Skip to main content

يسوع المسيح هو الحلُّ الوحيد - خدمته

الصفحة 6 من 9: خدمته

خدمته

لما بلغ يسوع الثلاثين تقريباً، اختار له جماعة صغيرة من اثني عشر تابعاً، وانطلق في خدمة دامت نحو ثلاث سنين تميّزت بالتجوال شبه الدائم في أنحاء مملكة هيرودس البالغة نحو ثمانية آلاف كلم2، حيث كان يُعلِّم ويشفي في أثناء تجواله.

المسيح كارزاً

لم يكن معلِّم الدين اليهودي، أي "الرابّي " مجرَّد خطيب. بل كان يتوقع من تلاميذه أن يتشرّبوا نمط حياته بالكامل وأن يحفظوا تعاليمه غيباً. ويبدو أن المسيح حذا حذو معلِّمي الدين اليهود. فكان لزاماً على أتباعه ألاثني عشر أن يتركوا أعمالهم، من صَيدٍ وجباية ونحوهما، كي يتفرّغوا لإتباع معلِّمهم.

إلّا أن المسيح كان مختلفاً عن غيره من الرابيين. ذلك أنه كان ـ وقد علم تلاميذه أنه كان ـ معلِّماً وسيِّداً، في آن: " أنتم تدعونني معلماً وسيِّداً، وحسناً تقولون، لأني أنا كذلك" (يوحنا 13:13 ). وليس أتباعه وحدهم مَن علموا أنه كان مختلفاً عن غيره من الرابيين، بل إنَّ عامَّة الشعب أدركوا ذلك أيضاً. فالرابيون ما ادَّعوا لأنفسهم أيَّ سلطان، بل كانوا دائماً يستشهدون بأقوال الرابيين السالفين كمرجعٍ ذي سلطانٍ يعتمدونه في آرائهم وأحكامهم. أمّا يسوع، فلم يكن من هذا النوع:

فلما أكمل يسوع هذه الأقوال، بهت الجموع من تعليمه، لأنه كان يعلّمهم كمن له سلطان، وليس كالكتبة (متى 7: 28و 29).

وقد كان "ملكوت الله" واحداً من الموضوعات العظيمة التي دار عليها تعليم المسيح. ففي مستهلِّ إنجيل مرقس، نقرأ أنه "... جاء يسوع إلى الجليل يكرز ببشارة ملكوت الله، ويقول: قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله، فتوبوا وآمنوا بالإنجيل" (مرقس 1:14 و15).

هذا الموضوع الرائع يذكرنا أن زمام العالم ليس مُفلتاً، إذ إنَّ الله يسيطر عليه. غير أن مُلك الله هذا لا يعني أننا محرومون الحرية. فنحن لسنا أشبه بآلات الساعة يعبّئها الله ويحتم عليها أن تظلّ تدور إلى أن تفرغ. بل إننا بالأحرى أحرار، ومع ذلك ـ شئنا أم أبينا ـ نعيش في عالم يسيطر عليه الله باعتباره الملك.

إنّ وضْعَنا يُشبه بالأحرى حالة من يعيش في بلدٍ تعرف حكومته كل شيء عن مخالفة للقانون. حتى إنَّ أحداً ما لا يستطيع أن يُجاوز حدَّ السرعة المسموح بها دون أن تعلم السلطات بأمره. وحكومة هذا البلد فعّالة بحيث إن كلّ مخالفٍ للقانون لا بُدَّ أن يلقى عليه القبض ويّلقى عقابه. ففي بلدٍ كهذا يكون الناس أحراراً، أحراراً حتى في خرق القانون، ولكنْ لا بدَّ أن يعلموا أنَّهم إن اختاروا سبيل الجريمة فعليهم أن يتحمّلوا العواقب.

طبعاً، إن التشبيه ليس كاملاً كليّاً، غير أنه يصف بالفعل عالماً مختلفاً جدّاً عن عالم الهندوسية مثلاً، لا أكون حرّاً في أفعالي. ففي الهندوسية تكون أحوالي وأفعالي اليوم نتيجةً لما يسمّونه " كرما" أي ما اشتمل عليه ماضيَّ من حاصل تسوية الميزان"؛ إذ إنَّ ما يحدِّد حياتي اليوم حتماً يعود إلى ما كان لي وما كان عليَّ لا في ماضي حياتي الحاليّة فقط بل في جميع حياتي الماضيات أيضاً.

ثمَّ إن صورة العالم التي ترسمها المسيحية تختلف عمّا هي عليه بحسب الإسلام، حيث يُعتبَر حُكم الله مطلقاً. ونحن نعلم أن العبارة "إن شاء الله "تتردَّد كثيراً في جميع البلدان العربيَّة. حتى إنّ "الأشعريَّة"، وهي المذهب اللاهوتي الأشهر والأكبر، تنكر كليّاً الحريَّة البشرية وتقول بالجَبْريَّة الشاملة (أي تسيير القضاء والقدر للبشر في كل شيء ).

تصوير ملكوت الله
الصفحة
  • عدد الزيارات: 18136