Skip to main content

خلق السموات

لملائمة التفكير والتعبير البشري، يشير الكتاب المقدس إلى ثلاث سموات مختلفة. السماء الثالثة هي ذلك المكان المجيد المحيط بالوجود المباشر لله، والذي حُمِل إليه بولس برؤيا فائقة مبكراً في تجربته المسيحية (2 كورنثوس 12: 1- 4). السماء الثانية تبدو كأنها مكافئ لما ندعوه "الفضاء الخارجي"؛ بينما السماء الأولى تتألف من طبقة غلاف جوي تحيط بالأرض، والتي فيها تتحرك الغيوم وتطير العصافير.

في الأصحاح الأول من التكوين، يمكن أن يُرى تمييز بين السماء الأولى، التي فوقها ارتفعت المياه (الآيات 7- 8، 20) والسماء الثانية التي وُضع فيها النيّرين العظيمين (الآيات 14- 17). بالتأكيد لا يوجد أي شيء بدائي أو "سابق للعلم" بالمعنى السيئ للعبارة، حول علم الكون للتكوين، كما أظهر عدد من المفسرين الأكفاء بنجاح مراراً وتكراراً[59].

كيف كان شكل "السموات" في اللحظة التي خرجت فيها من يد الخالق "في البدء"؟ السماء الثالثة كانت مسكونة بمئات الملايين من الكائنات الملائكية (دانيال 7: 10، رؤيا 5: 11، 9: 16)، كل واحد منها هو "ابن لله" بمعنى الخلق المباشر لله (انظر أيضاً أيوب 1: 6) ولذلك فهم كاملون في كل طرقهم (انظر أيضاً حزقيال 28: 15). لا بد أن يكونوا قد خُلقوا في نفس البدء في اليوم الأول للخلق، لأن أيوب 38: 6، 7 يخبرنا بغنائهم وصياحهم فرحاً عند خلق الأرض.

حقيقة أنهم لم يكونوا موجودين قبل اليوم الأول، يُشار إليها في كولوسي 1: 16 (التي تُخبرنا أن المسيح خلق كل العروش، والسيادات، والإمارات والسلطات المنظورة منها وغير المنظورة في السموات كما على الأرض) على ضوء الخروج 20: 11 "لأنْ فِي سِتَّةِ أيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا".

كان من المسلّم به أن السماء الثانية، عالم "الفضاء الخارجي" قد كان فارغاً ومظلماً، لأن الشمس والقمر والنجوم لم تكن قد خُلقت حتى اليوم الرابع، ومصدر الضوء الخاص الذي قسم النور على الظلمة لم يكن قد صدر الأمر بعد بظهوره إلى الوجود.

السماء الأولى، أو طبقة الغلاف الجوي، لم يكن لها ظلة ضبابية سديمية ولا غيوم، لأن المياه لم تكن قد رُفعت بعد فوق القبة الزرقاء ("السماء") في شكل طبقة بخار حرارية غير مرئية ضخمة، التي لم تُوجد حتى الطوفان، ولم يكن هناك غيوم أو مطر، كما في عالمنا الحالي، بعد الطوفان[60]. لا يعطينا التكوين ولا علم الجيولوجيا أي دعم لفكرة أن الغلاف الجوي البدائي للأرض يتألف من الأمونيا (نشادر)، والميتان، والهيدروجين، والماء، كما تقول النظرية النشوئية القائلة بالتوليد العفوي التلقائي لمتطلبات الحياة (انظر الفصل 3).

يؤمن بعض دارسي الكتاب المقدس بأن الأجرام السماوية خُلِقَت في البداية، لكن لم يُمكن رؤيتها من الأرض بسبب طبقة كثيفة جداً من الغيم حيث غطت عتمةٌ وجه المحيط. إلا أن المياه لم ترتفعْ حتى اليوم الثاني، والضوء الذي خُلِقَ في اليوم الأول كان مرئياً بوضوح من الأرض. علاوة على ذلك، إن كان عمَلُ الله في اليوم الرابع يتضمن فقط كشف النقاب عن أجرام سماوية مخلوقة مسبقاً، فإن هذه الفكرة يمكن أن يعبر عنها بوضوح أكثر باستعمال الفعل "يظهر" كما في الآية 9 "وَلْتَظْهَرِ الْيَابِسَةُ". ولكننا بدلاً من ذلك، نعلم أن الله "عَمِلَ" النيّرين العظيمين[61] في اليوم الرابع، وأنه "عَمِلَ" أيضاً النجوم[62].

 

المحيطات

 

المحيطات:

في كل الكون، كوكب الأرض هو المكان المعروف الوحيد الذي لا يوجد فيه الماء السائل؛ وهنا يوجد 330.000.000 ميل مكعب فيها. إنها تصب على الأرض بمعدل 1.5 تريليون طن باليوم. إنها تغطي 72% من سطح كوكبنا، 70 بليون غالون لكل كائن حي.... الماء ضروري لوجودنا وموجود ليكون متوازناً بدقة في كل مواصفاته الفيزيائية لفائدتنا. عبارة "ماء الحياة" أيضاً موجودة في رؤيا 22: 17 في إشارة للخلاص. كم هو مناسبٌ لذلك الماء، المصدر الطبيعي الأكثر ذِكراً في الكتاب المقدس، لأن يُستعمل ليرمز لأكبر عطية من الخالق لمخلوقاته. كلاهما حر؛ كلاهما لا يُقدر بثمن (دونالد بي. دي يونغ: "ماء الحياة"، "رباعية جمعية أبحاث الخلق": 22: 3 [كانون أول 1985] ص 107- 114.

إن أحواض المحيط في عالمنا الحالي، منذ الطوفان، أكثر عمقاً من تلك التي كانت قبل الطوفان، لأنها الآن تفيد كخزانات من أجل "المياه التي كانت فوق القبة الزرقاء" بالإضافة إلى "المياه التي كانت تحت القبة الزرقاء" (تكوين 1: 7). بالحقيقة، في حين أن قمة إفرست ترتفع 29028 قدماً (8848 متراً) فوق مستوى البحر، فإن أعمق محيط (ماريانا ترنش قرب غوام في الباسيفيك) يبلغ 35810 قدماً (10915 متراً) عمقاً! عندما "انْفَتَحَتْ طَاقَاتُ السَّمَاءِ" من قِبَل الله في بداية سنة الطوفان، تكثفت الظلة الضبابية الضخمة وهبطت على شكل أمطار غزيرة خلال ستة أسابيع (تكوين 7: 11- 12). وفي نهاية سنة الطوفان "غارت الوديان [الأحواض]" وهذه الكتل الكبيرة من الماء التي "كانت تسقِّفُ العلالي" "فرَّتْ" الآن و"نـزلتْ إِلَى الْبِقَاعِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَسَّسْتَهُ لَهَا. وَضَعْتَ لَهَا تُخُماً لاَ تَتَعَدَّاهُ. لاَ تَرْجِعُ لِتُغَطِّيَ الأَرْضَ" (مزمور 104: 6- 9). هذا العهد العظيم الذي تجلى في قوس قزح (انظر تكوين 9: 8- 17؛ أشعياء 54: 9) هو ضماننا بأن المحيطات وصلت إلى مستقرها الأخير. عندما تُستبدلُ الأرض الحالية بأرض جديدة، فإن "الْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ" (رؤيا 21: 1).

[59]- انظر أيضاً آر. ليرد هاريس، "الكتاب المقدس وعلم الكون": "نشرة الجمعية اللاهوتية الإنجيلية" 5: 1 (آذار 1962) ص 11- 17.

[60]- انظر جوزيف سي. ديللو. "المياه فوق: ظلمة الأرض الضبابية قبل الطوفان". طبعة منقحة (شيكاغو، منشورات مودي ،1982)، والمراجعة من قبل جي. سي. ويتكومب و دي. بي. دي يونغ في "مجلة النعمة اللاهوتية" 3: 1 (ربيع 1982) ص 123- 132.

[61]- النيّرين العظيمين: أي الشمس والقمر. [فريق الترجمة].

[62]- انظر الفصل 3 من أجل مناقشة الكلمات "عمل" و"خلق".

  • عدد الزيارات: 5197