العلاقة الحميمة بين الزوجين
1وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأُمُورِ الَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا فَحَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لاَ يَمَسَّ امْرَأَةً. 2وَلَكِنْ لِسَبَبِ الزِّنَا لِيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ امْرَأَتُهُ وَلْيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَجُلُهَا. 3لِيُوفِ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ حَقَّهَا الْوَاجِبَ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ أَيْضاً الرَّجُلَ. 4لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهَا بَلْ لِلرَّجُلِ وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ أَيْضاً لَيْسَ لَهُ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهِ بَلْ لِلْمَرْأَةِ. 5لاَ يَسْلِبْ أَحَدُكُمُ الآخَرَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى مُوافَقَةٍ إِلَى حِينٍ لِكَيْ تَتَفَرَّغُوا لِلصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ ثُمَّ تَجْتَمِعُوا أَيْضاً مَعاً لِكَيْ لاَ يُجَرِّبَكُمُ الشَّيْطَانُ لِسَبَبِ عَدَمِ نَزَاهَتِكُمْ. 6وَلَكِنْ أَقُولُ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الإِذْنِ لاَ عَلَى سَبِيلِ الأَمْرِ. 7لأَنِّي أُرِيدُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ النَّاسِ كَمَا أَنَا. لَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَهُ مَوْهِبَتُهُ الْخَاصَّةُ مِنَ اللهِ. الْوَاحِدُ هَكَذَا وَالآخَرُ هَكَذَا. 8وَلَكِنْ أَقُولُ لِغَيْرِ الْمُتَزَوِّجِينَ وَلِلأَرَامِلِ إِنَّهُ حَسَنٌ لَهُمْ إِذَا لَبِثُوا كَمَا أَنَا. 9وَلَكِنْ إِنْ لَمْ يَضْبِطُوا أَنْفُسَهُمْ فَلْيَتَزَوَّجُوا لأَنَّ التَّزَوُّجَ أَصْلَحُ مِنَ التَّحَرُّقِ.
(1 كو 7: 1- 9)
إن موضوع العلاقة الحميمة بين الرجل وامرأته هو من الموضوعات الحساسة جداً التي لا تجوز معالجتها بخفة أو طيش, ولذلك سأتناول هذا الموضوع بكثير من الحذر والدقة والصراحة والطهارة. فالجنس هو عطية الله لأجل سعادة الإنسان, وبناء على هذا فهو ليس نجساً أو دنساً في ذاته. إن كانت هناك نجاسة فهي من القلب النجس والأفكار النجسة, لأن ما قدسة الله لا يدنسه إنسان. وقد تحدث الكتاب المقدس عن هذا الأمر بصراحة وطهارة وكل ما سأفعله الآن هو أنني سأقدم لكم ما تقوله كلمة الله بهذا الشأن. واستهل كلامي بالنقطة الأولى هي:
إن العلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة هي ضمن الزواج فقط.
وأشدد على كلمة "فقط" لأن الله سن الزواج ليحافظ على طهارة وقدسية هذه العلاقة.. ولهذا نقرأ في الإصحاح الأول من سفر التكوين ما يلي: "فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكراً وأنثى خلقهم". ثم نقرأ هذه الكلمات "وباركهم الله وقال لهم أثمروا وأكثروا وأملأوا الأرض". وهذه إشارة إلى أن بركة الله يجب أن تسبق الأثمار والإكثار أي التوالد والتناسل. ثم نقرأ في الإصحاح الثاني "لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً". فالإنسان ليس حر التصرف في جسده كما يظن لأن الجسد ليس له بل للرب الذي افتدانا بموته على الصليب. فاستعمال الجنس عند الإنسان يشبه استعمال المسدس عند الشرطي. فالشرطي يُعطى مسدساً ليستعمله ولكنه ليس حراً في استعماله ساعة يشاء وعلى ما يشاء, بل هناك ظروف معينة يُسمح له فيها باستعمال المسدس, وإلا اعتبر مجرماً كسائر المجرمين. هكذا هو الحال بالنسبة للجنس المعطى لنا من الله, ولو أن هناك كثيرين ممن ينادون بالحرية الجنسية والإباحية التي يطلقون عليها اسم "الأخلاقية الجديدة" التي لا أخلاق فيها ولا جدّة.
ثانياً: العلاقة الحميمة خارج الزواج هي شرٌّ ومرٌّ.
فمن يزني يُخطئ إلى الرب وإلى نفسه. عندما سقط داود في خطية الزنى علم أنه أخطأ ضد الله فاعترف يقول له بدموع "إليك وحدك أخطأت والشر قدام عينيك صنعت". أضف إلى هذا قول بولس الرسول في العهد الجديد في الإصحاح السادس من رسالته الأولى إلى كنيسة كورنثوس. يقول "اهربوا من الزنا... فالذي يزني يخطئ إلى جسده"أي أنه يدمر جسده وصحته. والزنا ليس خطية فقط بل جهل كبير, ولهذا تقول الكلمة الإلهية "أما الزاني بامرأة فعديم العقل" أي لا تتميز ولا بصيرة عنده. زد على هذا أن العلاقة المحرّمة هي مرّ أي أنها تورث صاحبها الندم والحزن وعذاب الضمير عاجلاً أو آجلاً. يقول سليمان في الأمثال عن المرأة المنحرفة محذراً منها الشبان بقوله "أبعد طريقك عنها ولا تقرب إلى باب بيتها" ويتابع قائلاً "فتنوح في أواخرك عند فناء لحمك وجسمك". وفوق هذا يجد المستبيح أن الدينونة والهلاك في انتظاره, لأن الوحي يقول "أما العاهرون والزناة فسيدينهم الله". فحذار. "أيأخذ إنسان ناراً في خضنه ولا تحترق ثيابه؟ أو يمشي إنسان على الجمر ولا تكتوي رجلاه؟ هكذا من يدخل على امرأة صاحبه. كل من يمسكها لا يكون بريئاً".
ثالثاً: العلاقة الحميمة بين الزوجين ليست للتوالد والتناسل فقط, بل هي للبهجة والمعرفة الشخصية.
هناك كنائس تعلم بأن الغرض الوحيد من الزواج هو التكاثر, ولكن هذا خطأ. صحيح أن الله أمر البشر أن يثمروا ويكثروا ويملأوا الأرض ولكن الله لم يقل أن تلك هي الغاية الوحيدة من الرباط المقدس. ولهذا تخاطبنا كلمة الله الشريفة قائلة: "اشرب مياها من جبك ومياها جارية من بئرك (الجب والبئر هنا هما رمز للزوجة). لا تفض ينابيعك إلى الخارج سواقي مياه في الشوارع. لتكن لك وحدك وليس لأجانب معك. ليكن ينبوعك مباركاً وأفراح بامرأة شبابك...فلم تفتن يا ابني بأجنبية وتحتضن غريبة؟" في سفر النشيد قرأ هذه الكلمات: "قد سبيت قلبي يا أختي العروس قد سبيت قلبي...ما أحسن حبك يا أختي العروس. كم محبتك أطيب من الخمر!" وبالإضافة إلى التوالد والبهجة الشخصية هناك غرض آخر في هذه العلاقة وهو "المعرفة عن كثب". ولهذا نقرأ في العهد القديم "وعرف آدم امرأته" وأيضاً "وعرف قايين امرأته". وفي العهد الجديد عندما جاء رئيس الملائكة جبرائيل إلى العذراء مريم يبشرها بالخبر السار وهو أن المسيح مخلص العالم سيولد منها
قالت له "كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً". فالمعرفة في هذه العبارات هي المعرفة الحميمة عن كثب. واللفظة في اللغة الأصلية تشير إلى الفهم وأخيراً إلى الاكتشاف, إي اكتشاف حاجة الشريك الآخر.
رابعاً: العلاقة الحميمة تحفظ الزوجين من شيئين على الأقل.
أولاً تحفظها من التحرق أي الاحتراق والضيق والانزعاج الداخلي. وقد أشار بولس إلى هذه النقطة في الإصحاح السابع من رسالة كورنثوس الأولى قائلاً "لأن التزوج أصلح من التحرق". وثانياً تحفظها من تجارب الشيطان. يقول الرسول في المقطع نفسه "ليس للمرأة تسلط على جسدها بل للرجل. وكذلك الرجل أيضاً ليس له تسلط على جسده بل للمرأة" وفي العدد الخامس يقول "لكي لا يجبركم الشيطان لسبب عدم نزاهتكم" أي أن عدم الحكمة في التصرف من جانب الزوجين أو أحد الزوجين يعرِّض الشريك الآخر لفخ شيطاني محكم يقضي على حياته الروحية معاً.
خامساً: العلاقة الحميمة هي تعبير عن عاطفة غير أنانية.
أي أن الغاية منها هي سد حاجات الشريك الآخر بدرجة أولى. وهذا الموقف يذكرني بالأم التي تطبخ الطعام وهي تفكر بأولادها لا بنفسها مع العلم أنها هي أيضاً ستأكل من الطعام نفسه. هذه الناحية أيضاً يتناولها الرسول في كلامه في المقطع الذي نحن في صدده قائلاً: "ليوف الرجل المرأة حقها الواجب وكذلك المرأة أيضاً الرجل". إذاً العفة بين الزوجين يجب أن تتسم بنكران الذات وعدم الأنانية.
سادساً وأخيراً العلاقة الحميمة بين الرجل وامرأته لا يجب تعطيلها إلا نادراً.
يتباهى بعضهم أنهم يعيشون مع نسائهم عيشة الأخوة والأخوات وهذا خطأ حتى ولو توافر حسن النية. فالكتاب المقدس يقول حرفياً: "لا يسلب أحدكم الآخر إلا أن يكون على موافقة إلى حين" أي لا مانع من تعطيل هذه العلاقة باتفاق الطرفين إلى حين (أي مؤقتاً) وليس بصورة دائمة. وعندما يتم ذلك يجب أن يتم لغرض معين يصفه الرسول بقوله: "لكي تتفرغوا للصوم والصلاة" ويستأنف قائلاً: "ثم تجتمعوا أيضاً معاً لكي لا يجربكم للشيطان" أي يجب استئناف العلاقات الطبيعية بعد الفراغ من الصوم والصلاة.
أخي القارئ: الزواج في الكتاب المقدس هو صورة عن علاقة الإنسان بالمسيح وكلاهما يحتاج إلى اختيار متبادل. والسؤال الآن: هل اخترت المسيح مخلصاً ورباً؟ صحيح أن العلاقة بين الزوجين مهمة ولكني أؤكد لك أن العلاقة بين الإنسان والرب أهم بكثير. فاختر المسيح لكي تحيا سعيداً في الدنيا والأخرة.
- عدد الزيارات: 21687