Skip to main content

[ك]

كالب

كشّاف أرسله موسى لاستطلاع أحوال كنعان والشعب الساكن فيها. ومن بين الكشّافة الاثني عشر الذين أخبروا بما شاهدوه، لم يكن إلا كالب ويشوع على ثقةٍ بأن الله سيُمكِّن الشعب من فتح البلاد. وجزاءً لإيمان يشوع وكالب بالله سمح لهما بالدخول إلى كنعان فيما مات في الصحراء جميع بني إسرائيل الذين خرجوا من مصر.

عدد 13 و 14؛ يشوع 14: 6 وما بعدها

كالح

مدينة قديمة جداً في ما بين النهرين على نهر دجلة أصبحت في ما بعد في طليعة المدن التابعة للإمبراطورية الأشورية. اكتُشفت في موقعها (نمرود في العراق اليوم) نقوشٌ ومنحوتات عاجية تلقي ضوءًا على أزمنة ملوك بني إسرائيل.

تكوين 10: 11 و 12

كبدوكيَّة

ولاية رومانية في شرق آسيا الصغرى (تركيا). كان يهود من كبدوكية بين الذين سمعوا بطرس في أورشليم يوم الخمسين. وفي ما بعد كان المسيحيون في كبدوكية بين الذين وجَه إليهم بطرس رسالته الأولى.

أعمال 2: 9؛ 1 بطرس 1: 1

الكتاب المقدَّس: التفسير

بعض قصص الإنجيل واضحة للغاية بحيث يستطيع أي إنسان أن يفهمها. ولكن بعض أجزاء الكتاب المقدس الأخرى يصعب إدراك معانيها بسهولةٍ مماثلة. فالكتاب المقدس كتابٌ قديم مؤلف من أجزاء عديدة. ووقد دونه كُتابٌ عديدون ومتنوعون، ووُجَه أصلاً إلى قرَاء عديدين ومتنوعين، بأساليب كتابية ولغوية مختلفة. فمن المُفيد عند قراءتنا مقطعاً من الكتاب المقدس أن نطرح ثلاثة أسئلة:

ماذا يقول المقطع فعلاً؟

ماذا يعني المقطع؟

ماذا يعني لنا المقطع اليوم؟

ماذا يقول المقطع فعلاً؟ لفهم ما يقوله المقطع، ينبغي لنا أن نطرح مزيداً من الأسئلة الأكثر تفصيلاً. فمن المهم مثلاً أن نسأل: متى وأين كُتِب السِّفر أو المقطع؟

قبل ولادة المسيح أو بعدها؟

قبل الخروج أو بعده؟

عندما كانت إسرائيل تحت حكم ملوكها أو تحت الاحتلال الروماني؟

أين كُتِب السفر أو المقطع؟

خلالَ السبي في بابل؟

في زنزانة في سجن روما؟

في البلاط الملكي كسجلٍّ رسمي؟

فإذا استطعنا الإجابة عن هذه الأسئلة تتوضح لنا الخلفية التاريخية للمقطع المدروس. وهذا الأمر يساعدنا على فهم ما قصده الكتاب.

سؤال مفيدٌ ثانٍ: لماذا كُتب هذا المقطع؟ إذا تمكنا من فهم ما قصده الكتاب، نبدأ بصورةٍ أفضل بعض ما يقوله. فمثلاًُ، كتب بولس بعض رسائله لإصلاح أخطا ء تعليمية شاعت بين بعض الجماعات المسيحية. فهو يفضح الضلالة، ويُبيِّن للمؤمنين طريق الحق ليسلكوا فيه. على هذا النحو أيضاً يفيدنا أن نعرف أن كاتب سفر الرؤيا أراد أن يُشجع قراءه الذين كانوا يعانون الاضطهاد لأجل الإيمان.

ومن النافع أيضاً أن نسأل عموماً: ما هو موضوع هذا السفر؟ فالجواب عن هذا السؤال يساعدنا على قراءة السفر بالطريقة الصحيحة.

هل السفر سردٌ للأحداث المتعلقة بسيرة المسيح وموته؟

هل هو قائمة بالفرائض الدينية للشعب العبراني؟

هل هو مجموعة قصائد دينية؟

ومن المهم أحياناً أن نسأل عن معنى كلماتٍ معينة. ففي الكتاب المقدس كلماتٌ خاصة، مثل "الكفارة" أو "الخطية". فمهمٌّ أن نفهم معاني هذه الكلمات إذا أردنا الوقوف على رسالة الكتاب.

وينبغي خصوصاً أن نسأل: أي نوعٍ من الكتابة هذا؟ في أي شكلٍ كُتب؟

أهو تاريخ؟

أم شعر؟

أو رسالة؟

ومن ثم نستطيع أن نتابع بطرح الأسئلة المتعلقة بذلك النوع من الكتابة.

فإن كنا نقرأ سفراً تاريخياً، يُمكن أن نسأل: أية أحداث مهمة أُخر كانت جارية في الفترة نفسها؟ لماذا اختار الكتاب سرد هذه الأحداث؟ ولماذا سردها على هذا النحو؟

ولكن إذا كان السفر شعرياً، فعلينا أن ننظر في استعمال الكاتب لغة التصوير الشعريّ. ماذا يعني استعماله لهذه الصور الشعرية؟ وكيف كانت هذه القصيدة، أو الترنيمة، تُستخدم في العبادة؟

ويجدر بنا أن ننظر عن كثب في بعض أشكال الكتابة التي يحتوي عليها الكتاب المقدس.

التاريخ والسيرة:

في العهد القديم عدة أسفار تاريخية، مثل صموئيل والملوك. ونجد في العهد الجديد تاريخاً في الأناجيل والأعمال. فإذا كنا نقرأ تاريخا، ينبغي أن نطرح أسئلة تتعلق بخلفية الأحداث.

ماذا كان يجري في العالم الأوسع آنذاك؟

أية شؤون مهمة كانت تجري؟

ثم ينبغي أن ننظر في المقطع نفسه بانتباه وتدقيق.

ماذا يحدث فعلاً؟

من هم الأشخاص الرئيسيُّون؟

أين حدث هذا كلُّه؟

ولما كانت الأسفار التاريخية تُكتب أحياناً لإثبات فكرة معينة أو لإيضاح وجهة نظر مخصوصة، فمن المهم أن نسأل عما يحاول الكاتب إظهاره.

الشريعة:

إن أسفار الشريعة الرئيسية في الكتاب المقدس هي الخروج واللاويين والتثنية والعدد. هذه الأسفار تتضمن مقاطع طويلة تسرد شرائع (أو قوانين) نواحي عديدة في الحياة. فمن النافع أن نسأل على أية ناحية من نواحي الحياة ينطبق هذا القانون أو ذاك.

هل يتناول القانون قضايا السلوك والأخلاق؟

هل القوانين حكومية أو اجتماعية؟

هل تتعلق القوانين بالصحة وحياة الأسرة؟

أو هي قوانين دينية تتعلق بالعبادة والطقوس والذبائح؟

وهل تتضمن بركاتٍ أو لعناتٍ طقسية مؤكدة ذات علاقة بالديانة اليهودية؟

وحين نقرأ فصولاً من أسفار الشريعة، فمن المهم أن نربطها بفتراتٍ معينة تنطبق عليها من تاريخ بني إسرائيل. وعندما نصل إلى العهد الجديد، ينبغي أن نفهم مدى تفوُّق تعليم المسيح على الشريعة القديمة. فرسالتا غلاطية والعبرانيين، مثلاً، تبينان أن المسيحيين الأولين اعتقدوا أن غاية الشريعة قد تحققت في المسيح.

الشِّعر:

في العهد القديم أسفار يغلب عليها الشعر. وخير أمثلة على هذا أيوب والمزامير ونشيد سليمان. وتوجد أيضاً مقاطع شعرية في أسفار الأنبياء وأخرى أقصر منها في العهد الجديد- مثلاً نشيد العذراء التسبيحيّ. هذه المقاطع ينبغي أن نقرأها كشعر لا كنثر.

هل السفر مكتوبٌ أشبهَ بمسرحية لها أشخاصها؟ (كسفر أيوب مثلاً).

أهي مشاعر الكاتب الشخصية التي قد نشاركه فيها أحياناً؟ (بعض المزامير هي هكذا).

أتحتوي هذه القصيدة على كثير من التصوير الشعري؟

وبعض الشعر في العهد القديم كُتِب للعبادة الرسمية في الهيكل. وقد يوجز أحد المزامير، مثلاً، أحداثاً كبيرة في تاريخ بني أسرائيل. ومن المهم أحياناً أن نعرف الخلفية التاريخية لقصيدة معينة- كمرثاة داود لصديقه يوناثان مثلاً. وفي الشعر العبري تكرار توكيدي، حيث يكثر أن نجد الشاعر يورد الفكرة نفسها في بيتين متتاليين بطريقتين تختلفان قليلاً.

الأمثال والحِكَم:

في العهد القديم سفران مخصصان للأمثال والِحكَم، وهما الأمثال والجامعة (ما عدا بعض ما جاء في أسفار الأبوكريفا). هذه الأمثال والحكم مرتبة أحياناً بحسب موضوعٍ يجمعها، وواردة أحياناً كأقوال مستقلة بعضها عن بعض. من الأمثال ما هو اختصار لملاحظات بديهية سليمة تتعلق بالحياة اليومية وتتسم أحياناً بشيء من الفكاهة. ومنها ما يحاول أن يُحدِّد مبادئ عامة في الحياة الإنسانية. وبعضها تتحدث عن الحياة بعيداً عن الله، وبعضها عن مصدر السعادة الحقيقي.

النبوّة:

تشغل "الأسفار النبوية" حيِّزاً كبيراً من العهد القديم. وهذا لا يعني بالضرورة أن هذه الأسفار تُنبئ بأحداث المستقبل. فقد كان الأنبياء الذين كتبوها معنيين عادةً بفضح الشرور والمفاسد وما رأوه في المجتمع حولهم من لامبالاةٍ بالله وإهمالٍ لوصاياه. إلا أنهم أيضاً تطلعوا بين الحين والآخر إلى ما يخفيه الله طي المستقبل.

عند قراءتنا لأسفار الأنبياء، ينبغي أن نُحيط بخلفيتها التاريخية. وهنالك أيضاً أسئلة أخرى نافعة:

هل يستعمل الكاتب لغةً مجازية؟

هل يكتب نوعاً من الشعر؟

ماذا تعني صُوَرُه الكلامية؟

ماذا كان قصد النبي إذ تكلم هكذا؟

هل فهم كاتبوا العهد الجديد هذه النبوة على نحوٍ خاص؟

الأمثال أو القصص الرمزية:

نجد في الأناجيل كثيراً من أمثال المسيح. كذلك نجد أمثالاً في بعض أسفار العهد القديم التاريخية والنبوية. وهنا علينا أن نفهم أولاً الفكرة الرئيسية للمثل. ثم نسأل: هل تحمل التفاصيل معاني خاصة، أم هي واردة فقط لإكمال مشهد القصة؟ فكثير من أمثال المسيح رواها ليُسهِّل على الناس العاديين أن يفهموا صورة ملكوت الله وكيف يُعامِل تعالى البشر.

الرسائل:

مُعظم الأسفار الأخيرة من العهد الجديد رسائل كتبها رُسُل المسيح إلى جماعات مسيحية في أماكن شتى. فعندما نقرأ هذه الرسائل، ينبغي أن نسأل:

من كتب هذه الرسالة؟

إلى من؟

ماذا كان قصده من الكتابة؟

ما هو موضوع الرسالة الرئيسي؟

كيف فهم القُرّاء الأولون المقطع؟ بعد الإجابة عن جميع الأسئلة، ومعرفة ما يقوله المقطع فعلاً، لا يصعب علينا كثيراً أن نعرف كيف فهمه القُرّاء الأصليون. فيمكننا أن نحاول الاهتداء إلى الفكرة الأساسية في المقطع: ماذا يُعلِّم؟ وإن كان قد كُتب تلبيةً لحاجة معينة أو معالجةٍ لوضعٍ ما، فنستطيع أن نسأل: هل يكمنُ مبدأٌ عامٌّ خلف هذه الأحداث؟

حتى إذا علمنا ما يقوله المقطع فعلاً، وكيف فهمه قراؤه الأصليون، نستطيع أن نطرح سؤالنا الأخير واثقين.

ماذا يعني لنا المقطع اليوم؟ أفي عصرنا اليوم وضعٌ مشابه لما كان فيه القارئ الأصلي؟ ماذا يقول الكاتب في هذا الوضع؟ وإلا، فهل من مبدإٍ ما زال ينطبق؟ أي تعليم محدد نجده في المقطع؟ (من المفيد غالباً أن نقارن المقطع بفصولٍ أخرى من الكتاب المقدس تتناول موضوعاتٍ مماثلة. فتلك الفصول توضح المقطع أحياناً، أو تُفضي عليه مزيداً من المعنى). أفي المقطع شيءٌ يمكن أن نتعلمه:

عن الله؟

عن الإنسان؟

عن العالم؟

عن الكنيسة؟

عن أي موضوعٍ خاصٍ آخر؟

هل نجد مثالاً نقتدي به. أو تحذيراً نعمل به؟ أفي المقطع وعدٌ ينطبق علينا؟ هل من عملٍ ينبغي أن نقوم به في ضوء هذا المقطع؟ أيدفعنا المقطع إلى الصلاة؟ أو إلى الحمد والتسبيح؟ هل يمكننا استخدام كلمات الكاتب للتعبير عن مشاعرنا تجاه الله؟ كيف يتناسب هذا المقطع ومعناه مع ما نعرفه من مقاطع أخرى ذات موضوعٍ مشابه؟

راجع أيضاً نص العهد الجديد، نص العهد القديم.

الكتاب المقدس: الترجمات

كان "الكتاب المقدس" عند كثيرين من المسيحيين في القرن الأول هو الترجمة اليونانية للعهد القديم (السبعينية)، وقد شرع بإعدادها في القرن الثالث ق م. وبُعيد اكتمال كتاب العهد الجديد، بدأ عمل الترجمة. وربما كانت أول ترجمة هي إلى اللاتينية. وكانت هذه هي اللغة الرسمية في الامبراطورية الرومانية، وإن كانت اليونانية هي اللغة التي شاع التخاطب بها بين المسيحيين على أوسع نطاق، حتى في إيطاليا. وفي بادئ الأمر استُعمِلت اليونانية في أغلب الكنائس.

منذ القرن الثاني فصاعداً وُجدت عدة ترجمات محلية للكتاب المقدس. ولكن الناس شعروا بالحاجة إلى ترجمة قياسية يُعترف بها ويستعملها الجميع. وهكذا ففي زمنٍ ما قبل 348 م طلب دماسوس أُسقف روما من أمين سرِّه أن يُراجع العهد الجديد اللاتيني ويُنقحه. كان هذا هو ايرونيموس (جيروم)، وهو أول مترجم للكتاب المقدس وصلنا اسمه (نعرف أيضاً أسماء بعض علماء اليهود الذين نقحوا قبل ذلك العهد القديم اليوناني). منذئذٍ وترجمة ايرونيموس اللاتينية (المعروفة بالفُلقاطة أو الشعبية) هي الكتاب المقدس الأُمَ عند الكنيسة الكاثوليكية. فقد كانت مصدراً لعشرات الترجمات الأخرى.

كان ايرونيموس عالماً مدققاً، وقد قام بعمله على أكمل وجه. فلكي يُترجم العهد القديم، تعلم العبرية في بيت لحم حيث أقام بضع سنين. وإذ جرى نسخ ترجمته باليد ونشرُها في بلدانٍ عديدة، حملت كلمة الله رجاءً وحياة جديدة لأعدادٍ من البشر لا تُحصى.

وفي القرن الثاني بدأ بعض المترجمين عملهم في السريانية وهي لهجة متفرعة من اللغة الآرامية التي تكلم المسيح بها. ومع أن السريانية القديمة لم تعُد تُستعمل في التخاطب، فإن الترجمة السريانية التي أُنجزت في القرن الرابع (وهي تعرف بالفشيطا أي البسيطة) ما زالت تُستخدم في العبادة عند المسيحيين النسطوريين والسوريين في سوريا وإيران والهند وغيرها من البلدان.

وفي مصر استعملت الكنيسة أولاً اللغة اليونانية. ولكن مع انتشار المسيحية جنوباً، برزت الحاجة إلى ترجمة مصرية (أو قبطية). وقد بدأت هذه الترجمة في القرن الثالث. وما زال الكتاب المقدس القبطي يُستعمل اليوم في العبادة.

بعد اهتداء قسطنطين، الإمبراطور الروماني، (312 م) انتشرت المسيحية بسرعة، فدعت الحاجة حالاً إلى ترجمات جديدة. وبعدها غزا القوطيون الإمبراطورية في حوض نهر الدانوب، تلقوا ترجمة للكتاب المقدس كله تقريباً باللغة القوطية قام بها الأُسقف المبشر أولفيلاس. ومع أن اللغة القوطية انقرضت منذ زمن بعيد، ما يزال القسم الأكبر من نصّ هذه الترجمة محفوظاً في محفوظات.

ثم إن مسروب، مخترع الأبجدية الأرمنية، قام بترجمة الكتاب إلى الأرمنية في القرن الخامس، ومعلوم أن الأرمن كانوا أول أُمة مسيحية في العالم. وما تزال هذه الترجمة هي القياسية لدى الكنيسة الأرمنية العريقة، سواءٌ في جمهورية أرمينيا أو في البلدان العديدة التي تشتت فيها الأرمن. وربما كانت الترجمتان الحبشية والجورجانية تعودان إلى القرن الخامس أيضاً، وما تزالان تُستعملان اليوم في كنائس اثيوبيا وجمهورية جورجيا.

وفي ما بعد أُنجزت ترجمة بالسلافية القديمة، وهي اللغة التي كانت متداولة في بلغاريا والصرب وجنوب روسيا في القرن التاسع، لما اهتدت القبائل السلافية إلى المسيحية على يد القديس سيريل (كيريليوس). وقد اخترع الأبجدية السيريلية ثم ما لبث أن تولى ترجمة الكتاب المقدس كله إلى السلافية. وما زالت هذه الترجمة عند الكنيسة الارثوذكسية الروسية.

فضلاً عن هذه الترجمات الكنسية، نعرف على الأقل ترجمة "إرسالية" واحدة أُنجزت قبل تأسيس أية كنيسة. فنحو 640 م قامت جماعة من المبشرين النساطرة، وكانت السريانية لغتهم، بترجمة الأناجيل إلى الصينية وتقديمها إلى الإمبراطور تاي تسونغ.

العصور المظلمة:

أخذت المسيحية تنتشر بسرعة، ولا سيما في شمال أوروبا وشرقها، خلال القرون التي أعقبت انهيار الإمبراطورية الرومانية في الغرب. ومع تنامي الكنيسة، تُرجمت أجزاء من الكتاب المقدس إلى عدة لغاتٍ جديدة.

ففي أوائل القرن الثامن م تُرجمت أجزاء متفرقة من الكتاب المقدس إلى الإنكليزية على يد الأسقف آلدْهيلهم في جنوب بريطانيا ويد المؤرخ  بِيِدْ الشمال، كلٌّ على حِدة. ولكن لم يبق شيء من هذه الترجمات. كذلك قام الملك الإنكليزي ألفرد (871- 901) بترجمة أجزاء من الخروج والمزامير والأعمال. وبعد الفتح النورمندي، تُرجمت أسفارٌ مختلفة إلى الإنكليزية أو بعض لهجاتها المحلية. ومن الترجمات التي بقيت إلى اليوم، ترجمة لإنجيل متى بالفرنكية (الألمانية القديمة) تمت عام 758 م. أما النصوص الأفرنسية الأولى فتعود إلى القرن الثاني عشر. وأما الإيطالية فإلى الرابع عشر.

سابقو الإصلاح:

ظهرت في أواخر العصور المظلمة في الغرب عدة ترجمات جديدة للكتاب المقدس. هذه الترجمات توجهت إلى عامة المسيحيين وقد رعاها أشخاص غير خاضعين للكنائس التقليدية. فنحو 1170 م قرأ تاجر من ليون، هو بطرس والدو، العهد الجديد فوجد هدفاً جديداً في الحياة. عندئذٍ قام بالترتيبات اللازمة لترجمة الكتاب المقدس إلى لغة فرنسا الجنوبية. وقد أسس أتباعُه الكنيسة الولدنسية التي كابدت الاضطهاد طيلة قرون.

وبعد مئتي سنة تقريباً، كان لاهوتيٌّ من أُكسفورد يدرس الكتاب المقدس، فاقتنع اقتناعاً راسخاً بضرورة نقله إلى لغة الشعب. ونتيجةً لمجهود هذا الرجل، جان ويكليف، أُنجزت سنة 1384 ترجمة الفولقاطة اللاتينية إلى الإنكليزية. وفي 1395 نُقِّحت هذه الترجمة وبُسطت. وقد تضمنت بعض النُّسَخ ملاحظات تؤيد وجهة نظر اللورديين (أتباع ويكليف). فعقد في 1408 مجمع في أُكسفورد منع نسخ هذه الترجمة وتداولها. ولكن بعد مئة سنة، حين ظهرت أول أسفار مطبوعة من الكتاب المقدس، كانت عدة مئات من هذه الترجمة ما تزال قيد التداول.

وقد حصلت في بوهيميا (تشيكوسلوفاكيا) حركة ممائلة. إذ تأثر جان هُسّ، قسيس جامعة براغ، بتعاليم ويكليف. ومع أنه أحرق على عمود في 1451، شرع أتباعه في عمل ترجمة للكتاب المقدس، كانت نتيجتها العهد الجديد باللغة التشيكية في 1475.

الطباعة والإصلاح:

نحو 1450، وفي ماينز بألمانيا، اخترع يوهان غوتنبرغ عملية الطباعة باستعمال حروفٍ معدنية مسبوكة يتمُّ صفُها جنباً إلى جنب ثم تُفك بعد الطباعة لتُستعمل من جديد. وبذلك اسُتهِل عهدٌ جديد في تاريخ الكتب، وفي طليعتها الكتاب المقدس. فكان أول إنتاج ضخم أصدرته المطبعة هو الكتاب المقدس باللاتينية (1456). وبعد عشر سنين طُبع الكتاب المقدس بالألمانية عن ترجمة قام بها مترجم مجهول في القرن الرابع عشر. وفي 1471 طُبع أول كتاب مقدس بالإيطالية، ما لبث أن أعقبه العهد الجديد بالفرنسية. وأول نصوص من الكتاب المقدس. بالهولندية طُبعت عام 1477. ثم تلتها ترجمة للكتب كله باللغة الكاتالانية (في إسبانيا، 1478).

هذه الطبعات كلُّها اعتمدت مخطوطاتٍ موجودة مترجمة كمن اللاتينية. ولكن مع نهضة العلوم، بدأت دراسة النصوص باللغات الأصلية. ففي 1488 طبع علماء اليهود العهد القديم بالعبرية عن مخطوطات محفوظة بعناية. وقد حصل ذلك في إيطاليا. وفي 1516 نشر اللاهوتي الهولندي، إيرازموس العهد الجديد اليوناني مطبوعاً. وقد كان إيرازموس داعية لترجمة الكتاب المقدس إلى لغة التخاطب، مع أنه لم يكن هو نفسه مترجماً (إلا إلى اللاتينية)، ليستفيد من الكتاب أهل اللغات المختلفة وعامةُ الناس، كان كالفلاحين والحاكة والمسافرين وسواهم.

في تلك الأثناء كان في ألمانيا راهب شاب اسمه مارتن لوثر يدرس الكتاب المقدس اللاتيني بكل شوق. وقد هزته كلمات بولس في رومية 1: 17 عن الإنجيل: "فيه مُعلن بر الله بإيمانٍ لإيمان". وها هو يصف الراحة والحرية اللتين حملتهما إليه هذه الكلمات: "شعرت بأني قد وُلِدت من جديد بجملتي... وإذا محبتي للعبارة الأحلى (برّ الله) عظيمةٌ منذئذٍ بمقدار كُرهي لها قبلئذٍ. على هذا النحو كانت لي هذه الآية بالحقيقة باب الفردوس".

كان لوثر أُستاذاً محاضراً في جامعة وتنبرغ. فعكف على نشر هذه الرسالة ودرس بتدقيق العهد القديم العبري والعهد الجديد اليوناني الذي طبعه إيرازموس. ثم تولى مهمة القيام بترجمة جديدة إلى الألمانية بأوضح عبارة ممكنة. وهكذا ظهر العهد الجديد في 1522 والكتاب كله في 1532. وما برحت ترجمة لوثر الألمانية أشهر ترجمة في تلك اللغة.

أما في اللغة الإنكليزية، فإن ترجمة وليم تندال للعهد الجديد تُعتبر أُم الترجمات، وقد طُبعت أول مرة في 1526. بعدها جاءت ترجمة مايلز كوفردال التي أجاز تداوُلها في ما بعد الملكُ هنري الثامن، وقد تضمنت هذه الترجمة أسفار الكتاب كلها. وأول كتاب مقدس كامل طُبع بالإنكليزية صدر عام 1537. وفي 1560 صدرت طبعة منقحة ومقدمة للملكة إليزابث، فلقيت رواجاً كبيراًُ حتى إنها طُبعت سبعين مرة خلال مُلك تلك الملكة. إلا أن أشهر ترجمة إنكليزية للكتاب المقدس هي تلك المعروفة بنسخة الملك جايمس، وقد ابتدأ العمل لإتمامها سنة 1603، وظلت على مدى 350 سنة في طليعة الترجمات الإنكليزية اليوم أكثر من عشرين ترجمة للكتاب المقدس، معظمها حديث ومُيسر.

روّاد ترجمة الكتاب:

مع تقدم العمل التبشيري والإرسالي، نشطت ترجمة الكتاب المقدس، أو أجزاء منه، إلى مختلف اللغات. فصدرت في 1613 أول ترجمة للعهد الجديد باللغة اليابانية، وفي 1711 باللغة التاميلية الهندية. ويجدر بنا أن نذكر جهود وليم كاري الذي عكف طوال أربعين سنة بعد وصوله إلى الهند في 1793، مع زميلين ومجموعة مساعدين من الهنود، على ترجمة الكتاب إلى عدة لغات ولهجات. ولما توفي كانت مطبعته قد أصدرت 37 ترجمة مختلفة بينها البورمية والصينيّة.

ومع تأسيس أول جمعية للكتاب المقدس في 1804، بدأت تصدر ترجمات بلغاتٍ شتى، وهكذا ازداد انتشار كلمة الله بين الشعوب بلغاتهم المختلفة. وأكبر مشروع لترجمة الكتاب المقدس يتولاه اليوم اتحاد جمعيات الكتاب المقدس، وهو يضم نحو ستين جمعية حول العالم، ويُعنى بتنقيح الترجمات الموجودة أو بإصدار ترجمات جديدة في لُغاتٍ بينها العربية والهندية والصينية. وقد فاقت ترجمة الأسفار المقدسة، كاملةً أو أجزاءً، 1500 لغةً ولهجة.

الكتاب المقدس باللغة العبرية:

رُبما وجدت قبل الإسلام ترجماتٌ جزئية للكتاب المقدس كان يستعملها مسيحيو الشرق. ولكننا نعلم يقيناً أن يوحنا أُسقف اشبيلية في أسبانيا قام في 724 بترجمةٍ قصد بها منفعة المسيحيين والمغاربة. وقد اكتُشفت في دير القديسة كاترين في سيناء أجزاء من الكتاب المقدس بالعربية يرجع بعضها إلى القرن الثامن م وبعضها إلى القرن التاسع م. وفي أوائل القرن العاشر نقل سعيد الفيومي العهد القديم من العبرية إلى العربية لمنفعة يهود المشرق. ونحو 1250 ترجم ابن العسال الكتاب المقدس من القبطية إلى العربية في مجموعة باريس المتعددة اللغات (1645) وفي مجموعة لندن (1657)، مترجماً بعضُه من العبرية، وبعضُه من السريانية، وبعضه من اليونانية. وفي 1671 نُشرت من روما ترجمة عربية بإشراف لجنة ترأسها المطران سركيس الرزي.

وقد طُبعت في لندن سنة 1857 ترجمة عربية للكتاب المقدس قام بها فارس الشدياق. وفي 1865 طُبعت في بيروت الترجمة المعروفة بترجمة البستاني- فاندايك، وقد شارك فيها بطرس البستاني وناصيف اليازجي ويوسف الأسير. كذلك طُبعت في بيروت عام 1880 الترجمة التي قام بها اليسوعيون وضبط عبارتَها إبراهيم اليازجي. وهنالك اليوم عدة ترجمات عربية تُساير اللغة العربية في مرحلتها الحالية، نذكر منها: الترجمة العربية الحديثة الصادرة عن اتحاد جمعيات الكتاب المقدس؛ الترجمة الكاثوليكية الجديدة؛ الترجمة التفسيرية المعروفة بكتاب الحياة.

الكتابة

اكتشف علماء الآثار الذين قاموا بتنقيباتهم في الشرق الأوسط عدة وثائق مكتوبة، فيها أسماءُ أماكن وملوكٍ وأشخاصٍ آخرين. وهي تتحدث عن غزوات وحروب ومجاعات وغلاء. ومنها ما يصف العوائد والسلوك الاجتماعي، أو يكشف عنها عرضاً. وبعضها يحتوي على تسابيح وصلوات ويعكس معتقداتٍ دينية، أو يتضمن تعاويز وأموراً تتعلق بالسحر. وربما ضمنت الوثائق أيضاً قصص آلهة وأبطال الماضي. وفي الواقع أنه ما إن اختُرعت الكتابة حتى صار ممكناً تدوين ما يصف أية ناحية من نواحي الحياة.

الخط المسماريّ:

اختُرعت الكتابة في بابل ما بين 3500 و 3000 ق م (راجع البابليون). ويبدو أن أول لغة دوِّنت هي السومرية. وقد استخدمت هذه اللغة رموزاً صُورية لتمثيل الكلمات. وتلتها بسرعة الأكادية السامية (اسمٌ يُطلق على الأشورية والبابلية). وقد اختلفت هذه اللغة عن السومرية، حيث استُخدمت رموزُ الكلمات السومرية غالباً كرموز مقاطع، فكانت الأكادية.

وقد دُوِّنت لغاتٌ سامية أخرى في الغرب (سوريا وفلسطين) بالخط المسماري. وكذلك أيضاً اللهجات الهندية الأوروبية التي كان يتكلم بها أهل المنطقة التي أصبحت تركيا حالياً (وتُدعى تلك، اللهجات الحثية على العموم) ولغةٌ أخرى مختلفة، هي العيلامية التي نطق بها أهل بلاد فارس. وقد ظلت الكتابة المسمارية مستعملةً في بابل حتى القرن الميلادي الأول.

الكتابة المصريَّة:

حُملت فكرة الكتابة من بابل إلى مصر، بُعيد اختراعها. وقد ابتكر الكتبة المصريون نظاماً خاصاً من الصور الرامزة إلى الكلمات، والتي ندعوها الهيروغليفات. وبعض هذه كانت تُكتب أحياناً للدلالة فقط على أصواتها (أي المقاطع) كما حصل في بابل. ولكنها لم تكن تُستعمل دون رموز الكلمات إلى المدى الذي عُرِف في المسمارية، ولذلك كان النظام المصري أصعب تكيُّفاً ليلائم اللغات الأخرى.

وقد احتفظت الكتابة المصرية بشكلها التصويري في النقوش على المباني والأنصاب الأخرى حتى القرن الخامس م، حينما توقف الناس عن استخدام الهيروغليفات. إذ طُورت كتابةٌ أبسط دُعيت الهيرية، استُعملت في السجلات العادية والرسائل والحسابات والكتب. وبعد السنة 1000 م طوِّرت من الهيرية كتابةٌ تُعد نوعاً من الاختزال، وتُعرف الآن بالديموطية.

كانت الكتب والوثائق اليومية في مصر تُكتب على ورقٍ مصنوع من قصب البردي. فكان المصريون يضعون شرائح رقيقة من لُب البردي جنباً إلى جنب، ثم يضعون فوقها شرائح أخرى على نحو متصالب، فيحصلون على صحيفة يكتبون عليها. وكان البرديُّ أخشن من ورقنا الحديث، لكنه كان مثله قوياً وليناً. وقد حُفِظت حتى اليوم بردياتٌ كانت مدفونة بين القبور والخرائب في رمال مصر الجافة. ولكن كلفة ورق البردي كانت باهظة، ولذا دونت الأمور الأقل أهمية- كالملاحظات القصيرة والتمارين المدرسية- على رقائق من الحجر أو قطع الخزف المكسور. وقد جرت العادة أن تُستعمل للكتابة أقلام قصب مبرية تُغمس في حبرٍ مصنوعٍ من السخام (سواد القِدر، وبالعامية "شحتار").

وحيثما حكمت مصر أو كان لها معاملاتٌ تجارية، نشط نظام الكتابة المصري. وقد وُجدت نماذج من الكتابة المصرية في فلسطين وسوريا، وفي السودان إلى أقصى الجنوب.

أنماطٌ أُخرى:

استُعملت ما بين 2000 و 1000 ق م أنواعٌ أخرى من الكتابة في أنحاء أخرى من الشرق ألوسط. فقد كان للحثيين في تركيا شكلٌ من الهيروغليفات خاصٌّ بهم، إذ مُثلت المقاطع البسيطة (تا، كي، إلخ) بما يبلغ نحو سبعين رمزاًُ، فضلاً عن مئةٍ أو أكثر من رموز الكلمات. واستُعمل في كريت نظامُ كتابة أبسط، حيث اكتُشفت ثلاثة أنماط متصلة بعضها ببعض. آخِر هذه الأنماط، ويُعرف بالكتابة الخطية "ب"، كان فيه نحو خمسة وثمانين من رموز المقاطع وبعض رموز الكلمات. وقد خُربِشت هذه الرموز على ألواح طينية لتدوين بعض الشؤون الحكومية بلهجة يونانية قديمة. كذلك استُعملت في قبرص طائفة أخرى متفرعة من مجموعة هذه اللغات المكتوبة، ووجدت أمثلة قليلة منها في سوريا.

هذه الأنماط الكتابية جميعها كانت صعبة التعلم، بحيث إن جماعة ضئيلة من الناس فقط، وهي فئة الكتبة المحترفين، استطاعت قراءتها وكتابتها. وكان واجباً على عامة الناس أن يستعينوا بواحدٍ من الكتبة، إذا أرادوا إرسال رسالة أو كتابة وصية أو تقييد حساب، كما كان واجباً اللجوء إلى الكتبة لقراءة رسالة أو وصية قانونية، أو لمراجعة حساب. وبطبيعة الحال تبوأ بعض الكتبة مناصب عالية في بلاطات الملوك، فيما كان آخرون يقعدون عند نواحي الشارع انتظاراً للزُّبُن.

الألفباء:

عندما أصبحت الألفباء معروفة على نطاق واسع، انقطع استئثار الكتبة بحرفة الكتابة. وقد مكنتنا التنقيبات من الكشف عن كثير من الأمثلة على الألفباء في مراحلها الباكرة. ولكن هنالك نواحي عديدة من تطور الألفباء لم تُعرف حتى الآن. ويبدو أن أحد الكتبة في كنعان أدرك أن من الممكن كتابة لغةٍ ما دون استعمال الرموز الكثيرة التي كانت عند المصريين والبابليين. فقد درس هذا الكاتب لغته ورسم علامةً واحدة لكل حرفٍ، ما عدا أحرف العلة. والظاهر أنه اختار هذه العلامات على أساس تجريد رسمٍ يمثِّل أول حرف من الكلمة الدالة على الرسم (فالباب مثلاً يرمز إلى الباء). ولكن هذه الرسوم استُعملت فقط للإشارة إلى الأصوات، ولم تُستعمل قط كرموز كلمات. ولم توجد علامات مستقلة ترمز إلى أحرف العلة، الأمر الذي ما يزال يشكل صعوبة كبيرة في قراءة العبرية والعربية حتى اليوم.

وقد وُجدت في فلسطين أمثلة على الألفباء الباكرة، وهي كلمات قصيرة جداً، ربما كانت أسماء أعلام، مكتوبةٌ على الخزف أو الحجر أو المعدن. كما أن بعض الكنعانيين العاملين في مناجم اللازورد المصرية في جنوب غرب سيناء خربشوا صلواتٍ على الصخور والحجارة. هؤلاء استعملوا أحرف الألفباء، فتركوا لنا أفضل ما لدينا من عينات الألفباء في مرحلة باكرة (نحو 1500 ق م).

ويمكننا أن نرى كيف تطورت الألفباء على مدى القرون الخمسة اللاحقة من أمثلةٍ أخرى متفرقة. (ومن المؤسف أن الكتبة استعملوا للكتابة عادةً ورق البردي الذي يفسد عندما يُطمَر في التربة الرطبة). خلال تلك الفترة اتخذت الحروف شكلاً نموذجياً. وقد أدرك الكتبة الذين تدربوا على الأساليب البابلية في أوغاريت بسوريا حسناتٍ على الألفباء بالنسبة إلى سائر أنماط الكتابة الأخرى. وهُنالك ابتكروا ألفباء من ثلاثين حرفاً بالخط المسماري كتبوا بها لغتهم الخاصة.

وفي السنة 1000 ق م ترسخت الألفباء على صورتها النهائية. وفي سوريا وكنعان، تبناها المستوطنون الجدد من أراميين وعبرانيين وموآبيين وأدوميين. وبُعيد ذلك تعلمها اليونانيون من الفينيقيين وقد أجروا فيها بعض التعديلات لتُناسب لغتهم، ولا سيما استخدام رموز مميزة لأحرف العلة.

ومن ثم تفرقت قبائل سوريا الأرامية في بلاد أشور وبابل، وسبى الملوك الأشوريون كثيرين منهم. وأخذ هؤلاء معهم ألفباءهم. وقد تبنى العبرانيون المسبيون هذه الألفباء وعمموا استخدامها في أورشليم، مفضلين إياها على صورة الألفباء الفينيقية العبرية القديمة. كذلك أيضاً اقتبسها بعض قبائل العرب (الأنباط)، وصورة الكتابة العربية الحديثة متحدرة من الحروف التي طورتها تلك القبائل.

يسَّرت الألفباء القراءة والكتابة لكل إنسان. ولكن الكتبة لم يصبحوا بلا عمل، ولا صار الجميع متعلمين، بل تعلم عددٌ كبير جداً من الناس حروف لغتهم في الأماكن التي جرى استخدام الألفباء فيها. هذا الأمر توضحه حقيقة كون كثيرين من العبرانيين في القرن السابع ق م يملكون خواتم عليها أسماؤهم ولكنها تخلو من أية نقوش أخرى. ولو كا أصحاب هذه الخواتم غير قادرين على قراءتها، لا هُم ولا غيرهم، لما كانت لها أية قيمة.

كانت عادة الكتبة في أشور وبابل، ومصر أيضاً، أن يؤدوا عملهم بعناية فائقة. وكانت تُجرى مراجعات عدة للتحقق من صحة نسخ الكتب. فعدد السطور يُحصى ويقارن بالنسخة الأصلية، والتلف في الأصل يُحسب حسابه. وأحياناً يدقق كاتبٌ ثانٍ في النسخة كلها. ولا شك بأن كتبة اليهود أيضاً عملوا بهذا العُرف عينه عند نسخهم أسفار العهد القديم.

الكتّان

يُصنع قماش الكتان من نبتة جميلة ذات زهر أزرق تنمو إلى ما يقرب من نصف المتر. فبعد قلع النبت تُفصل سوقه بنقعها في الماء (يُعرف ذلك بالتعطين). ومن ثم يسهل تسريحها وفتلها في خيطان. كذلك تستعمل الألياف لجدل الحبال وفتائل السُّرجُ واستُعمِل الكتان للأشرعة أيضاً. كما كان جسد الميت يُلَفُّ بالكتان. وقد صُنع من الكتان أيضاً قماش فاخر، في مصر وإسرائيل.

خروج 26: 1؛ يشوع 2: 1، 6؛ أمثال 31: 13؛ حزقيال 27: 7؛ مرقس 15: 46

الكَتبة

كانوا خبراء بالشريعة، وعُرفوا أيضاً بالناموسيين أو المعلمين (الرابيين). أولوا الشريعة وطبقوها على الحياة اليومية. ومع أن المسيح لم يؤم واحدة من المدارس الرابيين، فإن تلاميذه كانوا يدعونه "رابوني" (معلمي). وهكذا دعاه أيضاً عدة رابيين محترفين. فقد انطبعوا إلى حدٍّ بعيد بفهمه للشريعة أوالناموس. وفي ما بعد، قصد بولس (قبل اهتدائه) إلى أورشليم حيث تتلمذ عند الرابي غمالائيل.

مرقس 7: 1 و 5؛ لوقا 2: 41- 47؛ أعمال 4: 5- 7، 18- 21؛ 6: 12- 14؛ 22: 3

كتّيم

أحد أبناء ياوان، في لائحة الشعوب المذكورة في التكوين. أُطلق الاسم على جزيرة قبرص. ودُعيت مدينتها القديمة كيتيون (لارنكا الحديثة): راجع قبرص.

تكوين 10: 4؛ 1 أخبار الأيام 1: 7؛ عدد 24: 24؛ أشعياء 23: 1، 12؛ إرميا 2: 10؛ حزقيال 27: 6

كدلعومر

ملك عيلام.

تكوين 14

كركميش

مدينة حثّية مهمة من قديم الزمان، على نهر الفرات. تقع خرائبها الآن على الحدود بين تركيا وسوريا. عندما زحف الفرعون المصري نخو لمهاجمة كركميش، قام يوشيا ملك يهوذا بمحاولة فاشلة لمقاومته، فهُزم وقُتل في سهل مجدو. وفي 605 ق م تلقى نخو نفسه الهزيمة في كركميش على يدنبوخذنصر ملك بابل.

2 أخبار الأيام 35: 20؛ أشعياء 10: 9؛ إرميا 46: 2

الكركي

طائر كبير من الطيور المهاجرة يقصد الشرق الأوسط شتاءً. رمادي اللون، ذو جناحين يبلغ امتدادهما مترين ونصف المتر. طعامه الأساسي الحبوب وأوراق الشجر.

لاويين 11: 17؛ تثنية 14: 16؛ أشعياء 34: 11

الكرمة

شجرة منبسطة تُنتج العنب- وهو واحد من أهم المحاصيل. وقد حمل الكشافة الذين أرسلهم موسى عناقيد من العنب علامةً على خصوبة الأرض. وكانت الكروم تُغرس في حقول مسواة جيداً على السفوح المُشمسة. وتُنقى الكروم كل ربيع، كما يتعهدها الكرام إذ تنضج فيحرسها من خطر الحيوانات  والبشر من بُرجٍ يقام لذلك. وفي أوان القطاف يُجنى العنب ويُحمل إلى المعاصر حيث يُداس، كما يُصنع من بعضه زبيب مقرص. أما العصير المتخمر فيُحفظ في أوعيةٍ من فخار أو جلدٍ حتى يختمر جيداً. وكانت الكرمة شعاراً قومياً عند العبرانيين يرمز إلى السلم والرخاء. وقد استعارها المسيح في خمسةٍ من الأمثلة التي ضربها، ووصف نفسه بأنه الكرمة الحقيقية التي تثبت فيها أغصانها أي المؤمنون به.

عدد 13: 20، 23، 24؛ متى 9: 17؛ 20: 1- 8؛ 21: 28- 33؛ لوقا 13: 6- 9؛ يوحنا 15: 1 وما يلي

الكرمل

سلسلة جبلية ذات جرف ينحدر إلى البحر المتوسط، قرب ميناء حيفا الحديثة. كانت مدينة مجدو القديمة تحرس واحداً من الممرات الرئيسية عبر تلال الكرمل على بُعد بضعة كيلومترات من البحر. وعلى جبل الكرمل (535 مً عند القمة) تحدى إيليا، نبيُّ الله، أنبياء البعل ودعاهم إلى مباراة كانوا فيها الخاسرين وهلكوا. ويبدو أن أليشع، الذي خلف إيليا نبياً، اتخذ من الكرمل أيضاً قاعدةً له.

1 ملوك 18: 19- 46؛ 2 ملوك 2: 25؛ 4: 25

كرنيليوس

ضابط في الجيش الروماني (قائد مئة) كان مقره في قيصرية. كان يتعبد لله ويتصدق على الفقراء بسخاء. ورأى في حلم ملاكاً يطلب منه أن يستدعي بطرس إذ كان في يافا (راجع بطرس)، وفي بيت كرنيليوس لقي بطرس حشداً من أصدقاء هذا العسكري، وأقربائه ينتظرون بشوق أن يسمعوه. وأخيراً آمنوا وعمدوا، فكانوا أول جماعة من المهتدين إلى المسيحية من غير اليهود.

أعمال 10

كريت

يُطلق على كريت في العهد القديم والنصوص القديمة الأخرى الاسم كفتور. وقد ازدهرت فيها الحضارة المينوية منذ السنة 2000 ق م مندمجةً بالمسينية، ثم سقطت في القرن الثاني عشر ق م. شاع فيها على التوالي نوعان من الكتابة أُطلق عليهما الخط "أ" والخط "ب"، وقد استُعمل الثاني في كتابة اللغة اليونانية بشكلها الأولي. وكانت كفتور أحد الأماكن التي منها جاء الفلسطيون القدماء. قال أبيمنيدس، أحد شعراء كريت، كلاماً قاسياً عن الكريتيين يصف فيه رداءة سيرتهم وأخلاقهم ولكن بعضهم تجاوبوا مع الرسالة المسيحية.

ويُعتقد أن حرس داود الملك كانوا من الكريتيين المتأخرين، ومنهم كان الجلادون والسعاة. وفي 2 صموئيل 20: 23 نقرأ في هامش النص العبري "كاريين" بدل "كريتيين". والكاريون منسوبون إلى كاريا، وهي دويلة برزت في جنوب غرب تركيا بعد سقوط الإمبراطورية الحثية. وقد عمل الكاريون جنوداً مرتزقة في اليهودية، وفي مصر حيث اكتُشفت شواهد قبورهم منقوشةً.

إرميا 47: 4؛ أعمال 2: 11؛ 27: 7 تيطس 1: 12؛ 2 ملوك 11: 4، 19؛ 2 صموئيل 8: 18

كريث

جدولٌ في الصحراء شرقي الأردن. هناك هيأ الله طعاماً وماء لإيليا خلال سني القحط والمجاعة، حتى جف النهر أخيراً.

1 ملوك 17: 3- 7

كريسبس

رئيس المجمع اليهودي في كورنثوس. اهتدى إلى الإيمان هو وعائلته وعمدهم بولس.

أعمال 18: 8؛ 1 كورنثوس 1: 14

الكفّارة

عُني كُتاب الأسفار المقدسة بمسألةٍ واحدة أكثر من سواها: كيف يستطيع الناس، رجالاً ونساءً، أن يتمتعوا بالصداقة مع الله؟ فبسبب الخطية هم مفصولون عن الله، وحاجتهم الأساسية إلى المصالحة معه. من هنا كانت "الكفارة" أمراً لا بد منه.

فمهما حاول الناس جاهدين، لا يستطيعون البتة أن يجعلوا أنفسهم مقبولين عند الله القدوس. ذلك أننا نحن البشر نقصر دائماً عن المقاييس الإلهية.

في أزمنة العهد القديم، قُدمت الذبائح للتكفير عن الخطية. إلا أن هذا النظام لا يمكن أن يكون هو الحل النهائي. وقد رأى عددٌ من الكتبة العهد القديم أنه لا بد من أن يُعالج الله نفسه مشكلة الخطية. فكتب أشعياء عن مجيء عبد الرب لحل هذه المُشكلة: "كلنا كغنمٍ ضللنا، ملنا كل واحد طريقه؛ والرب وضع عليه إثم جميعنا".

ثم يصف كتاب العهد الجديد كيف أرسل الله يسوع ابنه ليفعل هذا الأمر بالذات. فكان موته هو الذبيحة الكاملة من أجل جميع البشر. إذ إن المسيح لما مات على الصليب مات في مكاننا وكابد عقوبة الموت الواجبة علينا بسبب خطيتنا. وعلى الصليب عانى المسيح بوعيه الكامل هول الانفصال عن الله فصرخ قائلاً: "إلهي إلهي، لماذا تركتني؟" ويُفيدنا متى في إنجيله أن ستار الهيكل انشق من فوق إلى أسفل. هذه الحقيقة أوضحت بطريقة درامية أنه لا داعي بعدُ لأن نبقى منفصلين عن الله بعدما كفر المسيح عن خطية العالم.

راجع أيضاً الصليب، الأعياد والمحافل، المصالحة، الفداء.

تكوين 3؛ لاويين 16؛ أشعياء 53؛ يوحنا 3: 14- 17؛ مرقس 10: 45؛ 15: 34؛ 38؛ 2 كورنثوس 5: 14- 21؛ أفسس 2: 14؛ عبرانيين 7: 26- 9: 28؛ 10: 19 و 20

كَفْرَناحوم

مدينة مهمة في أيام المسيح، على الشاطئ الغربي من بحيرة الجليل. كانت قاعدة المسيح في خدمته بالجليل. فيها عاش متى (لاوي) العشار (جابي الضرائب). وكان فيها ضابط روماني شفى المسيح خادمه. ربما كانت مقراً لمركز عسكري. أجرى المسيح فيها كثيراً من معجزاته، بما فيها شفاء حماة بطرس. وقد علم المسيح في المجمع المحلي في كفرناحوم. ولكن على الرغم من هذا كله لم يؤمن أهل المدينة برسالة الله، فما كان من المسيح إلا أن أنذرهم بالدينونة الآتية.

مرقس 1: 21- 34؛ 2: 1- 17؛ لوقا 7: 1- 10: 13- 16، إلخ...

الكلمة

"كلمة الله" تعبيرٌ غالباً ما يستخدمه الكتاب المقدس عندما يتحدث عن إعلان الله نفسه للبشر. فكما لا يمكننا أن نعرف بعضُنا بعضاً معرفةً جيدة إلا من خلال الكلام، هكذا عرفنا الله نفسه من طريق أقواله كما من طريق أفعاله.

"وكلمة الرب" (أو "كلام الربّ") هي كلامه المنطوق. وغالباً ما يرد هذا التعبير في أسفار الأنبياء. ولم تكن "الكلمة" مسموعة دائماً، بل كانت مرئية أحياناً. ذلك أن يسوع المسيح، الإعلان النهائي والكامل لله، يوصف أيضاً بأنه "الكلمة". فهذه المرة صار ممكننا أن نرى "كلمة الله" ونلمسه ونسمعه. هذا الكلمة هي الرسالة التي يجب أن تعلنها كنيسة المسيح.

إن كلمة الله- أي إعلانه الكامل لنفسه- "تثبت إلى الأبد". وهي قوية وتنجح في كل ما يرسلها الله لأجله. ولا يحق لأحد أن يزيد عليها شيئاً أو يحذف منها شيئاً.

راجع أيضاً الإعلان.

إرميا 1: 4؛ حزقيال 1: 3- 28؛ يوحنا 1: 1- 14؛ 1 يوحنا 1: 1- 3؛ 2 تيموثاوس 4: 2؛ أشعياء 40: 8؛ رؤيا 22: 18 و 19

كلوديوس

رابع امبراطور روماني. حكم من السنة 41 إلى 54 م. وفي تلك الفترة حدثت المجاعة التي تنبأ عنها النبي أغابوس. وفي أواخر عهده أرغم جميع اليهود على مغادرة روما.

أعمال 11: 28؛ 18: 2

كلوديوس ليسياس

قائد الحامية الرومانية في أورشليم، أنقذ بولس لما كاد يفتك به حشدٌ من اليهود الغاضبين. اعتقل بولس وسمح بمجلس اليهود (السنهدريم) أن يستجوبه، لكن الجلسة انتهت بالفوضى والاضطراب. ولما علم القائد بمكيدة لقتل بولس، أرسله إلى قيصرية ليحاكمه فيلكس الوالي الروماني.

أعمال 21: 31- 23: 30

كليوباس

يوم قام المسيح من الموت، كان كليوباس وصديقٌ له يسيران من أورشليم إلى عمواس. كانا قد اعتقدا أن يسوع هو المسيح وتحيرا من موته وبشائر قيامته. وإذا رجلٌ ينضمُّ إليهما. وبينما هو يشرح لهم آياتِ العهد القديم المختصة بالمسيح، شعرا أن قلبيهما يلتهبان فيهما. وفي عمواس دعا كليوباس ورفيقه الرجل الغريب إلى تناول الطعام معهما. ولما شكر الله على الطعام وكسرَ الخبز، أدركا أنه يسوع المسيح بالذات. وفي الحال رجعا إلى أورشليم ليُخبرا بذلك سائر تلاميذ الرب.

لوقا 24: 13- 53

كنّارة

اسمٌ أُطلق في العهد القديم على بحيرة الجليل، من مكانٍ على شاطئها الغربي. وقد استُخدم هذا الاسم في وصف الحدود بين الأرض التي أُعطيت لأسباط إسرائيل والممالك المجاورة. وعرفت أيضاً باسم كنروت.

عدد 34: 11؛ تثنية 3: 17؛ يشوع 11: 2، إلخ...؛ 1 ملوك 15: 20

كنخريا

مرفأ كورنثوس الشرقي في جنوب اليونان، منه أتى بولس إلى أفسس.

أعمال 18: 18؛ رومية 16: 1

كنعان

ابنُ حام بن نوح. وبسبب تصرُّف حام غير المحتشم لعن نوح كنعان ونسله (الكنعانيين).

تكوين 9: 18- 27

الكنعانيّون

نحو 1300 ق م كانت "كنعان" ولاية مصرية تشمل لبنان وسورية وفلسطين. وربما أُطلق الاسم في أول الأمر على السهل الساحلي ثم اتسع نطاقه ليتضمن الأموريين سكان المعاقل الجبلية (راجع عدد 13: 29؛ 35: 10؛ يشوع 5: 1). وإلى جانب الكنعانيين والأموريين كان في البلاد جماعاتٌ أخرى، وفي تثنية 7: 1 ذكرٌ لخمسٍ أخرى. وهكذا باتت لفظة "الكنعانيين" تدل على خليط من الشعوب.

التجارة:

انصرف سكان الساحل إلى التجارة. والواقع أن التجارة كانت جزءًا لا يتجزأ من الحياة الكنعانية حتى باتت الكلمة "كنعاني" تعني تاجراً عند العبرانيين (تجدها مستعملة بهذا المعنى في أمثال 31: 24 مثلاً). وأهم مرافئها كانت صور وصيدا وبيروت وبيبلوس (جبيل) على الساحل الكنعاني الممتد شمالاً (ساحل لبنان الحديث). من هذه المرافئ كانت تُصدر أخشاب الأرز وجِرار الزيت والخمر، وغيرها من البضائع، إلى مصر وكريت واليونان. وفي المقابل كانت ترد النفائس المصرية وورق الكتابة، والخزف اليوناني، والمعادن الخام. وكانت مدينة أوغاريت العظيمة (قرب اللاذقية الحديثة) خارج حدود كنعان، إلا أنها شاركت في عدة خصائص كنعانية. هذه المدينة أيضاً كانت مركزاً تجاريا مهماً.

ولكن موقع كنعان جسراً بين آسيا ومصر، وازدهار النشاط التجاري فيها، كان الكنعانيون عرضة للتأثرات الحضارية من كل نوع. فرُب قصرٍ أو بيت بُني على الطريقة المصرية لوالٍ مقيم أو حامية في إحدى المدن. وربما اتُبع الطراز السوري في مدينة أخرى. وقد شاع استعمال الخنافس وسائر الحلى المصرية، إلى جنب الأختام البابلية الاسطوانية والتُحف الذهبية المجلوبة من تركيا. وأوضح مظهر لهذه التأثرات هو في استخدام الكنعانيين لطريقتي الكتابة المصرية (الهيروغليفية) والبابلية (المسمارية) معاً.

الأبجدية:

يكاد يكون يقيناً أن أعظم تركة قدمها الكنعانيون إلى العالم هي الأبجدية، وقد اخترعوها ما بين 2000 و 1600 ق م. وأفضى التأثر بالمصريين إلى استعمال الورق (البردي) كمادة عادية للكتابة. ولأن الورق لم يعمر عبر العصور في كنعان، فالأمثلة على الأبجدية الأولى نادرة، إذ تقتصر على الأشياء الأكثر بقاءً- كالأسماء المحفورة على الفناجين الخزفية مثلاً.

المدن والحكام:

كانت المدن الكنعانية محاطة بأسوار دفاعية من الحجارة والتراب لإبعاد المغيرين والوحوش. وفي الداخل كانت البيوت تُبنى متلاصقة، كما هي اليوم في مدن الشرق الأدنى القديمة. وكان عامة الشعب يعملون في قطع أرض صغيرة تخصهم، أو في مهن شتى، أو كانوا موظفين عند الملك والملاكين والتجار. وخارج المدن كانت تنتشر قرى الفلاحين والرعاة.

كان حكام المدن يتخاصمون ويتقاتلون دائماً. وكانت بعض المدن عرضة للهجومات من قبل قطاع الطرق والمتشردين المختبئين في الغابات. وفي رسائل العمارنة، المكتشفة في مصر، وصفٌ لهذه الحالة نحو 1360 ق م. كذلك يبين سفرا يشوع والقضاة أن الحالة كانت على هذه الصورة تقريباً بعد قرن أو قرنين. هذا الأمر يسر فتح الأرض من قبل بني إسرائيل. ولو كانت كنعان متحدة، لكان ذلك أصعب جداً (راجع قائمة الملوك في يشوع 10 و 12).

الكنعانيون وبنو إسرائيل:

كانت لغة الكنعانيين قريبة جداً من العبرانية، أو ربما كانت هي إياها. ولم تكن حياة الفلاحين الكنعانيين تختلف كثيراً عن حياة بني إسرائيل في مصر قبلما صاروا عبيداً. وهكذا استطاع بنو إسرائيل أن يستوطنوا في أرض كنعان بسهولة. وكانت أمامهم دائماً تجربة الوقوع في التشبه بالكنعانيين في أمور أخرى أيضاً. غير أن الديانة الكنعانية كانت بعيدة جداً عن محبة الله وطاعة شرائعه الخلقية الواضحة. لذا مُنع بنو إسرائيل أن يُخالطوا هذه الشعوب ويُصاهروها.

الديانة الكنعانية:

أمر الله بني إسرائيل من على جبل سيناء بألا يتخذوا لهم آلهةً غيره. فكان عليهم بعد فتح كنعان أن يتجنبوا أي احتكاك بالديانة الكنعانية. ولكن الإسرائيليين بدأوا عبادة بعل، إله الكنعانيين، حتى قبل دخولهم كنعان. وبعد استقرارهم في الأرض، صار بعل منافساً خطراً لإله بني إسرائيل. ويصف سفر القضاة ما سببه ذلك من كدر وخراب، وكيف قاوم عبادةَ بعل رجالٌ كجدعون. وفيما لا يقال الكثير عن بعل في أيام الملك داود والملك سليمان، نجد أنه كاد يحل محل إله بني إسرائيل في ما بعد، لما صار أخآب ملكاً على مملكة إسرائيل في الشمال. وكان ذلك من عمل ايزابل الملكة زوجة أخآب التي كانت من صيدون الكنعانية وجلبت معها كثيرين من كُهان بعل.

خروج 20: 3؛ 23: 23 و 24؛ 1 ملوك 16: 29 والأصحاحات التالية.

آلهة الكنعانيين:

كانت آلهة الكنعانيين وإلاهاتهم قوى الطبيعة مشخصة. وكان بعل، ومعناه ربّ، لقباً لهدد، إله الطقس عندهم (يلاحظ التشابه بين لفظ اسنه وصوت الرعد). اعتبروه مسيطراً على المطر والضباب والندى، وبالتالي حاملاً لمفتاح الغِلال الجيدة التي لا بد منها لبقاء الكنعانيين على قيد الحياة.

وكانت عشتار، زوجة بعل، وقد عرفت أيضاً باسم عنات، إلاهة الحب والحرب. أما أبوه فكان إيل، رئيس الآلهة، إلا أنه في زمن فتح بني إسرائيل لأرض كنعان كان قد أمسى شخصاً تكتنفه الظلال. وكانت زوجة إيل هي آشيراه، الإلاهة الأم وإلاهة البحر. وغالباً ما كانت آشيراه وعشتاروت تُدعيان "السيدة" (بعلة) وحسب.

ومن أربابهم الأخرى المتقدمة: شماش (الشمس)؛ رشف (إله الحرب والعالم السفلي)، داجون (الحنطة)؛ فضلاً عن جمهرة من الآلهة الأدنى مقاماً والتي تكونت منها أسرة كل إلهٍ كبير وحاشيته. هذه الصورة العامة اختلفت من مكان إلى آخر، إذ كان لكل مدينة إلهُها المفضل المعتبر شفيعاً لها، وغالباً ما يُدعى "ربَّ" ذلك المكان أو "ربته".

قصص الآلهة:

تُعرف القصص هؤلاء الآلهة والإلاهات من مصادر كنعانية (أوغاريتية) وأجنبية. وقد كانوا هواة حرب متعطشين إلى الدماء يبتهجون بمقاتلة بعضهم بعضاً وينغمسون في علاقات جنسية جامحة. وكانوا يتدخلون في شؤون البشر لإرضاء نزواتهم فقط، بصرف النظر عما يسببونه من آلام. وفي الوقت نفسه، يمكنهم أن يكونوا لطفاء وكرماء. إنهم لم يكونوا سوى صورٍ تنعكس فيها أحوال عبدتهم الذين يخافونهم ويتعبدون لهم.

وكان طبيعياً أن تؤثر هذه القصص في عبادة الكنعانيين. فأصبحت الاحتفالات الدينية مهرجانات منحطة يُطلق فيها العنان للجانب الحيواني في الإنسان. حتى إن كتاب اليونان والرومان صعقهم ما رأوه من ممارسات عند الكنعانيين باسم الدين. ولذلك لا نعجب البتة إذا كان الكتاب المقدس يدين كلياً شر هذه الآلهة.

تثنية 18: 9؛ 1 ملوك 14: 22- 24؛ هوشع 4: 12- 14

معابد الكنعانيين وكهّافهم:

كان للآلهة المهمين معابد موقوفة لهم ومجهزة، بسخاء، بالكهان والجوقات وخدمة المعبد. وفي أيام الأعياد كان الملوك يؤمونها في مواكب لتقديم القرابين، ومنها ما كان يُحرق برمته، فيما كان بعضها موضوع تشارك بين الإله وعبدته. والأرجح أن عامة الشعب كانوا يشتركون في الطواف ثم يشاهدون الطقوس من بُعد. وقد كانت مباني المعابد فسيحة فلا يدخلها إلا ذوو الامتياز.

تباهى الملوك بتشييد المعابد الفخمة والضخمة، وتغشية تماثيل الآلهة وجدران المعبد بالمعدن الثمين، وتقديم الأطباق الذهبية لتوضع فيها أطعمة الآلهة. وإلى جانب تمثال الإله، أو تمثال حيوان يرمز إليه (كانوا يرمزون إلى بعل بثور، وإلى آشيراه بلبوة) كان يوجد داخل المعبد أيضاً مذبحٌ لتقديم الأضاحي وموقد للبخور، وربما عددٌ من الأعمدة الحجرية. وكانوا يعتقدون أن هذه الأخيرة هي بيوت الآلهة أو الأرواح. كذلك أقيمت في أعالي الجبال أعمدة حجرية ومذابح وسوارٍ من خشب (شبه عمود أو جذع شجرة منصوب) كمعابد في الهواء الطلق ("مرتفعات") تستطيع عامة الشعب التوجهإليها لتقديم القرابين أو للصلاة. وكانت الأعمدة (أو الأنصاب)، أحياناً، تمثل بعل، فيما تمثل السواري آشيراه (راجع تثنية 12: 3)

وعند تقديم ذبيحة، كان الكاهن غالباً ما يتفحص أحشاء الحيوان المذبوح لكشف طالع العابد (راجع ديانة أشور وبابل). ومن الطرق الأخرى لكشف الطالع استطلاع النجوم ومناجاة أرواح الموتى والدخول في غيبوبة نبوئية. كذلك كان الكهان يُقصدون لشفاء المرضى بالصلاة والتعزيم.

القرابين:

كانت تقدم للآلهة عادةً قرابين من الحيوانات والأطعمة. ويتضح من نهي بني إسرائيل عن تقديم الذبائح البشرية، ومن معلومات وردت في كتابات اليونان والرومان لاحقاً، أن هذه الممارسات كانت جارية، ولكن لا يتبين مدى انتشارها. وربما كانت طقساً يُمارس في مناسبات استثنائية، حين يُعتبر أن أقصى تضحيةٍ هي واجبة لتملق الآلهة كي تُبدي الرضى في تصرفها. ويبدو أن الإله "مولك" الذي يُذكر اسمه في سياق الذبائح البشرية كان واحداً من آلهة العالم السفلي.

هذا، وتتشارك اللغتان الكنعانية والعبرانية في عدة كلمات تُطلق على القرابين والكهنة وبعض الشؤون الدينية الأخرى. ثم إن هنالك أيضاً بعض التعابير المشتركة بينهما. فمن الواضح أن قسماً من الكلمات الدينية كان عاماً، غير أن الأفكار التي تدل هذه الكلمات عليها تختلف من مكان إلى آخرى.

لاويين 18" 21؛ تثنية 12: 31؛ 2 ملوك 3: 27

الديانة الكنعانية والدين اليهودي:

كانت ديانة الكنعانيين مختلفة كلياً عن الدين اليهودي. فلم يُعثر في الديانة الكنعانية على أثرٍ لأي قانون أخلاقي شبيه بالوصايا العشر. ولا نعرف أي ذِكر للمحبة تجاه أي إلهٍ كنعاني، ويبدو أن العبادة الكنعانية لم تتضمن إلا النزر اليسير من الفرح والسرور. هذا من جهة؛ ومن جهةٍ أخرى فمعلوماتنا محدودة. إنما يجدر بنا أن نذكر أنه كان يُتوقع من الملوك أن يعتنوا بالفقراء والأرامل والأيتام.

وقد واجه بنو إسرائيل تجربة قوية تُغويهم أن يوقروا الآلهة الموجودة في الأرض قبل دخولهم إليها، والمفترض أنها مسؤولة عن الخصب فيها. أضف إلى هذا أن عبادة الآلهة الكنعانية لم تكن تطلب من الإنسان مطالب صارمة وكثيرة كشأن الدين اليهودي بشرائعه وفرائضه المتنوعة. وقد سقط كثيرون من بني إسرائيل في هذه التجربة، فكانت النتيجة هي الانحدار التدريجي نحو الكارثة الموصوفة في سفري الملوك. فإن الله الحي الذي عبده بنو إسرائيل كان يطلب من الإنسان ولاءً مطلقاً لعزته.

الكنيسة

الكنيسة هي جماعة المؤمنين بالمسيح. والكلمة في العهد الجديد تشير دائماً إلى البشر، وليس إلى الحجر قطعاً مثلما تُستعمل كثيراً اليوم. وبالحقيقة أن أجيالاً عديدة مضت قبل أن يكون للمسيحيين مبانٍ أُنشئت خصيصاً لتكون أماكن للاجتماع معاً.

كشف الرب يسوع لبطرس عن عزمه على إقامة كنيسته. وبعد عظة بطرس في يوم الخمسين آمن 3000 نفس وعمدوا وضُمُّوا إلى الجماعة المسيحية. وبينما اختار الله في العهد القديم بني إسرائيل شعباً له، يُفيدنا العهد الجديد أن جميع الذين يؤمنون بالمسيح، أياً كان جنسهم، هم  الآن شعب الله المختار، أو كنيسته". وهم يُعدون ليوم رجوعه- يوم "الزفاف العظيم" الذي فيه يتحد المسيح والكنيسة إلى الأبد.

وفي العهد الجديد تُشير الكلمة المترجمة كنيسته إما إلى جماعة مسيحية محلية وإما إلى مجموع المسيحيين الحقيقيين في العالم أجمع. ويعلمنا الرسول بولس أن يسوع المسيح هو رأس الكنيسة، وأنه ما من مسيحي يقوم بذاته بل هو جزءٌ من الكل. (راجع 1 كورنثوس 12: 12، 20).

وقد كان تنظيم الكنيسة المحلية في القرن الأول للمسيحية مختلفاً عما نشهده اليوم. فقد كان في بعض الكنائس قادةٌ يُدعون أحياناً "شيوخاً" أو "أساقفة" (نُظاراً) يتولون تعليم المؤمنين ورعايتهم. ولكن كنائس أخرى كانت بلا قادة "رسميين" وتمتعت بمواهب خاصة، من تبشير وشفاء وتدبير وسواها، يمارسها كثيرون من الأفراد. وربما كانت أساليب الاجتماع معاً تختلف بين كنيسة وأخرى تبعاً لاختلاف المشاركين.

متى 16: 18؛ أعمال 2؛ 13: 1؛ 1 كورنثوس 12: 12- 28؛ رومية 12: 5؛ كولوسي 1: 18؛ أفسس 4: 11- 16؛ 1 كورنثوس 12: 1- 11؛ أعمال 2: 42- 47؛ 4: 23- 25؛ 1 كورنثوس 11: 13- 34؛ 1 تيموثاوس 2 و 3؛ تيطس 1: 5- 9؛ رؤيا 19: 5- 9.

الكهنة واللاويُّون

اللاويون في الأصل هم أحد أسباط بني إسرائيل الاثني عشر، يتحدرون من لاوي، أحد أبناء يعقوب. لكن الله أعطاهم مركزاً خاصاً بين الشعب لأنهم حافظوا على كرامته تعالى حينما عبد باقي الشعب العجل الذهبي. وهكذا كرسهم الله لخدمته، فصاروا سبطاً مخصصاً له على نحو مميز.

أُفرِز اللاويون من بين سائر الأسباط لتأدية الفرائض الدينية. ولما لم يمتلكوا أي أرض، كان من واجب الأسباط الأخرى أن تُعيلهم. ولهذا قدم الشعب للرب عُشراً من جميع غلالهم ومواشيهم. وقد خُصصت ثمانٍ وأربعون مدينةً ليستعملها اللاويون.

كان للاوي ثلاثةُ بنين (قهات وجرشون ومراري) فتكونت من أنسال هؤلاء ثلاث عشائر من اللاويين. وخلال الارتحال في الصحراء تولى القهاتيون المسؤلية عن حمل أثاث خيمة الاجتماع؛ والجرشونيون حملوا ستائرها وأغطيتها؛ والمراريون حملوا ونصبوا الخيمة نفسها.

وخُصصت أسرةٌ من عشيرة القهاتيين للخدمة الخاصة. تلك هي أسرة هارون أخي موسى. فهو والمتحدرون من نسله عُينوا كهنةً. والكهنة وحدهم يقدمون القرابين. أما سائر عشائر اللاويين فقد كُلفوا القيام بالأعمال الدنيا، وكانوا بالفعل خداماً للكهنة. وهكذا صار الكهنة هُم "أقدس" جماعة بين بني إسرائيل. ولا يعني هذا طبعاً أنهم كانوا أتقى من سواهم، فإن كثيرين منهم لم يكونوا أتقياء قط (مثلاً ابناء عالي، وهم مذكورون في 1 صموئيل 2: 22- 25). فالصفة "مقدس" مستعملة في هذا السياق بمعنى "مفروز لله"، إذ كان هؤلاء مكلفين رسمياً خدمة خيمة الاجتماع والهيكل. وبالنظر إلى مكانتهم الخاصة، كانوا خاضعين لقوانين صارمة، وكان واحدهم لا يصير كاهناً قبل أن يبلغ سن الثلاثين.

وكان الكاهن الأعلى (أو رئيس الكهنة) هو القيم على جميع الكهنة وخدمتهم. كما أنه كان يتمتع بامتياز خاص لا يُسمح به لسواه، إذ كان يدخل "قدس الأقداس" مرة كل سنة، في يوم الكفارة.

اللاويون: خروج 32: 25- 29؛ عدد 3: 12 و 13؛ 18: 21- 24؛ 35: 2- 8

الكهنة: خروج 28 و 29؛ لاويين 8- 10؛ 16؛ 21و 22

تتعلق واجبات الكهنة واللاويين، في معظمها، بالقرابين التي كانت تُقدم في الخيمة والهيكل، وبأمور العبادة. ولكن كانت لديهم أيضاً بضع واجبات أخرى.

فقد تكونت جوقات المرنمين في الهيكل من مجموعة رجال ينتمون إلى عشائر اللاويين الثلاث. ولعلهم نظموا بعض المزامير (مثلاً المزمورين 85 و 87).

وكان من واجب الكهنة واللاويين أيضاً أن يقدموا باسم الله أجوبةً عن أسئلة لا جواب لها عند غيرهم (مثلاً، هل يكون الوقت مناسباً للخروج إلى المعركة). وقد استخدموا لهذا الغرض حجرين سُميا الأوريم والتميم (الأنوار والكمالات) اللذين كانا يُحفظان في جيبٍ خيط بصدرة رئيس الكهنة. فإذا سحب الكاهن حجر الأوريم، كان الجواب "لا"؛ وإذا طلع حجر التُميم كان "نعم".

وأهم شيءٍ أنهم كانوا مسؤولين أيضاً عن تعليم الشعب شريعة الله. فلما بارك موسى الأسباط، قال إن اللاويين سيتولون أمرين: أولاً، تعليم بني إسرائيل شريعة الرب؛ وثانياً، تقديم المحرقات على المذبح. وفي سفر عزرا وصفٌ لإحدى المناسبات التي فيها تلا عزرا واللاويون على الشعب قراءةً من الشريعة. ويلخص النبي ملاخي دورهم قائلاً: "لأن شفتي الكاهن تحفظان معرفة، ومن فمه يطلبون الشريعة، لأنه رسول ربّ الجنود". والمُحزن أنه كان على الأنبياء غالباً أن يدعوا الكهنة واللاويين إلى القيام بواجباتهم بعدما أخفقوا في ذلك.

1 أخبار الأيام 6: 31- 48؛ لاويين 13؛ تثنية 33: 8- 11؛ نحميا 8: 1- 12؛ ملاخي 2: 7؛ إرميا 23: 11- 32؛ حزقيال 34

كورزين

مدينة علم فيها المسيح، قرب كفرناحوم، على جبلٍ مشرف على بحيرة الجليل. انزعج الرب يسوع كثيراً لأن هذه المنطقة التي سمعت تعليمه لم تُبدِ أي تغيير في القلب والحياة نتيجةً لذلك. وتقوم في موقع كورزين الآن خِربٌ مهجورة.

متى 11: 21؛ لوقا 10: 13

كورش

الملك الفارسي الذي استولى على بابل في 539 ق م. سمح كورش لليهود المسبيين في بابل بالعودة إلى أورشليم وبناء الهيكل. وقد أعاد معهم جميع النفائس التي سبق أن أخذها نبوخذنصر من الهيكل وقدم لهم مبلغاً ضخماً من المال ليعاونهم على العمل. أعلن أشعياء أن الله اختار كورش ملكاً لُيحرر مسبيي الشعب. وفي عهده وقعت الأحداث المتأخرة المتعلقة بدانيال.

عزرا 1: 1 وما بعدها؛ 6: 14؛ أشعياء 44: 28 وما بعدها؛ دانيال 6: 28

كُورِنْثوس

مدينة يونانية قديمة دمرها الرومان سنة 146 ق م ثم أعادوا بناءها بعد مئة سنة. كانت تقع على رقعة الأرض الضيقة التي تربط بر اليونان بشبه الجزيرة الجنوبية، بين بحري إيجه وأدريا، ولذلك كانت مركزاً تجارياً مهماً.

اجتذبت مدينة كورنثوس أناساً من أجناسٍ شتى. وقد أشرف عليها "أكروكورنثوس"، أي الصخرة المنحدرة التي بُني عليها الأكروبوليس "أي قلعة المدينة) ومعبد أفروديت (إلاهة الحب). وكان للمدينة سمعة رديئة جداً لما شاع فيها ضروب الفساد الخلقي، ولا سيما بوجود بغايا المعبد وأخلاط من طالبي المتعة.

أقام بولس في كورنثوس ثمانية عشر شهراً، خلال سفرته التبشيرية الثانية. وفي أثناء إقامته هناك أسس كنيسة أرسل إليها في ما بعد رسالتين يتضمنهما العهد الجديد (1 و 2 كورنثوس).

أعمال 18

الرسالتان إلى كورنثوس

1 كورنثوس:

رسالةٌ وجهها بولس إلى المسيحيين في كورنثوس. وقد كانت كورنثوس مدينة يونانية تعج بأناس مختلفي الأجناس. وقد اشتهرت بتجارتها وحضارتها وكثرة أديانها، وبالانحطاط الخلقي والإباحية أيضاً.

تكونت نواة الكنيسة في كورنثوس على يد بولس خلال إقامته ثمانية عشر شهراً في المدينة في أثناء سفرته التبشيرية الثانية. ثم بلغته أخبار سيئة عن حالة الكنيسة هناك. ولما قصد إليه بعض أفراد الكنيسة في كورنتوس يلتمسون نُصحه، كتب هذه الرسالة المهمة. وفيها تطرق إلى معالجة المشكلات الرئيسية في الكنيسة، من انقسامات (الأصحاحات 1- 4) مسائل تتعلق بالأخلاق وحياة الأسرة (5- 7). فقد شاعت أخبار عن حالة الزنى فظيعة وجرّ المسيحيين بعضهم بعضاً إلى المحاكم.

وعالج بولس مسألةً ضميرية واجهها المسيحيون بخصوص الطعام (8- 10). فقد كان معظم اللحم المباع في السوق من الذبائح المقدمة للأوثان، وتساءل المسيحيون: هل يجوز الأكل منه؟

والأصحاحات 11- 14 تُرسي مبادئ العبادة المرتبة في الكنيسة، ولا سيما في ما يتعلق بعشاء الرب، وتتطرق إلى المواهب الخاصة التي يمنحها الله لشعبه. وفي الرسالة صورة واضحة- وإن كانت غير مشرقة من جميع جوانبها- عن الطريقة التي بها اجتمع المسيحيون الأولون معاً وتصرفوا.

كذلك يشرح بولس أيضاً معنى قيامة المسيح وجميع الذين يموتون من المؤمنين به (الأصحاح 15).

وفي الأصحاح الأخير يُطلع بولس الكنيسة في كورنثوس على مشروع العطاء الذي كان يتولاه لأجل فقراء المسيحيين في فلسطين، ثم يُنهي الرسالة بتحيات شخصية.

ومن أشهر الفصول التي كتبها بولس ما نجده في الأصحاح 13 من هذه الرسالة عن المحبة- عطية الله لشعبه.

2 كورنثوس:

كتب بولس رسالته الثانية إلى كورنثوس بعد مضي نحو سنة على إرساله رسالته الأولى (نحو 56 م)، حين كانت العلاقة بينه وبين الكنيسة هناك تواجه مأزقاً حرجاً. وخلال تلك السنة كان بعض المسيحيين الكورنثيين قد شنوا عليه هجمات عنيفة, والظاهر أنه زار كورنثوس زيارو خاطفة. وتبين الرسالة مقدار شوقه البالغ إلى تبديد الغمامة بينه وبين الكنيسة في كورنثوس.

في الأصحاحات 1- 7 يتناول بولس علاقته بالكنيسة في كورنثوس. فيشرح ما قاله سابقاً من كلامٍ قاسٍ، ويُبدي امتنانه البالغ لكون قلوبهم قد تغيرت. وهو يتطلع إلى زيارتهم مرةً ثالثة يلقى فيها السرور.

ويُناشدهم بولس أن يتبرعوا بسخاء لسد حاجة المسيحيين في فلسطين (الأصحاحات 8 و 9).

أما الأصحاحات الأخيرة (10- 13) فمخصصة كلها لدفاعه عن دعواه بأنه رسول، وكان عددٌ من المسيحيين في مورنثوس قد تساءلوا بشأن حقه في ممارسة السلطان الرسولي.

والرسالة الثانية إلى كورنثوس، بما فيها من تفاوت الحالات الشعورية التي تعصف حيناً وتهدأ حيناً آخر، هي واحدة من أكثر رسائل بولس اتصافاً بالخصوصية أو الناحية الشخصية. وتشع بين سطور الرسالة كلها محبته للكنيسة وعنايته بها ومعاناته للآلام وإيمانه غير المتزعزع.

كوش (السودان)

يقع السودان إلى الجنوب من مصر. ويُسمى في العهد القديم كوش (أو الحبشة). كان الفرعون ترهاقة من كوش. لكن السيطرة كانت للمصريين عادةً، وكان الجنود الكوشيون يخدمون عندهم. وعبدملك الذي أنقذ إرميا كان من السودان. وجِدت فيها الأزمنة الهيلينية والرومانية مملكةٌ مستقلة كانت عاصمتها في مروي. وغالباً ما حكمت هذه المملكة ملكات، لقبهن كنداكة، ووزير إحداهن قابلة فيلبس المبشر وهداه إلى الإيمان.

2 ملوك 19: 9؛ إرميا 38: 7؛ أعمال 8: 27

كولوسي

مدينة في وادي الليكوس تابعة لولاية أسيا الرومانية (جنوبي غرب تركيا الآن). كانت لا تبعد إلا بضعة كيلومترات عن لاودكية على الطريق الرئيسي إلى الشرق من أفسس. وربما بلغت الرسالة المسيحية كولوسي لما كان بولس مقيماًُ في أفسس، مع أنه هو شخصياً لم يذهب إلى كولوسي قط. وقد كتب بولس رسالة إلى الكنيسة في كولوسي.

كولوسي 1: 2

الرسالة إلى كولوسي

كتب بولس هذه الرسالة إلى المسيحيين في كولوسي وهو في السجن بروما على الأرجح نحو السنة 61 م. ومع أنه لم يؤسس الكنيسة في كولوسي (في غرب تركيا) فقد عُني بها عنايةً خاصة. فالكنيسة هناك تأسست على يد ابفراس الذي اهتدى إلى الإيمان على يد بولس. وفي روما قابل عبداً فاراً من مدينة كولوسي (راجع فليمون). وقد سمع أن بعض المعلمين المُضلين ينشطون هناك. هؤلاء زعموا أنه في سبيل معرفة الله ينبغي أن يعبد الناس قواتٍ روحية أخرى ويمارسوا شعائر وفرائض يراعونها بدقة. وبذلك كان أولئك المعلمون يدسون أفكاراً مستمدة من دياناتٍ وفلسفاتٍ أخرى.

يعرض بولس في الرسالة حقيقة الدعوة المسيحية (1: 1- 2: 19). فالمسيح وحده فقط يقدر أن يخلص الإنسان ويعطيه حياة جديدة. وبيسوع المسيح خلق الله الكون كله.

من ثم يمضي بولس ليبين المضامين العملية لهذه الحياة الجديدة (2: 20- 4: 6). فهي تؤثر في كل ما نقوله وما نعمله، وفي مشاعرنا وعلائقنا- في البيت والعمل والكنيسة.

وأخيراً يختم بولس رسالته إلى كولوسي بأخبارٍ شخصية (4: 7- 18).

كيرينيوس

الوالي الروماني على سورية زمن الإحصاء الذي اضطر مريم ويوسف الذهاب إلى بيت لحم.

لوقا 2: 2

كيليكية

منطقة في جنوب آسيا الصغرى (تركيا الحديثة) صارت إحدى ولايات الإمبراطورية الرومانية في 103 ق م. وكانت طرسوس، مسقط رأس بولس، هي المدينة الرئيسية فيها. وخلفها نحو الشمال الشرقي جبال طوروس الوعرة والتي يخترقها معبر جميل يُعرف باسم بوابات كيليكية.

أعمال 21: 39؛ 22: 3؛ 23: 34

  • عدد الزيارات: 4505