Skip to main content

الخلق مشتملٌ على ترائي ظاهري تاريخي

إنّ الفوق طبيعية والفجائية في الخلق تشكل خلفية ضرورية لمفهوم الخلق بتراءٍ ظاهري تاريخي أو دهري. هناك بضعة عقائد كتابية تتلاقى مع هذا التصور الخاطىء والهزئي، ليسَ من قبل كتاب علمانيين مدنيين بل أيضاً من قبل أؤلئك الذين يزعمون أنهم مسيحيون إنجيليون. وفي نفس الوقت، هناك بضعة عقائد بعيدة عن متناول الفهم في مغزاها اللاهوتي، وهذا يعود لسببين على الأقل.

بالدرجة الأولى، إن لم تكنْ هذه العقيدة صحيحة، فلا يكون هناك خلق أصلي حقيقي من قبل الله على الإطلاق. لقد أوضح هنري م. موريس هذه الفكرة تماماً بقوله: "إن كان الله قد خلق فعلاً أي شيء على الإطلاق، حتى أبسط الذرات أو المخلوقات، كان فيها من كل بدٍ ظهور أو تراءٍ دهري ما.فما كان ليمكن أن يكون هناك خلق حقيقي من أي نوع، بدون ظهور دهري أولي متأصل فيه. وكان لا يزال ممكناً تفسير المادة المخلوقة حديثاً كنوع من تاريخٍ نشوئي سابق. وإن كان الله قد استطاع أن يخلق أشياء ذرية ذات ظهور دهري- أي إن كان الله موجوداً- فعندها لا يكون هناك سبب يفسر، مع انسجامه الكامل مع صفة الحق فيه، عدم خلقه لعالم كاملٍ متكامل[44].

بالدرجة الثانية، إن كانت عقيدة الخلق مع ترائي تاريخي غير صحيحة، فعندها معظم المعجزات المدونة التي قام الرب يسوع المسيح بها لا تكون قد حدثت. في إحدى الأمسيات على سفح الجبل قرب بحر الجليل، أكل خمسة آلاف رجلٍ مع عائلاتهم أرغفة خبزٍ وسمكٍ كان (الرب) قد خلقها بترائي دهري. فها هنا كانت عشرات آلافٍ من أرغفة شعيرٍ مكونة من حبوب لم تُحصد من الحقول ولم تُخبز في الأفران. وكان هنا على الأقل عشرة آلاف سمكة لم تفقس من بيض أو تُمسك بشباك أو تجفف في الشمس.

"إنّ معجزة إطعام أربعة آلاف وخمسة آلاف التي اشتملت على خلق لحظي فوري لمواد حيوانية ونباتية يلقي الضوء بشكلٍ مؤكدٍ على خلق الحيوانات والنباتات في الأيام الثالث والخامس والسادس من تكوين 1"[45].

مثالٌ واضح آخر على نفس المنوال نجده مدوناً في الأصحاح الثاني من إنجيل يوحنا. عندما بدأ المسيح خدمته العلنية على الأرض، فأول أعجوبة قام بها "أظهرت مجدهُ" (يوحنا 2: 11) كخالقٍ للعالم (1: 3، 14). كيف أنجز ذلك؟ بتحويلٍ مباشرٍ فوري لحوالي 150 غالوناً من الماء إلى خمرٍ لذيذةٍ. وإنّ الخمر هو الحصيلة النهائية لسلسلة طويلة من العمليات الطبيعية المعقدة التي تشتمل على سحب الماء من النفاية في ثمار الكرمة والتحويل التدريجي لهذا الماء إلى عُصارة العنب. وحتى عندئذٍ العنب الناضج يجب أن يُقطَف وأن يُعصَرَ العصير منه وأن يُسمحَ للثُفالة أن تترسب. ولكن يسوع، رب الخليقة والخلق، تجاوز كل هذه العمليات الطبيعية والبشرية وخلق الناتج النهائي بظهور تاريخي.

"إنّ حقيقة بدء الرب (أعاجيبه) بالماء لا يقلل من حقيقة أن المعجزة هي أعجوبة حقيقية في الخلق. لقد أخذ الرب المكون H2O وحوله إلى C6H12O6 (الفركتوز، السكر الموجود في الخمر)، وأيضاً المنتجات الأخرى العديدة الموجودة في الخمر. لم يكن هناك فقط خلق مباشر لمليارات ذرات الكربون، بل ترتيبها جميعاً إلى جزيئات معقدة جداً يتركب منها الخمر. وما من أحد يمكنه أن ينكر أنّ هذا قد حدث بشكل مفاجئ وفوري"[46].

من المفيد لعلمنا أن نلاحظ أن رئيس المتكأ الذي "لم يعرف من أين جاء (الخمر)", افترضَ بشكلٍ طبيعي أن هذه "الخمرَ الجيدة" قد "أُبقِيت.... إلى الآن" في مكان ما (2: 10). كان هذا استنتاجاً طبيعياً، بالطبع، إذ لم يكن ليخطر في باله أو في بال أي أحد آخر في العالم احتمال أن تأتي الخمر مباشرةً من الماء. فمن المفترض بالتأكيد أن تمرَّ هذه عبر تطورٍ طبيعي في التاريخ. ولكن كان على خطأ. فهو لم يعرف القدرات الفائقة الطبيعة التي يتمتع بها المسيح، الله الخالق. إن كنتُ أفهم الكتاب المقدس بشكلٍ صحيح في هذه النقطة، فهذا هو السبب الحقيقي الكامن وراء نكران أو رفض فكرة الخلق الفائق الطبيعة. عندما نتأمل في أعمال الرب يسوع المسيح المخلوقة، سواء كانت الشمس أم القمر أم الأرض أم المحيطات أم النباتات أم الحيوانات أم الكائنات البشرية أم الإنسان الطبيعي،كما فعل رئيس المتكأ، فإننا نفترض ببساطةٍ أنها كلها قد "أُبقيت" في مكانٍ ما "حتى الآن"، وقد مرت عبر عملياتٍ طبيعيةٍ معقدةٍ من الأشكال الأولية البسيطة خلال فتراتٍ زمنيةٍ واسعة.

ليس من الصعب أن نرى تطبيق هذا المبدأ أيضاً على كل معجزة شفاء عظيمة قام بها ربنا. يخبرنا الأصحاح التاسع من إنجيل يوحنا عن رجلٍ وُلِدَ أعمى قد أعطاه يسوع نظراً كاملاً. لقد رفضَ رؤساء وسادة إسرائيل أن يؤمنوا أو يصدقوا أن الرجل الذي أُحضرَ أمامهم كان أعمى منذ الولادة – إلى أن سألوا والديه. يمكننا فهم حيرتهم. فكما عبر الرجل الذي شُفيَ:"مُنْذُ الدَّهْرِ لَمْ يُسْمَعْ أَنَّ أَحَداً فَتَحَ عَيْنَيْ مَوْلُودٍ أَعْمَى" (يو 9: 32). ففي لحظةٍ، خلق يسوع ظاهرةَ رجلٍ وُلِدَ ببصرٍ طبيعي.

على نفس المنوال، خلق يسوع في لعازر في بيت عنيا مظهر رجل لم يكن قد مات بعد. مَن بـ "فكره السليم" كان ليتخيل أن التاريخ الأخير الحديث لهذا الرجل الذي كان يجلس إلى مائدةٍ في بيت عنيا (يوحنا 12: 2) كان يشتمل على أربعة أيام من التحلل في قبر؟ "لأنّ عملية التحلل والتعفن تشتمل على تحلل المكونات البيولوجية المعقدة إلى مكونات بسيطةٍ، فإنّ كل خلية من جسد لعازر كان لا بدّ أن يُعادَ خلقُها وأن تُرجعَ إلى تعقيدها الأصلي. وهذا أيضاً كان أمراً مفاجئاً فورياً لا يمكن لأحد أن ينكره"[47]. لذلك فإن كل لحظةٍ من شفاءاتٍ فائقة الطبيعة أو مفاجئة أو كاملة للمريض، أو عاجز الرجلين، أو الأموات كانت تشتمل على خلقٍ لظاهرةٍ من حالةٍ سابقة فورية من الصحة والقوة لم تكن قبلاً. كل كاهن ممن كانَ مدعواً لأنْ يتفحص المجذومين الذين طهّرهم يسوع لا بدَّ أنه فكرَ في هذه المسألة (انظر متى 8: 4).

غالباً ما يعرّف النقاد المعاصرين لهذه العقيدة الخلق الكتابي باستخدام آراء فيليب هنري غوسي المتطرفة (1810- 1888)، الذي كتب كتاباً بعنوان "أومفالوس[48]: محاولة لحل العقدة الجيولوجية"[49]. إن غروسي لم يؤمن فقط بأن آدم قد خُلِقَ بسرّةٍ (ومن هنا جاء اسم الكتاب، من الكلمة اليونانية التي تعني السّرّة)، بل إنّ كل البُنى والتشكيلات الجيولوجية المدركة، بما فيها الطبقات الأحفورية، قد خُلِقت في المركز.[50]

يُعلق غ. ج. رينيه "إن كان فيليب غوسي على حق، فيمكن للمسيحي المتأصل أن يكون عالماً، لكنه لا يمكنه أبداً أن يكون مؤرخاً"[51]. إننا متفقون عموماً مع هذا الحكم، لأن مفهوم غوسي عن خلق المستحاثات يشتمل بالفعل على نكران لتاريخ كتابي خاصة تاريخ اللعنة التي في عَدْن في إدخال الموت الجسدي كنتيجة لخطيئة الإنسان، والطوفان العظيم بقدرته الفريدة وسرعته الفائقة في دفن النباتات والحيوانات في تشكيلاتٍ مستحاثية.

إضافةً إلى ذلك، فإن الكتاب المقدس لا يشير إلى أن آدم كانت له سرّة، لأن عدم وجود هذه العلامة عن الارتباط الجنيني بأمٍ بالكاد يُرسّخ حقيقة أن آدم كان كائناً متناقضاً غير كامل. ولنفس السبب، فإن الأشجار الأولى لم تكن بالضرورة تحوي حلقات نمو داخلها، ما لم يكن إظهار أن هذه ستكون أساسية لحياة الشجرة. لعلّه يمكننا أن نكون متأكدين أنه لم يخلق عالماً مليئاً بشهاداتٍ غير ضرورية أساسية أو خالية من الخطأ عن تاريخٍ سابقٍ بغية خداع البشر وتضليلهم. وهذا هو السبب في أنني أفضل استخدام التعبير "ترائي خارجي دهري" لوصف الخلق الأصلي في التحليل الأخير، على كل حال، الكتاب المقدس وحده يجب أن يكون دليلنا لتحديد ما خلقه الله فعلياً، بالمعنى الكتابي لذلك المصطلح.

في تكوين 1: 11 أمر الله الأرضَ أن "لِتُنْبِتِ الأرْضُ عُشْباً وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْراً وَشَجَراً ذَا ثَمَرٍ يَعْمَلُ ثَمَراً كَجِنْسِهِ بِزْرُهُ فِيهِ عَلَى الأرْضِ»". أنى لنا أن نفهم ذلك؟ إذ كنت لسنواتٍ عديدةٍ أوافق في الرأي أولئك الذين يصرون على وجود دليل كتابي، هنا على الأقل، على سلسلة معاملات في الخلق[52]. ولكن دراسة واسعة مستفيضة للنص الكتابي قادتني إلى التخلي عن ذلك الرأي. الإطار الصحيح لفهم أحداث أسبوع الخلق ليس هو عالمنا الحاضر للعملية غير الخلاقة (القانونان الأول والثاني لعلم الترموديناميك- الميكانيك الحراري)، لكن إلى حدٍّ ما شخصُ وعملُ الرب يسوع المسيح كما كُشِف النقاب عنه في العهد الجديد: إن كانت كل معجزة مرئية أجراها ربنا على الأرض تقريباً تضمنت خلقاً للتاريخ المبطن، فهل يجب علينا أن نتوقع أي شيء أقل خلال تلك الفترة التي لا مثيل لها عندما أتى بالعالم إلى الوجود؟ عندما أمر (الله) الأرض بأن تُنتجَ أشجاراً مثمرة، هل كان عليه خلق بذور أولاً وبعدها ينتظر عدداً من السنين حتى تنمو لمرحلة النضوج؟ إن الأمر الأكثر انسجاماً مع أعماله الأخيرة في الأرض المقدسة هو أن نفهم هذا الأمر كونه أُنجز بظهور فجائي لأشجار مثمرة تامة النمو تحمل ثماراً. بدون شك ستُعارض هذه الفكرة لأن هذا مخالف لطريقة الله العادية والملحوظة لجلب الأشجار المثمرة إلى الوجود في الوقت الحاضر. هذا صحيح تماماً. لكن لو تابعنا هذا الأسلوب في المناقشة بشكل متماسك، لوصلنا إلى فكرة أن الله ما كان ليستطيع أيضاً أن يخلق البذور الأولى، لأنه إذا كانت المراقبة أو الملاحظة العادية هي دليلنا، فالبذور الشديدة التعقيد للأشجار المثمرة يمكن أن تأتي فقط من أشجار مثمرة.

ينص العهد القديم نفسه على تشابهات مهمة للخلق الفائق الطبيعة للحياة النباتية "تامة النمو". لاحظ، مثلاً، وصف الله لعصا هارون فقط بعد ساعات قليلة من وضعها كعصا ميتة في خيمة الاجتماع: "... وَإِذَا عَصَا هَارُونَ لِبَيْتِ لاوِي قَدْ أَفْرَخَتْ. أَخْرَجَتْ فُرُوخاً وَأَزْهَرَتْ زَهْراً وَأَنْضَجَتْ لوْزاً" (العدد 17: 8). بقي مفعول هذا الشيء المعجزي لعدة قرون في تابوت العهد "كعلامة" (17: 10). قارن الأفعال التي استُعملت هنا ("نبتت"، "أفرخت"، "أنتجت"، "وحملت") مع الأفعال في التكوين 1: 11 ("تنبت"، "تعطي"، "تحمل"). يجب على المرء أن يتأمل المغزى الكبير لنبتة الظل (اليقطينة) التي "نمت في ليلة واحدة" شرقي نينوى بعمل الله العجائبي لمصلحة نبيّه المضطرب (يونان 4: 6- 1). بالتأكيد لا يمكننا إلا أن نتذكر خلق الله الأصلي لمملكة النبات مع تذكرنا لعصا هارون واليقطينة التي ظللت يونان، كعلامة على قوته وحكمته الفائقتا الطبيعة[53].

بالفعل من المستحيل تماماً أن نتجاهل الاستنتاج بأن الله خلق الكائنات الحية كل بحسب نوعها، كما نص عليه الأصحاح الأول للتكوين عشرات المرات المختلفة. بالتأكيد خلقهم بظاهرة عصر خيالية. وتخبرنا الأناجيل بأن الله بدأ دورة الحياة بعضويات ناضجة عوضاً عن أشكال جنينية (بدائية). كلا العهدين الجديد والقديم يتطابقان في خلق آدم وحواء الفائق الطبيعة، كناضجين. أفلا يجب أن يكون هذا صحيحاً بالنسبة لجميع أنواع الحيوانات؟ كيف يمكن لمخلوقات كهذه أن توجد كمجرد بيوض ملقحة خارج رحم الأم؟ وكيف يمكن لصغار الثدييات بأن تعيش بدون عناية الأم؟ أراد الله أن يتدخل بشكل مباشر ومستمر ليعتني بها. لذلك، ما لم نلتمس مخزوناً لا نهاية له من المعجزات، فالخلق المباشر للعضويات الناضجة يبقى هو التفسير المنطقي الوحيد لرواية التكوين لخلق الكائنات الحية كل بحسب نوعها.

منذ عدة سنين مضت عارضَ توماس هـ. ليث هذه الفكرة في مقالة بعنوان "بعض المشاكل المنطقية مع فرضية العصر الاعتباري"، التي قدمها في المؤتمر السنوي التاسع عشر للجمعية العلمية الأمريكية[54]. بالدرجة الأولى ادّعى الدكتور ليث بأن عقيدة كهذه تفتقد (ينقصها) الدليل العملي وتشوه (تقوض) كل العلم الصحيح. لكن إن كان هذا صحيحاً، عندها كل المعجزات في الكتاب المقدس يمكن نكرانها، لأنه، وعلى نفس الأساس، بالإمكان التصريح بأن الميلاد العذروي (البتولي) للمسيح ينقصه الدليل العلمي ويقوض علوم الوراثة والبيولوجيا. لقد أهمل قيامة لعازر كمثيل للخلق مع تاريخ اعتباري، لأنه في هذه الحالة- كما يدّعي- كان هناك مراقبون بشر حاضرين لرؤية المعجزة، بينما الثغرات المفترضة للتكوين (كالخلق والطوفان) لم يكونا ملحوظين. من المرجح، بالنسبة للدكتور ليث، أن سفر التكوين لا يمكن الاعتماد عليه بنفس الدرجة مثل إنجيل يوحنا، أو على الأقل الأعمال الخلاقةنمال أ 

المدونة في الأصحاحين الأولين للتكوين لا يناسبان المعايير الصحيحة للإثبات العملي، لأن المراقبين البشر لم يكونوا حاضرين ليدرسوها. بكلمات أخرى، يبدو وكأنه يلمّح بأن الله شاهدٌ غير جدير بالثقة لما حدث في زمن الخلق.

كان الاعتراض الرئيسي الثاني للدكتور ليث لعقيدة العصر الاعتباري هو أنها جعل الله خادعاً للبشر. فتساءل قائلاً: "إن المرء يتعجب لماذا يجب أن تكون الألوهية حقودة (كجني ديكارتي) لتخدعنا في مسائل مهمة ككثير من الأحداث الماضية للتاريخ والأعمار المحتملة للعديد من الأشياء خاصة عندما تكون نوعاً من الوهم الباطل ونحن كمخلوقات مساكين لا نستطيع الإفلات منها"[55]. يكفي للرد على هذا الاعتراض الشائع نوعاً ما، أن نقول بأن الله لم يخدعْنا في هكذا أمور طالما أنه كان قد أعطانا كتاباً معصوماً ليُخبرَنا بما صنع. لا أحد يُلام إلا أنفسنا، إن رفضْنا التدوين المكتوب لأعماله العجائبية والمُبدعة في التاريخ.

اقترح إدوارد ج. كارنل مبدأين ليرشدنا في هذا الموضع: "(1) بما أننا قد أُعطينا وعد الله للحفاظ على كون عادي، فإن المسيحي يمكنه أن يدافع عن مبدأ التطابق إلى أن يقع في الغموض أو يتحول عن الكتاب؛ (2) يجب أن نقر بفرح بحق الله الأخلاقي بأن يخلق الأشياء التي تبدو قديمة في الظاهر، ولكن ليست هكذا بالفعل. إن حدود كيفية استخدم الله لهذا الامتياز لا بد أن تقاس- في نهاية الأمر- ليس من وجهة نظر العلم، بل الأسفار المقدسة". وأصل إلى استنتاجه الأخير بأنه: "ربما يكون من الصعب تطبيق هذين المبدأين. هذا صحيح. لكن يوجد أمرٌ أكثر صعوبة، وهو أن ننقذ المسيحية من فكي كماشة العلم حيث أن مبدأ التطابق ينقض حق الله بأن يجري معجزات"[56].

إن كان الكتاب المقدس معيارنا في كل الحقائق، عندها لا يكون الخلق مع ظاهرة العصر خادعاً، بل مجيداً. هل خدَعَ يسوع صاحب الحفل[57] عندما حول الماء إلى خمر؟ كلمة الله تعطينا الجواب: "هَذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ" (يوحنا 2: 11). لقد ظهر مجد المسيح في هذه المعجزة لأنها تضمنت خلقاً فجائياً وفائق الطبيعة لكينونة معقدة بمعزل عن عمليات طبيعية. وبهذا، على ما نؤمن، أظهر الرب يسوع المسيح مجده في خلق العالم.

[44]- جون سي. ويتكومب، و هنري م. موريس، "الطوفان في التكوين" (فيليبسبرغ: منشورات الكنيسة المشيخية والمصلحة، 1961)، ص 238.

[45]- مارفن ل. لوبينو، "من سمكة إلى غيش": ينقض موريس وغيش مجموعة القوانين النشوئية (سان دييغو: منشورات CLP ، 1983)، ص 196.

[46]- المرجع السابق.

[47]- المرجع السابق.

[48]- أومفالوس: (Omphalos): صخرٌ إغريقيٌ مقدسٌ قديمٌ وخاصة ذاك الذي كان في دلفي والذي كان يُعتقد أنه مركز العالم. هنا نجد أن الكلمة تستخدم للدلالة على "سرة" الإنسان [فريق الترجمة].

[49]- "أومفالوس: محاولة لحل العقدة الجيولوجية" (لندن: جون فان فورست، 1857). انظر لوريتا روستير: " الآب والابن: مأساة إدموند غوسي" (علم الخلق الاجتماعي ورباعية العلوم الإنسانية" 2: 3[ربيع 1980].

[50]- المرجع السابق، ص 347.

[51]- "التاريخ: غايته وطريقته" (نيويورك: 1965)، ص 126.

[52]- انظر رسل ميكستر: "النشوء والفكر المسيحي اليوم" (غراندرابيدز: ايردمانـز،1959)، ص 69، 151.

[53]- "فَأَعَدَّ الرَّبُّ الإِلَهُ يَقْطِينَةً فَارْتَفَعَتْ فَوْقَ يُونَانَ لِتَكُونَ ظِلاًّ عَلَى رَأْسِهِ لِيُخَلِّصَهُ مِنْ غَمِّهِ. فَفَرِحَ يُونَانُ مِنْ أَجْلِ الْيَقْطِينَةِ فَرَحاً عَظِيماً" (يونان 4: 6).

[54]- "مجلة الجمعية العلمية الأمريكية" 17: 4 (كانون الأول 1965)، ص 118.

[55]- المرجع السابق ص 122.

[56]- "احذر من الربوبية الجديدة" (الربوبية هي مذهب فكري يدعو إلى الإيمان بدين طبيعيّ مبنيّ على العقل لا على الوحي، ويؤكّد على المناقبية أو الأخلاق" [فريق الترجمة): "المجلة" 12: 3 (كانون أول 1951) ص 14. انظر الرد على توماس ليث من قبل ليود جي. مُلثاف، قسم الفيزيائيات جامعة بنسلفانيا. صحيفة الجمعية العلمية الأمريكية، 18: 2 (حزيران 1966) ص63. انظر أيضاً المناقشة المسبقة للخلق الناضج في كتاب دونالد إي. تشيتيك. "المناظرة: جذور الجدال بين الخلق والنشوء" (بورتلاند، منشورات مالتنوما، 1984) ص 196. الدكتور تشيتيك هو عالم خبير وأستاذ، مقتنع بأن النشوئية هي بالحقيقة "ضد العلم" ص 116. من ناحية أخرى، هنري بلشر، هو لاهوتي متأثر كثيراً "بآراء الأغلبية" التي هي "مستحبة في الوقت الحاضر بين العلماء"، وهو يُصنّف كواحد من العديد من علماء الخلق المعتبرين في المجتمع العلمي على أنهم "ضد العلماء" (أي ضد أولئك الرافضين لفكرة خلق الله للكون) ("في البدء" [داونرز غروف: منشورات انترفارسيتي، 1984] ص 241 انظر أيضاً ص 213- 231). من الواضح بأن افتراضات المرء فيما يخص طبيعة الحقيقة الكتابية هي ذات أهمية جوهرية عند النظر إلى الأصول الأساسية والعلم التجريبي.

[57]- المقصود بذلك عرس قانا الجليل (يوحنا 2: 1- 11). [فريق الترجمة].

  • عدد الزيارات: 5219