أبرام ولوط يفترقان
تكوين 13: 1- 14
عاد أبرام بعد أن طرده فرعون من مصر إلى أرض كنعان. وأحسن الرب إلى أبرام وازدادت ثروته من الذهب والفضة، وقطعان الغنم والماشية كان الله يتمم وعده لأبرام ويجعله غنياً. وكان لوط أيضاً (وهو ابن أخي أبرام كما عرفنا)، رجلاً غنياً كذلك، وكان عند الرجلين (أبرام ولوط) غنم وبقر كثير جداً، لدرجة أن المراعي لم تكن كافية، وحدث نزاع بين رعاة أبرام، ورعاة لوط. سمع أبرام بذلك النزاع، وتضايق جداً، لأنه رجل يحب الرب، والذي يحب الرب يحب السلام ويكره النزاع والمشاجرات مع الآخرين. وما أحسن وما أجمل أن يعيش كل الناس معاً في سلام!
قال أبرام لابن أخيه لوط: يجب أن لا تقوم مخاصمة بيننا بسبب الغنم والبقر يا لوط. الأرض واسعة والمراعي كثيرة... والأحسن أن نفترق، ونكون في نفس الوقت "أحباء". فانظر أنت إلى الأرض، وخذ منها ما يعجبك، واترك لي ما لا يعجبك... إن ذهبت أنت يميناً، أذهب أنا يساراً... ولا داعي للغضب والنزاع.
وانتهز لوط الفرصة واختار لنفسه أحسن المراعي، ونسي لوط أن الله وعد أن يعطي الأرض كلها لأبرام، وليس ذلك فقط، بل نسي أنه كان من الواجب عليه، بصفته الأصغر، أن يحترم عمه، ويعطيه فرصة الخيار هو أولاً، لأنه هو الذي ربّاه، وكان يعتبره ابناً له، وخاصة لأنه لم يكن لأبرام أولاد. ولكننا نعلم أن الله كان قد وعد أبرام أن يعطيه إبناً من ساراي امرأته.
بقي أبرام وساراي وحدهما، ولكن الله لم يتركهما... كان أبرام وساراي ينتظران إتمام وعد الله بمجيء المخلص الموعود، ولذلك كانا سعيدين، وكل الذين يحبون الله، ويسيرون معه، يكونون دائماً سعداء، لأن الرب هو فرحهم وهو سعادتهم.
أما لوط فنصب خيامه قرب مدينة "سدوم"، وكانت سدوم مدينة عظيمة ولكن سكانها كانوا أشراراً جداً... وكان شرهم عظيماً جداً أمام الله. وكان لوط يحب الله، ولما رأى شر الناس في سدوم، حاول أن يشهد لهم عن الله، ويعرفهم شيئاً عن نتائج شرهم، ولكنه لم ينفصل عنهم، وكانت النتيجة أنه اختلط شيئاً فشيئاً بالأشرار في سدوم... كان لوط مسروراً بالأرض والمراعي الحسنة والمياه الكثيرة، ولكنه باختلاطه بالناس الأشرار، وسكناه في وسطهم، جعل نفسه وعائلته في خطر عظيم.
نختار أحياناً لأنفسنا "حاجة" جميلة من "حاجات" العالم، وبسببها نعاشر الأشرار وتكون النتيجة، أننا نحزن ونقع في متاعب كثيرة.. وهذا ما حصل للوط بالضبط.
- عدد الزيارات: 2480