Skip to main content

الفصلُ الثالِث بَهجَةُ التعبير عنِ الوِحدَة

في سِجلِّ الخلق، نقرأُ في سفرِ التكوين أنَّ اللهَ نظرَ إلى كُلِّ ما خلقَهُ وقالَ، "إنَّهُ حسنٌ." ولكنَّهُ سُرعانَ ما يرى شيئاً يقولُ عنهُ "ليسَ حسناً." ثُمَّ يقول، "ليسَ حسناً أن يبقَى آدَم وحدَهُ." (تَكوين 2: 18) فخلقَ اللهُ مُعيناً لآدم، وأصبحَ الإثنانِ جسداً واحِداً."

أحدُ أوَّلِ الأمور التي ينبَغي أن نلاحِظَها عندما نتأمَّلُ في سِجلِّ الخلقِ ونرجِعَ إلى البداية عندما خلقَ اللهُ الجِنس، هو أنَّ اللهَ قصَدَ بالجِنس التكاثُر. "أثمِروا واكثُروا،" هكذا قالَ اللهُ لآدم وحوَّاء في تكوين 1: 28. لقد سبقَ ورأينا أنَّ الزواجَ هُوَ خُطَّةُ الله لكي يملأَ الأرضَ بالسُّكَّان الصالِحين. فاللهُ لا يُريدُ أن يملأَ الأرضَ بأيٍّ كان، بل بأشخاصٍ صالِحين مُلائمين. ولكي ينجحَ هذا الأمر، على الأهل أن يكونوا صارِمين وناضِجين. وينبَغي أن تكونَ علاقتُهُما قوِيَّة، وعندها يكونُ باستطاعتِهما أن يكونا والِدَينِ قوِيَّين وينتِجانِ أولاداً أقوياء من خِلالِ زواجِهما وعائِلتِهما. يتَّضِحُ إذاً أنَّ اللهَ قصدَ من الجِنس أن يتمَّ اختبارُهُ فقط في إطارِ الزواجِ والعائلة، وأنَّ اللهَ قصدَ بهِ التكاثُر.

 بالإضافَةِ إلى التكاثُر، قَصَدَ اللهُ من الجنس أن يكونَ وسيلة تعبيرٍ للشريكَين المُتزوِّجَين. عندما يكونُ لدى الأزواج مشاكِل في علاقتِهم الجِنسِيَّة، قبلَ أن يُركِّزوا على مشاكِلِهم الجِنسيَّة، عليهم تفحُّص الوِحدَة الروحِيَّة في زواجِهم. ثُمَّ ينبَغي أن يُفكِّروا بِموضُوعِ الاتِّصال والانسجام. ثُمَّ يجِب أن يُفكِّروا بِميزاتِ الحُبِّ الحقيقي المُتشبِّه بمحبَّةِ المسيح، وأن يُفكِّروا بالقضايا المُتعلِّقة بالتفاهُم بينَ بعضِهم البعض. عندَها فقط، بإمكانِهم مُواجَهَة مشاكِلِهم الجِنسيَّة.

ليسَ سِرَّاً أن الجِنس، الذي خطَّطَ لهُ اللهُ يكونَ بهجَةَ التعبير عن وِحدَتِنا، بإمكانِهِ أن يُصبِحَ عقبَةً لوحدَتِنا. فإن كان التعبيرُ الجسدي عن وحدَتِنا هي كما خطَّطَ لها اللهُ أن تكون، فسوفَ تحتَلُّ حَيِّزاً يُشكِّلُ عشرة بالمائة من العلاقة. ولكن إن لم تكُن العلاقة الجسديَّة كما خُطِّطَ لها أن تكون، من المُمكِن أن تحتَلَّ حيِّزاً كبيراً يُشكِّلُ تِسعينَ بالمائة من المُشكِلة. فالزيجاتُ تتفسَّخُ بِسببِ الجنس، لأنَّهُ عندما لا يتمتَّعُ شريكُنا الآخر بالإشباع، ستكونُ القَضِيَّةُ قضيَّةَ وقتٍ فقط قبلَ أن يجِدَ هذا الشريكُ شخصاً ثالِثاً يُوفِّرُ هذا الإشباع.

وممَّا يدعُو للسُّخرِيَة هو أنَّ ما خطَّطَ لهُ اللهُ ليكونَ وسيلة التعبير عن الوِحدة، مُمكِن أن يُصبِحَ أعظَمَ عقَبَةٍ للوِحدَة. إبليسُ وحدُهُ يستطيعُ أن يأخُذَ ما خطَّطَ لهُ اللهُ ليكونَ بهجةَ التعبير عن الوِحدة، ليجعَلَ منهُ أكبَر عقبة في وجهِ وحدَتِنا كشُركاء زوجِيِّين.

عندما يحتَلُّ الجِنس تِسعين بالمائة من المُشكِلة بينَ الزوجِ والزوجة، يُصبِحُ إهتِمامُهما الأوَّل هو: عَمَّا يُعبِّرانِ عندما يُمارِسانِ الجنس؟ فإن لم يكُنْ هُناك لا وِحدَةٌ رُوحيَّة، ولا إتِّصال، ولا محبَّة، ولا تفاهُم، فعمَّا يُمكِنُهما أن يُعبِّرا؟ وإن لم يكُنْ لهما أيٌّ من هذه المُستويات العميقة في العلاقة، كيفَ يُمكِنُ لعلاقتِهما الجِنسيَّة أن تكونَ كما خطَّطَ لها اللهُ أن تكون؟ وإن لم يكُن لديهما وحدَةٌ يُعبِّرا عنها، فإنَّ علاقتَهُما تكونُ كالمُجامعة الحيوانيَّة.

عندما تندَمِجُ في إتِّحادٍ جِنسِيّ، هل تكونُ مُلتَزِماً بإشباعِ الشريكِ الآخر؟ هذا هو نوعُ الإلتِزام الذي يجعَلُ من الجِنس كما قصدَ لهُ اللهُ أن يكون. بكَلِماتٍ أُخرى، بِدونِ التعبيرِ عن "رابِطِ الحُبّ" الذي خطَّطَ لهُ اللهُ لِزواجِهِما، لن يكونَ لديهِما العلاقةَ الجنسيَّة التي قالَ عنها الله "حسنٌ جِداً." بكلامٍ آخر، إن درجة وحدَتِهما الرُّوحيَّة ستُحدِّدُ نوعِيَّة وحدَتِهما الجسدية التي يتمتَّعانِ بها في زواجِهما.

قصدَ اللهُ بالجِنس التكاثُر؛ وقصدَ اللهُ بالجِنس أن يكونَ أداةً للتعبيرِ بينَ الزوجَين؛ ولكنَّ قَصدَ اللهِ من الجِنسِ اللذَّةَ أيضاً. هُناكَ الكثيرونَ من الذين لا يُوافِقُونَنِي الرأي حولَ هذه النُّقطَة الأخيرة. فهُناكَ الكثيرُ من التأثير التَّقَوِيّ المسيحيّ من عصرِ الملِكة فِكتورِيا، مَلِكَة بريطانِيا، ولستُ أدري أينَ بدأَ هذا التأثيرُ بالتحديد، ولكن منذُ وقتٍ طويل يبدو وكأنَّ هذه الفِكرة تقولُ أنَّ الجِنس هو شيء غير صالِح، وأنَّ اللهَ ليست لهُ أيَّة علاقة به.

إنَّ التخلُّصَ من هذه الفِكرة المغلوطَة والمُناقِضة للكتابِ المقدَّس هُوَ أمرٌ في غايةِ الأهمِّيَّة. فعندما يعتقِدُ رجُلٌ أو إمرأةٌ في عقلِهِ اللاواعي أنَّ الجِنسَ هو أمرٌ رديء، قد يُصبِحُ عاجِزاً أو بارِداً جِنسِيَّاً. إنَّ الجِنسَ مُقدَّسٌ، ولا ينبَغي أن نُعطِي أولادَنا أيَّةَ فِكرةٍ غيرَ هذه عن الجِنس في الزواج. هُنا يظهَرُ التحدِّي. فإذا أردتَ أن تبقَى بناتُكَ عذارَى وأبناؤكَ كذلك حتَّى يصلوا إلى مرحلةِ الزواج، من الصعبِ أن تُعلِّمَهُم عن الإمتِناع عن أيَّة علاقة جِنسيَّة، بدونِ أن تُعطِيَهُم إنطِباعاً سَلبِيَّاً عنِ الجِنس؟

بدءاً من حدثِ الخلقِ في سفرِ التكوين، يُخبِرنا الكِتابُ المقدَّسُ أنَّ الجِنسَ حسنٌ جداً. وسفرُ نشيدِ الأنشاد لِسُليمان، على سبيلِ المِثال، هو أحدُ أروعِ الأسفار في الكتاب المقدَّس. برأيِي، إنَّ القصدَ من وُجُودِ سفر نشيد الأنشاد في لائحة الكتابِ المقدَّس القانُونيَّة هو أن يُظهِرَ لنا أنَّ الجِنسَ جميلٌ، ورائعٌ، واللهُ خلقَهُ. وإنَّهُ لأمر رائع أن تكونَ علاقاتُنا الجِنسيَّة في الزواج كتِلكَ الموصُوفة في نشيدِ سُليمان. ولكن أنا أُؤمِنُ أيضاً أنَّ هُناكَ الكثير من المجازِ والرمز في هذا السفر. فهو يُصوِّرُ محبَّةَ المسيح للكنيسة، ومحبَّة يهوه لإسرائيل، ولكنَّ هذا هو التطبيقُ الثانِي للسفر. أمَّا التطبيقُ الأوَّلُ لهُ فهو أن يُريَنا أنَّ الجِنسَ صالِحٌ.

فالجِنسُ جميل. ولقد خطَّطَ له اللهُ أن يكونَ مُقدَّساً، حسناً، وتعبيراً بَهيجاً عن الحُب بينَ الزوجِ وزوجتِه. وكُلُّ مفهومٍ للجِنس في إطارِ الزواج، إذا لم يتحلَّ بِهذه الأوصاف للمحبَّةِ الجِنسيَّة، فهُوَ لا يأتي من الله ولكن من إبليس.

ما هو توقُّعاتُكَ وما هي مَواقِفُكَ من الوِحدَةِ الجسديَّة في الزواج؟ في تثنِية 24: 5، أُعطِيَ النامُوسُ الذي يقولُ أنَّهُ عندما يتزوَّجُ الرجُل، كانَ يُعطَى سنةً فُرصَةً ليفرَحَ بامرأتِهِ ويُفرِحَها: "إذا إتَّخَذَ رجُلٌ امرأَةً جدِيدَةً فلا يخرُجْ في الجُندِ ولا يُحمَلُ عليهِ أمرٌ ما. حُرَّاً يكونُ في بيتِهِ سنةً واحِدَةً ويُسِرُّ امرأتَهُ التي أخذَها."

مُعظَمُ عُلماء اللغة يقولونَ أن ما تعنيهِ عِبارَة "ويُِسرُّ امرأتَهُ" هو أن يُفرِحَها جِنسِيَّاً، وأن يمنحَها اللذَّة الجِنسيَّة. بكلماتٍ أُخرَى، دعا النامُوسُ إلىسنة كامِلة من شهرِ العسل. فهل تظُنُّ أن هذا يعبِّرُ بِشكلٍ كافٍ عن طريقة شُعور الله حِيالَ الجِنس؟

في العهدِ الجديد، نجِدُ تحدِّياً لتكريمِ الزواج وحِمايَةِ قُدسيَّةِ العلاقةِ الجِنسيَّةِ الحميمة بينَ الزوجِ والزوجة. "لِيَكُنِ الزواجُ مُكرَّماً عندَ كُلِّ واحِدٍ والمَضجَعُ غيرَ نجِس. وأمَّا العاهِرونَ والزُّناة فسيدينُهُم الله"(عبرانِيين 13: 4). هُنا يُعطي اللهُ تحذيراً ضِدَّ الجنس خارج الزواج ويُصِرُّ على كونِ الزواج مُكرَّماً والعلاقة الجنسيَّة الزوجيَّة أمراً طاهِراً مُقدَّساً.

سوفَ تنتَفِعُ أيضاً من دراسةِ 1كورنثُوس 7: 1-7 وأمثال 5: 15-23، وسفر نشيد الأنشاد. حاوِل أن تُفكِّرَ بتَمَعُّنٍ بهذه المقاطِع الكِتابيَّة، ثُمَّ إسألْ نفسَكَ ماذا ينبَغي أن تكونَ مواقِفُكَ وتوقُّعاتُكَ من الجنس. فالموقِفُ هامٌّ جِداً وبِشكلٍ حَيَويٍّ في العلاقَةِ الجِنسيَّة. ولقد لاحظَ البعضُ أنَّ العُضوَ الأكثرَ أهمِّيَّةَ في الجنس هو العقل.

بإمكانِكَ أن تُطبَّقَ على العلاقةِ الجِنسيَّة مَجاز الأشجار في الإصحاحِ الثالِث من سفرِ التكوين، الذي وصفتُهُ في الفصلِ السابِق. لقد خلقَكَ اللهُ وزوَّدَكَ بدافِعٍ جِنسيّ، ولكنَّ حاجتَكَ الأكبَر هي أن تطلُبَ من الله أن يُشبِعَ حاجةَ عينِكَ، أو أن يُظهِرَ لكَ قصدَ ومكانَ ومُهِمَّةَ الجِنس. إذا وضعتَ هذه الحاجة أوَّلاً، لن تُفوِّتَ على نفسِكَ ما قصدَهُ اللهُ عندما أعطاكَ أنتَ وزوجتكَ وسائِلَ بهجة التعبير عن محبَّتِكُما لبعضِكُم البعض. وإن قُمتُما بذلكَ كما يُريدُ اللهُ، سوفَ تحصَلانِ على كُلِّ الإشباع الذي يُمكِنُ إيجادُهُ في الجِنس. ولكن إذا وضعتُما إشباعَ رغبتِكُما الجنسيَّة أوَّلاً، ولربَّما خارِجَ إطارِ الزواج، فسوفَ تدفعانِ ثمنَاً باهِظاً جداً لعواقِبِ هذا التصرُّف.

 يُرينا اللهُ من خِلالِ الكتابِ المقدَّس كيفَ ينبَغي أن نَرى الأُمور. فإن كُنَّا سنسمَحُ لكلمةِ اللهِ أن تُريَنا ماذا ينبغي أن تكونَ مواقِفُنا وتوقُّعاتِنا حولَ الجِنس، سوفَ نكتَشِفُ أنَّ اللهَ خطَّطَ ليُعبَّرَ عن الجِنس في إطارِ المُؤسَّسَةِ التي باركها، أي الزواج والعائلة.

من أينَ تأتي بمعلُوماتِكَ عن الجِنس؟ إن كُنتَ تحصَلُ عليها من الحضارة، لن تحصلَ على معلوماتٍ تُساعِدُكَ في خلقِ زواجٍ سعيد وعائِلةٍ مسيحيَّة. فمن أينَ إذاً ينبَغي أن تحصلَ على معلُوماتِكَ عن الجِنس؟ من المدرَسة؟ من الطبيب؟ من الحُكُومة؟ يقولُ البعضُ أنَّ المنـزلَ هو المكانُ الذي فيهِ ينبَغي أن يُعرَّفَ الجنسُ. ولكن من يُعلِّمُ هؤلاء الأشخاص الذي يُشكِّلونَ هذه المنازِل؟ ومن أينَ يستَقي الشُّركاءُ الزوجِيُّونَ تعليمَ اللهِ عن الجِنس؟

لقد توصَّلتُ إلى الإستِنتاج أنَّهُ إن لم تقُمِ الكنيسةُ بتعليمِ الأزواج عن هذا الموضُوع، فلن ولا ينبَغي أن يقومَ أحدٌ آخر بهذه المُهِمَّة. فأينَ تستطيعُ أن تتعلَّمَ عن مكانَةِ وغايَةِ الجنس الحقيقيَّة إن لم تتعلَّمْ هذا في الكنيسة؟ فالزواجُ هوَ فكرةُ الله، ويتكلَّمُ الكِتابُ المقدَّسُ عنهُ بإسهاب. والأمرُ نفسُهُ يصُحُّ على الجِنس. عندما تقرأُ أسفاراً مثل سفر نشيد الأنشاد لسُليمان، تُدرِكُ أنَّ اللهَ لم يكُنْ صامِتاً حِيالَهُ، ولا ينبَغي أن يصمُتَ الوُعَّاظُ حيالَهُ.

لقد قُلتُ دائماً أنَّهُ قبلَ أن يُعلِّمَ واعِظٌ عن هذا الموضُوع، ينبَغي أن يكونَ الشيبُ قد علا رأسَهُ. عندما كُنتُ طالِبَ لاهُوتٍ، كانَ هُناكَ رجُلٌ شيخٌ جاءَ ليُعلِّمَنا عن مَوضُوع الجِنس. وبعدَ إلقائِهِ لكَلِمَتِه التي كانت مَليئةً بالمَعلُومات المُساعِدة، سألتُهُ، "متى يبدَأُ الدافِعُ الجِنسيُّ بالزوال؟ ومتى تخفُتُ شُعلَةُ الجِنس؟" فإبتسمَ إبتِسامَةً عريضَةً وقال، "ليسَ لديَّ أدنَى فِكرة عن الجَواب." ولقد كانَ في الثانِية والثمانين من عُمرِه. فكما ترون، ليسَ التمتُّعُ ببهجةِ التعبير عن الوحدة قصراً على الأجيالِ الشابَّة.

إن العلاقةَ الجِنسيَّةَ قد وُضعَت من قِبَلِ اللهِ لتمنحَ الإشباعَ الجنسي للزوجِ والزوجة. ولكن بحَسَبِ الإحصاءات، هُناكَ الكثيرُ من النِّساء لم يختَبِرنَ أبداً هذا الإشباع. أعتَقدُ أنَّ السببَين الرئيسيِّين لهذا النقص في إشباعِ الزوجات هو جهلُ وأنانِيَّةُ أزواجِهِنَّ.

إن الفضائِلَ الخمس عشرة للمحبَّة، التي نجدُها في 1كورنثُوس 13، والتي تحدَّثتُ عنها في الكُتيِّب الأوَّل من هذين الكُتيِّبَين عن الزواج والعائِلة، هي جميعُها غريبَةٌ غَيريَّة. إن كَلِمة غَيريَّة تعني "لها مركَزٌ آخر غيرَ ذاتِها." وبما أنَّنا جميعُنا خُطاة، فمركَزُ حياتِنا قبلَ أن نُقبِلَ للإيمان هو نُفوسُنا، أو الأنا. ولكن عندما نُولَدُ ثانِيَةً، يُصبِحُ مركَزُ حياتِنا المسيحُ، ومن ثم كُلّ أُولئكَ الذي نلتَقي بِهِم في حياتِنا من ذلكَ الوقت فصاعِداً. وعندما نتزوَّجُ، أهمُّ شخصٍ آخر يُصبِحُ لدينا هو شريكُنا الزَّوجِي. ولِكَي يتمَّ إختِبارُ الإشباعِ الجِنسي بينَ الرجُلِ والمرأة، على الزوج أن يكونَ غيريَّاً جاعِلاً زوجتَهُ مركزَ إهتِمامِهِ، لكي يكونَ مُحِبَّاً كما يُريدُهُ اللهُ أن يكون.

فقط أولئكَ الأشخاص الذين تتمحوَرُ حياتِهم حولَ الشريكَ الآخر هُم الذينَ سيتمتَّعُونَ بالإشباعِ الذي قصدَهُ اللهُ لهُم. هذا يعني أنَّهُ على الزوجِ والزوجَةِ أن يتحادَثا ويتواصَلا. فقد يظُنُّ الرجُلُ أنَّ ما يفعلُهُ يَمنَحُ زوجتَهُ الإشباع والإنطِلاق، ولكنَّهُ قد يكُونُ يُسبِّبُ العكسَ تماماً. لِهذا على الزوجة أن تُكلِّمَ زوجَها، وأن تُخبِرَهُ عن حاجَتِها. لدى الكثير من النَّاس إختِبارات جِنسيَّة سلبيَّة في ماضِيهم، ويُمكِنُ لهذا أن يجعلَ من الصعبِ عليهم أن يختَبِروا الإشباعَ في إتِّحادِهم الجِنسي. إنَّ هذه الأُمُور ينبَغي أن تُبحَثَ في العَلَن، لكي يتحقَّقَ الشفاءُ الداخِلي، وعندها يُمكِنُ أن يتحقَّقَ الإشباعُ الجِنسي.

يُعتَبَرُ الإصحاحُ السابِع من كُورنثُوس الأُولى، واحِداً من أفضلِ المقاطِع حولَ موضُوعِ القضايا الحَمِيمَة في الزواج. تكلَّمَ بُولُس عن هذا المَوضُوع عندما أجابَ على سُؤالٍِ طرحَهُ عليهِ المُؤمِنُونَ الكُورنثُوسِيُّونَ في رسالة. عندما تقومُ بدراسةٍ مُعمَّقَةٍ لهذه الأجوبة، تستطيعُ أن تستخلِصَ منها الأسئلة التي طُرِحَت أصلاً.

قالَ بُولُس في 1كُورنثُوس 7: 26، "فأظُنُّ أنَّ هذا حسنٌ لسببِ الضيقِ الحاضِر أنَّهُ حسنٌ للإنسان أن يكونَ هكذا." فماذا كانت تلكَ الضيقةُ الحاضِرة آنذاك؟ يبدو أنَّها كانت الاضطِّهاد. لقد عاشَ المسيحِيُّونَ الأوائل تحتَ تهديدِ الاضطِّهاد مُعظمَ الوقت في القرونِ الثلاثةِ الأولى، ولا يلزمنا الكثيرُ من التفكير لنُدرِك أننا إذا كُنَّا نُضطَّهَدُ ونُرمَى طعاماً للأُسود، فمن الأفضلِ أن لا يكونَ لنا زوجاتٌ وأولاد. ففي الكثيرِ من الأجيالِ والحضارات، أرجأت أجيالُ المُؤمِنين الشابَّة مشاريعَ الزواجِ إلى أنت تنتَهي الحربُ.

لقد طرحَ الكُورنثُوسيُّونَ على بُولُس أسئلةً مثل، "هل ينبَغي أن يتزوَّجَ شبَابُنا كما في الأوقاتِ العادِيَّة المُزدَهِرة؟ فأجابَ بُولُس، "كلا." فهو يقولُ مراراً في هذا الإصحاح، "من الأفضَل أن يبقَى الإنسانُ عازِباً في ظِلِّ الضيق الحاضِر." ثُمَّ عندما يطرحُونَ السؤال، "إذا قرَّرَ الشُّبَّانُ أن يبقُوا عازِبِين، فهل يجوزُ أن يكونَ عندهم أيُّ احتكاكٍ جسديّ؟" فأجابَ بُولُس، "كلا. فإن لم يكونوا سوفَ يتزوَّجون، وإن لم يكونوا سوفَ يُحرِقُونَ الطاقةَ الجِنسيَّةَ في الزواج، فلا حاجةَ لهُم أن يتحرَّقُوا بتغذِيَةِ الشهوة."

ولكنَّهُ يقولُ أنَّهُ من الأفضَل، وفي ظِلِّ الضيقِ الحاضِر، أن لا يتزوَّجوا. وإذا لم يتزوَّجوا، أن لا يكونَ بينَهُم أيَّة علاقاتٍ جِنسيَّةٍ بتاتاً. هذا يُفسِّرُ تصريحَهُ الإفتِتَاحِي أنَّهُ حسنٌ للرجُل أن لا يمَسَّ إمرأة. يا لهذه الطريقة لبدءِ إصحاحٍ يتكلَّمُ عن الزواج. ويقولُ بُولُس أنَّهُ إن لم يكُنْ بإمكانِهم السيطَرَة على الشهوة، عليهم أن يتزوَّجوا، لأنَّ الزواج أفضَل من التحرُّق.

 ولكن ماذا عن المُتزوِّجينَ أصلاً؟ هل ينبَغِي أن تكونَ هُناك علاقةٌ جِنسيَّةٌ طبيعيَّةٌ بينَ الزوجَين؟ فيقولُ بُولُس، " وأمَّامن جِهَةِ الأمُور التي كتبتُم لي عنها فحَسَنٌ للرجُل أن لا يمَسَّ امرأة. ولكن لِسببِ الزنا ليَكُن لكُلِّ واحدٍ امرأتَهُ وليَكُن لكُلِّ واحِدَةٍ رجُلها. ليُوفِ الرجُل المرأةَ حقَّها الواجِب وكذلكَ المرأةُ الرجُل. ليسَ للمرأةِ تسلُّطٌ على جسدِها بل للرجُل. وكذلكَ الرجُل أيضاً ليسَ لهُ تَسَلُّطٌ على جَسَدِهِ بل للمرأة. لا يسلُبْ أحدُكُم الآخر إلى أن يكونَ على مُوافَقَة إلى حينٍ لكي تتفرَّغُوا للصومِ والصلاة ثمَّ تجتَمِعُوا أيضاً معاً لِكَي لا يُجرِّبَكُم الشيطانُ لِسببِ عدَمِ نـزاهَتِكُم. ولكن أقولُ هذا على سبيلِ الإذن لا على سبيلِ الأمر." (1كُورنثُوس 7: 1-6).

إنَّ هذا مقطَعٌ رائع في الإرشاد الزوجي الذي يتعامَلُ معَ الاتِّحاد الجسدِي بينَ زوجَين مسيحيِّين. إليكُم بعضُ المُلاحظات المُختَصَرة حولَ ما كتبَهُ بُولُس الرسول عن بهدة التعبير عن الوِحدة في علاقةٍ زوجِيَّةٍ في نظرِ الله:

الدوافِعُ الجِنسيَّةُ قويَّةٌ، ولكنَّ الزواجَ قويٌّ لدَرَجة أنَّهُ يستَوعِبُ هذه الدوافِع الجارِفة ويُوفِّرُ لها حياةً جِنسيَّةً مُتوازِنَةً ومُشبِعة، تحمي الزوجَين من التجارِب في حضارَةٍ مُنحَلَّةٍ كانَ يعيشُ فيها الأزواجُ الكُورنثُوسيُّونَ المُؤمِنون.

كانَ تشديدُ بُولُس أنَّهُ على الزوجِ أن يسعى لإرضاءِ زوجتِه، وعلى الزوجَةِ أن تُرضِيَ زوجَها. بكَلِماتٍ أُخرى، على الزوجِ أن يُركِّزَ إهتِمامَهُ على الزوجَةِ، وعلى الزوجَةِ أن تُركِّزَ إهتِمامَها على الزوج.

فالإمتِناعُ عن الجِنس مسمُوحٌ بهِ للمُتَزوِّجين، ولكن فقط لمرحَلةٍ مُؤقَّتَة يقتَرِبُ الزوجَانِ خلالَها إلى الله من خِلالِ الصلاةِ والصوم. ولكن لا يحِقُّ للأزواجِ أن يتحجَّجوا بأعذارٍ واهِيَة لكي يحرُموا شُركاءَهم من العلاقةِ السليمة. المبدأُ الهامُّ هُنا هو أنَّ علاقتَهُما معَ الله ينبَغي أن تبقى فرديَّةً ومُنفَصِلة. حتَّى ولو كانا يتشارَكانِ بهذه العلاقة على أكثَرِ من وجه، ورُغمَ كونِ علاقتِهما هذه معَ الله هي أساسُ وحدَتِهما، ولكنَّهُما لا يُنصَحانِ بطلبِ الإقتِرابِ من الله معاً كَزوجَين.

إن فكرةَ التبادُل هي بالِغةُ الأهمِّيَّة. التبادُل. يُطرَحُ سُّؤالٌ عادَةً في جَلَساتِ الإرشاد حولَ القضايا الحَمِيمَة في الزواج من قِبَلِ المُتزوِّجِين منذُ وقتٍ طويل. "هل هُناكَ أيُّ شيءٍ من الخطأ مُمارستُه؟ وهل هُناكَ ما يُعتَبَرُ مُنحرِفاً؟" أعتَقِدُ أنَّ الجوابَ هو أنَّهُ لا يُوجدُ ما هو خطأٌ بينَ الزوجِ والزوجةِ طالَما كانَ مُتبادَلاً، ويُرضِي الشريكَين. فالسؤالُ المُناسِبُ ليسَ، "ما هُوَ صَوابٌ؟" بل "ما هو مُتبادَل؟" يتساءَلُ الناسُ عن مقدار تكرار العلاقات الجسدِيَّة، وعن المُعدَّلِ الوسَطِي لها، ولكنِّي أُكرِّرُ القولَ أن الكلِمَة الأساسِيَّة هُنا هي المُبادَلة، وليسَ مُعدَّل تكرار العلاقة أو ما هو الصوابُ والخطأُ فيها.

لاحِظوا أيضاً أنَّ بُولُس يقولُ أنَّها علاقةٌ طوعِيَّة. إنَّها قرارٌ نتَّخِذُهُ أن نمنَحَ اللَّذَةَ للشريكَ الآخر أو أن نخدِمَهُ. فعندَما تلتَزِم بأن تُحِبَّ شخصاً ما، فأنتَ تقومُ بالقرار وبالالتزام بالعلاقة الجسديَّة. ولقد خطَّطَ اللهُ لهذا ليكونَ مُتبادلاً إرادِيَّاً وغيرَ مشروط. فإن كانَ كُلٌّ من الشَّريكَين مُلتَزِماً بمنحِ اللذةِ والإشباعِ للآخر، يكونُ لديهما مِفتاحَ إنجاح علاقتِهما الجِنسيَّة.

يقولُ الأزواجُ عادَةً للمُرشِدين، "إن زوجَتي غيرُ مُهتَمَّةٍ بتاتاً بالجِنس. ماذا أستطيعُ أن أعملَ لأُثيرَ إهتِمامَها؟" وعادَةً يُسمَعُ الإحتِجاجُ ذاتُهُ من الطرفِ الآخر: "إنَّ زوجِي غيرُ مُهتَمٍّ بالجِنس." إن إنعدام الإهتِمام بالجِنس غالِباً ما يكونُ نتيجَةَ إنعدامِ التركيز على الشريكِ الآخر من قِبَلِ أحدِ الشريكَين أو كِلاهُما.

لقد لاحظتُ دائماً أنَّهُ من المُهمِّ خاصَّةً للرَّجُل أن يُركِّزَ على شريكَةِ حياتِهِ في إطارِ الزواج. إن كُنتَ كَرَجُلٍ تُعانِي من عدم إهتِمام زوجتِكَ بالجنس، تأكَّد من أن تقرأَ وتطَّلِعَ على أُمورٍ مُختَصَّةٍ بالجِنس. فهُناكَ الكثيرُ من الرجال الذينَ يجهَلونَ الكثيرَ عن الجِنس وعن طبيعةِ المرأة بشكلٍ يُرثَى لهُ. فهل تصِلُ زوجَتُكَ إلى مَرحَلَةِ الإشباعِ خلالَ وحدَتِكُما الجسديَّة؟ إن لم تكُنْ تختَبِرُ هذا إلا نادِراً أو أبداً، أودُّ أن أطرَحَ عليكَ سُؤالاً: إن لم تختَبِر أنتَ النشوةَ أبداً، كيفَ سيُؤثِّرُ هذا على موقِفِكَ حِيالَ الوحدَةِ الجسديَّة معَ زوجَتِك؟ أعتَقِدُ أن هذا سُؤالٌ عادِلٌ وفي مَحَلِّه.

تنطَبِقُ القاعِدَةُ الذهبيَّةُ على هذا الوضعِ تماماً. "كُلُّ ما تُريدُونَ أن يفعَلَ الناسُ بكُم إفعَلُوا هكذا أنتُم أيضاً بِهم." (متى 7: 12). إن تحدِّي القاعِدة الذهبيَّة هو أن تضعَ نفسَكَ مكانَ الشخصِ الآخر. فإن كُنتَ أنتَ الشريك غير المُهتَمّ بالعلاقةِ الجسديَّة، ماذا تُريدُ أن يعمَلَ الشريكُ الآخر؟ عندما تجِدُ الجوابَ على هذا السؤال، إعمَلْ بهِ، لأنَّ هذه هي القاعِدة الذهبيَّة لبهجَةِ التعبير عن الوِحدَة.

يقولونَ أن النموذَج المُعطَى عن الزواج في رسائل بُطرُس وبُولُس، هو المسيحُ والكنيسة. فالمقصودُ منه هو شرِكَة كامِلة بينَ شخصِيَّتِين كامِلتين مُستقلَّتين، وهذا ما نراهُ مُصوَّراً في الشركة ما بينَ المسيح وعَروسِهِ الكنيسة. إنَّ هذه العلاقة هي وِحدَةٌ رُوحيَّة. وهكذا يُمكِنُنا القول أنَّ هذه الوِحدَة الجسديَّة هي إرادِيَّة مُتبادَلة غير مشروطَة وينبغي أن تكونَ روحِيّةً، إذا أردتَها أن تنجَح. إن النَّوعِيَّةَ الروحيَّة لهذه العلاقة هي المحبَّة غير الأنانية التي تُركِّزُ على الآخر، محبَّة المسيح المُقام الحَيّ.

  • عدد الزيارات: 4805