مقدمة سفر نحميا
كان نحميا، وهو يهودي، يشغل منصبا مكرّما إذ كان ساقي الملك أرتحشستا، ملك الإمبراطورية الفارسية. وقد كان هذا المركز يدل على الثقة العظيمة، وهو شيء يحسده عليه الجميع لأنه لا يوجد شخص آخر في المملكة له مثل هذه العلاقة الوثيقة بالملك بصفته الساقي الشخصي له.
ولكن نحميا كان واحدا من المسبيين الأمناء الذين كانت قلوبهم في أورشليم (مزمور 4:137-6). فإن مركزه الاجتماعي وملذاته الشخصية وثروته المادية لم تكن لها الأولوية في تفكيره. ولكن اهتمامه الأول كان بأورشليم وبعبادة الله الواحد الحقيقي.
على مدى أكثر من 100 سنة كان يبدو من المستحيل إعادة بناء أسوار أورشليم (2 ملوك 8:25-11). فالبقية اليهودية الذين عادوا إلى هناك لم يكونوا أغنياء، والأعداء الدائمين من الشعوب المحيطة كانوا يدخلون بسهولة ويسرقون المحاصيل وغيرها من الممتلكات.
كانت حوالي 14 سنة قد مرت منذ أن قاد عزرا حملته إلى أورشليم، عندما تلقى نحميا بلاغا عن الفقر الروحي والمادي السائد هناك. يقول نحميا: فلما سمعت هذا الكلام جلست وبكيت ونحت أياما وصمت وصليت أمام إله السماء (نحميا 4:1). وقد نتج عن صلوات نحميا أن ملك فارس سمح له بالرحيل وعيّنه حاكما على اليهودية وأعطاه تصريحا بإعادة بناء الأسوار (نحميا 5:2-7؛ 14:5).
وقد واجه نحميا مقاومة شديدة من الأعداء المحيطين. بل إن بعض الأشخاص المرموقين في أورشليم رفضوا أن يتعاونوا معه (نحميا 19:2؛ 5:3؛ 1:4-12). ولكن بالصلاة المستمرة والإيمان بالله، قاد نحميا الشعب لإكمال الأسوار في زمن قياسي هو 52 يوما (نحميا 15:6).
وبعد أن كمل بناء الأسوار، اجتمع الشعب أمام عزرا ليقرأ لهم من سفر الشريعة. فأتى عزرا الكاتب بالشريعة... وقرأ فيها... من الصباح إلى نصف النهار (نحميا 1:8-14). وفي اليوم التالي جاء القادة إلى عزرا من أجل مزيد من الفهم. وقد نتج عن ذلك أنهم احتفلوا بعيد المظال. وكان يقرأ في سفر شريعة الله يوما فيوما من اليوم الأول إلى اليوم الأخير. وعملوا عيدا سبعة أيام (نحميا 18:8). وأدى ذلك إلى مزيد من الصلاة والاعتراف والصوم والتعاهد مع الله (إصحاح 8-11).
بعد ذلك رجع نحميا على الأرجح إلى البلاط الملكي في فارس وظل هناك ما يقرب من 12 سنة. وأثناء غياب نحميا عن أورشليم (نحميا 6:13)، زحفت الشرور إليها ولاقت قبولا. ولكن عندما عاد نحميا أمكنه تحويل الأمة مرة أخرى عن هذه الشرور وأعاد تأسيس العبادة الحقيقية (نحميا 7:13-31).
لم يكن عمل نحميا سهلا وإنما كان مليئا بالمخاطر (نحميا 12:4-14،17-23؛ 2:6-4،1-13). ولكن نحميا وعزرا اجتهدا كلاهما في توضيح كلمة الله للشعب وفي متابعتها بالتطبيق (نحميا 8:8،13،18؛ 1:13-30). وقام عزرا ونحميا بتدشين أسوار أورشليم (نحميا 27:12-43)، واستمر نحميا حاكما على أورشليم. إن تقوى وإخلاص هذين الرجلين يجب أن يكونا حافزين لكل الذين يهمهم أن شعب الله ينفصل عن الخطية ويعيش من أجل إكرام وتمجيد الرب.
- عدد الزيارات: 8842