الإحتِفالُ بالفُرُوقات
أفَضَلُ مكانٍ للبدءِ بتفهُّمِ زوجتِكَ أو زوجَكِ هُو الإدراك أنَّ هُناكَ فرقٌ بينَ الرجُل والمرأة. فهُناكَ اختلافات بِيولوجيَّة طبيعيَّة، جسديَّة، عقليَّة، عاطِفيَّة، وروحيَّة بينَ الرجُلِ والمرأة. يُوجدُ فرقٌ بينَ طريقَةِ تفكيرِ الرجال والنِّساء، وكذلكَ في طريقَةِ تصرُّفِهم وشُعورِهم وتجاوُبِهم معَ الواقِع، وحتى في طريقَةِ العِبادة هُناكَ فرقٌ بينَ الرجالِ والنِّساء.
كانَ لديَّ إيضاحٌ أستعمِلُهُ منذُ عدةِ سنوات، ولن أنساهُ أبداً. جاءتني مرَّةً زوجةُ طبيبٍ. كانت امرأةً طيِّبةً وتقيَّة جدَّاً، ونشيطة في كنيستِها، ولا سيَّما في اجتماعات الصلاة وخدمات أُخرَى. ولقد تحادثتُ معها حولَ بعضِ الخدمات الكَنَسِيَّة. ولقد كانَ زوجُها طبيباً جرَّاحاً مشهوراً وناجِحاً، ورُغمَ ذلكَ كلَّمتنِي باكِيةً، "أنا مُضطربةٌ لأنَّ زوجي غيرُ روحي، إنَّهُ غيرُ روحي أبداً." فقُلتُ لها، "دعينا نتكلَّمُ عن هذا، لأن وحدَهُ اللهُ يستَطيعُ أن يجعَلَ منهُ رُوحيَّاً."
وبعد حوالي ثلاثة أشهُرٍ كانت هُناكَ امرأةُ أُخرى في الكنيسة التي أرعاها، وكانت لديها مُشكِلة كبيرة في المَرارَة وفي القلب. وكانَ على الأطبَّاء أن يستأصِلوا هذه المرارة، ولكن العمليَّة كانت خطِرة بسبب قلبِها المُتعَب، وإن لم يستأصِلوا المرارة فسوفَ تنفَجِر. فذهبتُ إلى المُستشفَى لأقفَ بِجانِبِ زوجِ هذه المرأة المريضة. وبعدَ أن تحادثنا حولَ السرير لمُدَّة، سألني الطبيبُ الجرَّاح "غير الروحِيّ" الذي تكلَّمنا عنهُ سابِقاً، إن كانَ بإمكانِهِ رُؤيتِي في الخارِج. فأخذني جانِباً وقالَ، "أنا أحتاجُ أن أستأصِلَ هذه المرارة، ولكن العمليَّة خطِرَة. هُناكَ قاعَةُ صلاة صغيرةٌ في أسفلِ المُستشفَى. فهل تسمَح أيَّها القسِّيس بأن تنـزلَ وتُصلِّيَ لنا هُناك حتَّى أُرسِلَ لكَ مُمَرِّضَةً تُخبِرُكَ بأننا اجتزنا المرحلة الصعبة؟" فقُلتُ، "إنَّ هذا من دواعِي سُرورِي."
وهكذا نـزلتُ إلى قاعةِ الصلاةِ وصلَّيتُ بِحرارة. وفي الساعَةِ الحادِيَةِ عشر من ذلكَ الصباح، إِختبرتُ روحيَّاً خِلالَ الصلاة أنَّ اللهَ عمِلَ شيئاً. وبعدَ حوالي الرُّبع ساعة، نـزلت المُمرِّضة ووقفت على بابِ قاعةِ الصلاة وقالت، "يقولُ الطبيبُ أنَّ كُلَّ شيءٍ على ما يُرام الآن. لقد اجتزنا المرحلة الصعبة."
بعدَ العمليَّة، وقبلَ أن يقولَ الطبيبُ كَلِمةً لزوجِ المرأة، توجَّهُ هذا الطبيبُ نحوي وصافَحني وقال، "شُكراً جزيلاً على صلاتِك. لقد اجتزنا هذه الصُّعُوبَة بمُعجِزة إلهيَّة."
هذا هو الرجُل الذي قالتَ عنهُ زوجتُهُ أنّهُ غيرُ روحي. فعاودتُ الاتصالَ بها، ورتَّبتُ لها موعِداً، وعندما جاءت قُلتُ لها أنَّ ما تظنُّهُ عن زوجِها بأنَّهُ غيرُ روحِي هو غيرُ صحيحٍ بتاتاً. وأخبرتُها بأنَّ زوجها هو طبيبٌ روحيٌّ جداً، وقُلتُ لها ما حدثَ في المُستشفَى. فصارت تبكِي. لقد كانَ زوجُها روحيَّاً ولكنَّهُ لم يكُنْ يُعبِّرُ عن رُوحانِيَّتِهِ كما كانت تُعبِّرُ زوجَتُه، مما جعلها تُقرِّرُ أنَّهُ غيرُ روحِيّ، لأنَّهُ لا يُعبِّرُ كما تُعبِّرُ المرأة. لقد أظهَرَ هذا أيضاً أنَّها لم تعرِف أو تفهَم زوجَها جيِّداً.
إذا أردنا أن نتفهَّمَ الشريكَ الآخر الذي نعيشُ معهُ، علينا بتفهُّمِ الاختلافات بين الجِنسين، لأنَّهما مُختلفانِ تماماً. لقد خطَّطَ لهُما اللهُ ليكُونا مُختَلِفَين، لأنَّ هذه الاختلافات هي التي تجذِبُ الجنسَ الآخر لكَ وتجذِبُكَ للآخر. وأنا أعتقِدُ أنَّ المرأة تُجذَبُ نحوَ الرجُل بسبب رُجُولتِه. والرجُل يُجذَبُ نحوَ المرأة بسبب أُنوثَتِها. هذه الاختلافات ينبَغي أن نحتفِلَ ونفرحَ بها. فمِنَ المأساوِيّ أن يُقالَ للمرأةِ بأنَّهُ عليها أن تعملَ ما يعملُهُ الرجُل لكي تُحافِظَ على قِيمتِها وتُبرهِنَ جدارتَها. فليسَ هذا ما يمنحُ المرأةَ قيمتها، بل عكس ذلكَ تماماً. فدورُ وعملُ المرأةِ كمَرأة، يمنحُها قيمتها التي تستحقُّها في عيني الرجُل. وهذا يصحُّ بالمعنَى المُعاكِس أيضاً. فالرجالُ يجدونَ قيمتَهم الحقيقيَّة التي يستَحِقُّونَها في إتمامِ أدوارِهم ومُهمَّاتِهم كرِجال.
إن كانَ إثنانِ منَّا مُتطابِقَينِ تماماً، واحِدٌ منَّا سيُصبِحُ غيرَ ضَروري. لقد صنعنا اللهُ مُختَلِفين، كما تعلَّمنا من حادِثَةِ الخلقِ في سفرِ التكوين، لأنَّ إختِلافاتِنا تُكمِّلُ وتُوفِّقُ بينَّنا نحنُ الإثنين، لتجَعلَ منا آدم أو إنساناً واحِداً كامِلاً. (لقد دعاهم الله آدم بِصِيغةِ المُفرَد، وليسَ آدَميِّين بِصيغَةِ الجمع. تكوين 5: 1). إنَّ خُطَّة الله كانت ولا تزال، ليسَ إمَّا الرجُل أو المرأة، بل كِلاهُما معاً ليجعَلَ منهُما اللهُ جسداً واحِداً.
- عدد الزيارات: 11116