Skip to main content

عبارات جوفاء

13اَلاِبْنُ الْجَاهِلُ مُصِيبَةٌ عَلَى أَبِيهِ وَمُخَاصَمَاتُ الزَّوْجَةِ كَالْوَكْفِ الْمُتَتَابِعِ. 14اَلْبَيْتُ وَالثَّرْوَةُ مِيرَاثٌ مِنَ الآبَاءِ أَمَّا الزَّوْجَةُ الْمُتَعَقِّلَةُ فَمِنْ عِنْدِ الرَّبِّ. 15اَلْكَسَلُ يُلْقِي فِي السُّبَاتِ وَالنَّفْسُ الْمُتَرَاخِيَةُ تَجُوعُ. 16حَافِظُ الْوَصِيَّةِ حَافِظٌ نَفْسَهُ وَالْمُتَهَاوِنُ بِطُرُقِهِ يَمُوتُ. 17مَنْ يَرْحَمُ الْفَقِيرَ يُقْرِضُ الرَّبَّ وَعَنْ مَعْرُوفِهِ يُجَازِيهِ. 18أَدِّبِ ابْنَكَ لأَنَّ فِيهِ رَجَاءً وَلَكِنْ عَلَى إِمَاتَتِهِ لاَ تَحْمِلْ نَفْسَكَ. 19اَلشَّدِيدُ الْغَضَبِ يَحْمِلُ عُقُوبَةً لأَنَّكَ إِذَا نَجَّيْتَهُ فَبَعْدُ تُعِيدُ. 20اِسْمَعِ الْمَشُورَةَ وَاقْبَلِ التَّأْدِيبَ لِكَيْ تَكُونَ حَكِيماً فِي آخِرَتِكَ. 21فِي قَلْبِ الإِنْسَانِ أَفْكَارٌ كَثِيرَةٌ لَكِنْ مَشُورَةُ الرَّبِّ هِيَ تَثْبُتُ. 22زِينَةُ الإِنْسَانِ مَعْرُوفُهُ وَالْفَقِيرُ خَيْرٌ مِنَ الْكَذُوبِ.

(ام 19: 13- 22)

يقول الكتاب المقدس أن المؤمن الحقيقي بالرب يسوع المسيح يخوض طيلة حياته حرباً روحية لا ضد الله والناس بل ضد أجناد الشر الروحية – ضد الشيطان وعالم الشر والجسد والخطية. ولكننا في هذه الأيام نجد أنفسنا نخوض معركة من نوع آخر – معركة ضدّ بعض الأقوال والعبارات التي تقال بشأن الزواج. من بين هذه العبارات عبارة محظوظ. ففي حفلة استقبال المهنئين – مثلاً – نسمع بعضهم يقول: "العريس محظوظ" أو "حظه أكبر منه". ويقولون الشيء نفسه أحياناً عن العروس. وفي بعض الأعراس يلتفت العريس إلى العروس قائلاً: "أنا كبير الحظ, وأنت بالنسبة لي كالورقة الرابحة في اليانصيب".

طبعاً هذه الأقوال مقبولة ومعقولة حسب الظاهر ولكنها في الواقع ليست كذلك. إنها أقوال مغلوطة, لأننا بناءاً على كلمة الله لا نؤمن بالحظ واليانصيب والصدفة. نحن نؤمن بالتدبير الإلهي والترتيب الإلهي والقصد الإلهي. آدم لم يتزوج بالحظ والصدفة بل تزوج بترتيب من الله. فقد صنع الله حواء من إحدى أضلاعه وأحضرها إليه. وبارك الله زواجهما قائلاً: "أثمرا وأكثرا واملأا الأرض".

لما أراد إبراهيم أبو المؤمنين أن يزوج ابنه اسحق – يقول الكتاب المقدس أنه طلب من وكيله لعازر الدمشقي أن يذهب إلى أرضه وعشيرته ليأخذ من هناك زوجة لابنه اسحق. وكان هذا الوكيل تقياً يخاف الله ويؤمن بقيادته وإرشاده. فقام وذهب على أرام النهرين إلى مدينة ناحور. وأناخ الجمال خارج المدينة عند بئر الماء وقت المساء – وقت خروج المستقيات. وهناك صلى لعازر قائلاً: "أيها الرب إله سيدي إبراهيم يسَّر لي اليوم واصنع لطفاً إلى سيدي إبراهيم. ها أنا واقف على عين الماء وبنات أهل المدينة خارجات ليستقين ماء. فليكن أن الفتاة التي أقول لها أميلي جرتك لأشرب فتقول اشرب وأنا اسقي جمالك أيضاً هي التي عينتها لعبدك اسحق وبها أعلم أنك صنعت لطفاً إلى سيدي". وهكذا صار. لماذا؟ لأن إبراهيم آمن بالرب وإرشاده وكذلك لعازر عبده.

يقول سليمان الحكيم في الإصحاح التاسع عشر من الأمثال "البيت والثروة ميراث من الآباء أما الزوجة المتعقلة فمن عند الرب". لم يقل أن الزوجة حظ ونصيب بل أنها من عند الرب. وما يصح على الزوجة في هذا المجال يصح أيضا على الزوج. سألتُ سيدة ذات مرة عن زوجها فأجابت بالحرف الواحد "أحسن هدية أعطاني إياها الله في حياتي هي زوجي". نعم اله هو الذي يدبر زواج المؤمن والمؤمنة متى سلما الأمر له.

العبارة الثانية المتداولة بين الناس هي تلك التي تصدر عادة عن الزوجين أو عن أحدهما عندما يكون بجانب الآخر. يقول الواحد منهما: "نحن لا نختلف أبداً". هل هذا صحيح؟ لو صح هذا الكلام لكان معنى ذلك أن أحدهما على الأقل هو إما مغرور أو محروم أو موتور. وأقول بكل صراحة أن كل زوجين طبيعيين في العالم يختلفان بشكل أو بآخر. وعندما أقول أنهما يختلفان فأنا لا أقصد أن الخلاف يجب أن بكون من النوع الذي يتخلله الضرب والزعيق وتكسير الأثاث والآنية. طبعاً لا. ولكني  أقصد أن الخلاف يمكن أن يكون خلافاً في الرأي حول أمر معين. والفرق بين الأزواج أو العائلات هو أن البعض يعرفون كيف يسوون خلافاتهم في حين أن البعض الآخر لا يعرف- وربما لا يريد. وفي هذه الحالة يتحول البيت إلى ساحة حرب إن لم نقل إلى جحيم.

سبب الخلاف عادة هو الفوارق بين الزوجين – فوارق الحضارة والتربية والعادات والعلم والعمر والدين وسواها. فكلما ازدادت الفوارق ازدادت إمكانية الخلاف وكلما قلَّت قلَّت تلك الإمكانية. ولذلك فمن الحكمة بمكان كبير أن يختار الباحث عن زوجة فتاة على شاكلته بحيث تكون أوجه الشبه بينهما كثيرة وأوجه الفرق قليلة.

طبعاً هناك أسباب أخرى للخلاف بين الزوجين لن نتطرق إليها في الوقت الحاضر. ربما أفعل ذلك في فصل مقبل. يهمني هنا أن أؤكد على أن الخلاف أمر لا مفر منه حتى عند المؤمنين القديسين. مثال على ذلك أيوب النبي. فقد حصل خلاف بينه وبين زوجته عندما كانا في وسط تجربته. قالت له: "العن الله ومت". فقال لها موبخاً: "لماذا تتكلمين كإحدى الجاهلات..." فالخوف ليس من الخلاف بحد ذاته بل من عدم الحكمة وتسوية الخلاف. "وإن كان أحد لا تعوزه حكمة فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعيّر, فسيعطى له".

العبارة الثالثة والأخيرة التي يجب أن نحاربها هي قول بعضهم عن زواج ما أنه زواج مثالي. هل هذا صحيح؟ هل ثمة زواج مثالي في عالم الشر والخطية؟ نحن لا ننكر أن هناك بيوتاً يكون فيها الزوجان متفقين متفاهمين سعيدين, ولكن في الوقت نفسه لا يمكننا أن نصف زواج أيٍ كان بأنه زواج مثالي حتى ولو كان الزوجان مؤمنين يخافان الله ويحبانه. الزواج المثالي الوحيد في الكتاب المقدس هو زواج آدم وحواء قبل سقوطهما في العصيان.  ولماذا نقول أنه مثالي؟ لأنه توفرت فيه مقومات الكمال. أولاً: خلق الله حواء لآدم بمعجزة, تلك المعجزة التي يسمها بعضهم "أول عملية جراحية" في تاريخ البشر. ثانياً: الله بنفسه أحضر حواء إلى آدم. أي أنه جمعهما حرفياً لا روحياً فقط. بكلمة أخرى الله نفسه قام بمراسيم الزواج. ثالثاً: كانت حواء جزءاً من آدم مباشرة بحيث لم تكن هناك فوارق بينهما وبالتالي لم تكن بينهما خلافات. رابعاً: كان كلاهما بلا خطية. فلا عُقَد ولا ظنون ولا متاعب ولا وعي ذاتي بل حياة مفعمة بالبراءة والطهارة. ولكن بكل أسف هذا الزواج لم يبق مثالياً إلى وقت طويل. فلما جاءت الخطية جاءت المتعب والمصاعب. ولذلك لم يبق شيء مثالي كامل على الأرض. المثالي الوحيد هو الرب ولهذا ينصحنا الكتاب المقدس قائلاً: "ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع".

أخي, إن استعمال هذه العبارات مثيلاتها – إن دل على شيء فإنه يدل على جهل لحقائق الكتاب المقدس. ومن يجهل الكتاب المقدس يعيش في ظلام دامس. ولذلك أنصحك من كل قلبي أن تفتح عينيك وتعيش على نور الكلمة. فعوض أن تقول لامرئٍ "أتمنى لك حظاً سعيداً" قل له: "أتمنى بركة الرب وإرشاده".وعوض أن تقول له "أتمنى لك زواجاً خالياً من الخلاف" قل له: "أتمنى لك حكمة من الله لتسوية خلافاتك" وعوض أن تقول له: "أتمنى لك زواجاً مثالياً" قل له: "أتمنى لك زواجاً سعيداً قريباً من المثال". ولعلك تحتاج أن تقول مثل هذا الكلام لنفسك.

  • عدد الزيارات: 5319