سرّ القوة
”الإناء الأضعف“، هذا هو تعريف كلمة الله لشخصية المرأة، بل هذا هو المفهوم السائد في العالم على مرّ عصوره وأجياله.. وإن يكن قرننا الحاضر قد رفض الإقرار بهذه الحقيقة لكنه لا يبطل وجودها.
وهكذا استولى على المرأة شعور بالفشل، والخيبة، وعدم المقدرة، وبأنها ضعيفة وقاصرة، فأسرعت في طلبالنجدة والمعونة لكي تكوّن من شخصيتها إنساناً قوياً يساوي الرجل ويفوقه.
تسارعت إليها المساعدات من كل حدب وصوب، ورحَّب بها حقل العلم والمعرفة لكي تحفر من تربته قدر ما شاءت، وفتح لها المجتمع باب ميدانه لكي تجري عليه شتى التجارب والاختبارات النافعة. ولكن كل هذا لم يستطع أن يمحو عنها صبغة الضعف، وأن تحاول أن تفترض أو تفرض نفسها أنها القوية، ولكن في قرارة نفسها اقتناع ضمني معاكس.
فهذه المشكلة والمعضلة ليست اجتماعية فحسب ولكنها روحية أيضاً. فالشعور بالضعف يولّد فشلاً، والفشل مقبرة الطموح، وهكذا تمسي الأخت المؤمنة في هزال مستمر وتقهقر.
هنالك من عمدوا على حلّ هذه المشكلة، فأتوا بالإناء الأضعف وأولوه مسائل إدارية، وسمحوا له التعدي على حدوده التعليمية والتدبيرية في الكنائس والمؤسسات الروحية، "فزادوا الطين بلّة". وبدلاً من الإصلاح وإيجاد الحلول والعلاجات، حلّ بهم الخراب والهدم، لأنهم عصوا كلمة الله الصريحة من هذا القبيل التي تنفي بروز المرأة في الكنيسة بالحقل التعليمي والتدبيري، بل تشدِّد على اختفائها في ظلّ الرجل لأن الرجل ليس من المرأة بل المرأة من الرجل، وأما المرأة فهي مجد الرجل. كما أهملوا توصيات كلمة الله في كيفية مساندة الأخت المؤمنة وتشجيعها.
أختي العزيزة، أرجو أن لا يصعب عليكِ عدم كونكِ العضو البارز المنظور في جسد المسيح، "فإن أعضاء الجسد التي تظهر أضعف هي ضرورية وأعضاء الجسد التي نحسب أنها بلا كرامة نعطيها كرامة أفضل" (1كورنثوس 24:12و23). لكن الله مزج الجسد معطياً الناقص كرامة أفضل (1كورنثوس 24:12). ولا يكن ضعفكِ الجسدي عذراً لهزال روحي وسبب حزن وانزعاج، فإن كلمة الله لك تقول: "تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تُكمل". فالرسول بولس يكتب إلى أهل كورنثوس بكل اعتزاز قائلاً: "فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي، لكي تحلّ عليَّ قوة المسيح. لذلك أُسرّ بالضعفات". إن الله لا يطلب من خادمته أن تكون ذات عضلات ”مفتولة“، ولا صاحبة عقل مبدع ضخم، أو فكر واسع ملبّد بالعلوم الكثيرة. ولكن الله اختار ويختار الضعفاء ليخزي الأقوياء.. اختار جهّال العالم ليخزي الحكماء. إنه اختار أدنياء العالم، المزدرى وغير الموجود لكي يبطل الموجود. إنه لا يسأل سوى قلب مطيع متواضع أمين لكي يكون فضل القوة والعظمة لله وحده.
أين يكمن سر القوة إذاً؟ وما هي طريقة الحصول عليها؟ يقول الكتاب:
"تقوّوا في الرب وفي شدة قوته"
(أفسس 10:6).
"فتقوَّ أنت يا ابني بالنعمة التي في المسيح يسوع" (2تيموثاوس 2:2).
"يعطي المعيي قدرة ولعديم القوة يكثر شدة" (إشعياء 29:40).
"لكنكم ستنالون قوة متى حلّ الروح القدس عليكم" (أعمال 8:1).
"لأن الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح" (2تيموثاوس 7:1).
أختي، أنتِ ضعيفة جداً عندما تكونين في خدمتكِ وجهادك مستقلة عن الله، ومتكلة على قوتك الشخصية، ولكنك قوية جداً عندما تسلِّمين ذاتك بكاملها للرب كسيد مطلق على حياتك، وقائد منفرد في خدمتك، وهكذا يبقى مخزن قوة الله الذي لا ينضب ولا ينقص على حسابك لكي تستمدي منه كل حاجتك.
أختي، أنفضي عنكِ غبار الفشل والهزال والضعف الروحي، طامحة إلى حياة رفيعة سامية، مردِّدة مع رسول الأمم: "ولكن بنعمة الله أنا ما أنا". واسمحي لهذه النعمة وللقوة الإلهية أن تكونا عاملتين في شخصيتك وخدمتك، لكي تضمي صوتك مرة أخرى إلى صوت الرسول بولس منادية.
"أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني."
مقتبس من مجلة صوت الكرازة بالإنجيل
- عدد الزيارات: 8323