Skip to main content

لا تدعهم يخدعوك

تم تأليف هذا الكتيب خصيصاً للشباب الذي يواجه اليوم هذا السؤال الصعب: "ترى ما هي الحقيقة, هل العالم هو خليقة الله أم أنه وليد التطور؟"

الحقيقة أن هذا السؤال بالغ الأهمية ربما تكون قد لُقنت في البيت أن جميع الأشياء هي خليقة الله. وتقبّلت قصة الخلق الكتابية الواردة في سفر التكوين (ص1و 2) على أنها حقيقة. بعد ذلك سمعت قصة مختلفة من معلميك في المدرسة (أو حتى من خلال التعليم الديني) حيث قيل لك بأن الأرض تطورت ببطء شديد من "سديم غازي" أو من شيء من هذا القبيل. وإن النباتات والحيوانات لم تُخلق وإنما نشأت وحدها تلقائياً من المادة الميتة. وهكذا قيل أنه في البداية كانت "الكائنات" البسيطة البالغة الصغر ومنها تطورت تدريجياً كائنات أضخم وأكثر تعقيداً (وهي النباتات والحيوانات) وقد احتاجت هذه العملية إلى ملايين السنين, هذا ما قالوه لك. أما البشر, فقد تطوروا ببطء من أحد أنواع الثدييات الشبيهة بالقرد فاحتاجوا أيضاً إلى مئات الآلاف من السنين.

هنا تبرز المعضلة أيهما هو الصحيح- الخَلق أم التطور؟ أو لو كان السؤال شخصياً: هل أنت نسخة مُحسنة عن بعض القرود أم أنك مخلوق أصيل صنيعة الله؟ ربما تجيب: "لحظة من فضلك, إن معلمي (أو رجل الدين) يقول بأن الخلق والتطور ليسا فكرتين متضادتين على الإطلاق فهو يقول بأنه من الممكن جداً أن الله خلق الكائنات على طريقة التطور. في هذه الحالة يكون الله قد (خلق) النباتات والحيوانات عن طريق إفساح المجال لهم بالتطور التدريجي من نوع إلى آخر".

نعم, إن الله قادر على ذلك. ولكن, هل فعل الله هكذا؟ هل يعتقد معلمك ذلك لأن الكتاب المقدس يقول أن الله خلق ما خلق بهذا الأسلوب؟ قطعاً لا. لأنه يدرك تمام الإدراك أن "الخلق" بالكتاب المقدس يظهر لنا كعمل الله في الحال. نقرأ في سفر المزامير أن الله "قال فكان, هو أمر فصار" (مزمور33: 9) وإن معلمك يعرف جيداً أن الكتاب المقدس لا يتكلم أبداً عن فترات تبلغ ملايين السنين صنع بها الله النباتات والحيوانات والبشر. بل على العكس إذ يقول الكتاب المقدس" في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر وكل ما فيها, واستراح في اليوم السابع" (سفر الخروج إصحاح 20, عدد11).

قد يقول معلمك أو رجل الدين أن الله يخلق الأشياء بطريقة النشوء, ولكنه لا يملك أي استناد يثبت ذلك من كلمة الله. الكتاب المقدس لا يتكلم عن تطور بطيء عبر ملايين السنين وإنما عن أعمال حالية خلال أسبوع واحد ذي ستة أيام. إذن فالقضية هي: إما أن يكون خلقاً كما يعلن الكتاب المقدس أو أن يكون نشوءاً.

ولكن كيف يمكن تعليل كون معلمك يُقر بأنه مسيحي (فهو يتكلم عن الله بأنه هو الذي يخلق) وهو مع ذلك يعتقد بالنشوء على الرغم من معرفته بأنه يتعارض مع التعليم الأساسي للكتاب المقدس؟ السبب هو أنه كان قد تعلم أن النشوء هو حقيقة علمية لا تقبل الجدل, ولا يرتاب في أمرها أي دارس مضطلع, لذلك يقرر بأن المعنى الحرفي للكتاب المقدس لا يمكن أن يكون صحيحاً, والخلاصة أنه يُحرِّف الكتاب المقدس معلناً أن الله خلق الحياة بواسطة النشوء. فيفترض أن مثل هذا (الخلق النشوئي) يحل جميع قضاياه.

لكن معلمك بتصرفه هذا إنما يُبعد نفسه عن كلا الفريقين اللذين يحاول هو الاعتماد عليهما. فإذا حَدَّث زملاءه غير المؤمنين أن الله هو الذي وجَّه عملية نشوء فلسوف يضحكون عليه. لأن النشوئيين الحقيقيين لا يحتاجون إلى الله, فلا مكان لله في تعليمهم, ويقولون "أعطنا الملايين أو الملياردات من السنين, والصدفة العمياء تقوم بالباقي" فالوقت والصدفة إذن هما الآلهة التي أنجبت النشوء.

أما إذا التفت معلمك إلى أقرانه من المسيحيين المؤمنين بالكتاب المقدس ليقول لهم بأنه هو أيضاً يؤمن بالخلق, إذ هو ليس ذلك المنكر لإيمانه وإنما يؤمن بأن الله خلق الأحياء بواسطة عملية النشوء, فلسوف ينظرون إليه بشيء من الرثاء. لأن المسيحيين المخلصين الذين يثقون بأن الله صادق في كلامه يدركون جيداً أن معلمك يستنتج من خلال "الخلق" أمراً يختلف كلياً عما هو في الكتاب المقدس إذ لا مكان للنشوء في إيمانهم . تخيل معي ماهية هذا الإله المعبود المطلوب لإرضاء إيمان معلمك بالخلق النشوئي. هذا الإله الذي إذ كان قد جعل الإنسان في فكره كعمله الإبداعي الأعلى ولكنه احتاج إلى ملياردات السنين لإنشائه. علاوة على ذلك فهو يفترض أن يكون قد طُوِّر الإنسان من خلال الموت والهدم وبقاء الأصلح في صراع البقاء. ويفترض أن يكون قد اتبع خطة تتحكم بها آلاف حوادث الإخفاق والنتائج العمياء جنباً إلى جنب مع آلاف الأنواع (غير الناجحة) التي ينبذها إلى أن يستطيع... في النهاية, وبعد أخطاء وتجارب أن يصل إلى هدفه: (الإنسان). فهل هذا هو الله الذي يحدثنا عنه الكتاب المقدس؟

بالرغم من الجهود التي يبذلها الكثير من المعلمين لتثبيت فكرة الخلق النشوئي في ذهن تلاميذهم, فالقضية لا تزال جاثمة بذات الضخامة التي كانت بها قبلاً: أيهما الصحيح, الخلق أم النشوء؟ كلاهما لا يمكن أن يكونا في ذات الوقت على حق. إذن فالمصادر التي تستقي منها المعرفة ليست جميعها بالضرورة صحيحة. وأنت في حيرة لا تدري بأيهما تأخذ. ولكن... الحذار, لا تدعهم يخدعوك بأفكار خاطئة فإما:

أن يكون الله قد صنع العالم في ستة أيام كما كنت قد سمعت ولُقنت عندما كنت صغيراً.

أو:

أن يكون الإنسان قد نشأ وترقى كما يعلن معلمك (أو حتى رجل الدين) وهؤلاء يحاولون أن يستندوا إلى كون الأشخاص المتعلمين اليوم يؤمنون بالنشوء لأنه قد تبرهن علمياً.

وباختصار, من نصدق: كتاباً قديماً لا أمل يرجى منه أم العلم المعاصر؟

بماذا يجب أن نعتقد: أبنظرية النشوء, وليدة التفكير البشري, غير المدعومة بالحقائق أم بالكتاب المقدس- الكلمة الكاملة الآتية مباشرة من لدن الخالق؟

أيهما هو الصحيح- الخلق أم النشوء؟

  • عدد الزيارات: 3808