Skip to main content

آخر ذكر لمريم

(أعمال 1)

إن التلميذ المحبوب في طاعته لرغبة الرب قبل أن يميل رأسه ويسلم روحه كان قد أخذ مريم إلى بيته. ومن تلك اللحظة تختفي عن أبصارنا باستثناء مرة واحدة تذكر فيها. ولا نجدها عند دفن جسد الرب، ولا نجدها كذلك في البستان الذي قام منه باكراً. ولكن بعد صعود الرب حيث رأوه الرسل (أنظر أعمال 1: 1- 11). وبعد رجوعهم إلى أورشليم من الجبل الذي يدعى الزيتون صعدوا إلى العلية حيث أقام الرسل وبالارتباط بذلك نجد أخر مرة يذكر فيها اسم مريم في السجل المقدس. وقيل عن الأحد عشر "وكانوا يواظبون على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم لأم يسوع وإخوته"

إن ذكر مريم أم يسوع بشكل خاص هنا باعتبارها واحدة من هذه الجماعة مع التلاميذ له أهمية عظيمة.

ولاشك أن انتباهنا يستوقف بهذا الشكر الخاص لاسم مريم. والغرض من ذلك أن نتعلم أن مريم أصبحت تفهم من ذا الذي تنازل ليصبح ابنها بحسب الجسد، وأيضاً مع النور الذي دخل إلى نفسها من جهة موته وقيامته وتمجيده عن يمين الله، تتخذ الآن مكانها وأصبحت مندمجة تماماً مع تلاميذه هنا على الأرض. إنها لن تقدر الفضل المعطى لها ولو مثقال ذرة لكونها أم يسوع. ولن تتوقف عن كونها منعم عليها ومباركة في النساء، أمام الآن فبالإيمان بربها الممجد صارت معدودة بين الأفاضل في الأرض الذين كل مسرة الله بهم. إن عواطفها ومشاعرها الطبيعية قد اختفت في العبادة والتسبيح. إذ كانت إناء مختاراً لولادة المسيح في هذا العالم وأصبحت الآن واحدة من أتباعه وتلاميذه المتواضعين، واحدة من تلك الرفقة المباركة التي سرعان ما تتشكل مسكن الله بالروح. وكما علّم الرب السبعين أنه شيء عظيم أن تكتب أسمائهم في السماء على أن يصبحوا أواني لقوته في الصراع مع العدو. وهكذا بالنسبة لمريم يصبح شيئاً عظيماً أن تكون حجراً حياُ في مسكن الله الروحي (كما صارت كذلك في يوم الخمسين) مبنية عليه الذي هو الحجر الحي المختار من الله والكريم عن أن تكون أماً لربها على الأرض.

ويلزم أن نضيف هنا أن أولادها صاروا مؤمنين بيسوع. ومعدودين مع مختاري الله ونالوا نعمة للاعتراف باسمه والارتباط بخاصته وهم الجماعة السماوية الجديدة. وكما اختيرت مريم أمه فقد اختيروا في المسيح من قبل تأسيس العالم واستعلن الاختيار في الزمن كشعبه. وقد أدركت مريم وأولادها أن سماع كلمة الله وحفظها أكثر بركة من مجرد الارتباط بيسوع هنا على الأرض خلال حياته وسياحته على الأرض،في علائق أرضية طبيعية. ولذلك فإن تمجيد مريم على  حساب ربنا الممجد يضر ويعي التعليم الكتابي الصحيح ويفسد الخصائص المسيحية بجملتها.

  • عدد الزيارات: 2511