انتصار أم هزيمة - الدَّعوى على المسيح
الدَّعوى على المسيح
وُلد يسوع في بيت لحم، في جنوب البلد. وسمع الملك هيرودس بخبر "ملك اليهود" هذا من مجوس (أو حكماء) جاؤوا من الشرق، ربما من بلاد الفرس (حيث تقع إيران حالياً) أو من بلاد العرب. وإذ خشي هيرودس قيام ملك ينافسه، أرسل جنوداً إلى بيت لحم فقتلوا الأطفال الذكور جميعاً، لكنْ بعدما كان يوسف ومريم أُنذرا في حُلم فهربا بطفلهما إلى مصر. وفي آخر الأمر تسنّى لهما أن يعودا إلى الناصرة، وهناك تربّى يسوع.
اشتهر تاريخ اليهود بظهورٍ منتظمٍ لأنبياءَ يرسلهم الله فيتكلَّمون بما يوحي إليهم من كلام، ولم يندر أن يتكلَّموا عن أحداثِ المستقبل. من هؤلاء إيليا وأليشع اللذان سبق لنا أن صادفنا اسميهما. ومنهم أشعياء وهوشع مُعاصِرهُ. وقد كان آخِرَهم ملاخي. فبعد ملاخي حدث انقطاعٌ مشؤوم في تَسلسُل الأنبياء، فكانت فترة صمت دامت أكثر من أربع مئة سنة. حتّى دوَّى صوتُ يوحنا المعمدان قاطعاً الصمت، معلناً قدوم المسيح: يأتي بعدي من هو أقوى منّي، الذي لست أهلاً أن أنحني وأحلّ سيور حذائه. أنا عمّدتكم بالماء وأما هو فسيعمّدكم بالروح القدس (مرقس 1: 7 و8).
وقد عرَّف يوحنا نفسه من خلال نبوّة قديمة، فكان– كما قال:
صوتَ صارخٍ في البريَّة: أعدّوا طريق الربّ، اصنعوا سبله مستقيمة (متى 3:3؛ راجع أيضاً أشعياء 3:40). فيوحنا كان الصوت؛ ويسوعُ كان الربّ.
ويبدو أن الشعب فهموا سريعاً رسالة يوحنا المعمدان. فقريباً سيظهر شخصٌ يكون على الأقلّ منقذاً. ولعلَّه شخص يستطيع أن يحرِّر الشعب اليهودي من نير الرومان الغزاة. ألم يبعث الله في الماضي رجالاً من هذا النوع؟... أو يكون القادمُ آنذاك هو المسيّا الذي طال انتظاره، أي المسيح الذي أقامه الله ومسحه ليكون منقذاً لشعبه؟
سبق أن رأينا في الفصل الثاني أن يسوع دُعي "المسيح" وتفسيره "الممسوح"، كما رأينا أيضاً أن الملوك كانوا يُمسَحون مَثَلُهم مثلُ الأنبياء والكهنة. فإذا كان يسوع هو المسيح، فهل هو المعَّين من الله والممسوح ملكاً أو نبيّاً أو كاهناً؟
- عدد الزيارات: 14331