Skip to main content

يسوع المسيح هو الحلُّ الوحيد - أُمٌّ وابنٌ

الصفحة 4 من 9: أُمٌّ وابنٌ

أُمٌّ وابنٌ

على أن أشعياء استخدم في نبوّته هذه كلمتين مميَّزتين، إحداهما تدلُّ على الأم والأخرى على الابن. والكلمة المستخدمة للدلالة على الأمّ تعني امرأة شابَّة عذراء. إذ لما كتب متّى إنجيله باليونانية استعمل في ترجمة هذه الكلمة اللفظة "بارثينوس" وتعني "عذراء" بلا لبس ولا غموض.

والآن، إلى الكلمة الثانية. فقد قال أشعياء إنّ ذلك الولد سيُدعى "عمانوئيل"، ومعنى هذا الاسم " الله معنا". وكانت الشعوب الساميَّة قد درجت على تسمية المواليد غالباً بأسماء تتضمّن تعليقاً على حادثةٍ ما مرتبطة بولادة أولئك المواليد. وأذكر أن طفلاً سُمّي "رَجعان" لأنه وُلِد لأبوين كبيرين في السنّ، وكأن هذا الطفل جنى متأخِّر (رجعي). فنسبةً إلى نبوّة أشعياء، سُمّي الطفل "عمّانوئيل" لأن المعنى الأوفى لهذه النبوّة لا يظهر إلَّا في الإتمام المتعلِّق بيسوع المسيح. فالمسيح كان فعلاً " الله... معنا ". إنه لم يكن مجرّد آية (علامة ) على أن الله في جانبنا، بل كان في نفسه الله... معنا.

لذا كانت البداية الفريدة لسيرة المسيح على هذه الأرض حدثاً هامّاً. وقد جرى التمهيد لها بنبوّة عنها جاءت قبلها بسبع مئة سنة. وهذا يُبّين دخول الله إلى العالم الذي خلقه، لا كإنسان متفوِّق من صنفٍ ما، ولا كملك، بل طفلاً حُبِل به بأُعجوبة وما هو إلّا "الله... معنا".

من الواضح أنَّ هذه النظرة إلى ولادة المسيح تختلف كلياًّ عن نظرة أولئك الذين يعتبرونه مجرَّد إنسان فربّما اعتبروه إنساناً صالحاً على نحوٍ مميَّز أو معلِّما ًشهيراً، ولكنهم مع ذلك يعتبرونه مجرّد إنسان يفسِّر العالم ويشرحه كما يراه. إلا أن الكتاب المقدّس، على نقيض هذا، يقدم لنا إنساناً فريداً، إنساناً لا يبدأ وجوده عند ولادته بل يدخل عالمنا هذا من العالم الآخر، أعني من الأبديَّة. وبالحقيقة، هذا هو ما يعنيه المسيحيون بالتجسُّد ذلك أنَّ الله صار إنساناً وجاء إلى العالم الذي يراه، بطريقة تشبه الطريقة البشرية المعهودة لكنَّها تختلف عنها بفرادةٍ عجيبة: حادثة فريدة كانت لها بداءة فريدة.

حداثته

وُلِد يسوع في عائلة فقيرة، ولا نعرف عن حداثته إلّا القليل. والأرجح أنَّه كان يذهب مع العائلة إلى أورشليم كلَّ سنة. فنحن نعلم أنه ذهب إلى هناك لما كان ابن اثنتي عشرة سنة، حيث أذهل معلّمي الشريعة بالأسئلة التي سألهم والأجوبة التي أجابهم (راجع لوقا 2: 46و47).

ومن المشوِّق أن نلاحظ الطريقة التي بها صحَّح المسيح بلطفٍ زلَّة لسانٍ من مريم خلال تلك الزيارة إلى العاصمة. فلمَّا بدأ المسافرون من الناصرة طريق العودة إلى بلدهم، كانوا قد تركوا يسوع في أورشليم. لذا كان على مريم ويوسف أن يعودا إلى المدينة ليجداه. ولما وجداه بعد عناء، أبدت مريم انزعاجها إذ قالت:

"يا بُنيّ، لماذا فعلت بنا هكذا؟ هو ذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذَّبين

"فقال لهما: لماذا كنتما تطلبانني؟ ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون في ما لأبي؟" (لوقا2: 48و49).

"أبوك وأنا..."

"... في ما لأبي".

نشأته
الصفحة
  • عدد الزيارات: 18137