Skip to main content

واجب الزوجين

أَيُّهَا النِّسَاءُ اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ، 23لأَنَّ الرَّجُلَ هُوَ رَأْسُ الْمَرْأَةِ كَمَا أَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً رَأْسُ الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ مُخَلِّصُ الْجَسَدِ. 24وَلَكِنْ كَمَا تَخْضَعُ الْكَنِيسَةُ لِلْمَسِيحِ، كَذَلِكَ النِّسَاءُ لِرِجَالِهِنَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ. 25أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضاً الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، 26لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّراً إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ، 27لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ. 28كَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ أَنْ يُحِبُّوا نِسَاءَهُمْ كَأَجْسَادِهِمْ. مَنْ يُحِبُّ امْرَأَتَهُ يُحِبُّ نَفْسَهُ. 29فَإِنَّهُ لَمْ يُبْغِضْ أَحَدٌ جَسَدَهُ قَطُّ بَلْ يَقُوتُهُ وَيُرَبِّيهِ، كَمَا الرَّبُّ أَيْضاً لِلْكَنِيسَةِ. 30لأَنَّنَا أَعْضَاءُ جِسْمِهِ، مِنْ لَحْمِهِ وَمِنْ عِظَامِهِ. 31مِنْ أَجْلِ هَذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الِاثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً. 32هَذَا السِّرُّ عَظِيمٌ، وَلَكِنَّنِي أَنَا أَقُولُ مِنْ نَحْوِ الْمَسِيحِ وَالْكَنِيسَةِ. 33وَأَمَّا أَنْتُمُ الأَفْرَادُ، فَلْيُحِبَّ كُلُّ وَاحِدٍ امْرَأَتَهُ هَكَذَا كَنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلْتَهَبْ رَجُلَهَا.

(أف 5: 22- 33)

بعد أن تحدثت في الفصل السابق عن المفهوم الكتابي للزواج, سأحدثكم هنا لدقائق قليلة عن واجبات الزوجين الراغبين بصدق في حياة هانئة هادئة موفقة. فالتوفيق ليس وليد الصدفة والحظ ولا هو وليد القدر بل هو من صنع الإنسان إلى حد كبير, خاصة إذا كان ذلك الإنسان راغباً في إرضاء الله وإطاعة كلمته. فما هي واجبات الزوجين يا ترى؟ وماذا تعلم كلمة الله بهذا الشأن؟

أبدأ أولاً بالمرأة فالرسول بولس يستهل كلامه مخاطباً النساء بقوله: "أيها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب. لأن الرجل هو رأس المرأة" ويختم الإصحاح بقوله "أما المرأة فالتهب رجلها". واجب المرأة هو إذاً الاعتراف بالسلطان. ففي البيت المسيحي توجد سلطة وهذه السلطة معطاة من الله للرجل. وقد قال الله لحواء قديماً "إلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك".

ما أكثر النساء اللواتي يخفن من موضوع السيادة – سيادة الرجل – لأنهن يعتقدن أن السيادة هي استبداد وطغيان أو ديكتاتورية ولذلك يحاربن ويقاومن السلطة بكل قوتهن. ولكن في موقفهن هذا خطأ مزدوج.

أولاً مفهومهن للسيادة خطأ, وثانياً محاربتهن للسيادة خطأ, لأن من يقاوم ترتيب الله يقاوم الله نفسه. فالسيادة هي من الله وغرض السيادة هو القيادة لا الاستبداد والظلم. إذا استغل الرجل سلطته وتصرف بما يخالف منطوق الكتاب المقدس فهو على خطأ مبين. أما إذا قرن السيادة بالمحبة واللطف والحكمة فعندئذ تكون السيادة مصدراً للسعادة.

قلنا أن واجب المرأة هو الاعتراف بالسلطان. فما هو المضمون هذا هو القول؟ وما هي المسؤولية إزاء زوجها؟

أولاً:

تقول كلمة الله "أما المرأة فلتهب رجلها" أي يجب أن تخافه, لا خوف الرعب بل خوف الاحترام. يجب عليها أن تحترمه جداً وتحترم كلامه وتحافظ على كرامته في وسط البيت وبين الناس ولا تحاول أن تتصرف كما لو أنها هي الرجل وهو المرأة.

ثانياً:

تطلب كلمة الله من النساء أن يخضعن لرجالهن – ليس في بعض الأشياء بل في كل شيء, وأن يخضعن لهم كما للرب وكما تخضع الكنيسة للمسيح. هذه مسؤولية كبيرة جداً ومفرحة جداً عند المرأة الراغبة في إرضاء الله وإرضاء زوجها . فما هو المقصود بالخضوع؟

إن الخضوع والطاعة مرتبطان ولكنهما ليسا شيئاً واحداً. فالخضوع هو موقف قلبي داخلي. أما الطاعة فهي تعبير خارجي لذلك الموقف. الخضوع هو قبول المرأة بفرح أن تربط مصيرها بمصير رجلها وأمرها بأمره وإرادتها بإرادته. أما الطاعة فهي عمل تقوم به بدافع من خضوعها له. ولهذا يجب لفت النظر هنا إلى أن الخضوع من دون الطاعة مستحيل أما الطاعة من دون الخضوع فممكنة. فما أكثر النساء اللواتي يطعن رجالهن – لا عن محبة وخضوع – بل دَفْعاً للشر. ولا شك أن الطاعة كهذه طاعة ناقصة خالية من البهجة والفرح. إذا واجب المرأة هو الاعتراف بالسلطان.

أتصور الآن بعض النساء على أحر من الجمر ليقرأن ما سأقوله عن واجب الرجل. ولذلك أريد أن أطمئنهن بأن مسؤولية الرجل ليست أقل من مسؤولية المرأة, ومن بعض النواحي أعظم من مسؤولية المرأة. فإن كان واجب المرأة الاعتراف بالسلطان فإن واجب الرجل هو توفير الاطمئنان. ولهذا تقول كلمة الرب "أيها الرجال أحبوا نساءكم". فالمحبة وحدها هي التي تطمئن المرأة وتريح أحشاءها وإلا عاشت خائفة مرتعبة من زوجها طيلة حياتها. أنا شخصياً – كخادم المسيح – شاهدت نساء كثيرات يرتجفن خوفاً من رجالهن. وهذا محزن جداً. فليس من مصلحة الرجل أن يتصرف كما لو أنه شبح مخيف وكما لو أن زوجته خادمة أو وسيلة لغاية بل يجب على الرجل أن يحب امرأته كنفسه وإلا فهو لا يقوم بواجبه الأهم نحو شريكة حياته. يقول الرسول بولس "يجب على الرجال أن يحبوا نساءهم كأجسادهم. من يحب امرأته يحب نفسه". وبالنسبة لمقدار المحبة التي يجب أن يوفرها للزوجة والحد الذي يجب أن يبلغه في محبته لها فالرسول يقول: "أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها". فمن واجب الرجل أن يحب امرأته إلى حد التضحية بالذات كما ضحى المسيح بنفسه في سبيل كنيسته. إذاً مسؤولية الزوج هي أن يحب امرأته كنفسه وأكثر من نفسه. وهذا وحده يوفر الأمان والاطمئنان للزوجة, فضلاً عن أنه يجعل المرأة تخضع وتطيع بفرح وتقف بجانبه مهما كانت الظروف.

الواجب الثالث هو واجب مشترك بين الزوج والزوجة.

ويمكن أن نسميه وحدة الكيان. فبعد الاعتراف بالسلطان وتوفير الاطمئنان تأتي وحدة الكيان لأن كلمة الله تقول "ويكون الاثنان جسداً واحداً". وهذا طبعاً يشير على الإتحاد التام بين الزوجين جسدياً وروحياً وفكرياً ونفسياً. ومعنى هذا أن كلاً منهما في نظر الآخر هو الأهم من في الدنيا بعد الله. فالمرأة بالنسبة للرجل هي قبل الوالدين والأقرباء والأصدقاء حتى وقبل الأولاد. والشيء نفسه يصح على الرجل في نظر المرأة. ولماذا نقول هذا؟ لأن الكتاب المقدس يقول إن الزوج والزوجة وحدهما يصيران جسداً واحداً.

جاءت سيدة ذات مرة إلى زوجة راعي كنيستها قائلة: "أرى أنك تهتمين بزوجك أكثر من اهتمامك بأولادك وتعطينه الأفضلية في كل شيء". فأجابتها زوجة القسيس بقولها: "هذا صحيح, وأنا افعل ذلك بناءاً على تعلمه كلمة الله". فقالت السيدة: "أنا لي رأي آخر. أنا أرى أن حياة المرأة أولاده. وحياة الرجل عمله". مرت سنوات على هذه الزيارة وإذا بهذه السيدة نفسها تعود إلى زيارة زوجة القسيس والدموع في عينيها. قالت شاكية: "كنت أظن أن حياة المرأة أولادها ولكن أولادي كبروا وتزوجوا وتركوا البيت وبقيت أنا وحدي. خاصة وأن زوجي الذي أهملته طيلة حياتي لا يأتي إلى البيت إلا متأخراً".

أخوتي القراء: الرجل وامرأته جسد واحد. فهما يبدءان حياتهما الزوجية معاً وإذا قاما بواجباتهما تجاه بعضهما بعضاً وجدا نفسيهما معاً طيلة الحياة.  ولا يفوتني القول هنا أن الزواج يتم بالاختيار الإنسان للمخلص. وبعد أن يختار يسوع بالتوبة والإيمان يعيش خاضعاً كما تخضع المرأة لرجلها. هناك ترنيمة تقول:

كل من يختار ذا المسيح ملجأ له فيستريح

يحيا سعيداً مزيناً ببره الجليل.

فهل تفعل ذلك الآن؟

  • عدد الزيارات: 31991