مقدمة سفر القضاة
يسرد سفر القضاة أجزاء من تاريخ إسرائيل، منذ موت يشوع حتى مجيء صموئيل، وهي فترة تبلغ حوالي 330 إلى 400 سنة. وعلى النقيض تماماً مع الفرح والنصرة والحرية المذكورة في سفر يشوع، نقرأ هنا للأسف عن الفشل والعبودية وعدم الإيمان. وتوجد ثلاثة أقسام رئيسية:
(1) الأحوال في إسرائيل بعد موت يشوع (قضاة 1:1 - 23:2): لقد تجاهل بنو إسرائيل أمر الرب من جهة طرد جميع الكنعانيين المتبقين في أراضيهم (يشوع 18:17). ولكنهم لجأوا إلى المهادنة مكتفين بوضع الكثيرين منهم تحت أعمال السخرة أو الضرائب الباهظة. ولكن سرعان ما أدى هذا إلى التزاوج بينهم وبالتالي إلى عبادة آلهة الكنعانيين. وقد كانت هذه نقطة تحول في التحكم في أرض الموعد. فلقد سحب الرب حمايته، وتعرض بنو إسرائيل لغزو الشعوب الأخرى.
(2) يأتي ذكر أربعة عشر رجلا، بمن فيهم أبيمالك، ونبية هي دبورة، قاموا بدور القيادة. هم عثنيئيل (5:3-11)؛ وإهود (12:3-30)؛ وشمجر (31:3)؛ودبورة/ باراق (1:4-11)؛ وجدعون (1:6 - 32:8)؛ وأبيمالك الذي لم يكن مدعوا قاضيا من الله ولكنه كان متسلطا شريرا نصبه بعض من بني أفرأىم ملكا (1:9-6)؛ وتولع (1:10-2)؛ ويائير (3:10-5)؛ ويفتاح (6:10 - 7:12)؛ وإبصان (8:12-10)؛ وإيلون (11:12-12)؛ وعبدون (13:12-15)؛ وشمشون (1:13 - 31:16). ويظهر أيضاً عالي الكاهن وصموئيل النبي كقاضيين في سفر صموئيل الأول.
وعلى الأرجح أنه كان هناك قضاة أكثر من ذلك وأن فترات حكمهم كانت متداخلة حيث أن العديد من القضاة لم يكونوا يحكمون بالضرورة على كل الأسباط بل على منطقة محددة فقط حيث يكون الظلم واضحا. ولم تكن هناك حكومة مركزية، وقد تبع ذلك فترة من الظلام الروحي والفشل. والسبب الحقيقي لفشل إسرائيل هو أنه: كان كل واحد يعمل ما يحسن في عينيه (6:17؛ 25:21) - بمعنى أنهم تجاهلوا كلمة الله وأهملوا كونها السلطة النهائية التي تحكم سلوكهم.
وتركّز أحداث سفر القضاة على سبع فترات ارتداد رئيسية فيها عمل بنو إسرائيل الشر في عينَيّ الرب (7:3،12؛ 1:4؛ 1:6؛ 33:8؛ 6:10؛ 1:13)، وفي كل مرة كانوا ينهزمون من أعدائهم، ويفقدون حريتهم ورخاءهم، ويتعرضون للفقر الشديد والمذلة. ولكن في كل زمن من أزمنة الضيق، كان الشعب يصلي إلى الرب فيقيم لهم الرب مخلصاً، فتعود الأرض وتتمتع بفترة قصيرة من السلام والرخاء (إصحاح 3-16). ويوضح لنا هذا السفر أن الطاعة لكلمة الله تجلب السلام في حين أن العصيان يجلب الموت.
(3) الإصحاحات الباقية (17-21) ليست تكملة لتاريخ إسرائيل، لكنها تعطي فكرة عن الانحدار الأخلاقي والروحي أو الارتداد الكائن وسط الأسباط في ذلك الوقت.
إن سفر القضاة ليس مجرد سجل لحروب نشبت بين بني إسرائيل وبين أعدائهم. فإن الهدف الرئيسي من السفر هو أن يبين أنه متى أهملت كلمة الله فلا بد أن تحدث مهادنات مع العالم من أجل "المصالح" الذاتية والاجتماعية والاقتصادية.
- عدد الزيارات: 10769