلمية الأمريكية, تحدث و. هـ. يوكل بطريقة شاعرية ومتحمسة حول هذا الموضوع:
"إن المعرفة الجديدة العميقة عن الدماغ, والتي تجمعت بمعدل متسارع في السنوات الأخيرة, تُظهر أن هذا العضو قد صُمِّمَ على نحوٍ عجيب و يتمتع بقدرات هائلة تفوق الوصف ويعجز الخيال عن إدراكها.
إن الأجزاء الإلكترونية الصغيرة والدقيقة يمكن أن تحزم حوالي مليون دارة في القدم المكعبة, في حين أن الدماغ يُقَدّر بأنه يستطيع أن يحزم مليار دارة في القدم المكعبة. إن مفاتيح الكمبيوتر تتفاعل فقط بمفتاحين وليس أكثر في نفس الوقت, بينما الخلية الدماغية قد تنقل بيانات ومعلومات إلى حوالي ألف خلية أخرى من جانبي الدخل والخرج ....
لعل الأسئلة المحيرة أكثر المحيطة بموضوع وظائف الدماغ التي تجعلنا بشراً- هي قدرات الذاكرة والتعلم. متجاوزين ما يمكن أن يسمى الجزء الصلب من الدماغ, تأتي قدرة البرمجيات التي تحير الفرضيات. إن العدد الذي يعبّر عن هذه القدرة في نقل بيتات المعلومات الرقمية يتجاوز أكبر عددٍ يمكن لأي معنى مادي أن يشير إليه".
في رسالة ترويجية (شباط 1986), ووصْفاً لكتابهم الجديد عن الجسد البشري, الذي كان بعنوان "الآلة غير المعقولة", دعت الجمعية الوطنية الجغرافية القراء المحتملين "إلى رحلة داخل الجسم البشري... المخلوق الأكثر إعجازاً على الإطلاق". ومع 375 صفحة من الصور المثيرة والرسومات, يحتدم الجدال: إن الإنسان مصمم بطريقة مذهلة عجيبة. ولكن الكلمة التمهيدية التي كتبها لويس توماس, والفصل الإفتتاحي ("المخلوق الكوني") الذي كتبتْه سوزان شيفلبين يؤكدان لنا أن الإنسان ليس سوى "ساحرغير معقول" (ص 7) و"حادثة سماوية" (ص 11).
أمن الممكن لاتحاد عرضي للكتلة والطاقة والصدفة والزمن أن ينتج "مخلوقات عجيبة" أو أعضاء "مصممة بشكل مذهل وذات مقدرات هائلة"؟ بالوحي، كان داود قد كتب قبل ثلاث سنوات ما لا يمكن أن نـزيد عليه: "لأَنَّكَ أَنْتَ اقْتَنَيْتَ كُلْيَتَيَّ. نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي. أحْمَدُكَ مِنْ أَجْلِ أَنِّي قَدِ امْتَزْتُ عَجَباً. عَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ وَنَفْسِي تَعْرِفُ ذَلِكَ يَقِيناً" (مز 139: 13- 14)[159].
بينما ينذهل المرء أمام التعقيد الهائل لهذا "الكمبيوتر السوبر" الذي يسكن داخل الجمجمة البشرية, فإنه أيضاً يتفق بالرأي مع وايدر بينفيلد ("سر العِقد"، [برينستون: منشورات جامعة برينستون، 1975], ص 47):
"إن العقل هو الذي يجب أن يبرمج أولاً دماغ الكمبيوتر, لأن الكمبيوتر هو مجرد شيء وليس له بحد ذاته قدرة على أن يتخذ قرارات جديدةٍ بالإجمال لم يكن قد بُرمِجَ لأجلها.... الإنسان لديه كمبيوتر, ولكنه ليس كمبيوتر.... وأن يعامله ككمبيوتر هو كمثل القول بأن رسالة الحب يجب أن تكون الموضوع الوحيد لعواطف المرء- وليس المرسِل[160]".
[158]- "التايم", 14 كانون الثاني 1974. "يمكن للعقل أن يخزن حوالي مئة تريليون من البيتات من المعلومات- مقارنة بمليارات البيتات التي يستطيع الكمبيوتر أن يخزنها بالذاكرة الافتراضية" (نيوزويك, سبتمبر 29, 1986, ص 48).
[159]- للإطلاع على المزيد من المفاهيم المذهلة عن عجائب الجسم البشري، انظر بول براند وفيليب يانسي، "صُنِعَ على نحو مخيف وعجيب" (غراند رابيدز: منشورات زونديرفان، 1980)؛ وقد راجعه جون سي. ودافيد سي. ويتكمب في "مجلة النعمة اللاهوتية" 2: 2 (خريف 1981)، ص 333- 339.
[160]- أرثر س. كورستينس, "المادة العجيبة للعقل" (غراند رابيدز): (منشورات زوندرفان, )1980, ص 56, 66, 92.
- عدد الزيارات: 3982