Skip to main content

موضوع الجنس وضرورة بحثه

مدى الكتاب وغرضه:

إن أهم مجموعة من المجموعات البشرية المتكاملة على مر العصور والأجيال هي العائلة. فهي وحدة مركزية رئيسية تربط الناس والمجتمعات بعضها ببعض، جاعلة من هذه العلاقة حجر زاوية للسعادة والاكتفاء الضروريين. وبديهي أنه في مثل هذه البيئة الطبيعية، أي بيئة العائلة، يجب البحث عموماً في جميع المواضيع المتعلقة بالحياة خصوصاً في موضوع الجنس، وهو موضوع كتابنا الحالي. فقد رأى الدكتور كارل زمرمن في كتابه "العائلة والحضارة" أنه حيثما وجدت هذه العلاقة العائلية، توفرت أسس السعادة وإمكانية إنمائها. ويقول الدكتور زمرمن في دراسته التاريخية المهمة إن العلاقات الكبرى، أي التي تشمل الأقارب، كادت تخلو من المشاكل النفسية المزمنة والاضطرابات العصبية المؤلمة جداً. ويعود السبب من جهة إلى كون الذات الإنسانية تحت مسؤولية تجاه أفراد العائلة. ومن جهة أخرى، فإن العائلة، بوصفها وحدة متكاملة، هي أكثر أهمية من الفرد. طبعاً، هذا التفكير وهذه البحوث العلمية لا تلقى ترحيباً كثيراً في مجتمعنا اليوم.

من الواضح في هذه الأيام الغريبة التي وصلنا إليها أن الناس، على مختلف أشكالهم وأنواعهم وأبعادهم الفكرية، يتعرضون إلى ما يثير التفكير حول موضوع النجس، وأحياناً إلى التجرؤ على التساؤل في ميدان الفكر وبين الأصدقاء عن هذا الموضوع الحساس. ومراراً عديدة ينتهي البحث المتبادل دون البلوغ إلى أجوبة مقنعة. فالعديدون يأوون إلى الفراش ولم يحصلوا على جواب كافٍ ووافٍ ولو عن سؤال واحد من الأسئلة الألف التي وردت في الحديث أو فرضت فرضاً بواسطة وسائل الإعلام. وعلى مر الأيام والسنين، وتغير الأحوال والمواضع، يكون كثيرون من الناس قد كونوا مفاهيم مختلفة- وأحياناً متضاربة- في ما يتعلق بموضوع الجنس. وبما أن ما هو خاطئ، ومضر منها له التأثير الأعمق، يجد بعض الناس أنفسهم في مأزق ومضائق مزعجة ومهلكة لا مخرج هيناً منها، ويشعرون بذواتهم تترجح متألمة بين الحياء من جهة والخوف من جهة أخرى. ماذا يفعلون؟ إلى من يلجأون؟ من يقدر على إعطاء الجواب المطمئن والمقنع؟ وخلال فترة قصيرة من الزمن تصبح أذهان الناس عامة، والشبيبة خاصة، تربة خصبة لزرع المخاوف والشكوك والظنون المزعجة والأفكار الخاطئة وللمضار الأخرى التي تهاجم الفكر والنفس على السواء تاركة ذلك الشاب أو تلك الشابة في حيص بيص. أين المنفذ؟ أين الأب الواعي المتفهم؟ أين الأم الحنون التي هدفها الخير والاستقرار لابنتها؟ فإن انتبه الأب لابنه ورعاه بتيقظ رعاية الراعي لحملانه، وإن وعت الأم لابنتها ونصحتها بحب ودراية، يكسبان جيلاً، بل أجيالاً، من الأولاد والحفداء الذين فيهم قد زرعا أحسن الزرع واستثمرا أثمن الثمر.

سيجد القارئ الكريم- أباً أو أماً- في صفحات هذا الكتاب، المعلومات والإرشادات التي من شأنها أن تهديه إلى التفكير الصحيح والسليم وإلى التمسك ببعض المبادئ الأساسية في الحياة وإلى الالتفات نحو الله الذي خلق الإنسان على صورته ومثاله. والمرجو أن تترسخ في ذهن القارئ بعض الأمور والمبادئ التي يحملها الكاتب في لبّه وقلبه، وهي مستمدة من العلوم المختلفة ومبنية على أسس مدروسة وحديثة، لعلّ القارئ يستفيد منها خير استفادة.

المبدأ الأول: إن تربية الأولاد تكلّف أكثر من المال:

هناك أشياء يومية وزمنية يستطيع الإنسان أن يشتريها بالمال إن توفر لديه. وما هذا التبادل والتداول سوى إعطاء شيء (المال) مقابل شيء آخر (ما يُراد شراؤه). وبعبارة أخرى، نقول إن هذه المبادلة هي الحصول على ما يساوي في قيمته ما نعطيه. فثمن المأكولات مثلاً يُدفع بالعملة المتداولة؛ ومقابل كمية معينة من المال يُبنى منزل للسكن. ولكن ما هي كلفة التربية الصحيحة للأولاد؟ ماذا يدفع الأهل للحصول على تعليم الأولاد التفكير السليم والعلاقات السويّة؟ ما هو ثمن تعليم الأولاد الأخلاق السامية؟ هل لمحبة بعضهم بعضاً قيمة مالية؟ ماذا يدفع الأب كي يعلّم ابنه الشكر والتقدير للآخرين؟ وماذا يكلّف الأم تعليم ابنتها الحنان والعطف؟ هذه أشياء ليست موجودة في سوق الخُضَر ولا في المكتبة ولا في البورصة، فالمسؤولية الأولى في ما يتعلق بتعليم الأولاد التفكير النقي والتصرف الصحيح والكلام السليم إنما تقع على عاتق الأب والأم، ولا سيما في ما يتعلق بالأمور الجنسية. ومعلوم أن المفهوم الذي يتكون لدى الإنسان بخصوص الجنس وقضاياه يرافقه مدى حياته. فنتيجة للتربية الصحيحة في هذه الناحية من حياة الشاب والشابة إما يؤدي ذلك المفهوم إلى التصرف بأمانة وإما يجلب الحزن والإهانة.

المبدأ الثاني: إن الجنس بحد ذاته، وبغض النظر مؤقتاً عن أبعاده الاجتماعية والفردية، هو أحد الفروقات التي قصدها الله عند خلق الإنسان.

لقد أجمع معظم الاختصاصيين أن بين الرجل والمرأة ميزات أساسية وجذرية لا شك فيها. ويقول الكتاب المقدس أيضاً بهذا الصدد في سفر التكوين: "فَخَلَقَ اللهُ الإنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرا وَأنْثَى خَلَقَهُمْ" (1: 28). ولذلك عندما يُولد طفل ما يكون أول الأسئلة التي يطرحها الأهل والأقرباء والأصحاب: "هل الطفل ذكر أم أنثى؟" هذا السؤال الطبيعي جداً ولا يتأثر بمجتمع معين أو بعقيلة معينة، وإن كان جواب هذا السؤال يثير ردود فعل مختلفة. فكثيرون يفرحون أكثر إذا كان المولود، ولا سيما المولود الأول، طفلاً أو طفلة. فهذا الحدث يؤكد استمرار اسم العائلة في المجتمع. وليس هذا التفكير إلا أحد المؤثرات الاجتماعية التي تختلف بين مجتمع وآخر.

المبدأ الثالث: إن الأساس الذي تُبنى عليه شخصية الطفل يُمزَج ويُسكَب باشتراك الأب والأم معاً.

إن أحد المؤثرات المكونة الرئيسية التي ساهمت في تكوين شخصياتنا المختلفة هو ما تسلمناه من الوالدين في البيت. فبعض الأهل يعتقدون أنهم إذا أرسلوا الأولاد إلى الخارج للعب طوال النهار "يرتاحون منهم" خلال تلك الفترة. ولكن هناك مواقف وقيماً كثيرة ومختلفة تكرر التعبير عنها بطرق وأساليب عديدة قد ترسخت على مر الأيام في ذهن الطفولة الشفاف. يقول مثل قدم إن التفاحة لا تقع بعيداً عن الشجرة. وكذلك الأولاد، فهم، حسب رأي الدكتورة لينور بوث، يتشربون مواقف الكبار في وحدة العائلة ويستوعبون حسب مفاهيمهم الخاصة بعض الاعتقادات الخاطئة والموانع النفسية الموجودة عند الوالدين. هذا ما يدفعنا لأن نتساءل: على أكتاف من قد وُضعت مسؤولية التعليم في ما يتعلق بالأمور الجنسية؟ من يتحمل مسؤولية نقل المعلومات من جيل لآخر عن هذا الموضوع الحساس والضروري في الوقت ذاته؟ أهي مسؤولية الأهل؟ أم هي مسؤولية العائلة ككل؟ وهل نترك هذا الموضوع الحساس لبعض "الأصدقاء" الذين ليسوا في الواقع أصدقاء بل هم ذئاب خاطفة في ثياب حملان؟

ومن جهة أخرى يلتفت الأهل المهتمون والشاعرون بالعجز في آن واحد فيجدون المخاوف والشكوك تأتيهم من كل حدب وصوب. فما العمل؟ هل نكتفي ضميرياً بالقول إن الأولاد سيتعلمون كل شيء إن آجلاً أو عاجلاً؟ هل تركَنا الله نتخبط في يمّ الحياة الهائج دون معين أو اتجاه أكيد؟ سننظر أولاً في ما يقوله الله في الكتاب المقدس ومن ثم نستأنس بآراء الاختصاصيين، مقتبسين ما يفي موضوع الجنس حقه من مختلف وجوهه.

عن كيان البيت يقول النبي داود في مزمور 127: 1: "إِنْ لَمْ يَبْنِ الرَّبُّ الْبَيْتَ فَبَاطِلاً يَتْعَبُ الْبَنَّاؤُونَ". بمعنى آخر، على الوالدين الاتكال التام على الله وطلب الحكمة منه دائماً، فهو "يعطي الجميع بسخاء ولا يعيِّر". وعن الأولاد يقول الكتاب المقدس على لسان داود أيضاً: "هُوَذَا الْبَنُونَ مِيرَاثٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ". فالأولاد بركة من الله صبياناً كانوا أم بنات. فما الأولاد إلا منحة من الخالق ومسؤولية قد وُضعت في عهدتنا.

وعن تربية الأولاد، يكلّم سليمان الحكيم الآباء والأمهات قائلاً: "رَبِّ الْوَلَدَ فِي طَرِيقِهِ فَمَتَى شَاخَ أَيْضاً لاَ يَحِيدُ عَنْهُ" (أمثال 22: 6). وأود لفت الانتباه إلى الكلمة "أيضاً". وكأن الحكيم يقول للأب أنت ستشيخ وسيكلّل الشيب رأسك- وكذلك ولَدك. فمهمتك التربوية هي خلال الفترة التحضيرية والتمهيدية للكِبر وسني البلوغ.

والآن إلينا آراء المربين والاختصاصيين الذين قضَوا أعمارهم يدرسون الموضوع الذي نحن بصدده هنا. وسنقدّم للقارئ الكريم أولاً خلاصة بعض الإحصاءات من السنين الأخيرة ثم نتائج بعض الدراسات المتعلقة بنمو الطفل حتى يبلغ مرحلة المراهقة.

من جهة الأمراض التناسلية وإحصاءاتها، فالأعداد في ازدياد في أقطار العالم كافة. يقول الدكتور تيم لاهاي أن عدد الإصابات بمرض الزهري قد ناهزت المئة ألف سنوياً في الولايات المتحدة فقط. هذا بالإضافة إلى الأمراض المكتشفة مؤخراً والتي لا علاج لها حتى الآن.

ومن جهة أخرى، يشيع بين الكثير من الآباء والأمهات الاعتقاد الخاطئ أن الأولاد سوف يعون هذا الموضوع (أي موضوع الجنس) عندما يتزوجون أو عندما يبلغون سن المراهقة. هذا التفكير ليس إلا كالنعامة التي تضع رأسها في الرمل تجاهلاً للصياد الموجود على مقربة منها وظناً منها أن الصياد سيفقد اهتمامه بها ويذهب في طريقه مفتشاً عن صيد آخر. طبعاً هذا التفكير خاطئ جداً. ومن الأفضل أن يتسلح الأهل، وخصوصاً في أيامنا الحاضرة، بكل ما أوتوا من حكمة ومعرفة ليتمكنوا من حُسن الإرشاد والتربية بصراحة وفاعلية.

يصف الدكتور تيم لاهاي في كتابه "التربية الجنسية في البيت" أطوار النمو المتكامل في حياة الطفل، مركزاً على النمو الجنسي، إلى أن يبلغ الولد سن المراهقة. وسنقسم السنين السابقة للمراهقة إلى قسمين: القسم الأول من سن الثالثة إلى السادسة؛ والقسم الثاني من سن السادسة إلى العاشرة. أما المراهقة نفسها فتمتد من سن الحادية عشرة إلى الثامنة تقريباً.

القسم الأول: من سن الثالثة إلى السادسة

يكتسب الولد في هذا العمر مهارات وإمكانيات جديدة، يختبرها لأول مرة في حياته. ولكونها جديدة فتطبيقها أو استخدامها في البدء، لا يكون قد اكتمل كما يجب. ولذلك تدعو الحاجة الوالدين لأن يواظبا على إفهام الولد كيفية القيام ببعض الأمور ويشجّعاه على تكرار المحاولات. هذه عادة جديدة وحميمة يحسن بالآباء والأمهات أن يكتسبوها للعمل بها في معاملة الأولاد. ومن جملة المهارات المكتسبة بين الثالثة والسادسة نذكر خمسة أسس تُبنى عليها أمور واختبارات كثيرة.

1- الاستنباط المنطقي: بهذا نعني أن الولد سيسأل أسئلة عديدة عن كل شيء يتعرض له أو يراه. ولا عجب في هذا إذ أن الطفل ممثل حديث على مسرح الحياة لم يُكتب دوره بعد ولم تُعرف الشخصية التي سيحل فيها ولا أحد يعرف من سيحتكُّ به. فكثيراً ما يستعمل الطفل السؤال: لماذا؟ لماذا هذا؟ ولماذا تلك؟ لماذا تريد لي أمي أن أنام الساعة الثامنة؟ ولماذا تريد أن آكل هذا الطعام؟ ولماذا تريد أن ألعب في الداخل نهاراً في أيام الصيف؟ ويكلّ الأهل مراراً من إجابة: "لماذا؟" وما يزال الولد يسأل: "لماذا؟" وخلال هذه الفترة من العمر التي يجتازها الجميع مرة واحدة يتساءل الولد أيضاً بصمت: "لماذا؟" وخصوصاً عندما يرى أو يسمع أشياء لا يفهمها ولا يجد من يفسّرها له. وهذا أيضاً يبني أو يهدم شخصية الطفل النامية.

2- استعمال اللغة: علينا ألا ننسى أن هذه المهارات كلها جديدة على الولد وكلها أساسية ومهمة لاكتماله عقلياً ولغوياً واجتماعياً ونفسياً. وثانية هذه المهارات هي تعلم اللغة واستعمالها. فلا فرق عند الولد، أية لغة أو لغات يتعلم. ويرى العلماء أن الناشئ يتعلم لغتين أو ثلاثاً في سني الحياة الأولى على نحو أسهل مما يفعل ابن الثلاثين أو الأربعين. والأهم في هذه المرحلة ليس عدد اللغات التي يتعلمها الولد وحسب، بل اكتشافه أنه بواسطة ما نسميه "اللغة" يرى أنه يستطيع التعرف بأشياء مختلفة وأماكن متعددة وأشخاص مختلفي الأوجه، كما يستطيع أن يطرح الأسئلة بطرق متنوعة. وكما قال أحدهم مازحاً: "إننا نبذل الجهد الكبير خلال السنين الثلاث الأولى ونحن نعلّم الولد أن يتكلم، ومن ثم نمضي بقية حياتنا ونحن نحاول إسكاته".

3- اكتشاف الفرق بين الخطأ والصواب: تبدأ هذه المهارة خلال السنة الثانية من الحياة، وفي سن السادسة تكتمل الخطوط العريضة لما نسميه "الضمير". وعلى الرغم من أن الولد يعرف أن عملاً ما خطأ، فهو يقوم به مراراً عمداً، ومراراً أخرى عن غير قصد أو لأنه لم ينتبه. والسبب هو أن رغبة الولد الرئيسية ليست حفظ الأشياء أو الكلمات أو الحركات أو الخطوات التي تعلّمها فحسب بل:

4- فرح الاكتشاف: وبهذا نعني أن الولد قد اكتشف لأول مرة في حياته أنه قادر على اكتساب أية معلومات يريدها. وحسناً يصف الدكتور جورج غاردنر هذه المرحلة من النمو بأنها "غَرَام الولد بالحياة وما تحويه".

5- الحصول الدائم على موافقة الوالدين واستحسانهم: إن كان الإنسان البالغ يسعى إلى الحصول على موافقة من يثق بهم، فكم بالحري الولد الصغير؟ هذه الرغبة طبيعية بل ضرورية. ولهذا فالبشر من جميع القبائل والألسنة والأمم يسعون دائبين للحصول على رضى الآلهة على مختلف أنواعها وأشكالها. ومن يعرف عن الله شيئاً يسعَ لإرضائه. إن الموظف يريد إرضاء مديره والمرؤوس رئيسه والجندي قائده والشعب رئيسه... والولد أباه وأمه. هذه العلاقات كلها ترتكز على عنصر الثقة الرئيسي، وهو واجب الوجود على غير صعيد. ولكن... إن أساء أحد الفرقاء استعمال هذه الثقة يحل محلها نوع من الثقة المزودة والمزيفة التي ينتج منها إعطاب الشخصية في الكِبَر وتفكيكها عندما تشتد الحاجة إلى تماسكها. وأوائل هذه المشاكل تجد تربتها في سني الحياة الأولى والتي فيها نود لو يدرك الأب والأم مدى تأثيرهما على ولدهما في أمور الحياة كافة ولا سيما ما يتعلق منها بالأمور الجنسية. فالوالدان الحكيمان يوفران الجو الحميم- جو المحبة والعطف والتفهم- الذي يتيح لهما أن يجعلا الولد يشعر بالاهتمام والتجاوب. وإن أقدم أحد الوالدين على تأنيب الولد أو السخرية به أو إهماله، فالأمر الأهم الذي يقومان به حسب مفهوم الولد ليس التوبيخ بحد ذاته، بل هو نوع من الرفض النفسي الذي يفسره الولد بأن أباه وأمه لا يريدان له أن يتعلّم أو يفهم شيئاً معيناً، أو هما غير قادرين على إنجاز هذا الأمر. والذي يحصل بالنتيجة هو أن الولد يُولي الانتباه أكثر لذلك الأمر الذي أنّبه عليه أبوه وأمه. وموضوع الجنس ليس إلا واحداً من الأمور الأهم في حياة الولد.

قد يُساءل أحد الوالدين نفسه ويقول: "ولكنني لا أعرف كيف أجاوب ابني أو ابنتي بطريقة مقبولة وكافية".

أخي القارئ إن اعترافاً كهذا هو في الواقع أفضل الخطوات الأولى التي يخطوها كل مربٍّ حكيم. فليس كاملاً في العلم والمعرفة إلا الله. ولهذا السبب ينصحنا الكتاب المقدس قائلاً: "وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللَّهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ" (يعقوب 1: 5).

القسم الثاني: من سن السادسة إلى العاشرة.

إن العلاقة بين الوالدين والأولاد تتشابه في كافة المراحل بين سن الثالثة وسني المراهقة، وخصوصاً في ما أتينا على ذكره. لكن لكل مرحلة ميزاتها ولكل ولد علامات تطور فارقة. فقد أجمع الدكتوران فرانسيس إليغ ولويس آيمز على أنه رغم تخالف الأولاد، فإن كل واحد منهم دون استثناء يمر في مراحل معينة متشابهة جداً في النمو الجسمي والعاطفي خلال فترة المراهقة. فقد يختبر ولد في سن السادسة شيئاً يختبره آخر في سن السابعة. وكأن الكل ينمو وفق نموذج سبق أن دُبّر بالتدقيق. هذه الظاهرة تعكس الحكمة والترتيب الإلهي، الأمر الذي ورد ذكره في مواضع عدة من الكتاب المقدس. فإن ترتيب الله البديع يظهر في جميع المخلوقات التي خلق، إن كان في عالم الكواكب السيارة حيث ما يزال العلماء يكتشفون نجوماً ومجرات جديدة إلى هذه الساعة، أو في عالم النبات أو عالم الحيوان، وأخيراً- وليس آخراً- في عالم الإنسان بالذات. والله عالم كل العلم أن كلاً منا سيمر في مراحل ضرورية من شأنها أن تعدّنا تدريجياً لمواجهة مواقف الحياة في طور البلوغ، السهل منها والصعب، المرغوب فيه وغير المرغوب. فيقول داود النبي: "لأَنَّكَ أَنْتَ اقْتَنَيْتَ كُلْيَتَيَّ. نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي. أَحْمَدُكَ مِنْ أَجْلِ أَنِّي قَدِ امْتَزْتُ عَجَباً. عَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ وَنَفْسِي تَعْرِفُ ذَلِكَ يَقِيناً. لَمْ تَخْتَفِ عَنْكَ عِظَامِي حِينَمَا صُنِعْتُ فِي الْخَفَاءِ وَرُقِمْتُ فِي أَعْمَاقِ الأَرْضِ. رَأَتْ عَيْنَاكَ أَعْضَائِي وَفِي سِفْرِكَ كُلُّهَا كُتِبَتْ يَوْمَ تَصَوَّرَتْ إِذْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهَا. مَا أَكْرَمَ أَفْكَارَكَ يَا اللهُ عِنْدِي! مَا أَكْثَرَ جُمْلَتَهَا!" (مزمور 139: 13- 17).

حقاً تبتهج أنفسنا كل الابتهاج بالله الذي خلقنا على صورته في القداسة وأعطانا كل شيء من لدنه. وحسناً يصف الكتاب المقدس إلهنا بأنه "ليس إله تشويش بل إله سلام". ويريد لنا أن نعيش في سلام دائم بعضنا مع بعض ومعه أيضاً. وهذا النمط من التفكير الذي ورد أعلاه، أيها القارئ الكريم، أود أن أشدد أنه يجب أن يُطبع في ذهن الولد الفتى باستقامة وثبات. فإن تَطبَّع الولد، تلك العجينة اللينة وذلك الغصن الرخص، بهذا المثال ورآه في الوالدين، يكونان قد كسبا ابناً يرفعان الرأس مدى الحياة.

والمثال الذي أعنيه هو، بكل بساطة، حياة الشكر المستمر لله والتفكير به والكلام بمهابة عنه والعيش الكلي له إذ هو الإله الوحيد القادر على كل شيء. وهذا النوع من التفكير ضروري جداً أن يتواجد، خصوصاً لكي يوضع موضوع الكتب هذا في القالب الأفضل وفي الجو الأدفأ وفي الوقت الأنسب. فحين يتباحث الوالد مع ابنه أو الابنة مع أمها في موضوع الجنس، ستكون المباحثة مطعّمة بالراحة النفسية لا بالتوتر، وبالبساطة لا بالتعقيد. وعلينا ألا ننسى أن الغاية الرئيسية ضمناً، وأولاً وآخراً، هي تثبيت العلاقة والصداقة بين الأهل والأولاد.

وقد أجمع الدكتوران تيم لاهاي وجايمز دوبسون أن الأولاد في هذه الفترة من الحياة يستمرون في تثبيت أمور ضرورية في أذهانهم. هذه الأمور هي:

1- المقدرة على التفكير والتحليل دون المساعدة الدائمة من الأهل.

2- الإدراك الأعمق والتمييز بين الصواب والخطأ.

3- مقدرة السيطرة على العواطف.

4- تأجيل الحصول على إشباع الرغبات كالأكل واللعب.

5- التنبه إلى الأحيان التي فيها يقدر الولد (أو لا يقدر) أن يعبّر عن غضبه.

أما بالنسبة إلى الأمور الروحية، فالولد في السادسة من العمر يتقبل الحقائق الروحية ببساطة. ومن السابعة إلى العاشرة يبدأ في تفحصها بأكثر تدقيق، متسائلاً وباحثاً فيها إلى أن يستقر الأمر في فكره عن اقتناع. وهذا لا يأتي جبراً بل تدريجياً.

ونحن عالمون أنه سيكون هناك بعض التفاوت في الإدراك بالنسبة إلى الأعمار. فالأب الحكيم والأم المدركة يسعيان كي يفسحا في المجال للولد لينمو في جو العطف والتفهم الضروريين.

وبالنسبة إلى الأمور الجنسية، شئنا أم أبينا، فغن الصبيان والبنات في هذه السنين الدقيقة والتمهيدية السابقة للمراهقة سيبدأون بملاحظة الفروقات الجسمية بين الجنسين. وأحياناً، عن طريق اللعب والاستكشاف، يريدون إظهار أعضائهم التناسلية. ولكن ذلك التصرف طبعاً ليس الهدف منه في تفكير الولد إلا الفضول وحب الاستطلاع. في حالات كهذه يُبدي الأهل حكمتهم، ليس بضرب الولد كأنه قام بعمل قذر أو لعين، بل بإفهامه، مثلاً، أن خلع الثياب كلها أو بعضها، إنما يتم في عيادة الطبيب عند الفحص الطبي، ولكن إن عبّر الأهل عن استيائهم وغضبوا على "هذا العمل الشائن" بنظرهم، فكأنهم يشجّعون الولد على الاستمرار في الاستكشاف ولكن سراً أو في غيابهم. وعلى الرغم من أن الولد غير قادر على أشياء كثيرة، فهو يتعلم في حالة كتلك أن هناك أشياء يستطيع أن يفعلها في غياب الأهل. وهذا، ولا شك، درس يمكن للأهل الحكماء الاستغناء عنه إذ إنه مضر كل الضرر على المدى البعيد.

أخي القارئ، مع أن موضوع هذا الكتاب يدور على سن المراهقة، فغرضي من بحث الأعمار السابقة للمراهقة هو التشديد على أمر مهم جداً، ألا وهو أن الأولاد هم كالعجينة في أيدي الأب والأم، بحيث يقدران أن يصنعا من هذه العجينة تحفة رائعة أو ينتجا ما يجلب السخرية والحزن للولد ولهما. إذاً، لا مسوِّغ للقول إن "المجتمع" أو "الرفقة" أو "المدرسة" هي المسؤولة عن تربية الأولاد. طبعاً هناك مؤثرات خارجية كالتي ذكرناها، ولكن العنصرين أو المؤثرين الرئيسيين هما الأب والأم، والتأثير ينتصف بينهما.

هل الأب والأم كاملان؟ حاشا، فإن الكمال هو لله وحده. ولكن ليس من دليل يشير إلى أن الأب والأم معذوران إن تحجّرا أو تصلّبا في تفكيرهما في ما يتعلق بتربية الأولاد. فكل واحد يتعلم، وينمو، ويخطئ، ويُضطر إلى الاعتذار. وإن كان الاعتذار أمراً نتعلمه ونقوم به بسهولة، فكر بالحري الاعتذار إلى الذين نحبهم ونريد لهم الخير؟ عند آباء وأمهات كثيرين فكرة خاطئة تقول بأنه إذا اعتذر الأب إلى ابنه فهو يقلل من قيمته باعتباره أباً في نظر ابنه. ولكن هذه الفكرة بعيدة جداً عن الصواب. فالمبدأ الرئيسي هو أن على الأهل أولاً أن يطبّقوا أي درس يريدون لأولادهم أن يتعلموه. فإن أراد الأبوان أن يعلّما الولد المسامحة، فعليهما أن يسامحا هما أولاً؛ أو المحبة، فعليهما بالمحبة أولاً؛ أو حتى الأمور السيئة، فعليهما بالتطبيق أولاً. والملاحظ أن تعلم الأمور السيئة أسهل من تعلم الحسنة. كما أن تسبيب الخراب والأذية النفسية وغيرها أسهل من البناء. أود في هذا القسم من الفصل أن أتكلم عن بعض الكلمات والتعابير والمفاهيم التي وجب على الأهل أن يعرفوها ويلمّوا بها. فهذا القسم ضروري جداً إذ يتعلق بالإجابة على أسئلة عديدة سيطرحها الأولاد في آن أو آخر. لكن علينا أن نسأل أولاً: هل يستطيع الأهل الإجابة عن كل الأسئلة؟ الجواب بالتأكيد هو: لا. فالأهل ليسوا موسوعة علمية و ثقافية واجتماعية، وعليهم أن يُقروا بهذه الحقيقة في صميم ذواتهم وألا يخدعوا أولادهم. والحق أنه لا أحد يتوقع من الأهل أن يكونوا مخزناً للمعلومات. وهنا نشدد على مبدأين: الأول إن الأهل هم الوسيلة التي يتم بها إيصال المعلومات لأولادهم بالطريقة الأنسب وإن لم يكونوا هم مصدر تلك المعلومات؛ والمبدأ الثاني أساسي في العلاقات الإنسانية وهو: إن كان الإنسان، أياً كان ومهما كان، غير مستعد لأن يكون تلميذاً مدى حياته فليس بإمكانه أن يكون معلّماً لأحد في أي وقت. ذلك أن الحياة مدرسة كبيرة وكلنا تلامذة فيها؛ وهي تضم الكسالى والعنيدين والطفيليين والمحمولين، وأيضاً الأذكياء والنبهاء. وليت كل أب وكل أم يكونان من النوع الأخير الدائب سعياً للاستفادة ولإفادة الأولاد، للفهم والإفهام، للأخذ والعطاء، للإتبّاع والقيادة.

إن لم يستطع الأهل أن يجيبوا عن سؤال ما، فمن أسهل الأجوبة الموقّتة والصادقة ممكن إعطاؤها: "يا ابني( أو يا ابنتي) لا أعرف بالتأكيد جواب هذا السؤال. ولكن سأحاول جهدي أن أحصل لك على الجواب الصحيح". وإن أمكن احتضان الولد أو الابنة قبل إعطاء هذا الجواب. فهذا يؤكد أكثر في ذهن الولد أن أباه يعني ما يقوله وسيأتي له بالجواب. ومن الضروري تبعاً لذلك أن يحصل الأب أو الأم على الجواب مادام قد وعد بذلك. وهذا يعلّم الابن أو الابنة عن الوالد أو الوالدة الصراحة الكاملة والاهتمام الواقعي المخلص وأنه سيكون في الحياة أشياء كثيرة لا نعرفها دائماً، ولكن هناك أساليب عديدة ومصادر مقبولة للحصول على الجواب.

والآن، أين يوجد الجواب؟ بالإضافة إلى الكتب والكتيّبات ومختلف أنواع المنشورات والموسوعات، هناك طبيب الصحة أو الممرضة أو المستوصفات. ولابد من وجود رجل أو امرأة قد تعلّما أن يكونا تلاميذ في مدرسة الحياة، فاضلَين، ومدركَين عمق الأمور الحياتية وأبعادها، مميزين الأفضل والأنسب من التقليد المغلوط أو المخلوط بقليل من الصواب وقليل من الخطأ.

ولا يختلف الأمر في ما يختص بالأمور الجنسية. فإن الشعور التلقائي الذي يشعر به الأهل مراراً كثيرة عندما يسأل الولد عمّا يتعلق بأعضائه التناسلية، مثلً، هو نوع من الشعور بالتهديد النفسي الداخلي وخصوصاً عندما لا يكون الجواب الصحيح معروفاً وعندما يكون الأب والأم قد نشأا في بيئة منغلقة على ذاتها أو في جو تكتّم وصمت بالنسبة إلى "الجنس"- "تلك الكلمة القذرة التي لا يجب أن توجد على لسان إنسان"- وكأنها شيء عاطل أو كأنها تأتينا صدفة ومن حيث لا ندري.

أخي القارئ، مهما كانت خلفيتك أو حضارتك، أود توضيح هذه النقطة المهمة، بالقول إن الجنس بحد ذاته هو عطية من الله الخالق إلى الإنسان المخلوق. ويقول الكتاب المقدس: "كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ (أي الله)" (يعقوب 1: 17). ولكن ما حدث منذ بدء الخليقة ومازال يحدث إلى اليوم هو أن الشيطان، الذي هو "سارق ولص"، مازال يأخذ هذه العطايا "الصالحة" من الله ويلويها ويفتلها ويشوّهها لغايته الخاصة الرئيسية التي هي إبعاد الإنسان عن الله الذي خلقه. واليوم، إن تصفّحنا الجرائد والمجلات قليلاً أو مررنا بدور السينما، نفهم ما أرمي إليه بما فيه الكفاية. لذلك قلنا أن هدف الشيطان كان وما يزال أغراء الإنسان وإبعاده عن الله، وغايته الخبيثة المثلّثة هي: التضليل والتعليل والتذليل، ولسنا في حاجة إلى البحث طويلاً لنرى هذا ونقتنع به.

من التعابير والمفاهيم التي ينبغي للأهل معرفتها لاستعمالها الصحيح نذكر الآتي:

1- الختان: هو قطع الغُلفة أو الجلدة الزائدة على رأس قضيب كل مولود ذكَر بعد ولادته بأيام قليلة. وهي عملية جراحية بسيطة يقوم بها الطبيب أحياناً في غرفة الفحص في عيادته. وما يزال كثيرون من الناس والأطباء اليوم يمارسون عملية الختان لحفظ القضيب من الميكروبات والالتهاب والتلوث والإفرازات الغددية.

2- المراهقة: هي فترة الحياة الواقعة بين سني الولودية وسني البلوغ، وتشمل السنين الممتدة من 11 إلى 18 ضمناً.

3- بداية الحمل: تحدث عندما تتحد بزرة منوية من الرجل بالبويضة عند المرأة لبدء حياة جديدة.

4- قناة فالوب: تشير إلى إحدى القناتين اللتين تنتقل البويضات بواسطتهما عند المرأة من المبيض إلى الرحم, وفي إحدى القناتين تُحفظ أيضاً البويضة غير الملقحة إلى أن تخرج كل شهر مع الدم خلال فترة الطمث أو الحيض.

5- التلقيح: يحصل في اللحظة التي فيها تتحد البزرة بالبويضة.

6- الجنين: الطفل قبل ولادته، ابتداء من الشهر الثالث وإلى وقت الوضع (أي إلى وقت خروجه من الرحم).

7- الغدة: الغدد أعضاء داخلية تختلف في الحجم والوظيفة وتفرز في الجسم مواد سائلة.

8- الوراثة: هي مجموعة الصفات والميزات المنقولة من الأهل إلى أولادهم.

9- الهرمون: مادة تفرزها الغدد ويحملها الدم إلى أعضاء مختلفة من الجسم كي تزيد نشاطها.

10- المخاض: الفترة التي تجتاز فيها الأم عند الولادة عندما يمر الجنين من الرحم إلى الخارج وعبر قناة الولادة. هذه الفترة تختلف مدتها بين امرأة وأخرى. ولكن الآلام التي تختبرها المرأة خلال فترة المخاض شديدة للغاية.

11- الطمث: (أو الحيض) وهذه الفترة معروفة أيضاً بالعادة الشهرية، مدتها تتفاوت بين خمسة أيام وسبعة، تجتاز خلالها البويضة من المبيض إلى الرحم وتخرج إلى الخارج مع الدم والخلايا الزائدة.

12- السُّرَّة: الانخفاضة الصغيرة حيث كان يوجد حبل السرّة الذي بواسطته كان يصل الغذاء والأوكسجين من الأم إلى الجنين الموجود داخل رحمها.

13- المبيض: عضو منه اثنان داخل جسم المرأة حيث تُنتج البويضة شهرياً.

14- القضيب: عضو الذكَر التناسلي الذي بواسطته يخرج السائل المنوي والبول إلى الخارج.

15- الغدة النخامية: هي غدة صغيرة جداً تقع عند قاعدة الدماغ تفرز هرمونات لها تأثيرها في نمو الجسم بجملته.

16- المشيمة: شبكة خاصة على شكل كيس من الأوعية والشرايين الدموية، ملتصق برحم الأم، وبه يتصل الجنين بواسطة الحبل السري. مهمة هذا الكيس نقل الغذاء والأوكسجين إلى الجنين ونقل النفايات والأوساخ من الجنين إلى جسم الأم. وهذه الأوساخ تنتقل عبر دم الأم إلى الخارج.

17- الحامِل: المرأة التي تنقل في رحمها جنيناً نامياً يوماً بعد يوم.

18- ولادة مُبتَسَرة: ولادة الجنين قبل انتهاء مدة حمله الطبيعية، أي نحو 37 أسبوعاً. وعندئذ يقال: وُلد الطفل في الشهر السابع أو الثامن، الخ...

19- سن البلوغ أو الحُلُم: الوقت الذي فيه تبدأ الأعضاء التناسلية تنضج وتنمو. ومن بعض علاماتها ظهور الشعر في منطقة الأعضاء التناسلية، والصوت الخشن عند الشاب.

20- الصّفَن: هو وعاء الخصيتين أو كيسهما عند الذكر.

21- السائل المنوي: سائل أبيض يحتوي على بزور الذكر التناسلية. تُفرز هذا السائل خُصيتا الذكر.

22- الجِماع: (أو المضاجعة أو الاتصال الجنسي) هو قذف السائل المنوي من قضيب الأب داخل مَهبِل الأم.

23- الخُصية: غدة تناسلية منها اثنان موجودتان في كيس تحت قضيب الذكر. تنتج هذه الغدة السائل المنوي وبزور الرجل.

24- الرّحِم: الكيس الموجود عند المرأة ودوره احتواء الجنين وتغذيته قبل ولادته.

25- المهبِل: ممر من الرحم إلى خارج جسم المرأة ينتهي بفتحة يطوّقها الفرْج.

26- شخص بتول: يشير إلى الرجل العفيف والمرأة العذراء اللذين لم يختبرا الاتصال الجنسي بعد.

وقبل أن ننتهي من هذا الفصل، سنتحدث بإيجاز عن ناحيتين هامتين من السلوك الجنسي.

أولاً: القذف وذروة التهيج الجنسي:

كلاهما يصفان عملية واحدة. الأولى تحدث للرجل والثانية تحدث للمرأة. وسنتناول هذا الموضوع من طريق طرح أسئلة عديدة نجيب عنها في ضوء المعلومات والأبحاث الطبية والنفسية المعاصرة.

(أ) سؤال: هل يحدث القذف أو ذروة التهيج الجنسي للرجل والمرأة الناضجين فقط؟

جواب: لا. فالقذف وذروة التهيج الجنسي يحدثان للشاب والشابة كما يحدثان للفتى والفتاة في بداية سن البلوغ والمراهقة، أي من العاشرة تقريباً فما فوق. وعلينا ألا ننسى أيضاً أن جسم الفتاة ينمو بسرعة أكثر من جسن الفتى الناشئ. ويفوق البلوغ العقلي والنفسي حتى نهاية سني المراهقة عند الشابة ما هو حاصل عند الشاب بما يعادل السنتين. لذلك يتعادل الشاب البالغ من العمر ست عشرة سنة والفتاة البالغة من العمر أربع عشرة سنة تقريباً.

(ب) سؤال: هل يُعتبر القذف أو ذروة التهيج الجنسي، بحد ذاته، ظاهرة جسمية طبيعية للشاب والشابة؟

جواب: نعم، وسيستوفي هذا السؤال جوابه في معرض الإجابة عن الأسئلة القليلة التالية.

(ج) سؤال: بالنسبة للرجل والمرأة المتزوجين، أمن الضروري أن يحدث القذف أو ذروة التهيج الجنسي خلل كل جماع أو اتصال جنسي؟

جواب: لا.

(د) سؤال: هل هذا طبيعي؟

جواب: نعم. فهناك عدة عوامل مؤثرة كالتعب وقلة النوم وعدم الراحة.

(هـ) سؤال: ماذا يحدث في الجسم تماماً عند القذف أو ذروة التهيج الجنسي؟

جواب: عند الرجل، عندما يُداعب القضيب، سواء كان في الجماع أو بممارسة العادة السرية، تمتلئ الشرايين الدموية، التي تغلّف القضيب من الداخل، بكمية من الدم أكثر من الكمية العادية فيحدث الانتصاب. وفي هذه الحالة يُعطى الأمر من الدماغ فتفرز بعض الغدد كالبروستات وغيرها بعض السوائل الضرورية لتخفيف الاحتكاك. ثم تفرز الخصيتان مئات الألوف من الخلايا الحية فتسري في السائل المنوي داخل القضيب ومنه إلى الخارج.

أما عند المرأة، فعند مداعبة الفرج ذي الحافتين الناتئتين، ينتفخ الفرج وتمتلئ الشرايين الصغيرة بالدم ويتحضّر جسم المرأة للوصول إلى ذروة التهيج الجنسي حين يفرز سائل مخاطي يساعد في ارتخاء الأعضاء والعضلات. فينتقل الجسم من حالة التهيج إلى حالة الاكتفاء مع الشعور باللذّة.

هذه الحالات التي وصفناها تنطبق على ما يحصل عادة بعد الزواج بين الرجل والمرأة. وهذا ليس من صنع الإنسان أو تفكيره بل من تدبير الله. فهو الذي خلق الجسم بكامل أعضائه وخلاياه وميزاته المتشابهة أو المتباينة بين الرجل والمرأة. وهذه المشاعر الطبيعية هي أيضاً داخلية وعميقة أعطاها الله للإنسان، رجلاً أو امرأة، كي تكون تعبيراً صادقاً عن الحب العميق الذي يربط قلبيهما بعد الزواج.

(و) سؤال: ما علاقة هذه المشاعر التي وصفناها بالشاب والشابة قبل الزواج؟

جواب: طبعاً، الأعضاء والغدد والمشاعر هي هي قبل الزواج وبعده. وفي هذه الأيام التي توصّلنا إليها. قلما يوجد شيء حولنا يخلو مما يثير التفكير بالأمور الجنسية ورغبة الحصول على إشباع الرغبات الجنسية. ويقول الدكتور بيتر بليتشينغ إن الطاقة الجنسية في سن السادسة تزيد عند الصبي أكثر من البنت بنحو 7 %. ولكن الفرق يزيد عند الشاب في السادسة عشر إلى أكثر من 35% حين يكون الشاب في ذروة الطاقة الجنسية. فماذا يعمل الشاب والشابة عندما تكون طاقتهما الجنسية قرب ذروتها ولا مرشد لإدارتها؟ هذا التساؤل يقودنا إلى بحث الناحية الثانية من السلوك الجنسي بعد أن بحثنا القذف وذروة التهيج الجنسي بأسلوب السؤال والجواب.

ثانياً: العادة السرّية أو الاستمناء باليد.

(أ) سؤال: ما هي؟

جواب: هي محاولة الحصول سراً على التمتع والشبع الجنسي بواسطة التلاعب بالأعضاء التناسلية.

(ب) سؤال: مَن يمارسها؟

جواب: يظن بعضهم خطأً أن الشباب فقط هم الذين يمارسون العادة السرّية. لكن البحوث تثبت أن المشاعر والإمكانيات موجودة لدى الجنسين. وكلا الجنسين يمارسان العادة.

(ج) سؤال: لماذا تُمارَس هذه العادة السرية؟

جواب: تُمارس لسببين وهما: 1- كونها منفذاً للضغط والتوتر الجنسي عند الشاب والشابة. 2- كونها وسيلة للحصول على اللذة الجنسية المؤسسة على خيال جامح أو نزوة مؤقتة. ولذلك تعود الرغبة أقوى مما كانت عليه من ذي قبل.

(د) سؤال: لماذا يمارسها الشبيبة في بداية فترة المراهقة؟

جواب: في البداية تكون العملية مجرد عملية استكشافية إذ أن الفتى والفتاة قد ابتدأا يشعران بهذه المشاعر للمرة الأولى. وقد يكتشفها الفتيان عرَضاً عند حدوث الاحتلام، أي إفراز السائل المنوي وتبليل الثياب الداخلية خلال النوم، ويظنون في بادئ الأمر أن لا أحد يعلم فيحتفظون بالأمر لأنفسهم.

(هـ) سؤال: هل من نتائج وعواقب متوقعة لممارسة العادة السرية؟

جواب: نعم، يتابع الدكتور واطسون قوله بالتحدث عن نتيجتين على الأقل لهذه العادة المضرة: أولاً، كلما مارس الشاب أو الشابة العادة السرّية يتوجه انتباههما الفكري والعاطفي والنفسي والاجتماعي نحو الذات الشخصية. وبعبارة أخرى: يتكون تدريجياً عند الشابة والشابة نوع من الأنانية المتينة إلى أن يصلا إلى مرحلة يصعب فيها جداً التخلص منها. فيتابع الشاب أو الشابة ممارسة العادة ويتجنبان الآخرين أكثر فأكثر. ثانياً، إن ممارسة العادة السرّية تعيق توطيد صلات الصداقة البريئة وخصوصاً بين الشاب والفتاة.

ويضيف الدكتور دوبسون أن الشاب يلتجئ أكثر فأكثر إلى عالم مملوء بالخيالات والتوهمات والانخداعات الفكرية والعاطفية. ففي آن واحد يشعر المراهق بالشبع والجوع، بالاكتفاء والاحتياج الكلي، بالطمأنينة الداخلية والقلق المزعج. وهذا يقود إلى اضطراب داخلي مشؤوم يصحبه الشعور المؤلم بالذنب. ويقول دوبسون أيضاً أن هناك نتيجة أخرى هي التشجيع على الكسل وعدم القيام بالمهمات اليومية.

(و) سؤال: من الناحية الروحية، هل العادة السرّية خطية؟

جواب: أود طرح بعض الأمور التي على ضوئها نستطيع الإيجاب.

أولاً، إن اكتشاف الإمكانيات والطاقة الجنسية في بداية فترة المراهقة شيء يمكن للأهل أن يتوقعوه من أولادهم على السواء كأي أمر طبيعي. فسيتلاعب الأولاد بأعضائهم التناسلية ويكتشفون أن هذا يعطيهم نوعاً جديداً من اللذة يختلف عن باقي اللذات. فإن قام الأهل بضرب الولد وتوبيخه، سيدفعه الأمر لأن يقوم بالعملية بأكثر سرّية معيراً إياها اهتماماً أكثر.

ثانياً، بقدر ما يتجاهل الأهل نمو أولادهم جسمياً وعقلياً ونفسياً وعاطفياً وجنسياً، يسعى الأولاد لاكتشاف ما يتعلق بهذه النواحي من مصادر أخرى وبأساليب خاطئة كالأصحاب والمجلات والأفلام، وغيرها.

ثالثاً، مع تجاهل الأهل للولد تزداد رغبته في الانزواء، الأمر الذي يجعله يشعر بالوحدة النفسية ويقوده للتركيز على ذاته أكثر. فبإمكان الأهل أن يتجاهلوا الأمر دون أن يتجاهلوا الولد بل بالأحرى ليعيروه الاهتمام الصادق والإرشاد الحسن كي ينمو ويصير إنساناً متكامل الشخصية والنفس. إذ ذاك تخفّ ممارسة العادة السرّية حتى تتوقف في كثير من الأحيان بعد ابتداء العمل أو الدراسة أو تحمل مسؤوليات أخرى.

رابعاً، بعد الوصول إلى النصف الثاني من فترة المراهقة، تنتقل الشبيبة إلى ممارسة العادة السرّية في ضوء ما شاهدوه أو قرأوه أو سمعوه من أمور تتعلق بالجنس سواء بواسطة مجلة أو امرأة مغرية أو صورة مثيرة أو نكتة جنسية. فتصبح العادة السرّية لا عملية استكشافية وحسب بل نوعاً من الاشتهاء الداخلي لإرواء الطاقة الجنسية ولإشباع الذات النفسية التي أضحت الآن تشرب مياهاً مالحة.

وهنا أود ذكر الوصية العاشرة من الوصايا العشر التي تقول: "لا تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لا تَشْتَهِ إمْرَاةَ قَرِيبِكَ وَلا عَبْدَهُ وَلا أمَتَهُ وَلا ثَوْرَهُ وَلا حِمَارَهُ وَلا شَيْئا مِمَّا لِقَرِيبِكَ" (سفر الخروج 20: 17). وأيضاً قال الرب يسوع المسيح: "مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ" (متى 5: 28). من هذا المنطلق نستطيع القول إن العادة السرّية سرعان ما تصبح خطية، خصوصاً إن لم يعِ الأهل والشاب أو الشابة مدى خطورة الأمر وتدهور الحالة التي ابتدأت بالاستكشاف البريء وانتهت بجلب مضار متنوعة كان بالإمكان تلافيها.

وخير ما أُنهي به حديثي هو الآيتان التاليتان من الكتاب المقدس: "كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ - إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هَذِهِ افْتَكِرُوا" (فيلبي 4: 8). وأيضاً: "أَمَّا الشَّهَوَاتُ الشَّبَابِيَّةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالسَّلاَمَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ الرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ" (2 تيموثاوس 2: 22).

  • عدد الزيارات: 4493