الزواج والطلاق
" وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ قَائِلِينَ لَهُ :«هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِكُلِّ سَبَبٍ؟ " (متى3:19)
كيف أجابهم الرب يسوع في موضوع الزواج والطلاق؟ بحسب كلمة الرب لا علاقة بين الرجل والمرأة قبل الزواج، أو خارج إطار الزواج، فهذه خطية والكتاب يسميها نجاسة، وإذا أقام أحدهما علاقة مع شخص آخر غير زوجه تسمى زنى.
هذا الموضوع من أكثر المواضيع الهامة في مجتمعنا الحالي، ولو نظرنا إلى العالم حولنا لوجدنا أن نسبة الطلاق عالية جدا، واصبحت العلاقة الزوجية نوع من الاستهتار وعدم الأمانة ليس فقط إلى الطرف الآخر بل إلى الله. " والطلاق لا يمس الشريعة الإلهية وحدها بل يؤثر على المجتمع ككل. فكم من الأسر المفككة والمنهارة والتي تهدم وتنزل الزواج إلى القاع بسبب الطلاق.. وكم من الأولاد يلحق بهم الأضرار الجسيمة من جراء الطلاق.[1]
إن النسر يعيش أطول عمر من بين الطيور، كما أن النسر عنده صفة مميزة وهي أنه مخلص لزوجته طول العمر والرب شبهنا بالنسور التي تحلق فوق الجبال والمرتفعات، أي فوق المشاكل والهموم التي تصادفنا. الزواج شيء مقدس أو بمعنى آخر إن الزواج هو عهد بين الرجل والمرأة كما هو مكتوب في (ملاخي 2: 14- 16) ولكن هناك شخص في الكتاب المقدس اسمه أونان لم يحترم عهد الزواج اكتفى بالشهوة فالنتيجة أماته الرب. لذلك كسر العهد أمر خطير جدا عند الرب ولا يجوز التلاعب به في أي حال من الأحوال. هناك نصوص كتابية تتعلق بالزواج والارتباط في ( مت 19: 6 ) " ماجمعه الله فلا يمكن أن يفرقه إنسان" وفي ( تك 2: 24) " لذلك يترك الرجل.. ويلتصق بإمرأته..") يوضح بولس في ( 1كو7: 10، 11) بجلاء على أساس تعليم يسوع، أنه غير مسموح للزوج أو للزوجة أن يترك أحدهما الآخر، فإذا فارقت الزوجة فلتلبث غير متزوجة أو لتصالح زوجها.. هذا هو المبدأ العام. وهذا يعارض موضوع الطلاق ويدعو المسيحيين إلى العمل على المصالحة بين الأزواج.[2] ولكن لكل قاعدة شواذا، بمعنى آخرهناك مواقف يسمح به للإنفصال وللطلاق وهي في حالة الزنى في مرقس 10: 1- 12 هذه الاعداد تتكلم عن الزواج والطلاق، وكعادة الفريسيون الذين يأتون إلى الرب يسوع كذئاب خاطفة لكي يصطادوه بكلمة، ولكن الرب يسوع كان يكشف لهم نواياهم الخبيثة، ويتكلم لهم من خلال الكلمة ( الناموس) والتعليم النقي ، وهو عارف بأنهم يسألوه لا لكي يتعلموا ويفهموا ويرجعوا عن طرقهم الردية كلا.. بل ليجربوه لكي يشتكوا عليه، ولكن كان يسوع يجاوبهم على الاسئلة بكل أمانة وصدق. ولأن الفريسيون ينظرون إلى الطلاق كقضية قانونية أكثر منه قضية روحية ، وقد استخدم الرب يسوع هذه الفرصة ليبين لهم قصد الله في الزواج، وليكشف دوافع الفريسيين الأنانية، فلم يكونوا يفكرون فيما يقصده الله من الزواج، ولكنهم أرادوا الزواج الذي يناسبهم. علاوة على ذلك كانوا يقتبسون أقوال موسى اقتباسا ظالما ومبتورا. وقد أثبت يسوع لهم بأنهم سطحيين في معرفتهم لناموس موسى. فخطة الله من البدء ، أن يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بإمرأته، ويكونان جسدا واحدا. إذا ليس بعد اثنين بل جسد واحد ولكن لماذا سمح موسى أن يعطى كتاب طلاق فتطلق؟ الجواب سمح موسى بكتاب الطلاق من أجل قساوة قلوبهم، أي كان الرجال يضربون نسائهم ويعذبونهم ، " وايضا كانت النساء تعامل كالمتاع. وكان يعتبر الزواج والطلاق مجرد إجراء كبيع الاراضي وشرائها.[3] فمن رحمة الله عليهم أمر أن يعطى كتاب طلاق، ولكن ليست هذه كانت من البدء بأن يطلق. لأن الكتاب المقدس لا يناقض نفسه، لأنه يقول " الله يكره الطلاق".
اخيرا هناك نتائج صعبة ومحزنة للطلاق ولاسيما الذين عندهم أطفال ، إذ أظهرت الدراسات التي قامت بالمقارنة بين بيوت الأطفال الغير مطلقة والبيوت المطلقة فوجدت بأن بيوت الأطفال الوالدين المطلقين هم أكثر اشتراكا في جرائم الأحداث.. ونتائج الإمتحانات أسوأ من غيرهم، كما أنهم يميلون لممارسة الجنس بنشاط في سن مبكرة، وهم يتزوجون ويطلقون في سن مبكرة، وهذه الحالات ناتجة عن الحرمان العاطفي بسبب تفكك العائلة وعدم استقرارها.[4] لذلك يجب أن ننتبه إلى حياتنا وإلى زواجنا كل يوم ولا نعطي فرصة للمقاوم أن يشتكي علينا في أي نقطة أو مجال في حياتنا، ونتذكر بأن الله قد أعطانا وكالة ( الزواج) وسوف يأتي اليوم ويقول لنا أعطي حساب وكالتك، فياليت الرب يساعدنا أن نعيش بأمانة وبخوف ورعدة حتى إذا جاء المسيح يجدنا جاهزين وغير مرتبكين بأمور هذه الحياة، واختم كلامي في ما جاء في (1كو3: 16-17) " 16أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟ 17إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ اللهِ فَسَيُفْسِدُهُ اللهُ، لأَنَّ هَيْكَلَ اللهِ مُقَدَّسٌ الَّذِي أَنْتُمْ هُوَ." ويكون شعارنا دائما هو أن الرب يكره الطلاق.
[1] كميل حشيمة، المسيحي والطلاق ،26.
[2] كريج س. كيينر، لنتزوج ثانية قضايا الطلاق والزواج، ترجمة بهيج يوسف، 103.
[3] التفسير التطبيقي للكتاب المقدس، 2017.
[4] ماري كيرك، الطلاق معايشة مرارة التجربة، ترجمة ادوار وديع عبد المسيح، 172.
- عدد الزيارات: 13628